عدد المقالات 1
في ظل الخلفية العامة التي يعاني الاقتصاد العالمي فيها من التداعيات الجيوسياسية، وتعثر الانتعاش، وضعف النمو، فإن الاقتصاد الصيني لم يظهر علامة من تباطؤ الانتعاش أو الانكماش المالي، بل على العكس من ذلك، حقق نموًا عالي الجودة. في عام 2023، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي الصيني (GDP) بنسبة 5.2% على أساس سنوي، حيث تجاوزت قيمة النمو الاقتصادي أكثر من 6 تريليونات يوان، وتمثل القيمة المضافة لقطاع التصنيع نحو ثلث الإجمالي العالمي، وساهمت بنسبة 32% في النمو الاقتصادي العالمي. قبل فترة قصيرة، طرح تقرير أعمال الحكومة النمو المتوقع للناتج المحلي الإجمالي الصيني لعام 2024 بنسبة 5% تقريبا، مما يظهر الآفاق الواعدة للنمو الاقتصادي الصيني المستمر مرة أخرى أمام المجتمع الدولي. يعود فضل الآفاق الواعدة للاقتصاد الصيني إلى السياسات الاقتصادية المستقرة. تحت القيادة القوية للحزب الشيوعي الصيني، تلتزم الصين بدفع التحديث الصيني النمط على نحو شامل من خلال التنمية العالية الجودة، والدمج بين التفكير في الوضع الحالي والنظر إلى المستقبل بشكل عضوي، والحفاظ على استمرارية وثبات واستدامة السياسات الكلية. في عملية تعزيز النمو الاقتصادي، تتمسك الصين بعدم اتخاذ السياسات التحفيزية على غرار «الري بالغمر»، وعدم كسب النمو القصير المدى على حساب تراكم المخاطر الطويلة المدى، بل تعمل على تعميق الإصلاح والانفتاح على نحو شامل وتحسين الهيكل الاقتصادي باستمرار لحفاظ على استقرار التوظيف والأسعار واحتياطي النقد الأجنبي أثناء ضمان استقرار النمو. يعود فضل الآفاق الواعدة للاقتصاد الصيني إلى الأساسيات المتينة. من حيث الطلب المحلي، تتمتع الصين بالسوق الضخمة البالغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة، وتجاوز نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي 12 ألف دولار أمريكي، وتضم الفئة المتوسطة الدخل أكثر من 400 مليون شخص، وسيصل عددهم إلى 800 مليون شخص بعد أكثر من 10 سنوات، فإن الزخم للارتقاء بالاستهلاك قوي، كما سيخلق تنفيذ استراتيجية النهضة الريفية طلباً أكبر. من ناحية قاعدة الصناعة، تعتبر الصين الدولة الوحيدة التي تمتلك كافة الأصناف الصناعية وفقا للأمم المتحدة، وتمثل القيمة المضافة لقطاع التصنيع نحو 30% من الإجمالي العالمي، وتحتل المرتبة الأولى عالمياً لـ 14 عامًا متتاليا، ولقد تم تشكيل أكثر من 200 مجموعة صناعية ناضجة. بالإضافة إلى ذلك، تنتج الصين كميات هائلة من البيانات، حيث تعتبر ثاني أكبر منجم للبيانات في العالم، مما يسهم في إرساء أساس قوي لتطوير البيانات الضخمة والحوسبة السحابية وغيرها من الصناعات. يعود فضل الآفاق الواعدة للاقتصاد الصيني إلى زخم النمو الجديد. بينما تتحول «ميزة العمالة» في الصين إلى «ميزة المواهب»، حيث تحتل الصين المرتبة الأولى عالميًا في مجمل موارد المواهب، والموارد البشرية في مجال التكنولوجيا، وإجمالي عدد الباحثين والمطورين، فإنه يجري حاليا الإسراع في تطوير القوى الإنتاجية الجديدة. وتحافظ الاستثمارات في البحث والتطوير والصناعات التكنولوجية العالية على النمو المزدوج الرقم لسنوات متتالية، وتتسارع التطبيقات للتكنولوجيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي وتقنية البلوكتشين، وتظهر المنتجات والقطاعات الجديدة مثل الأجهزة الذكية والروبوتات والرعاية الطبية عن بعد بالاستمرار. بالإضافة إلى ذلك، سيتم تشكيل النمو الضخم الحجم في الصين في البنية التحتية الخضراء والطاقة الخضراء ووسائل النقل الخضراء وأساليب الحياة الخضراء وغيرها من المجالات، مما سيسهم في خلق أسواق الاستثمار والاستهلاك الهائلة الإمكانيات التي سيصل حجمها إلى 10 تريليونات يوان سنويا حسب التقديرات. يعود فضل الآفاق الواعدة للاقتصاد الصيني إلى التحسين المستمر في بيئة الأعمال. يظهر «التقرير البحثي لبيئة الأعمال في الصين لعام 2023» أن نحو 90% من الشركات التي شملها الاستطلاع تم تقييمها تقييمًا «راضيًا» أو أعلى على بيئة الأعمال. تسعى الصين بنشاط إلى تعزيز تحرير وتيسير التجارة والاستثمار، حيث انخفضت الرسوم الجمركية الإجمالية إلى 7.3٪، وهو ما يقترب من مستوى الدول الأعضاء المتقدمين في منظمة التجارة العالمية.