الدوحة.. ملتقى الأشقاء من المغرب إلى تركيا

إذا كانت السياسة الخارجية لدولة قطر اختطت لنفسها منذ عقود نهج الدبلوماسية الهادئة، والوقوف على مسافة واحدة بين مختلف القوى الدولية، واعتماد لغة الحوار للتقريب بين الفرقاء في بؤر التوتر هنا وهناك، كوسيط نزيه ومقبول من الجميع، فإنها في علاقاتها مع أمتها تأخذ موقف «الانحياز» لقضايا هذه الأمة العظيمة وأشقائها في عمقها الخليجي، وفي العالمين العربي والإسلامي. ولا شك أن هذه السياسة أخذت أبعاداً جديدة ومهمة بتوجيهات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حيث لم تشغله تنمية الداخل ونشر العمران والتقدم، على امتداد دولتنا الفتية، عن تقوية أواصر الأخوة مع الدول الشقيقة العربية والإسلامية، بل إن سموه سخّر علاقات قطر الدولية وصداقاتها مع العواصم الكبرى، فضلاً عن إمكانياتها الاقتصادية، لخدمة أمتها، وجعل من دعم الشعوب الشقيقة بنداً ثابتاً في السياسة القطرية. من هذا المنطلق، أصبحت الدوحة قبلة لأشقائها ومركزاً للحوار والدبلوماسية في الشرق الأوسط، وبكل ترحاب استقبلت قطر أمس جلالة الملك محمد السادس ملك المملكة المغربية الشقيقة، والدكتور أحمد داود أوغلو رئيس وزراء جمهورية تركيا الشقيقة. والمؤكد أن المملكة المغربية، وشعبها وقيادتها، تحتل في نفوس أهل قطر وقيادتها مكانة خاصة، مثلها مثل شقيقاتها دول المغرب العربي، وهو الأمر نفسه الذي ينطبق على الشقيقة تركيا، الدولة الكبيرة في العالم الإسلامي. زيارة العاهل المغربي للدوحة تأتي بعد أسابيع قليلة من زيارة السيد عبدالإله بن كيران رئيس الوزراء بالمملكة المغربية للدولة أوائل الشهر الجاري، حيث ترأس الجانب المغربي في أعمال الاجتماع السادس للجنة العليا المشتركة القطرية - المغربية، والتي شهدت توقيع العديد من الاتفاقات المهمة. وكل هذه اللقاءات بين البلدين، يجني ثمارها الشعبان الشقيقان، وتزيد من أواصر علاقة أخوة عميقة جعلت المسافة بين الخليج في المشرق العربي والمحيط في المغرب العربي، قريبة في نفوس أبناء البلدين، رغم التباعد الجغرافي، وهو ما دفع كثيرين من الأشقاء المغاربة، للعمل في بلدهم الثاني قطر والمساهمة في نهضتها، كما كان الأساس لإقدام العديد من رجال الأعمال القطريين على الاستثمار في بلدهم الثاني المغرب. وعلى نفس المنوال، جاءت زيارة رئيس الوزراء التركي للدوحة، والتي تعد حلقة جديدة من حلقات التنسيق القطري - التركي المستمر، والذي ينصب في الأساس لصالح شعبي البلدين، ودعم الشعوب المستضعفة في المنطقة، كما هو الحال في فلسطين وسوريا واليمن، وغيرهم. وعبر الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، عن مدى أهمية العلاقات بين قطر وتركيا، بقوله في بداية جلسة المحادثات، مع الدكتور أحمد داود أوغلو: «إن العلاقات القطرية - التركية تحظى برعاية واهتمام من قبل قيادة بلدينا النابعة من حكمتهما البالغة، وإدراكهما بأن ما يشهده العالم من تحديات خطيرة على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والإنسانية، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، يتطلب منا المزيد من التعاون على الصعيد الثنائي لتحقيق مصالحنا المشتركة». والمؤكد أن الاتفاقية الأمنية التي تم التوقيع عليها بين الجانبين، أمس، تعد إضافة قوية في هذا البناء المتين من علاقات الدوحة وأنقرة، ومن شأنها تحقيق المزيد من تطلعات الشعبين نحو التقدم والازدهار. وكل هذا التنسيق بين قطر وتركيا، لخصّه الدكتور داود أوغلو بكلمات معبرة: «إن العلاقات بين البلدين علاقات تاريخية ومثالية، وهي علاقات أخوة بين القادة.. ومحبة بين الشعبين الشقيقين».