الجزائر جاهزة للانتقال الديمقراطي.. والصمت أفضل ما تفعله فرنسا

alarab
حول العالم 19 مارس 2019 , 12:10ص
الدوحة - إسماعيل طلاي
الحراك الشعبي الجزائري مطالب بتفادي أخطاء مصر
فرنسا لا تستطيع أن تعارض تحولاً ديمقراطياً في الجزائر
حل الأزمة السودانية يبدأ بمغادرة البشير وتشكيل حكومة انتقالية
بشار "هُزم شر هزيمة".. و"هَزم بلده شر هزيمة"
الإنسان السوري تحرّر.. ولكن لم يتحرّر الشعب
بشار لن يقدّم أي تنازل.. ومفاوضات جنيف مضيعة للوقت
مصر تعيش ديكتاتورية كاملة.. و"حكم البيادة" لن يبقى 


أكد المفكر العربي الدكتور عزمي بشارة في لقاء على "التلفزيون العربي" اليوم، أن الجزائر جاهزة للانتقال الديمقراطي، داعياً الحراك الشبابي إلى البقاء في الميادين، وعدم تكرار أخطاء مصر، موازاة مع فتح باب الحوار مع النظام. 

وأوضح الدكتور عزمي بشارة أن الجزائريين محصّنين ضد التدخلات الخارجية، داعياً في الوقت ذاته الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى التزام الصمت وعدم التخريب، معتبراً أن فرنسا لا يمكنها أن تقف ضد حراك شعبي يؤدي إلى الانتقال الديمقراطي في الجزائر. 

موجة ثانية

قال المفكر العربي الدكتور عزمي بشارة تعليقاً على تجدّد الحراك الشعبي في الجزائر وتونس: "يمكن القول إننا فعلاً نعيش موجة ثانية من الربيع العربي، ونحن في خضم مرحلة جديدة، افتتحت عام 2010 بتونس ولن تنته، وهي مرحلة واحدة مع انتكاسات وارتدادات، ونعيش اليوم نهوض الشعوب العربية لتلحق بالشعوب الديمقراطية من ناحية احترام حقوق الإنسان وحرياته، لأنها بلغت النضج وتريد المشاركة في تقرير مصيرها".

وتابع: "لا أدري كم ستستمر وتختلف هذه المرحلة عن ما قبل 2010، لكن بالتأكيد العودة إلى الوراء مستحيلة، وجيل اليوم لا يمكن التعامل معه بمنطق الانقلابات العربية وجيل ما بعد الاستقلال، لأنه جيل متمسّك بهويته وحريته وإيمانه القضايا العربية".

وعن تخويف بعض الأنظمة لشعوبها من تكرار سيناريو ليبيا واليمن في حال طالبت بالتغيير، قال المفكر العربي: "تطلعات الشعوب العربية تنطلق من واقعها، ولا يخيفها نماذج سوريا وليبيا، فالتجربة في تونس تحقق تحولاً ديمقراطياً، رغم العراقيل في التطور الاقتصادي".

وتابع قائلاً: "من يقول إنه على الشعوب أن تتعلم من دروس تجربة سوريا وليبيا، نقول له إن الأنظمة تروّج لحدوث الفوضى، وهي المسؤولة عن تحويل بلدانها إلى حلبة للصراعات الدولية، لكن ما لا تقوله الأنظمة إنها هي من تتحمل المسؤولية على ذلك وليس الشعوب. ولا ضير من التعلم إيجابياً دون تناسي ما حدث في سوريا وليبيا واليمن، والارتدادات في مصر، وتراجع الأنظمة عن تنفيذ الوعود، لكن الاستفادة تكون بعدم تكرار الأخطاء، لأن الأنظمة والقوى الإقليمية هي التي تتحمل ما حدث في سوريا واليمن وليبيا".

الانتقال الديمقراطي

وعن الحراك المفاجئ في الجزائر، قال المفكر العربي: "الجزائر عرفت ثلاثة أجيال؛ هناك جيل مرتبط بالاستقلال، وجيل العشرية السوداء، وبرز اليوم جيل جديد في الجزائر يرفض العنف. وقد ساهمت العشرية السوداء في تشكيل وعي لدى الجزائريين بعدم العودة إلى العنف، وحل الأمور بتوافق وطني، ولولا حراك الشارع لحصلت ديناميات داخل النظام، لكن لفائدة أطراف بداخله، وليس لمصلحة الشعب".

