عدد المقالات 45
عندما وقف حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الخامسة والستين، ليطرح رؤيته حول قضايا العالم كان سموه يقف على أرض صلبة مسنوداً بتأييد شعبه وبدعم أبناء أمته، وبإنجازاته السياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية التي وصلت حد الإعجاز. لم يكن سموه وهو يحدد ويعدد مشاكل العالم ويقترح الحلول الناجعة لها ينطلق من فراغ، بل كان مدعوماً بتجربة ثرية وغنية ورائدة خاضها سموه بكل جسارة وثقة واقتدار داخل وطنه وخارجه، ففي الداخل كانت الديمقراطية والمشاركة الشعبية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وفي الخارج كان الدور الفاعل والبناء والمؤثر من أجل المصالحة والسلام وإنهاء الخلافات، وتطويق الأزمات وتفعيل وتنشيط دور المؤسسات الإقليمية والدولية، والمسارعة إلى نجدة الدول والشعوب في الكوارث الإنسانية، وتقديم المساعدات والإعانات إلى المحتاجين في العالم بغير تفريق وبلا من أو أذى. وقف سمو الأمير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة مستنداً إلى مبادراته الخلاقة وغير المسبوقة من أجل عالم يسوده الحب والود والتفاهم، فسموه هو صاحب مبادرة «حوار الأديان»، وهو صاحب مبادرة «الحوار الإسلامي – الأميركي»، وهما مبادرتان نقلتا العالم إلى أجواء جديدة وسلوك حضاري جديد، وستكون لهما تأثيراتهما بعيدة المدى في نشر ثقافة الحوار وتعميق مفهوم التعايش السلمي بين الدول والشعوب بعيداً عن التوترات والحساسيات والصراعات غير المبررة. وقف سمو الأمير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة مسنوداً بمبادراته الكريمة في لبنان والسودان واليمن، وهي مبادرات قدمت للعالم نموذجاً رائعاً في كيفية مواجهة المشاكل والأزمات، وكيفية حلها بالفكر الثاقب والإرادة الصادقة وبالصبر والمثابرة، وعدم الانحياز إلى طرف على حساب طرف آخر. وقف سمو الأمير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة مسنوداً بالمشاركة الإيجابية لبلاده في مهمات الحفاظ على السلام إقليمياً ودولياً، فكانت القوات المسلحة القطرية في مقدمة دول العالم التي شاركت ضمن قوات الأمم المتحدة في تأمين حدود لبنان الجنوبية، كما سارعت القوات المسلحة القطرية لتأمين الحدود بين إريتريا وجيبوتي، وبذلك أثبتت القوات المسلحة القطرية تحت قيادة قائدها الأعلى سمو الأمير أنها قوات للسلام وللبناء، وليست قوات للحرب والتدمير. وقف سمو الأمير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة مستنداً إلى دوره في إشاعة ثقافة جديدة عمت العالم العربي، وهي ثقافة الرأي والرأي الآخر من خلال مبادرته بإنشاء قناة «الجزيرة»، التي قدمت للعالم وجهاً جديداً ومشرقاً للعرب كشعب متحضر يناقش قضاياه بحرية وينتهج الحوار الموضوعي في حل خلافته، ولذلك فإننا لا نبالغ عندما نقول إن قناة «الجزيرة» التي فكر في إنشائها سمو الأمير شخصياً، ووفر لها أجواء الحرية وحماها من القيود والضغوط كانت حداً فاصلاً بين عصرين في التاريخ العربي، ومدعاة للفخر أمام المجتمع الدولي. ولعل أبرز المحاور في خطاب سمو الأمير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة هي دعوته إلى الحوار، فالحوار يحل المشاكل مهما كانت كبيرة وعميقة، وبالحوار يسود التفاهم وتتعزز الثقة وتتحقق المصالح المشتركة. وقد أثبتت مسيرة التاريخ الإنساني أن الحروب والصراعات لم تحل المشاكل بل زادتها تعقيداً، وأدت إلى خسائر بشرية ومادية فادحة، في حين أن كل التقدم الذي تم إحرازه حتى الآن في مجال العلاقات الدولية وتحجيم الأزمات وتطويق الخلافات كان الفضل فيه إلى الحوار، ومن هنا كانت دعوة سموه إلى حوار مباشر بين طهران وواشنطن لحل أزمة الملف النووي الإيراني. محور مهم آخر في كلمة سمو الأمير هو المتعلق بالقضية الفلسطينية والممارسات الإسرائيلية الظالمة ضد الشعب الفلسطيني، وسيذكر التاريخ أن سموه كان الصوت الأعلى في المطالبة بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي