حملات الحج القطرية

من يقدِّر الله له تأدية فريضة الحج، فلا شيء سيمنعه.. وهذه الفريضة من الفرائض الواجبة على المسلم وركن من أركان الإسلام، والدليل قوله تعالى: «ولله عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا». وقد أراد الله لي هذه السنة أن أؤدي هذه الفريضة الواجبة عليّ ويسرها الله لي ولله الحمد والشكر والمنة، ورغم ما كان من مشقة وتعب فإن الإنسان عندما يحس أنها كلها في سبيل الله، فما أجمله من تعب. في الحج الإنسان يكون مطالبا بتغيير كثير من الأمور المعتاد عليها في حياته كلها، من أكل ومشرب وتصرفات وغيرها، مثل ذلك الشخص العصبي الذي لا يتحكم بأعصابه فهذا عليه أن يدرب نفسه على كتم الغيظ حتى لا يخسر حجته في ثورة غضب لا تستحق، ولأن من آداب الحاج كتم الغيظ، والصبر، واللين والرفق وكف الأذى والأخوة في الإيمان، هذا ما يجب أن يستشعره الإنسان في الحج. فالحج فرصة لتغيير كل ما يتعود عليه الإنسان خلال عمره، عليه أن يحس بخشونة الحياة وتعبها، وأن أمور الدنيا لا تستحق وأن يكون هدفه الأول والأخير الحصول على مرضاة الرب. منظر المسلمين وهم يتدفقون لرمي الجمرات منظر عجيب غريب تقشعر منه الأبدان لأنك ترى فيه صورة يوم المحشر، والفرق أنك بعد هذا اليوم تعرف أنك ستعود لمكان سكنك ولكن يوم المحشر لا تعرف أين ستذهب.. اللهم أجرنا من عذاب النار. مما لفت انتباهي من البعض خلال فترة الحج، وخلال الازدحام الذي حصل، هو أن البعض منهم كانوا متقبلين للوضع الذي كانوا فيه ومحتسبين الأجر من الله سبحانه وتعالى، في حين أن البعض الآخر كانوا يدققون على أتفه الأسباب، والأكثر من هذا يقومون بتصوير الأوضاع ليكون لديهم دليل على ما يقولون، ولم يجعلوا هذه اللحظات لحظات شكر وذكر وتعبد، بل كان منهم ما كان من انتقاد لأمور الحملة التابعين لها، رغم أن الحملات القطرية كانت تعمل المستحيل لتسهيل جميع أمور الحجاج، ولكن تجري الرياح بما لا يتفق مع تخطيطهم نظراً للظروف المحيطة بهم، وتغيير قراراتهم في آخر اللحظات بما يسبب الربكة، نظراً للتغيرات الخارجية التي تكون خارجة عن إرادتهم، والتي عادة ما تكون بإغلاق طريق، وفتح طريق آخر، وخلافه، بل حتى لو كانت هناك أخطاء بسيطة فهناك يجب أن يتجاوز عنها الإنسان ويكون جل اهتمامه قبول حجته. ومن ناحية أخرى الأكل، فالبعض كان متذمرا من الحملات لهذا السبب، لماذا لم يعمل لنا كذا وكذا، في حين الحملة الفلانية تعمل كذا وكذا.. لماذا لا تتغير هذه النظرة، لماذا لا تكون نظرتنا لأمور أكثر أهميه من ملء البطون والأفواه؟ فالمكان ليس مكان تفنن في الأكل والشرب والتدقيق عليهم بقدر ما هو مكان روحاني رباني يجب أن يجعل الإنسان جل اهتمامه هو التفكير في لحظات عبادته تلك وهل تقبل الله منه، أو ماذا بعد أداء هذا النسك، فهذا أهم شيء في الحياة. الشكر وكل الشكر لجميع الحملات القطرية على الجهود المبذولة في خدمة الحجيج.  ودمتم سالمين