المريخي يحث المسلمين على انتهاز فرصة رمضان للحصول على الجائزة

alarab
محليات 03 يونيو 2016 , 07:09م
الدوحة - العرب
في خطبته بجامع عثمان بن عفان بمدينة الخور، حث فضيلة الإمام الدكتور محمد بن حسن المريخي المسلمين على انتهاز فرصة شهر رمضان واستغلاله في الطاعات، كما نبههم على ضرورة الاتعاظ بمن مضى من الخلان دون أن يبلغه الله رمضان، فكم من مسلم كان يتمنى أن يبلغ رمضان وهو الآن بين الأموات، لذا على من أنعم الله عليه بهذه النعمة العظيمة ومنحه هذه الفرصة الكبيرة أن ينتهزها حتى يخرج مغفورا له.

وقال فضيلته: كم من إنسان تمنى بلوغ الشهر ولم يبلغه، وكم من امرئ خطط لشهر رمضان ليفعل ويعمل ويبني ويصحح ويعدل، فحالت المنية بينه وبين ما كان ينوي فعله، فاتعظوا بمرور الأيام وموت الخلان وتقلب الليل والنهار ومرور شهر الصيام ونزوله ورحيله لعلكم تفلحون.

أيها المسلمون.. في ساعات قليلة قادمة يطل علينا بإذن الله شهر عظيم وموسم كريم، يفد علينا وافد حبيب وضيف عزيز، إنه شهر رمضان المبارك.

كان رسول الله إذا اقترب رمضان جمع أصحابه وذكرهم بفضائل الله فيقول: "أتاكم رمضان، شهر مبارك، فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم" إن أهم ما يستقبل به الشهر أمران: 

الأمر الأول: بالاستشعار، ينبغي على المسلم أن يستشعر مكانة الشهر وقدره ليقدره حق قدره، وذلك بالوقوف على ما جاء في القرآن والسنة في بيان مكانة شهر رمضان كقوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}، فالشهر عظيم لاختيار الله تعالى له لنزول أعظم وحي أنزله الله على البشرية، وقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ}، ففي رمضان شرع الله هذه الطاعة والعبادة العالمية (الصيام) التي فرضها الله على العالمين، ووصف الله تعالى الليلة التي أنزل فيها القرآن بأنها ليلة مباركة وأنها خير من ألف شهر (84 سنة) {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ*وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ*لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}، {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ}، فالليلة ذات قدر كبير عند الله لعظم ما ينزل فيها من القرآن والملائكة والروح والسلام والأمان، فانظر يا رعاك الله ما أعظم شهر رمضان، ويبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فيه من الأجور والدرجات والثواب لمن اعتنى به وأدى ما افترض الله وشرعه، يقول رسول الله: يقول الله تعالى: "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به"، فأخفى الله ثواب الصيام ووعد بأنه يجزي به وهو الكريم المنان، ولا يتوقع من الكريم إلا العطية المجزية، ويقول عليه الصلاة والسلام: "من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه"، ويقول: "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه"، فأي فضل وأي فوز أعظم من أن تمحى ذنوب العبد كلها، ومن غفر الله له ذنوبه فقد رحمه، يقول تعالى: {وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.

وقال عليه الصلاة والسلام مبينا مقام شهر رمضان وعظم أجر قيامه وصيامه: "من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه"، وقال: "اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه"، فإذا وقف المسلم على ما بينه الله ورسوله في مقام شهر رمضان فإنه سيعظمه ويقدره، فإذا قدر الشهر ووقف على كبير فضله وعظيم جزائه وجب عليه أن يبادر إلى اغتنامه والفوز بدرجاته ومنازله وثوابه، لأن هذه المواسم تنزل مسرعة فتحتاج إلى من يبادرها ويتلقفها وإلا فسوف تفوته وتمضي، فلهذا أمر الله بالمسارعة إلى اغتنامها، يقول تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}، وقال: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ}، ويقول عز وجل: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَمَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا}.