(WTO) ويمثل معدل عائد الاستثمار المباشر الأجنبي في الصين خلال الخمس سنوات الماضية 9.1٪، وهو يفوق بكثير المعدل في الدول الأوروبية والأمريكية. فتظل الشركات الأجنبية الكثيرة تلقي نظرة إيجابية على الصين وتقوم بالاستثمارات والأعمال بشكل معمق في الصين، حيث إن عدد شركات الاستثمارات الأجنبية الجديدة التي تم إنشاؤها في الصين العام الماضي بلغ حوالي 54,000 شركة، بزيادة 40% تقريبا مقارنة بالعام السابق، وتم تحقيق الزيادة في عدد الشركات الأمريكية والأوروبية واليابانية الجديدة في الصين أيضا. بلغت قيمة الاستثمارات الأجنبية المستخدمة واقعيا في الصين عام 2023 حوالي 1133.9 مليار يوان، ما زال حجمها في مستوى تاريخي مرتفع، فمن غير المبرر التحدث عن «هروب الاستثمارات الأجنبية» على الإطلاق. بوجه حجم الاقتصاد الضخم، تضع الصين دائمًا تنميتها في إطار تنمية البشرية، وتدعو إلى العولمة الاقتصادية الشاملة، وتلتزم بأن تكون صديقًا حقيقيًا وشريكًا جيدًا لمختلف الدول في التنمية، وتعارض بحزم فك الارتباط وبناء الفناء الصغير المحاط بالجدار العالي، ولا تمارس الابتزاز الاقتصادي أو الغش المالي أبدا. نحن نعتقد دائمًا أن ممارسة الحمائية تشبه إغلاق النفس في غرفة مظلمة، حيث يبدو أنه يمكن تجنب الرياح والأمطار، لكن ذلك يعوق دخول الضوء والهواء. نؤمن دائما بأنه لا يمكن جعل نتائج التنمية تفيد جميع الدول وشعوبها إلا من خلال تعزيز التعاون العملي ودفع مختلف الجهات لإظهار القدرة الكاملة. تعمل الصين بنشاط على دفع البناء المشترك لـ «الحزام والطريق» بصورة عالية الجودة، لتوفير منصة جديدة للتعاون الاقتصادي الدولي وضخ الزخم الجديد للنمو الاقتصادي العالمي. حتى الآن، قد قامت الصين بتنفيذ أكثر من 3000 مشروع عملي مع الدول المشاركة، وجذبت الاستثمارات بقيمة نحو تريليون دولار أمريكي. تُعَدّ التنمية العالية الجودة للصين فُرصة استراتيجية مهمة لقطر أيضًا. يصادف هذا العام الذكرى الـ 10 لإقامة علاقة الشراكة الاستراتيجية بين الصين وقطر. خلال العقد الماضي، وتحت إشراف قيادتي البلدين، أصبحت كعكة التعاون المتبادل المنفعة أكبر فأكبر، حيث تبقى الصين أكبر شريك تجاري ومقصد للتصدير لقطر منذ سنوات طويلة، كما تبقى قطر ثاني أكبر مورد الغاز الطبيعي المسال للصين، وقد أصبحت الدوحة وجهة سياحية مفضلة لعدد متزايد من السياح الصينيين، ونقلت الخطوط الجوية القطرية أكثر من عشرة آلاف مسافر أسبوعيًا من الصين إلى جميع أنحاء العالم، ويلقي بنك قطر الوطني بالنظرة الإيجابية على آفاق الاقتصاد الصيني. فقد أصبحت مواكبة التيار العصري وتوسيع التعاون الاقتصادي مع الصين بالنشاط توافقا راسخا في الأوساط الاقتصادية القطرية. قبل فترة قصيرة، أطلقت قطر رسميًا استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة (NDS3). هذه الاستراتيجية تتماشى مع أهداف الصين البعيدة المدى لعام 2035 من حيث المفهوم والهدف وفترة التنفيذ. أمام المسار السريع الجديد لنهضة الأمة للبلدين، يمكنهما تعزيز المواءمة بين استراتيجيات التنمية وخلق نقاط النمو الجديدة للتعاون العملي، لتحقيق الاستفادة المتبادلة من مزايا التفوق في مجالات، مثل قطاع التصنيع والطاقة والتكنولوجيا والمالية والتنمية الخضراء، بما يفتح المستقبل الواعد للتعاون الاقتصادي بين الصين وقطر. تُعَدُّ قطر واحدة من الدول الرائدة التي وقعت مع الصين وثائق تعاون «الحزام والطريق». وتستعد الصين لتوقيع خطة تنفيذ للبناء المشترك لـ «الحزام والطريق»، لتحديد دليل العمل للتعاون بين البلدين في إطار «الحزام والطريق»، ووضع النموذج الجيد للبناء المشترك لـ «الحزام والطريق» بجودة عالية بين الصين ومجلس التعاون الخليجي والشرق الأوسط وحتى الدول العربية. إن المجال أمام التنمية الاقتصادية الصينية واسع للغاية، مما يقدم فرصة لتحقيق الآفاق المشرقة للتعاون العملي بين الصين وقطر. دعونا نعمل معًا لفتح المستقبل الأفضل للتعاون بين الصين وقطر.