


عدد المقالات 1
أعادني أخي العزيز الأستاذ فالح بن حسين الهاجري لسنوات طويلة مرت عليَّ وذكرياتي مع العرب، صحيفة وأسرة تحرير وزملاء مهنة. كان ذلك في مطلع السبعينيات، عندما قرر الوالد والأستاذ عبدالله حسين النعمة، رحمه الله، إصدار صحيفة يومية تكون صوتاً قطرياً عربياً وطنياً، كان الأستاذ عبدالله عاشقاً للزعيم الراحل جمال عبدالناصر، ومعتزاً بانتمائه لهذه الأمة العظيمة، لذلك سمّى داره «دار العروبة» وسمّى مجلته العروبة، وسمّى صحيفته «العرب». جاءت العروبة بعد سنوات قليلة جداً من نكسة ١٩٦٧م، ولكن العرب جاءت بعد تولي صاحب السمو الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، طيب الله ثراه، مقاليد الحكم في قطر في ٢٢ فبراير ١٩٧٢م، لذا جاء إصدارها متوازياً مع هذه اللحظة المباركة، وصدر العدد الأول منها وعلى صدر الصفحة الأولى صورة لسمو الشيخ خليفة وعلى ترويستها عنوان يقول: عاشت قطر حرة عربية. بدأت رحلة العرب مع الإصدار الأسبوعي وبحجم التابلويد، لكن ذلك كان لفترة مؤقتة وذلك ليستكمل الأستاذ عبدالله متطلبات الإصدار اليومي، وكان له ما أراد مع عام ١٩٧٤م، حين تحولت العرب لتصبح أول صحيفة يومية تصدر في قطر وبالحجم التقليدي، ويتولى رئاسة تحريرها الأستاذ خالد عبدالله النعمة، بينما أوكلت رئاسة تحرير العروبة للأستاذ الكبير يوسف عبدالله النعمة، ليتفرغ الأب عبدالله بن حسين النعمة لشؤون إدارة الدار، وكتابة مقال أسبوعي في العروبة وعمود يومي في العرب. لتواصل الدار خدمة الإعلام والإعلاميين القطريين والعرب، ولتبدأ دار العروبة في استقطاب العديد من الصحفيين العرب للعمل فيها، بعد تنوع الصفحات وتعدد الأقسام. في عام ١٩٧٨م وبعد تخرجي في الجامعة قدمت نفسي للأستاذ عبدالله، وأبديت رغبتي في الكتابة بالجريدة، ووجدت الرجل صاحب القلب الكبير والأب الحنون والذي رَحَّب بي أجمل ترحيب واستدعى الأستاذ الخلوق محمد سعد العوضي والذي كان يشغل مديراً لتحرير الجريدة، والأستاذ عبدالحي دويدار مدير تحرير مجلة العروبة، ويقول أمامهم، هذا ابني ولا أوصيكم عليه، ففي أي موقع يريد أن يكتب في صفحات المجلة والجريدة. ومن ذلك اليوم بدأت رحلتي مع العرب، فكتبت مع الزميل حسن الصيرفي في صفحات الرياضة، وكنت أول كاتب قطري يكتب عمود الرأي في الصفحات الرياضية، فقد خصص لي الأستاذ عبدالله عموداً أسبوعياً تحت عنوان «حديث الأربعاء»، أتطرق فيه لكل ما يهم الشأن الرياضي، ثم اقترح عليَّ، رحمه الله، أن أكتب في الشأن المحلي، وبالفعل كنت أكتب عموداً يومياً في الصفحة الأخيرة من العرب، كما أجريت العديد من اللقاءات الصحفية مع بعض الشخصيات القطرية، ناهيك عن تغطية الأحداث الكثيرة والتي كانت تحدث في قطر والمنطقة. في العرب زادت علاقاتي مع زملاء المهنة كالمحرر الرياضي الأستاذ عبدالرحمن الدحيم والزميل العزيز يوسف الحرمي والذي كان دينامو العلاقات الصحفية والعامة بلقبه الطيب ونفسه الزكية المرحة ومحبة كل من في الجريدة له، وأذكر الأخ سلطان والذي كان عامل البدالة، والأخ العزيز والمصور الفنان أبوجبرا، رحمه الله، والذي كان يمدني بالعديد من الصور، وكذلك كانت علاقتي ممتدة مع جميع الزملاء في الصحيفة أو المجلة، بل وحتى مع عمال الكافتيريا، وعمال المطبعة، والذين كنت أتسلى بالحديث معهم بعد الانتهاء من العمل. كان موقع الجريدة في شارع رأس بوعبود، في عقار يملكه الوالد عبدالله، ومن محاسن الصدف أن أمام مقر الجريدة كان هناك مطعم ويمبي، فكنت أتناول طعام العشاء مراراً بعد نهاية عملي في الجريدة. أما أكثر شخصية تأثرت بها صحفياً في ذلك الوقت فهو الأستاذ يوسف عبدالله النعمة، رئيس تحرير مجلة العروبة. فيوسف النعمة يمتاز بقلمه السلس وأسلوبه الراقي في التعامل، ثم بخلفيته الثقافية والسياسية وقدرته على قراءة الأحداث وما يجري في العالم وبالذات في المنطقة العربية، فكان الجلوس معه والحديث، في ذلك الوقت، متعة كبيرة. يوسف النعمة رجل قومي عروبي حتى النخاع، ومدافع عن قضايا أمته ورجالها المخلصين، فهو مؤمن بوطنية الزعيم الخالد جمال عبدالناصر. ولكن كما يقول المثل الحلو ما يكمل، فقد كان مُقلاً في الظهور الإعلامي، ونادراً ما كان يشارك في ندوة أو حديث صحفي حتى يومنا الحاضر، داعياً المولى عز وجل أن يحفظه ويطيل في عمره. توقفت «العرب» عن الصدور عام 1996م، بعد 24 سنة من الإصدار اليومي، وفي عام 2007 م عادت «العرب» للصدور بمُلاك جدد، ويتعاقب على رئاسة تحريرها نخبة من الشباب القطري الكفء، ولتفتح صفحاتها للعديد من الكتاب القطريين والعرب، ولتواصل مسيرتها حتى كتابة هذه السطور. الحديث عن الصحافة في قطر حديث شيق وجميل، والأجمل أن تجد من يبعث فيك العزيمة لكتابة مثل هذه اللحظات وذكرياتها العطرة. فالشكر لله أولاً، ثم للزميل العزيز الأستاذ فالح الهاجري رئيس تحرير «العرب» والذي نبش ذاكرتي مع العرب فكانت هذه الكلمات. مع دعواتي للجميع بالتوفيق،، ولصحيفتنا الغالية العرب كل تقدم وازدهار.