إدانة الممارسات الإسرائيلية بغير تحفظ أو تردد. فعل ذلك في كل المناسبات، ويكاد لا يخلو خطاب من خطابات سموه من تذكير العالم بمأساة الشعب الفلسطيني وبتحدي إسرائيل القانون الدولي وانتهاكها القيم الإنسانية. وموقف سمو الأمير ووقفته مع الشعب الفلسطيني لم تكن مجرد كلمات وشعارات وتصريحات، فقد كان سموه هو المبادر في تقديم كافة أشكال الدعم المادي والمعنوي إلى أهل غزة المحاصرين، بل إن تحرك سموه كان عاملاً حاسماً في وقف الحرب الإسرائيلية الرهيبة على الشعب الفلسطيني في غزة، ونحن لا نقول ذلك تفضلاً ولا تفاخراً بل هو واجبنا نحو شعب شقيق، ودفاعنا عن الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة هو في الواقع دفاع عن أنفسنا، وعن قضيتنا، وعن مستقبل أجيالنا، وعن مقدساتنا وكرامتنا العربية والإسلامية. إن ما ذكره سمو الأمير في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الإرهاب ينبغي أن يكون درساً لا بد من استيعابه والتعمق في معانيه، والاسترشاد به إذا كانت القوى الكبرى جادة فعلاً في معالجة هذه الظاهرة برؤية علمية وموضوعية، وليس برغبة كامنة في استغلالها لمآرب أخرى، كما هو الحال بالنسبة للولايات المتحدة، وخاصة في عهد إدارتها السابقة التي سعت لتجعل من محاربة الإرهاب مظلة للقهر والقمع والهيمنة على مصائر الشعوب، وكذلك بالنسبة لإسرائيل التي تعتبر المقاومة المشروعة للاحتلال إرهاباً، في حين أنها تمارس الإرهاب الحقيقي ضد شعب تحتل أرضه وتحاصر شعبه وتضع الآلاف من أبنائه في سجونها. لقد كان سمو الأمير واضحاً وقاطعاً وحاسماً عندما أكد أمام المجتمع الدولي -ممثلاً في الجمعية العامة للأمم المتحدة- أن معظم الخلل الذي يعاني منه عالمنا لا يرجع إلى نقص في الموارد، بل إلى سوء الإدارة وانعدام العدالة والإنصاف، ونعتقد أن الأمم المتحدة وأمينها العام وأجهزتها المتخصصة والمنظمات التابعة لها مطالبة بالوقوف طويلاً أمام هذه العبارة الموجزة التي قالها سمو الأمير، والتي تحتاج إلى كثير من التفصيل والتحليل والدراسة لاستخلاص معانيها أولاً، ثم للعمل بمقتضاها في إصلاح الأمم المتحدة وتفعيل دورها، وحتى إذا اقتضى الأمر تعديل ميثاقها، فما جدوى بقاء الأمم المتحدة بوضعها الحالي إذا كان العالم يعاني من انعدام العدالة والإنصاف؟ وهكذا استطاع سمو الأمير أن ينقل بكل دقة وصدق وأمانة مطالب وتطلعات وطموحات الشعب العربي والشعوب الإسلامية إلى أكبر محفل عالمي، وأن يرسم بكلمات رصينة معالم الطريق لعالم جديد تتصحح فيه المفاهيم المغلوطة وتترسخ القيم والمبادئ، ويلتزم فيه الجميع بالقوانين والعهود والمواثيق الدولية، ويكون الاحتكام فيه إلى القانون وليس إلى القوة، وإلى الحوار وليس إلى الصراع، ويسوده التفاهم والتناغم والاحترام المتبادل والثقة المشتركة. وإذا كانت رؤية سمو الأمير التي طرحها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اتصفت بالعمق والشمول والنظرة الثاقبة لواقع العالم العربي اليوم، وفتحت الآفاق لعالم جديد يسوده الأمن والسلام، وترتفع في ربوعه رايات العدل والحق والكرامة الإنسانية، فإن النشاط المكثف لسموه على هامش الدورة الجديدة للجمعية العامة للأمم المتحدة قد أعطى هذه الدورة زخماً وقوة دفع لمزيد من التفاهم والتعاون، وأسهم وبقدر كبير في تحويل اجتماعات الجمعية العامة من مجرد لقاء روتيني عابر إلى ساحة للعمل الجاد والفكر الخلاق والمبادرات الرائدة لخير العالم وشعوبه. كل هذا يدفعنا لمطالبة الأمين العام للأمم المتحدة بالمسارعة إلى خلق آلية فعالة، تكون مهمتها دراسة وتحليل خطابات قادة العالم، والاستفادة القصوى منها، وذلك حتى لا تكون هذه الخطابات مجرد كلمات في الهواء تتناقلها وكالات الأنباء ومحطات الإذاعة والتلفزيون، بل تصبح منهجاً ومرشداً ودليلاً يهدي الدول ويحيي الأمل في نفوس الشعوب اليائسة، ويزرع الخير في الأرض ويملؤها عدلاً وأمناً ورخاء بعد أن ملئت بدموع المحرومين ودماء المظلومين.
