منصة الأفكار والإبداعات المتوهجة

في سياق الجهود المتكاملة التي تقودها وزارة الثقافة، جاءت الدورة الرابعة والثلاثون لمعرض الدوحة الدولي للكتاب 2025 لتؤكد مكانة المعرض كواحد من أبرز الفعاليات الثقافية في المنطقة والعالم. ولم يكن ذلك محصوراً في حجم المشاركة واتساع الفضاءات، بل تجلّى أيضاً في نوعية الفعاليات المصاحبة التي صُممت وأُنجزت بكفاءة واقتدار، ليأتي الصالون الثقافي هذا العام في مقدمتها، بوصفه منصة حيوية للحوار والتفاعل وتلاقي العقول. تحوّل الصالون، بتصميمه الدائري ومؤثراته البصرية المبتكرة، إلى فضاء تفاعلي مفتوح احتضن أكثر من 45 ندوة وجلسة حوارية، عكست تنوع المشهد الثقافي المحلي والعربي والدولي. وقدّم الصالون تجربة معرفية غنية جمعت بين متعة الاكتشاف وعمق النقاش، من خلال موضوعات اتصلت بشعار المعرض «من النقش إلى الكتابة»، حيث استعرض الحضور تاريخ الكتابة وأثر النقوش في تشكيل الهوية الفنية، كما فتح الباب واسعاً أمام أسئلة الذكاء الاصطناعي وعلاقته بتحولات الإبداع الإنساني. وفي ظل حضور دولة فلسطين كضيف شرف للمعرض، احتفى الصالون بقضاياها في الشعر القطري، والتاريخ الفلسطيني، وأدب المقاومة، ليعيد التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية في الوجدان الثقافي العربي. كما فتحت ندوات الصالون نوافذ جديدة على قضايا مستجدة في الفكر والمجتمع، تناولت الهندسة الثقافية، والجيوبولتيكس، والرواية المعرفية، وابتكار أساليب جديدة لتعزيز حب القراءة، إضافة إلى بحث أثر الإعلام الاجتماعي في تشكيل السلوك الجمعي. وخصصت فعاليات الصالون مساحة خاصة لذوي الهمم، ناقشت خلالها الصورة النمطية حول الإعاقة، ودور القصص التربوية في تعديلها، وتعزيز حضور المكفوفين في المشهد الثقافي. إلى جانب ذلك، شهد الصالون تقديم أكثر من 250 إصداراً حديثاً، أغنت رفوف المكتبات القطرية، وأسهمت في تنويع محتواها بفضل تعاون المؤسسات الحكومية والأكاديمية ودور النشر المحلية، في مشهد يعكس ديناميكية المشهد الثقافي القطري، وإيمانه بأن صناعة الكتاب جزء لا يتجزأ من صناعة المستقبل. وقد كان لهذا الزخم الفكري والتميز في الإخراج أن يتبلور بفضل فريق عمل الصالون الثقافي، الذي تولى بإتقان وتفانٍ إدارة المحتوى، وإعداد البرامج، وتنظيم الفعاليات اليومية، ليصبح الصالون أحد أبرز مكونات المعرض وأكثرها جذباً للحضور والمشاركين.