بدأت العملية الانتخابية لانتخابات مجلس الشورى مرحلة جديدة، مع إعلان الكشوف الأولية للمرشحين الذين استوفوا شروط الترشح، أمس، في جميع المقار الانتخابية، لتبدأ اليوم الثلاثاء عملية تقديم التظلمات والاعتراضات التي تستمرّ حتى الخميس المقبل 2 سبتمبر، على أن تعلن الكشوف النهائية في 15 من الشهر ذاته.
وأكد عدد من المواطنين والخبراء لـ «العرب» أن تنظيم انتخابات مجلس الشورى في دورته الأولى، خطوة هامة في مسيرة الإنجازات الحضارية التي سجلتها قطر في كنف القيادة الرشيدة، نحو استنهاض العمل وترسيخ المشاركة السياسية، وتحقيق تطلعات المواطن القطري وتعزيز مكتسباته ودوره في مسيرة النهضة القطرية الحديثة، ودعوا إلى خوض السباق الانتخابي تحت سقف الوحدة.
الدكتور سلطان الهاشمي: العضوية مسؤولية دينية ووطنية.. وليست وجاهة اجتماعية
قال الدكتور سلطان إبراهيم الهاشمي، الأستاذ في قسم الفقه وأصوله - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر، إن عضوية مجلس الشورى مسؤولية دينية ووطنية وليست وجاهة اجتماعية، داعيا من لا يرى في نفسه القدرة على تحمل المسؤولية وخدمة الوطن والمواطن أن يتركها لغيره، مستشهداً بقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر الغفاري: «يا أبا ذر إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها».
وأكد الدكتور الهاشمي أن الانتخاب في حقيقته شهادة لفلان بكفاءته وصلاحه لتولي هذا المنصب، فالناخب شاهد أمام الله عز وجل بمن ينتخبه، فإن انتخبه لاعتبارات عائلية فقط، وهناك من هو أفضل منه، فقد شهد زورا ويسأل عن شهادته. وقد حذر صلى الله عليه وسلم من قول الزور وشهادة الزور.
ونوه الدكتور الهاشمي بأن المرشح لمجلس الشورى سيتولى ولاية من الولايات العامة، فهو يعد وكيلاً عن الأمة ممثلاً لها، ويشترط فيه ما يشترط في الولايات العامة، من أن يكون مسلما عدلاً، قادرا على ممارسة مهامه.
وأوضح أن الصلاحيات الواسعة التي يتمتع بها مجلس الشورى المنتخب تساهم في إحداث نقلة نوعية في مستقبل الدولة، وهو ما يستدعي المشاركة الواسعة في الانتخابات القادمة، مؤكدا أن التصويت والانتخاب هو واجب وطني وأخلاقي وعلى الجميع المشاركة والإدلاء بأصواتهم للمرشح الأفضل والذي سيقدم خدمات كبرى للوطن والمواطن.
مبدأ الشورى
وأضاف الدكتور الهاشمي أن مبدأ الشورى ليس بديلا لحكم وإنما رديف ومساعد لأنظمة الحكم الحديثة، منوها للأبعاد الدينية والاجتماعية للشورى كإحدى المميزات التي تتميز بها الشريعة الإسلامية في الحكم، حيث إنها تتصف بالتغير حسب الظروف والزمان ويكون دورها في إعانة الحاكم على اتخاذ القرارات التي تتناسب مع طبيعة المجتمع.
وتابع: «نحن نريد من خلال الشورى أن نحقق الرأي السليم والسديد حتى لا يكون هناك إخفاق ينسب إلى شخص ولا إنجاز ينسب إلى شخص، فالكل يجب أن يشارك في هذه العملية، ولن يكون هذا المجلس صوريا بل له دور، فالشورى ملزمة والقوانين التي يصدرها المجلس وما يراه من مساءلات للوزراء ولغيرهم كذلك ملزمة».
المحامي عبدالله الهاجري: دور تكاملي بين الناخبين والمرشحين لإنجاح التجربة
قال المحامي عبدالله الهاجري إن القانون الجديد رقم 6 لسنة 2021 بشأن نظام انتخاب مجلس الشورى، يتضمن حزمة قواعد وإجراءات ترسم المسار القانوني السليم لأول انتخابات تشريعية مقررة في البلاد، تسعى إلى انبثاق مجلس شورى يعكس الصورة الحقيقية لتطلعات وطموح المجتمع القطري بكافة مكوناته.
وأكد الهاجري أن اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي وإعلان الكشوف الأولية للمرشحين وفتح باب الاعتراضات والتظلمات، يتطلب التأكيد على توحد صفوف أبناء الوطن ووعيهم بالطفرة النوعية التي قطعها المجتمع القطري شعبا وقيادة في سبيل اختيار أعضاء مجلس شورى أكفاء متشبعين بحب خدمة الوطن.
وأشار الهاجري إلى عنصر أساسي من عناصر إنجاح التجربة وهو المرشح، والذي يجب أن يضع لنفسه قيودا تؤهله للقيام بمهامه على أكمل وجه، وتجعله على قدر من الإيمان بحب وطنه وخدمة الصالح العام بما يتماشى مع الثوابت الراسخة للبناء المجتمعي والرؤية الاستشرافية للدولة الحديثة.
