كعكة المونديال

لقد مضت سنة منذ إعلان فوز قطر باستضافة مونديال 2022 لكرة القدم، وبذلك يتبقى 10 سنوات فقط حتى الحدث الكبير ليس على مستوى قطر وحسب وإنما على مستوى المنطقة، ورغم هبوب رياح التغيير العربي فإن الدوحة ماضية في تنفيذ مخططها لاستضافة المونديال، وصحيح أنه خلال السنة المنصرمة لم يشاهد المواطن القطري أي منشآت أقيمت على أرض الواقع استعدادا للمونديال وهذا طبيعي فالفترة الحالية تنظيمية أكثر منها تنفيذية؛ لأن الوقت ما زال مبكراً على إقامة مشروعات المونديال وحتى المشاريع الخدمية المرتبطة به مثل الفنادق. ورغم ذلك فإن المتابع لهذا الشأن قد لاحظ أن هنالك توجهات قوية من كل فعاليات الاقتصاد القطري للمشاركة في هذا الحدث. لقد تم تشكيل لجنة عليا لمتابعة تنظيم المونديال ولكن القطاع الخاص بات يتطلع لمشاركة القطاع العام في إنجاح المونديال، ليس للفوز بكأس العالم لكرة القدم، ولكن للفوز بنصيبه من كعكة المونديال، هذه الكعكة التي بدأت التكهنات بها منذ اللحظات الأولى التي أعلن فيها فوز قطر باستضافة المونديال. ومذ ذلك الوقت والتوقعات والتنبؤات تتأرجح بين تقديرات متواضعة إلى أرقام يسيل لها لعاب القطاع الخاص، فقدرها البعض بأقل من 170 مليار ريال، فيما قفز فريق المتفائلين إلى تقديرات تفوق قيمتها 800 مليار ريال، ومن ناحية أخرى خرج علينا بعض المحليل برأي مبالغ جدا بتقديره حجم الإنفاق الكلي حتى 2022 بقيمة تتجاوز 1700 مليار ريال أي 1.7 تريليون ريال، يقدر أنه ستذهب منها 600 مليار للملاعب والمنشآت الرياضية، وعلى ذلك يبدو الاختلاف راجعا إلى أن البعض يذكر التقديرات المتعلقة بالمنشآت الرياضية الخاصة بالمونديال فقط، وفي الواقع أن قطر تخطط لإنشاء بنية تحتية كاملة خلال العقد القادم وهذا يخدم المونديال وغير المونديال فمشاريع المطار والميناء والريل وغيرها من مشاريع القطاع الخاص من فنادق ومجمعات سكنية وتجارية ستستحوذ على نسبة عالية من الإنفاق خلال الفترة القادمة إلى المونديال، فيما أن بعضها سيمتد إلى ما بعد الحدث مثل مشروع الريل. إن فترة العشر سنوات التي تفصل بيننا وبين 2022 تعتبر أكثر من كافية ولكن السؤال متى سيبدأ الإنفاق الفعلي على مشاريع المونديال، فبعض التقارير تشير إلى أن المشاريع فعليا ستبدأ بعد سنة من الآن أي بنهاية 2012 وممكن اعتبار توقيع أشغال على 6 عقود خدمات استشارية كبرى بمبلغ 2.2 مليار ريال نوعا ما بداية لانطلاق المشاريع التي ستكون جزءا من البنية التحتية؛ فهي ستشمل طرقا وبنية تحتية للصرف الصحي بقيمة تصل إلى 40 مليار ريال. إن ما تم التصريح به بأن 2015 سيشهد إنشاء أول ملعب لا يترك للقطاع الخاص فرصة للتباطؤ، فعليه أن يكون متهيئا من الآن فالفترة قريبة جدا والعمل سيبدأ قريبا إن لم يكن قد بدأ أصلا، فآخر ما يتمناه القطاع الخاص أن يأتي متأخرا بعد تقسيم الكعكة فلا يجد له إلا الفتات والذي سيضطر أن يتقاتل مع الجميع عليه. الخبر الجديد المفرح لقطاعات الأعمال سيكون بفوز قطر باستضافة دورة الألعاب الأولمبية 2020، وبطولة العالم لألعاب القوى 2017، كل هذه الأحداث تجعل من خارطة الطريق واضحة المعالم للقطاع الخاص، فلا يخاف من التوسع في نشاطه للمشاركة في هذه الأحداث؛ لأن القطاع الخاص يكون حذرا جدا من التوسع المفرط ثم يجد نفسه بلا عمل بعد انتهاء المشروع ولكن في حالة كل هذه الأحداث الرياضية فإننا في قطر قد حولنا الرياضة إلى صناعة لها مردودها على الناتج المحلي الإجمالي.