عدد المقالات 1
يُعرَّف الفساد على أنه مجموعة من التصرفات (سواء كانت مالية أو إدارية أو أخلاقية) التي قد يقوم بها المسؤولون أو العاملون في المؤسسة لتحقيق منافع شخصية من أجل الوصول إلى منافع خاصة أو شخصية تضر بمصلحة المؤسسة وأهدافها. حيث تُعرّف منظمة الشفافية الدولية الفساد بأنه:» إساءة استعمال السلطة الموكلة، لتحقيق مكاسب خاصة». وتُعّد ظاهرة الفساد اليوم من أكبر التحديات المنتشرة في الكثير من الدول، حيث دأبت الكثير من الحكومات والمؤسسات على مستوى العالم على العمل على وضع ضوابط وممارسات للحد والتصدي لهذه الظاهرة بشكل حازم، وذلك لما لها من أثر سلبي بالغ على المجتمعات والاقتصادات. وللتصدي لهذه الآفة صدرت العديد من القوانين والتدابير التي تمنع انتشار ظاهرة الفساد في الشركات من خلال وضع أنظمة مدققّة لإدارتها ومراقبتها عبر آليات حوكمة الشركات. فقد أصبحت تحتل الحوكمة أهمية نسبية في عالم المال والأعمال. وذلك أن الانفصال بين المالك والإدارة يحتّم ضرورة وجود نظام عمل للشركة يحدد قواعد وإجراءات للتحكم فيها وفي مسيري أعمالها ويضمن وجود رقابة داخلية على قراراتها وأعمالها. والمقصود بالحوكمة هو وضع إطار عام ينظم عمل الجهة وعلاقاتها داخلياً وخارجياً من خلال إخضاعها إلى قواعد وضوابط لتحقيق أهداف الجهة وفق نظم ومعايير وأخلاقيات أساسها مبادئ الشفافية والمساءلة والعدالة والمساواة وأخيراً المسؤولية في أداء الواجبات بشرف ونزاهة. تُظهر تقييمات وكالة موديز فيما يخص تقييم الحوكمة لدولة قطر بأنها تحتل موقعاً متقدماً في مجال الحوكمة بين نظرائها الإقليميين، وذلك بتقييم إيجابي G-1 وهو أعلى تقييم ممكن للحوكمة. مما يعكس التزام الدولة بالحوكمة الرشيدة. ونظراً لأهمية توفير بيئة أعمال آمنة جاذبة للاستثمار ومحفزة على استقرار واستمرارية المشاريع، سعى المشرّع القطري إلى التصدي الجاد لظاهرة الفساد بكل الوسائل كما فرض رقابة على الشركات. ومن أبرز هذه الجهود هي إصدار قانون الشركات التجارية وتعديلاته. واعتماد نظام حوكمة الشركات والكيانات القانونية المدرجة في السوق من قبل هيئة قطر للأسواق المالية والتي تهدف الى تعزيز الشفافية والمساءلة في الشركات المدرجة. وقرار وزير التجارة والصناعة رقم (71) لسنة 2019 بإصدار نظام حوكمة الشركات المساهمة الخاصة والذي يُعد محطة تشريعية مهمة في تعزيز ممارسات الحوكمة والشفافية في قطاع الشركات المساهمة الخاصة. وانطلاقاً من هذه الجهود المبذولة يقوم ديوان المحاسبة بدور رئيسي وفعّال لتعزيز تبني وتطبيق مبادئ وقواعد الحوكمة الرشيدة بالجهات الخاضعة لرقابته. حيث تنص المادة رقم (7) من القانون رقم (11) بشأن ديوان المحاسبة على أن يتولى الديوان في مجال الرقابة المالية ورقابة الالتزام، فحص وتدقيق نظام الرقابة الداخلية والحوكمة وإدارة المخاطر وتضارب المصالح، من خلال التحقق من مدى كفايتها وفعاليتها، ومدى الالتزام بها، وتقديم التوصيات اللازمة بشأنها لتفادي أوجه القصور وتحسين نظام الحوكمة ورفع كفاءته، ومتابعة تنفيذ تلك التوصيات للتأكد من اتخاذ الجهات الخاضعة لرقابته ما يلزم من إجراءات بشأنها. كما يقوم ديوان المحاسبة من خلال تقديم دورات تدريبية وورش عمل بالعمل على رفع وعي موظفي الجهات الخاضعة بأهمية تبني وتطبيق مبادئ وقواعد الحوكمة الرشيدة. علاوة على ذلك يقوم ديوان المحاسبة بنشر وتطوير ثقافة إدارة المخاطر لدى الجهات الخاضعة لرقابته. مما يؤثر بشكل إيجابي على تعزيز نظام الحوكمة الرشيدة.