alsharq

محمد عيادي

عدد المقالات 105

خذوا الحكمة من أفواه المغامرين

11 ديسمبر 2013 , 12:00ص

تساءلت وأنا أتابع جلسات المنتدى العالمي للضمان الاجتماعي الشهر الماضي بالدوحة، ما الذي يمكنه أن يقوله برتراند بيكار في هذا المنتدى البعيد عن مجال اهتمامه. فالرجل معروف كمغامر راكب للمنطاد لمدة 15 سنة، وصاحب فكرة ولنقل مغامرة طائرة «سولار إمبلوس» صديقة للبيئة تطير من دون قطرة وقود تجوب العالم، والتي تحولت لحقيقة بعد سبع سنوات من التجارب والاختبارات رفقة صديقه أندري بورشبيرج، حيث صنع طائرة متطورة من ألياف الكربون? تعمل من دون وقود وهي بحجم طائرة من طراز (إيرباص 340 بطول 63.4 م? ووزن سيارة عائلية 1600 كلج، استطاعت أن تقلع من سويسرا إلى المغرب السنة الماضية بالطاقة الشمسية. وجدت الجواب على تساؤلي أعلاه لما تكلم بيكار في جمع كبير وأمام ممثلي أكثر من 124 دولة، فقد قدم الرجل وبطريقة رائعة درساً كبيراً في سبل التغلب على المشاكل والمعوقات سواء للأفراد والمؤسسات لتحسين ظروف الحياة للأجيال الحالية والمقبلة من خلال مفتاح سحري هو الإبداع وروح الابتكار والريادة. وانطلق بيكار في كلمته أو درسه أن شئتم من تجربته في مغامرات ركوب المنطاد الذي شبهه بالحياة والمشاكل والمعيقات بالرياح وجبروتها، موضحا أن الإنسان مجبر على أن يجد طريقه وسط الصعوبات والبحث عن حلول وتوازنات. وقال: إن راكب المنطاد يعرف الانطلاقة لكنه غير متحكم في النهاية والاتجاه الذي رسمه أو حدده، فقد يفقد السيطرة أمام رياح عاتية ويذهب لاتجاه غير معروف، الأمر الذي يفرض تفكيراً خلاقاً مبدعاً لإيجاد الحلول والخروج من المأزق، عبر المغامرة والتخلص من الخوف من المجهول وقابلية التخلي عن كثير من الأمور لأنها باتت عبئا ثقيلا وعائقا. وزاد بيكار، عندما يواجه راكب المنطاد الرياح العاتية، فالحل لا يكمن في مواجهتها ومصارعتها بل في السعي للارتفاع عنها لمعرفة الاتجاه المطلوب وفتح العين على خيارات مختلفة. ولأجل ذلك لابد من التضحية بكل ما يثقل المنطاد ويحول دون ارتفاعه سواء أكياس رمل أو مؤونة أو طعام أو غير ذلك ليصبح أقل وزناً ويسمح بالارتفاع، مشيراً إلى أن المقابل المطلوب في حياة الناس لمواجهة واقعهم هو الارتفاع عن أطر التفكير التقليدية، وتعلم طريقة تفكير جديدة لإيجاد الحلول المبدعة بما يعني ذلك من ضرورة التخلص من الخوف من الفشل والخروج من منطقة الراحة. وطالب بالتخلي عن المعتقدات والأفكار الخاطئة أو القديمة العادية التي لا نفع من ورائها، بل على العكس من ذلك تشكل عائقاً دون الانفتاح على الأحسن والأسلم من الأفكار والمستجد والمبدع منها، والانفتاح على أكثر من خيار وإبعاد واستراتيجيات مختلفة يمكن أن توصل للهدف المطلوب وتجعل الحياة أفضل وأحسن وعدم الانغلاق في بعد وخيار واحد. بيكار نصح إذا بروح المغامرة وعدم التفكير بمنطق المستحيل، والانفتاح على الأفق الواسع وركوب التحدي الذي يسمح باكتشاف حلول وأبعاد جديدة مختلفة تجود حياة الإنسانية وتسهلها وتحفظ كرامتها وحقوقها. والجميل في عرض بيكار ودرسه أنه ينطلق من حقائق حية وتجارب معاشة بشكل جعل الحِكم والخلاصات المستقاة منها تنفذ إلى الأذهان والعقول بشكل سريع ومؤثر خاصة مع طريقة العرض المميزة، وإلا فإن هناك مفكرين عرب مسلمين نبهوا منذ سبعينيات القرن الماضي لما أشار له بيكار، ولكن بطريقة نظرية لم تلق التعريف والاهتمام المطلوب، واستحضر هنا على سبيل المثال ما قال المفكر المميز مالك بن نبي رحمة الله عليه لما تحدث عن أزمة العقل المسلم ومعاناته من ذهانين خطيرين هما «الاستحالة والاستهانة» ويمنع الأول الفكر من الانطلاق والاشتغال بحجة الصعوبات والمعيقات، ويحول الثاني دون الجدية والجدة في التفكير والعمل وبدل الوسع المطلوب بحجة أنه سهل، فيغيب الإتقان والإبداع. باختصار، أنهى بيكار كلمته تاركاً الكرة في ملعب المصفقين له بحرارة من أصحاب القرار والمسؤولين عن مؤسسات الضمان الاجتماعي وصناديق التقاعد بأكثر من 124 دولة، هل سيعملون بنصائحه لابتكار حلول خلاقة نوعية للمشاكل التي تعانيها أغلب تلك الصناديق والمؤسسات؟ أم أنهم سيكتفون بالحلول السهلة برفع سن التقاعد ونسب الاشتراك؟

هل هي نهاية التاريخ؟

«فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مت قبل حدوثها وكنت نسياً منسياً»، هكذا تحدث المؤرخ ابن الأثير الجزري -بعد طول تردد- في كتابه «الكامل في التاريخ» من شدة صدمته من همجية التتار «المغول» وتنكيلهم...

