alsharq

وزير الإعلام اللبناني المحامي د. بول مرقص

عدد المقالات 1

من اتساع الرؤية إلى شمولية البصيرة.. قطر.. نافذة على المستقبل وبوابة إلى القلوب

25 أكتوبر 2025 , 11:29م

ليست قطر مجرّد دولة على خريطة الخليج العربي، ولا وطناً عابراً في جغرافيا المنطقة، بل فكرة حيّة، غرسها المؤسسون بذرة، فكبُرت، وأزهرت، وأينعت، حتى غدت شجرة متجذّرة، وأثمرت رؤية متجدّدة، يواصل مسيرتها سمو الأمير تميم بن حمد آل ثاني، الذي يشقّ طريقه بثبات الوارث الأمين، وبعزيمة القائد الأصيل. وها هي دوحة الخير، عاصمة لا تأوي إلى الطموح، بل توقظه مع كلّ فجر، وتدفعه أبعد. عاصمة لا تعرف الاكتفاء، كما لو أنّها على موعدٍ دائمٍ مع التألّق، وفي كلّ قفزة، بصمة لرؤية انطلقت بعزم مع الشيخ حمد، وتتواصل بثقة مع الشيخ تميم. ولذلك، هي ليست مشروع دولة ناجحة فحسب، بلّ مشروع بناء مستمرّ، في الإنسان. في السياسة. في الاقتصاد. في الازدهار. في الإعمار... والأهمّ، في السلام. إنّها رسالة سلام دائم، تمضي إلى العالم، تعبر المسافات، تتجاوز الخلافات، وتكسر الحواجز. لماذا قطر؟ لأنّها تتحدّث لغة القلوب قبل لغة المصالح. لأنّها نقطة التقاء حين تتباعد المواقف. لأنّها ملاذ آمن للحوار حين تضيق المساحات. لأنّها تجمع ولا تفرّق. لأنّها ترتّب ولا تبعثر. لأنّها تبني ولا تهدم. لأنّها تُقرّب، وتُصالح، وتخلق من الشقاق فرصاً للوفاق، لا لشيء، إلاّ لأنّها ببساطة... لغةُ سلام. ليست قطر دولة تبحث عن الأضواء، بل هي دولة تبحث عنها الأضواء! قوتها ليست فقط في العتاد، ولا في المساحة، بل في دبلوماسيتها الناعمة التي تشبه الماء. هادئة في سيرها، لكنّها قادرة على شقّ الصخور، بما تملك من حكمة صبورة، وبصيرة تسبق البصر. تعملُ بصمت وتصنع الفرق، فتأتي بالحلول قبل أن تُسأل عنها، وتضع المبادرات قبل أن تُطلب منها، وتذكّر العالم «القوي»، أنّ القوة الحقيقية تُقاس بقدرة الدول على صناعة الأمل، وإحياء المعنى. وليست هذه الدبلوماسية الحكيمة وليدة اللحظة، بل ثمرة رؤية بعيدة المدى، خطّ ملامحها سمو الأمير الوالد، القائد الذي آمن أنّ دور قطر يتخطّى جغرافيّتها. ولسموه في لبنان، بصمات لا تُمحى، ومواقف لا تُنسى، حيث كان الحاضر الأكبر في أصعب لحظات الغياب. واليوم، وأنا في زيارة أخويّة إلى الدوحة، أحمل في قلبي تقديراً كبيراً لهذه الأرض الكريمة، وامتناناً لقيادتها الحكيمة وشعبها الأصيل. بين بلدينا صلةُ وجدان، وقيمٌ مشتركة. وأعتزّ بما تقدّمه قطر من دعم ورعاية للجالية اللبنانية على أرضها، التي وجدت فيها بيتاً ثانياً، وأرضاً للأمان والأحلام والفرص. ستبقى قطر منارة حوار في زمن الانقسام، وركيزة أمل في زمن العواصف، ومركزاً لصناعة مستقبل عربي مشرق. ستبقى قطر رسالة صافية، تقول للعالم إنّ السلام ليس أمنية بعيدة، بلّ إرادة صلبة تصنعها عقولٌ حكيمة، وقلوبٌ كبيرة. وستبقى قطر... نافذة على المستقبل، وبوابة إلى القلوب! شكراً قطر.