وأضاف: "بالمجمل، حققت الجزائر خطوات كبيرة إلى الأمام ينبغي ألا ترمى، وهناك مظاهرات لا تطلق عليها النار، ومعارضون يتحدثون بصراحة دون خوف على حياتهم. فالحراك الشبابي أدخل روحاً جديدة في الصراعات القائمة، ولم يعد مصير الجزائر متوقفاً على الصراعات داخل النظام".

وعن الرفض الشعبي لتنازلات النظام الجزائري ومقترحات الرئيس بوتفليقة، قال المفكر العربي: "الإصلاحات قد تكون باحتواء الحراك الشعبي، لكنه أفضل من إطلاق النار. والجزائر جاهزة للتغيير والانتقال الديمقراطي، لأن لديها مؤسسات قائمة، وطبقة مثقفة، وعرفت نهضة ثقافية، وهناك هامش حرية وتجربة مشتركة عنيفة لا أحد يريد العودة إليها، ومؤسسة جيش قوية، وبالإمكان التفاهم مع الجيش لحماية الدستور".

وعن الخطوة التالية لحل الأزمة، قال المفكر العربي عزمي بشارة: "أولاً: لا بد من القول إن أحزاب المعارضة في الجزائر كان عليها أن تلعب دور المعارضة، ولكنها فقدت مصداقيتها مع الوقت، وينبغي عليها اليوم استعادة مصداقيتها مجدداً، وعدم السماح للمتضررين من النظام أن يستغلوا الوضع، ولا بد من اتفاق على مبادئ ديمقراطية ودستورية، وثانياً: الحراك الجماهيري عليه أن يُخرج قيادات، وألا تتعارض مع المعارضة السياسية، لأن الحركة الجماهيرية تمتد وتخبو، وتحتاج لمؤسسات وتنظيم، ورأينا في مصر عندما أخلى الشباب الميادين، باتت الأحزاب هي التي تتحدث عن الثورة على رغم خلافاتها، وتجاوزتها".

وتابع: "ممنوع على الحراك الشعبي في الجزائر تكرار أخطاء مصر، ولا بد من استمرار الحراك الشعبي، دون التأثير على الحياة العامة، ولا ينبغي عليه أن ينبذ الأحزاب ولا يترك لها الساحة، والصعوبة في كيفية الاستمرار في حراك مدني سلمي، والتواصل مع الأحزاب المعارضة، فالعبرة أن تستمر في النضال وتدخل في حوار مع السلطة".

وعن حساسية الجزائريين من التدخلات الخارجية في حراكهم الجماهيري، وبخاصة من فرنسا، قال الدكتور عزمي بشارة: "أفضل شيء أن يسكت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أنا احترمته مرة واحدة فقط على اعتذاره عن تاريخ الفرنسيين في الجزائر، لكن تاريخه ليس ناصعاً في إفريقيا، والجزائريون محصّنون من التدخلات الخارجية، وفرنسا عليها أن تصمت ولا تقوم بدور تخريبي، وهذا ينطبق على كل الدول الغربية، كما أن فرنسا لا تستطيع أن تعارض انتقالاً ديمقراطياً في الجزائر، ونحن نراهن على استقرار وتحول ديمقراطي، لوجود جيش ومؤسسات وشعب واعٍ".

في تعليقه على استمرار الانتفاضة الشعبية في السودان للشهر الرابع على التوالي، قال المفكر العربي عزمي بشارة: "آن أوان التغيير في السودان. لكن التحول الديمقراطي فيها أصعب من الجزائر، وهناك مشكلة ثقة في نظام البشير وسلوكه تجاه الانتفاضة الشعبية المطالبة بالديمقراطية؛ لأنه لم يقم بأي خطوة تعكس نيته في التغيير".

وأضاف: "حالة الطوارئ ليست علامة جيدة، وأعطت الرئيس البشير صلاحيات مفتوحة، إلى جانب قيام ميليشيات بإطلاق نار على المتظاهرين وتشديد قوة الجيش داخل النظام، فهناك تحييد أكبر للحزب واحتماء بالجيش. ورغم أهمية الجيوش، لكن لا يمكن أن تبقى تحكم في الدول العربية، بل دورها أن تقوم بحماية الديمقراطية والحدود".