العالم الإسلامي والحاجة لإيقاف النزيف

بعد أيام يودعنا عام 2016 وقد سقطت حلب الشرقية في الهيمنة الروسية الإيرانية بعد تدميرها وتهجير أهلها، واحتكار الروس والإيرانيين والأتراك والأمريكان الملف السوري وتراجع كبير للدور والتأثير العربي يكاد يصل لدرجة الغياب في المرحلة...

الآتي من الزمان أسوأ!

قرأت بالصدفة -وليس بالاختيار- كتابا مترجما للأديب والمفكر الإسباني رفائيل سانشيت فرلوسيو بهذا العنوان «الآتي من الزمان أسوأ»، وهو عبارة عن مجموعة تأملات ومقالات كتبها قبل عقود عديدة. قال فرلوسيو في إحدى تأملاته بعنوان «ناقوس...

الحب السائل

«الحب السائل» عنوان كتاب لزيجمونت باومان أحد علماء الاجتماع الذي اشتغل على نقد الحداثة الغربية باستخدام نظرية السيولة -إذا جاز تسميتها بالنظرية- والكتاب ضمن سلسلة كتب «الحداثة والهولوكست»، «الحداثة السائلة» و «الأزمنة السائلة»، «الخوف السائل»...

تأخر تشكيل الحكومة المغربية.. الوجه الآخر للصورة

لم تتضح بعد تشكيلة الحكومة المغربية الجديدة رغم مرور قرابة شهرين من إعلان نتائج الانتخابات التشريعية بالمغرب فجر الثامن من أكتوبر الماضي وتكليف الملك محمد السادس الأمينَ العام لحزب العدالة والتنمية عبدالإله بنكيران بتشكيل الحكومة...

كثرت المآسي.. هل تجمد الحس الاحتجاجي؟

تعيش الأمة العربية والإسلامية أسوء أحوالها منذ الاجتياح المغولي لبغداد قبل أكثر من ثمانية قرون تقريبا، فهولاكو روسيا يواصل مع طيران نظام الأسد تدمير سوريا وتحديدا حلب بدون أدنى رحمة في ظل تفرج العالم على...

ترامب.. هل هو خريف الديمقراطية الأميركية؟

«من الواضح أن انتصار دونالد ترامب هو لبنة إضافية في ظهور عالم جديد يهدف لاستبدال النظام القديم» هكذا قالت أمس زعيمة اليمين المتطرف بفرنسا عن نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية. وظهر جليا أن تداعيات فوز ترامب...

مخاض تشكيل الحكومة المغربية الجديدة

رغم مضي قرابة شهر على إعلان نتائج الانتخابات التشريعية المغربية التي توجت حزب العدالة والتنمية (إسلامي) بالمرتبة الأولى بـ125 مقعداً، وتكليف الملك محمد السادس عبد الإله بنكيران الأمين العام للحزب المذكور بتشكيل الحكومة، لم تظهر...

حرب التسطيح

ثمة حرب شرسة وخطيرة تجري، لكن من دون ضوضاء، لن تظهر كوارثها وخسائرها إلا بعد عقد أو عقدين من الزمن، وهي حرب التسطيح والضحالة الفكرية والثقافية، عبر استخدام غير رشيد للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وجعلهما...

لا نحتاج لديمقراطية مريضة

تنتقد جهات غربية العرب والمسلمين بشكل عام، بأنهم لا يعرفون للديمقراطية سبيلا، وحتى صنيعة الغرب؛ الكيان الإسرائيلي يتبجح بأنه ديمقراطي، وقال رئيس وزرائه بنيامين نتنياهو قبل أيام في الاحتفال بمرور67 سنة على تأسيس (الكنيست): إنه...

أوباما والعالم الإسلامي.. وعود لم تتحقق

شهور ويغادر باراك أوباما كرسي رئاسة الولايات المتحدة الأميركية دون أن يحقق وعوده للعالم الإسلامي، فالرجل كان مهموما بمصالح بلاده أولا وأخيرا. ومن أكبر الوعود التي أطلقها في خطابه بالبرلمان التركي في أبريل 2009، وخطابه...

لماذا يخاف الغرب من اللاجئين؟

خلق موضوع استقبال اللاجئين في الغرب نقاشات كبيرة، وخلافات عميقة، سواء داخل أوروبا أو الولايات المتحدة الأميركية، جعلتهم في تناقض مع المواثيق الدولية التي تنظم كيفية التعامل مع اللاجئين سبب الحروب والعنف. ورغم أن أزمة...