من حول كرة مصر إلى رجس شيطاني؟!

سبق أن استخدمت مفردة الرجس الشيطاني خلال مقال سابق، لكن كان عن من يرى أن كرة القدم مضيعة للوقت والمال، ولأجلهم تساءلنا هل حقا هناك في زمننا هذا من يفكر إزاء هذه المنافسة الجميلة التي تأخذ بألباب العالم بهذه الطريقة.. لا ننكر أن هناك من يأخذهم تعصبهم الأيديولوجي لرفض كل مباح.. وفي اتجاه أخر بعيد عن أولئك الأيديولوجيين تكون المأساة الأكبر حينما نستغل هذا المباح.. لأجل أهداف رديئة تتنافى مع الأخلاق والقيم الإنسانية؟ ??اليوم بدا أنني سأعود إلى الخوض في مسألة: متى تكون كرة القدم رجس من عمل الشيطان؟ ولعل ما أثار في هذا التساؤل هو أحداث ملعب الدفاع الجوي وجماهير الزمالك المصري الأخيرة والتي راح ضحيتها نحو 22 قتيلا وعدد كبير من المصابين، ونحن هنا لسنا بصدد تحديد من المسؤول، ومن المتسبب، لكن ولتسمحوا لنا في الشقيقة العزيزة مصر أن نشير إلى أن توالي المصائب الكروية الكبيرة والتي باتت الأكبر على مستوى العالم دلالة على أن هناك من يسترخص الدم المصري، ولا يأبه به؟! ??ما الذي يحدث في مصر؟ وما الذي نراه تباعا وخاصة في ملاعب كرة القدم.. مصر التي كانت رائدة في التسامح والتآخي والتحاب، ونجزم بأنها ما زالت كذلك، باتت محل التدافع والموت، بل إنك تقرأ أن أعداد الضحايا قد أصبح لا يثير التساؤل، فالقارئ للصحافة المصرية والمتابع لفضائياتها يلحظ أن لا يهم لماذا ماتوا؟ بل البحث عن كبش فداء، وكأننا إزاء أمر تافه.. وكأني بالأمر لم يحقق فيه من منطلق قيمته الإنسانية ورقيه البشري، فمن تساقطوا في ملعب القوات الجوية هم بشر لحم ودم، وليسوا غير ذلك. ??كان السؤال الأهم أين كنا لنمنع حدوث مثل ذلك؟ وأقولها بالفم المليان كان جديرا أن تمنع مثل هذه الأحداث بأن نعيد صياغة الخطاب الإعلامي والتشجيعي الذي يثير الشرطة على مشجعي الأندية، وذلك الذي يستفز هؤلاء المشجعين على رجال الشرطة والمنافسين، وكأنهم في مهمة حربية لا تشجيعية ترتكز على الاستمتاع أولا. ??قد يغضب البعض من كلماتي، لكن على الإخوة في مصر أن يكونوا أكثر جرأة بالبحث عن المتسببين من أولئك القابعين على كراسي البرامج الرياضية من المؤطرين للبغضاء والتناحر.. أنا واحد من متابعي رياضة مصر، ولن يختفي من ذاكرتي ذلك التأليب الإعلامي الذي سبق مباراة الأهلي وبورسعيد وما تبع ذلك من كارثة، وقبل أيام عاد الموال من جديد لكن وفق طريقة تحريضية أخرى قد شارك فيها آخرون من خارج الإعلام، لكن يظل الأخير عاملا مشتركا في التأليب حينما يشحن الشرطي ويستفز المشجع؟! بالتأكيد أن الوضع التحريضي سيفضي إلى ما لا يحمد عقباه، وهذا ما حدث في ملعب الدفاع الجوي، وما حدث أيضا قبلها في بورسعيد، ولنعترف أن هناك لغة تصادمية متشنجة تصدر من الإعلام المصري تثير أبناء البلد الواحد ضد بعضهم، وبما يجعل التحدي متاحا والانتقام قائما. ??وبعد فحينما نتعامل مع كرة القدم على أنها تصادم وانتقام وشحن مشجعين أبرياء ضد بعضهم.. فالأكيد أننا جعلنا منها دون أن يكون لها ذنب، رجس من عمل الشيطان. مع إدراكنا أن كرة القدم شأن تنافسي جميل ممتع، لكن حينما يريد بعض الإعلام والمتشنجين أن يخرجوها عن مسارها الطبيعي، فلن نستغرب من أن تتحول إلى شأن شيطاني غذائه التقاتل والموتى.