حكومة انتقالية

وعن خطوات البشير للتجاوب مع الحراك الشعبي، قال المفكر العربي: "ليس هناك ثقة في الرئيس البشير. ولحدوث انفراجة، لا بد من حكومة انتقالية وليس حكومة يحددها البشير، وتحديد متى ينتهي دور الرئيس. كما أن الانتخابات ليست حلاً لكل شيء. وقد نبدأ بحكومة انتقالية تجهّز للانتخابات بعد جاهزية القوى السياسية وتعديل الدستور. وأنا أعلّق أهمية أكبر على موعد ذهاب الرئيس، وحكومة تكنوقراط، وضمان الجيش للانتقال الديمقراطي".

وعن تمسّك البشير بالسلطة بحجة أنه ضمانة لنجاح الانتقال الديمقراطي، قال الدكتور عزمي: "إن كان هناك قوى مهمة في المجتمع الدولي مهتمة بالتحول الديمقراطي، فلها أن تدخل في اتصال مع الرئيس وتعطيه ضمانات بعدم محاكمته أمام الاتهامات الموجهة له، بدءاً من الولايات المتحدة وباقي القوى الغربية".

وخلص قائلاً: "هناك شخصيات واعية في النخبة الحاكمة. وقد يدرك الرئيس البشير أنه آن الأوان للتغيير بعد كل التجارب التي خاضها ويقرر الخروج بكرامة. وأرجّح أنه بدأ يفكر في ذلك".

وعن التطورات في سوريا، قال المفكر العربي عزمي بشارة: "لا يوجد منتصر في سوريا، والنظام مرتهن لروسيا وإيران. وبشار الأسد هُزم شرّ هزيمة، وهَزم بلده شر هزيمة. لقد هُزم يوم قرر فتح حرب على الجماهير أرض جو، وتعامل مع الشعب كمحتل، ولما فقد سيادته. وأصبح بشار رهينة قوى ساعدته في سحق الشعب السوري. وحزبه كقوة سياسية انتهى، وتحول الجيش السوري إلى ميليشيات تتقاسم البلد، وتضطر إلى نهب البلد، فالانتصار ليس وصفاً لمآل أي طرف من الأطراف في سوريا".

السوري الحر

وعن إمكانية تخلي الرئيس بوتن عن بشار الأسد في مرحلة معينة، قال المفكر العربي: "بوتن لن يتخلى عن الأسد، لأنه يعتبر وجود بشار رمزاً لإنجازه، ولكنه قد يتخلى عنه لو وجد سبباً، ولا يوجد حالياً سبب ليقوم بذلك. وبشار عملياً ترك سوريا بيد روسيا. وبفضل سوريا استعاد بوتن تواجده في الساحة الدولية، وبات أقوى في العالم، فما الذي يجعله يتراجع ويتخلى عن الأسد ما دام في يده؟ لكن الإبقاء على الأسد لن يسمح لهم بالحفاظ على سوريا التي باتت في مأزق كبير جداً. وإن لم يتحرّر الشعب السوري، فإن الإنسان السوري تحرّر". 

مضيعة للوقت

وعن مصير الحلول السياسية، قال المفكر العربي إن "الذهاب إلى جنيف كان مضيعة للوقت، ولن يقدم بشار الأسد أي تنازل واحد، أو إصلاح، مهما كان صغيراً، لأنه يعتقد أن أي تراجع يعني إفلات مقاليد الحكم من يديه. ولو أنجزوا دستوراً فلن يطبقه". 

وعن رؤيته لمستقبل مصر في عهد عبد الفتاح السيسي، قال المفكر العربي عزمي بشارة: "مصر تعيش ديكتاتورية كاملة، بوجود طغمة عسكرية، ولم تبق أي ديمقراطية في الدولة، لأن الذي يحكم مصر هو الجيش والأمن من يوم استلام السيسي الحكم".

وأضاف: "السيسي في أول سنتين صفى إرث 25 يناير و30 يونيو، لكنه لن ينجح، لأن مصر دولة عريقة، وهناك مشاكل اقتصادية كثيرة سيفشل في حلها، وبالنهاية، سواء كان ذلك بتحرك جماهيري أو بسبب آخر، فلن يستمر حكم السيسي ولو عاش فترة طويلة، لأن كم القمع سيكون له ترددات، إلى جانب الإعدامات، وكم الناس الموجودين في السجون".

وختم المفكر العربي قائلاً: "أنا متأكد أن التحركات في الجزائر والسودان لها تأثيرات معنوية على الشعوب العربية، ولا يعتقد أحد أن استخدام البيادة العسكرية في دوس الشعب هي وسيلة للإبقاء على الحكم".