رسائل أبريل

في أسبوع حافل «بالأخبار»، وشهر ربما يكون من أكثر الشهور نشاطاً من الناحية السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية -على مستوى منطقتنا والعالم بأسره- لا يمكنني أن أطرح موضوعاً بعينه أو رسالة بعينها، فهي رسائل عدة لجهات عدة تحمل بين سطورها الترقب تارة والأمل أو «الخيبة» تارة أخرى. كذبة أبريل فكرت بأن أختار بين أكثر من موضوع هنا في رسالتي الأولى، كي تكون مرشحتي لأفضل «كذبة أبريل» لهذا العام، ولكنني استقررت أخيراً بأن أختار لرسالتي الأولى خبراً «محلياً» -على غير العادة- ولكن لهذا الخبر أصداء «دولية»، وقد اخترت أيضاً أن أستعير من جريدتي «العرب» مانشيتها بالأمس لأبدأ رسالتي، فبعد عدة محاولات لافتتاح مرفئنا الجوي المنتظر نجد أن القائمين على مطار حمد الجديد، والذي تأخر افتتاحه لسبب أو لآخر، يوقعوننا في فخ أبريل لهذا العام، وذلك بعدم التنسيق فيما بينهم وبين السلطات لافتتاح المطار في موعده، ولربما توج هذا كله بالفشل الذريع في التواصل مع الجمهور لإيضاح الغموض ولتفادي الإهمال كما حدث للأسف، فهل نراهم يتعلمون من هذه الدروس «المتكررة»؟ والأهم من ذلك اليوم هل يستفيد الآخرون والذين يديرون المشاريع الحيوية الضخمة الأخرى في الدولة، كالميناء أو الريل مثلاً من هذه الدروس؟ نتمنى ذلك فبنجاحهم نستمتع جميعاً بثمار وطننا، وبإخفاقهم «لا قدر الله» فسنلام جميعاً لعدم الوقوف لتصحيح المسار. الحرب الوهمية بثت قناة «سي. أن. أن» الإخبارية الأميركية منذ عدة أيام -والتي بدت في الآونة الأخيرة تشبه قناة «أفلام تشويق» أكثر من كونها قناة إخبارية- بثت خبراً مفاده أن كوريا الشمالية قد أعلنت الحرب على كوريا الجنوبية، وهو خبر ليس بالدقة التي قد يتصورها البعض، فالكوريتان «قانوناً» هما في حالة حرب «على الورق» منذ بداية عقد الخمسينيات من القرن الماضي، فما الجديد؟ نعم تم إلغاء حالة «وقف إطلاق النار» بين الكوريتين ولكن هذا لا يعني إعلان الحرب «مرة أخرى»، ولكنها أداة سياسية للضغط على الولايات المتحدة الأميركية، ومن ثم التراجع عن إزعاج «العملاق» في اللحظات الأخيرة، وهي الأداة ذاتها التي تستخدمها «شقيقتها السياسية» إيران، ومع عدم إنكاري بأنه يمكن تصعيد الموقف سياسياً بتطوير «أنظمة عسكرية حديثة» في تلك الدول مستقبلاً، إلا أن كل هذا يقع ضمن «المحتمل» وبعيداً عن الحرب المؤكدة «إلى الآن على أقل تقدير»، فكوريا و»شقيقاتها» يعلمون أنه في فصل من فصول تاريخ القرن الماضي كادت كوريا الشمالية ذاتها أن تسحق بالقنابل الذرية الأميركية، بحسب توصيات قائد القوات الأميركية في المحيط الهادئ آنذاك الجنرال ماك آرثر، إلا أن الرئيس ترومان عدل عن تدمير كوريا الشمالية في اللحظات الأخيرة. الإعلام الساخر لطالما اشتهر الإخوة الأعزاء في مصر بالحكمة الممزوجة «بخفة الدم» الشهيرة، لتكون سمة من سمات الشعب المصري الشقيق وإعلامه، ولذلك استوقفني خبر قرأته بالأمس عن استدعاء أحد مقدمي البرامج الساخرة باسم يوسف إلى النيابة العامة بتهمة ازدراء الدين وإهانة الرئيس، ومع أنني لا أجد باسم يوسف مضحكاً، لأنه حاول تقليد الكوميديان الأميركي جون ستوارت في أدائه الساخر دون أن يجيده، وابتعد عن النمط التقليدي للإعلام «الساخر» في مصر، فأصبح كالغراب الذي حاول تقليد مشية الحمامة، ولكن لنترك مآخذي الفنية و»الذوقية» البحتة تجاه باسم يوسف جانباً لبعض الوقت، ولنرجع للمسألة الأصلية وهي استدعاؤه للنيابة العامة، فموقفي من الإعلام «الفلولي» واضح، وقد كتبت في هذا المقالات الكثيرة فمن جنرال الفلول الهارب، ومحامي الفلول «وأراجوزه»، مروراً «بأسراب» من راقصي الفلول، كان موقف قلمي واضحاً، وحتى تجاه «بعض» الصحف التابعة للفلول والتي لا أجد لها وصفاً أدق من وصف زميلي في «العرب» الأستاذ شريف عبدالغني عندما وصف إحدى تلك الصحف في مقاله الرائع بالأمس «كالمرأة التي تقف تحت عمود النور»، حتى هؤلاء لم أكن لأطالب بتكميم أفواههم رغم بطلان ما يقولونه جملة وتفصيلاً، ولذلك أستغرب -إن لم تصدق الاتهامات- طلب باسم يوسف إلى النيابة العامة المصرية، فمع اختلافنا الذوقي أو العقائدي أو الفكري إلا أننا يجب علينا كمجتمعات عربية، وتحديداً هنا المجتمع المصري، أن لا نحجب تلك الأصوات «إن لم تخالف القانون»، فإن خالفت القانون فيجب أن تحاكم محاكمة عادلة بعيداً عن الترهيب أو التخويف، لا شك بأن رئاسة الرئيس مرسي وحكومته أمامها عقبات كثيرة، فمن مؤامرات الفلول، إلى أخطاء النظام نفسه أحياناً، لا نقول سوى أعانه الله، وأعان الله شعب مصر. الرأي الأخير... نعم يبدو أن شهر أبريل شهر مثقل بالمفاجآت والأخبار، ولا شك لدي بأن الأيام القادمة قد تكشف لنا المزيد، شيئاً فشيئاً كالدمية الروسية، وربما تتأكد نظرية الأديب الشهير البريطاني الأميركي الأصل تي. أس. إليوت بأن أبريل «أقسى الشهور»، وربما نكتب رسائل أخرى لأناس آخرين، ولكن هل من مستمع؟ (لا تجعل من عقلك معتقلاً لأفكارك) إلى اللقاء في رأي آخر...