وأضاف أن بناء الثقة مع الناخب يستدعي من المرشحين إعداد برامج انتخابية على مستوى يستجيب لمتطلبات المجتمع الذي سيضع ثقته في المرشح الكفء، لأن هذه البرامج هي حجر الأساس والميثاق الذي سيربط بين الناخب والمترشح على أن يلتزم هذا الأخير بتنفيذ بنوده خلال مدة الولاية، داعيا كافة المرشحين إلى الالتزام بما جاء في برامجهم الانتخابية الواجب إعدادها وفق متطلبات المجتمع مع تضمينها بنودا وأهدافا تعكس طموحات الجميع، فلا يجوز مخاطبة الناخبين ببرامج مثقلة بوعود وتأكيدات لا يسع المرشح تحقيقها خلال مدة ولايته، وفي نفس الوقت ليس مستساغا الخروج للناخب ببرنامج لا يشبهه ولا يرتقي إلى مستوى الأمانة التي سيضعها فيه يوم الإدلاء بالأصوات.
خطة عمل
وأكد أن البرنامج الانتخابي يجب أن يصاغ بأسلوب سلس ولغة مفهومة لكافة المواطنات والمواطنين، لأنه ليس موجها لنخبة المجتمع فحسب، كما أن البرنامج الانتخابي يستحب أن يتضمن خطة عمل واضحة ونظرة شمولية يمكن تحقيقها خلال مدة الولاية الانتخابية سواء على المدى القريب أو المدى البعيد، ومن الأهمية بمكان أيضا أن تنص البرامج على خطة استشرافية لتسليم المهام واستكمال الإنجازات للمجالس اللاحقة ضمانا لعمل متكامل وترابط بين الرؤى، لأن القطيعة في العمل بين مجلس ومجلس متعاقب لن تؤدي إلا لتعطيل الإنجازات المراد تحقيقها.
مسؤولية الناخب
ونوّه الهاجري بالمسؤولية الجسيمة على عاتق الناخب في اختيار المرشح الأفضل، لأنه من باب الأمانة اختيار المرشح على أساس برنامجه الانتخابي وخطة عمله المرتقبة، وليس بالاستناد على أية معايير أخرى مثل درجة القرابة.
وتابع: من هنا يبرز الدور التكاملي بين الناخبين والمرشحين، إذ على هؤلاء الأخيرين المساهمة في زيادة وعي الناخب عن طريق إعداد برامج كفؤة وتأييدها بفعاليات علمية وثقافية مثل الندوات والموائد المستديرة لتنوير الرأي العام.
وأكد الهاجري على ضرورة الانخراط والتعبئة من قبل جميع مكونات المجتمع في هذه المشاركة الشعبية المنبثقة من الدستور الدائم للبلاد والقواعد القانونية المقررة في سبيل تحقيق المعادلة التي يطمح إليها الشعب القطري، وهي بناء دولة مرسخة لثوابتها وأعرافها وراعية للحضارة التنموية المستدامة.
إضاءة على «التظلم والاعتراض»
تبدأ لجنة المرشحين لانتخابات مجلس الشورى اليوم استقبال طلبات الاعتراض والتظلم على الكشوف الأولية للمرشحين لانتخابات مجلس الشورى التي تم إعلانها أمس، وذلك لمدة 3 أيام بمقر لجنة المُرشحين في قاعة الفعاليات والمناسبات بجامعة قطر من الساعة الرابعة عصرًا حتى الثامنة مساءً.
حيث يحق للمُرشح أن يتظلم إذا ما تم رفض طلب ترشيحه، كما يحق لكل ناخب أو مُرشح في دائرته الانتخابية أن يعترض على إدراج مُرشح في كشف المُرشحين في نفس الدائرة، لعدم توفر أي من شروط العضوية فيه.
يتم تقديم طلب الاعتراض أو التظلم مكتوبًا على النموذج المُعد لهذا الغرض، متضمنًا الأسباب والمستندات المؤيدة له.. مشيرة إلى أن لجنة المُرشحين تختص بفحص الاعتراضات والتظلمات والفصل فيها خلال سبعة أيام من اليوم التالي لتاريخ تقديمها، ويُعتبر انقضاء هذه المدة دون رد رفضًا ضمنيًا.
ويجوز لمن رُفض اعتراضه أو تظلمه؛ الطعن بغير رسوم في قرار اللجنة خلال ثلاثة أيام من إخطاره على عنوانه الوطني، أو انقضاء مدة السبعة أيام دون رد، وذلك أمام الدائرة الإدارية الاستئنافية بمحكمة الاستئناف.
وأكدت اللجنة الإشرافية للانتخابات عدم السماح بإقامة مقرات خاصة للمرشحين، سواء في الخيام أو المجالس، حفاظًا على سلامة المجتمع وضماناً لـ «تكافؤ الفرص» بين المرشحين النساء والرجال.. وأكدت أن على كل مرشح قبل البدء في الدعاية الانتخابية بـ 24 ساعة أن يفتح حسابا بنكيا في بنك قطر الوطني، كما أجازت للمرشح التنازل عن الترشح قبل 7 أيام من يوم الانتخاب والذي حدد بتاريخ 2 أكتوبر.