أكد محللون سياسيون وخبراء فلسطينيون، أن الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف مقرات سكنية لعدد من قادة حركة حماس في الدوحة أمس الثلاثاء، ليست حدثا أمنيا عابرا، بل محطة فاصلة، تجاوز فيها الكيان الإسرائيلي كل الخطوط الحمراء.
وشدد المتحدثون في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، على أن الهجوم الإسرائيلي في الدوحة وإن كان هدفه المعلن استهداف قيادة وفد التفاوض الفلسطيني، لكن أهدافه الأوسع هي تقويض جهود الوساطة التي تقوم بها قطر لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ومنع الكيان الإسرائيلي من الاستمرار في حرب الإبادة الجماعية.
وفي هذا السياق، قال وسام عفيفة الباحث والمحلل السياسي الفلسطيني، إن محاولة الإغتيال الإسرائيلية لقيادة حماس في الدوحة فشلت، لكنها مثلت نقطة تحول فارقة على المستويين الإقليمي والدولي.
وأكد في حديث مع وكالة الأنباء القطرية"قنا"، أن المحاولة لم تستهدف شخصيات فلسطينية فقط، بل استهدفت أيضا مكانة قطر باعتبارها لاعبا إقليميا محوريا في حل النزاعات، ووسيطا رئيسيا في الملف الفلسطيني خلال العقد الأخير.
وقال "على مدى السنوات الماضية، رسخت قطر موقعها كوسيط أساسي في الملف الفلسطيني، سواء في التهدئة أو إعادة الإعمار أو رعاية مسارات التفاوض، هذا الدور اكتسب شرعية دولية بدعم أمريكي، غير أن استهداف وفد حماس في قلب الدوحة يطرح أسئلة كبرى حول مستقبل هذا الدور، وموقع قطر في ميزان القوى الإقليمي".
من جهته قال هاني المصري، المحلل السياسي، ومدير عام المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية "مسارات"، إن محاولة اغتيال الوفد التفاوضي لحركة حماس في قطر، سواء نجحت أو لم تنجح، تمثل جريمة كبيرة وتجاوزا سافرا لكل الخطوط الحمراء.
وشدد في حديثه لـ"قنا"، أن هذا الاعتداء لا يمس فقط حركة حماس، بل يطال قطر نفسها بصفتها وسيطا أساسيا في المفاوضات، وأحد أبرز الحلفاء الاستراتيجيين للولايات المتحدة خارج حلف الناتو.
وأضاف "ما جرى يكشف مجددا أن حكومة التطرف في الكيان الإسرائيلي ماضية بعزم لتحقيق أهدافها المعلنة وغير المعلنة من حربها ضد الشعب الفلسطيني".
وأكد مدير عام المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية "مسارات" أن التحالف الدولي الداعم للاعتراف بالدولة الفلسطينية، إذا أراد أن يؤخذ على محمل الجد، فلا يكفي أن يكتفي برفض العدوان والمطالبة بالاعتراف بالدولة، بل لا بد أن يركز جهوده على إنهاء الاحتلال، وهو ما يستدعي فرض عقوبات مشددة ومقاطعة جدية ومساءلة قانونية لدولة الاحتلال، وصولا إلى تجميد عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة عبر قرار من الجمعية العامة.
من جهته، اعتبر رامي خريس، مدير مركز الدراسات السياسية والتنموية في غزة، الهجوم الإسرائيلي على الدوحة سابقة خطيرة باستهداف وفد مفاوض على أرض دولة وسيطة، وهو جريمة حرب واضحة، وانتهاك لسيادة دولة مستقلة، من شأنه أن يقوض الشرعية الدولية لأي عملية تفاوض، ما يستدعي تحركا من المحاكم الدولية والأمم المتحدة.
وقال في حديثه لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، إن ما جرى يضع دولة الاحتلال في خانة الدولة المارقة التي تتجاوز كل القوانين والأعراف، حيث إن الضربة الإسرائيلية موجهة ليس فقط لوفد حماس التفاوضي، بل لقطر ودول الخليج عموما، بما يشكل رسالة عدائية مباشرة للمنطقة، وهي رسالة إسرائيلية تستهدف تقويض دور الوساطات العربية".
وشدد في ختام حديثه لـ"قنا" على أن الهجوم يهدف لإفشال الجهود القطرية المصرية والتي ترعاها الإدارة الأمريكية لوقف العدوان على غزة، وهو ما يعني أن الاحتلال غير معني بوقف الحرب أو بالتوصل لتسوية، متسائلا حول دور المجتمع الدولي وقدرته في الضغط على حكومة الاحتلال إذا كانت تستهدف المفاوضين علنا.