وأشار المريخي إلى أن أفضلية هذا الشهر تكمن في أن ثوابه لا يعلمه إلا الله الذي تولى منحه لمن يستحق، وأضاف: أنتم على أعتاب شهر تولى الله بنفسه جزاء من عمل فيه ابتغاء مرضاته "إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به" فاستقبلوا شهركم بالتوبة والذكر والشكر على النعم والنية الحسنة والهمة، استقبلوا شهر رمضان بالإكثار من تلاوة القرآن فهذا زمان نزوله {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} طهروا القلوب بالقرآن وانشرحوا به الصدور ومتعوا به النظر واتعظوا واعتبروا بتدبر الآيات، فقد كان الصحابة يعكفون على قراءة القرآن تلهج ألسنتهم بقراءته وتدبر آياته يبتغون الأجر والمغفرة والرضوان، ألا وإن في القلوب حيرة وضيقا، وفي الناس حاسدون وحاقدون، وفي الأوزار واقعون، وللدنيا متابعون، وعن الدين والشريعة معرضون، فما أحوجنا للقرآن نتدبر آياته، ونطهر أنفسنا به مما علق بها، يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}، القرآن القرآن يا أمة الهادي، فإنه ظهير لرمضان بالشفاعة والغفران، يقول صلى الله عليه وسلم: "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن:
 منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيشفعان"، فاغتنموا رمضان للدعاء لأنفسكم وإنقاذ الأنفس من متغيرات الدنيا وتحولاتها وحوادثها، جاء الأمر بالدعاء مقرونا بآيات الصيام، يقول تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}، وما أحوجنا للدعاء ليحفظ الله علينا أمتنا وبلادنا وإسلامنا وأخلاقنا في وقت استهدفنا عدونا ومن زاغت به الأبصار والقلوب، ما أحوجنا للدعاء لولاة أمورنا ثبتهم الله ووفقهم لما يحبه ويرضاه.

وحذر فضيلته من الغفلة، مؤكدا على أن الدلائل كلها تشير إلى أننا في آخر الزمان، فنحن في الزمان الأخير من الدنيا، حيث نزول الفتن ووقوع المتغيرات والتحولات وكثرة المغرورين والشاردين عن رحاب الشريعة والدين، وهذا كله وغيره لا يرده بعد الله تعالى إلا العمل الصالح الخالص.

ولقد ربط النبي عليه الصلاة والسلام بين الدعوة والمبادرة إلى العمل الصالح واغتنام أوقاته ومواسمه وبين التحذير من الفتن المظلمة والحوادث المدلهمة، فقال: "بادروا بالأعمال فستكون فتن كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا، يبيع دينه بعرض من الدنيا" رواه مسلم.

فالعمل الصالح الخالص قارب نجاة أو سفينة نجاة تنجي بإذن الله من الفتن وتنقذ من المصائب والمحن، في الحديث: "بادروا بالأعمال سبعا، هل تنتظرون إلا فقرا منسيا، أو غنى مطغيا، أو مرضا مفسدا، أو هرما مفندا، أو موتا مجهزا، أو الدجال فشر غائب ينتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر". يقول الله تعالى عن نبيه يونس بن متى عليه السلام: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ*لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}، فالتزود من العمل الصالح ضرورة للنجاة يوم القيامة والسلامة من فتن آخر الزمان وتحولاته وتقلباته.

وختم الشيخ محمد بن حسن المريخي خطبته بالتذكير بأن شهر رمضان شهر الرحمة والطاعة وليس شهر الجوع والعطش، فالحذر من الإسراف والتبذير في الأكل والشرب فإن المبذرين والمسرفين إخوة للشياطين، والحذر كل الحذر مما أعده الشياطين من المبطلات الحسية والمعنوية المفسدة للصيام وخاصة ما تبثه الفضائيات والإعلام الهادم، واستقبلوا الشهر بالطاعة وحققوا المطلوب منكم شرعا واعملوا فإنما هي أعمالكم يحصيها الله لكم ثم يوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه.

أ.س/س.س