alsharq

عبدالرحمن الدليمي

عدد المقالات 1

الدوحة الدولي للكتاب وجهة مثلى

11 مايو 2025 , 11:48م

يحتشد فضاء معرض الدوحة الدولي للكتاب ـ وقد أدرك هذا العام نسخته الرابعة والثلاثين ـ برواده من مختلف الجنسيات والأجيال على نحو لافت للانتباه وفي حوار ثقافي مثرٍ ومثير ينعقد بين أرجائه وأروقته. حوار يستكشف ويستقرئ ويسائل أسرار الكتابة وقضاياها المتشابكة في زمن تتسارع فيه وتيرة التحديات المربكة لفعل القراءة. ولأن الحدث استثنائي بكل المقاييس سواء من حيث دُور النشر المشاركة وأعداد الكتب المعروضة أو من حيث دلالة الشعار «من النقش إلى الكتابة» ورمزية حضور دولة فلسطين كضيف شرف في هذا السياق التاريخي بالذات، فقد أثبتت الدوحة قدرتها المتجددة على أن تكون قبلة مميزة للعديد من المبدعين والفاعلين في مهن النشر من كتاب وموزعين وناشرين من مختلف أصقاع العالم للاحتفاء بالكتاب وصنّاعه. وهو التحدي الذي آلت وزارة الثقافة على نفسها أن تخوض غماره وتكسب رهانه في إطار مقاربتها الاستراتيجية لدعم العلاقات الثقافية المؤثرة على الصعيدين الإقليمي والدولي وتشجيع الاستثمار الثقافي المستدام. لذلك كان المعرض في إخراجه الجديد فضاء حيويا لبانوراما من الفعاليات التي تؤثث يومياته في مجالات الأدب والفكر والفنون والتراث والإعلام وغيرها. فعاليات تؤكد قدرة الكتاب على فتح افاق للإنسان نحو عوالم أخرى ممكنة قوامها المتعة والإبداع بالتلازم مع احترام كينونته وتنمية فكره. في المعرض كل شيء ينبض بالكتب ويلهج بذكرها. وفيه أيضا منظومة متكاملة من الصناعات الثقافية الإبداعية والهندسة الثقافية بدءا بتصميم المكان وتشكيل أجنحته وصولا إلى عرض منتوجاته وصياغة لوحاته السينوغرافية في مشهدية متناسقة تَهَب الكتب سحرا خاصا يجعلنا «نطير بأجنحة الخيال». وللراغبين في الاستزادة من قضايا الفكر والمعرفة حيّز كبير ضمن برنامج المعرض، فهو منصة مثلى لتطارح أسئلة الثقافة العربية وللتعريف بالزخم الإبداعي والفكري في دولة قطر بحضور نخبة من ألمع الباحثين والمفكرين، مثلما هو حاضنة للتعلم والتنشئة الثقافية للأطفال واليافعين. وفي كل ذلك يقدم المعرض انموذجا فريدا من نوعه على الاهتمام بالمضامين الثقافية الجادة والراهنة بقدر الاهتمام بالشكل والتصميم والإخراج ليكون سردية قطرية محضة تعلن على الملأ بأن الاستثمار في الرأسمال الرمزي إنما هو الاستثمار الأبقى للإنسانية وتعلي من قيمة الإنسان كائنا ثقافيا بامتياز في مسار التاريخ، وتختط صفحات في سيرورة رحلته الخارقة من «النقش إلى الكتابة».