تظل صحيفة العرب واحدة من الإشراقات المتميزة ليس على المستوى المحلي فحسب، وإنما أيضاً على المستويين الخليجي والعربي، كونها أول صحيفة يومية تطبع في قطر عام 1972، لتمتد مسيرتها الناصعة الحافلة بالتحديات والنجاحات على مدى...
مضت أيام منذ أن صدر البيان الوزاري الخليجي يوم الخميس الماضي، والذي عرف ببيان الرياض، والذي جاء منسجماً مع تطلعات الشعوب الخليجية في التأكيد على وحدة المصير لهذه البقعة الجغرافية، التي تمتاز عن غيرها بوحدة...
جاء خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى في افتتاح قمة الكويت أمس، تأكيداً للثوابت القطرية، التي ظلت راسخة ومحافظة على نسقها الداعي دوماً إلى نبذ الخلاف، والعمل على...
مضى نحو أسبوع منذ القرار المفاجئ لكل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين القاضي بسحب سفرائها من قطر، ومع ما رافق هذا القرار من كثير من الغبار، وسيل الحبر الذي أراقته أقلام...
جاء قرار سحب سفراء السعودية والإمارات والبحرين من الدوحة أمس، ليشكل محصلة وقت ليس بالقصير من الحملات الإعلامية التي شنتها قنوات وصحف ووسائل إعلام محسوبة على هذه الدولة أو تلك. الأكيد أن قرار سحب السفراء...
حملت تأكيدات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني -حفظه الله- للوفد الشعبي لأهالي القدس على بذل كافة الجهود، والعمل على كل ما من شأنه حماية القدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك بشريات جديدة...
لأنها بنيت بسواعد آمنت بنهضتها ومستقبلها، فإن قطر ولدت كبيرة، وجاءت نتاج تلك الروح الشجاعة والنبيلة التي تحلى بها الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني رحمه الله، يوم أن خطط لتوحيد أبناء الشعب القطري تحت...
تحتضن الكويت الشقيقة خلال اليومين المقبلين فعاليات القمة الخليجية، في وقت ربما أكثر دقة وتعقيداً من كل التعقيدات السابقة التي رافقت مجلس التعاون الخليجي خلال عقوده الأربعة. نعم في كل مرة نقول إن القمم الخليجية...
بعد مفاوضات شاقة وماراثونية، توصلت إيران والدول الغربية إلى اتفاق بشأن برنامج إيران النووي، اتفاق يبدو أن المعلن منه غير الذي ظل طي الأوراق السرية، خاصة أنه جاء بعد أيام قليلة من تصريحات للمرشد الإيراني...
منذ أن انطلقت قاطرة الصحافة القطرية بصدور جريدة «العرب» عام 1972، والإيمان بدور الإعلام في المساهمة بنهضة البلاد يتعاظم، وشكّلت وسائل الإعلام المحلية، المرئية والمقروءة والمسموعة، ذراعاً نشطة، تعين وتعاضد مشاريع التنمية، بتحليلها وتشخيصها ودعمها....
حينما نتأمل خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، في افتتاح دور الانعقاد الثاني والأربعين لمجلس الشورى أمس، ندرك جيداً أن مسارات المستقبل تم رسمها بوضوح وعناية بلا مبالغة....
جاء خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى أمس ليرسم تفاصيل مرحلة جديدة تقبل عليها قطر في ظل الحكم الجديد، مرحلة تحتاج من الجميع التكاتف والعمل لمواصلة واستكمال ما...