مواطنون: توصيل الغاز عبر الأنابيب حاجة تقتضيها المنازل العصرية
تحقيقات
30 يوليو 2011 , 12:00ص
الدوحة – محمد سيد أحمد
لا يزال كثير من المواطنين والمقيمين في دولة قطر يعبرون عن استغرابهم من عدم قيام الجهات المسؤولة في الدولة بتوصيل الغاز إلى البيوت عبر الأنابيب متسائلين في الوقت نفسه عن الأسباب التي تحول دون ذلك، لكن البعض الآخر طرح سؤالا أهم من كل هذا وهو: هل التخطيط العمراني لمدينة الدوحة مثلا قابل لتوصيل الغاز عبر الأنابيب؟ وهل صممت المباني والشوارع وفق هذه الخدمة؟ وهل يتعين على المعنيين بالأمر في حالة ما إذا قرروا القيام بهذه الخطوة إعادة الحفر مجددا لتفكيك شبكة أنابيب المياه والصرف الصحي حتى يتم تخصيص مكان لأنابيب الغاز؟ بالإضافة إلى السؤال عن الطريقة التي يمكن من خلالها توصيل الغاز للشقق التي توجد في الطوابق العليا من أبراج الدفنة.
"في البداية لا بد من الإشارة إلى أن تخطيط مدينة الدوحة أو كثير من مناطقها يتم دون دراسة وافية ودون وضع خطط لتطوير بعض الخدمات التي يتم ابتكارها يوميا"، هذا ما بدأ به زيد سليمان وأضاف: مشكلتنا أننا غالبا ما نطرح أمورا ونطلب خدمات جديدة بعد فوات الأوان وعندما تكتمل الإنشاءات العمرانية ويصبح من الصعب القيام ببعض الخدمات نتيجة للفوضى في التخطيط العمراني، ولنأخذ موضوع مواقف السيارات مثالا على كلامنا، حيث إن مواقف السيارات عادة ما نكتشف قلتها وحاجتنا إلى المزيد منها بعد ما تكتمل البناءات وترتفع الأبراج إلى عنان السماء، كذلك الحال بالنسبة لموضوع الغاز وتوصيله عبر الأنابيب الذي نطالب به اليوم، فدولة قطر تعتبر أكبر مصدر للغاز في العالم ومع ذلك ما زال السكان فيها يستخدمون نظاما بدائيا لتزويد المواطنين بالغاز -نظام الأسطوانات- رغم محدودية مساحة الدولة الجغرافية وسهولة تمديد الغاز عبر الأنابيب، هذه حقائق لا بد من الاعتراف بها، وأخشى ما أخشاه هو أن تتخذ الجهات المسؤولة قرارا يقضي بتوصيل الغاز عبر الأنابيب الأمر الذي سيتطلب إعادة بناء شبكة للغاز من جديد مع ما يعنيه ذلك من استخراج شبكة المياه والصرف الصحي وإعادتنا للمربع الأول الذي عانينا في سبيل تجاوزه الكثير من المعاناة التي سببتها الحفريات وإغلاق الطرق لإكمال تلك المهمة، من هنا يتعين علينا أن نرضخ للأمر الواقع وهو عدم قدرتنا مجددا على بناء شبكة أنابيب للغاز على الأقل في المدى المنظور لأن آخر خيار قدمناه في هذا المجال هو المفاضلة بين أسطوانة الغاز الفولاذية مع ما تعنيه من ثقل وتعب، وبين الأسطوانة الجديدة المعروفة بأسطوانة شفاف شبه البلاستيكية مما يعني أن موضوع توصيل الغاز عبر الأنابيب غير مطروح بالنسبة للجهات المختصة بتوفير الغاز.
متطلبات المنزل العصري
وألمح زيد سليمان إلى أن فكرة إنشاء شبكة الغاز المركزية هي من أولويات ومتطلبات السكن الحضاري لاسيَّما في ظل الضغوط والالتزامات المتزايدة وعدم وجود متسع من الوقت للبعض للقيام كل أسبوع بنقل الأسطوانات الفولاذية الثقيلة من وإلى محلات بيع الغاز، وحتى إذا وجد الوقت الكافي للقيام بهذه المهمة –والكلام لا يزال لزيد- فإن المنظر الذي يتكرر كل أسبوع غير حضاري بالمرة، الأمر الذي يستدعي القيام بتفكير جدي من أجل العمل على دراسة إمكانية توصيل الغاز للبيوت عبر الأنابيب وتصميم المنازل الجديدة على هذا الأساس حتى لا نترك شركات البناء والعقارات تبني منازل ومجمعات وأبراجا دون وضع توصيل الغاز أنبوبيا في الحسبان لأن تركها تقوم بعملها بعيدا عن هذا التوجه الذي بتجاهله يمكن أن يسبب للجميع أزمة في المستقبل وعقبة كبرى في سبيل إمكانية توصيل الغاز لهذه الإنشاءات العمرانية عبر الأنابيب، لذا من الضروري إلزام شركات العقارات بالعمل على إدخال توصيل الغاز عبر الأنابيب إلى الدراسة المتعلقة ببناء المنازل والمجمعات والأبراج لأن البديل هو هدم أو ترميم هذه المباني مستقبلا في حالة ما إذا فرض تمديد الغاز عبر الأنابيب.
استغراب
واستغرب زيد من وجود مثل هذه الخدمة في معظم البلدان المتقدمة وبعض البلدان الفقيرة -التي لا تنتج الغاز ومساحاتها شاسعة- وعدم وجود مثلها في دولة مثل قطر التي تتوافر فيها كل الإمكانات لتوصيل الغاز عبر الأنابيب، وأردف: للجميع أن يتخيلوا أن دولة مثل باكستان توجد بها شبكة عملاقة لتوصيل الغاز عبر الأنابيب جنبا إلى جنب مع أنابيب المياه رغم اتساع مساحة هذه الدولة الجغرافية وعدم إنتاجها للغاز، لكنه التخطيط السليم للمدن والدراسة الجيدة للعمران التي تمتاز بها دول كثيرة وما زلنا نفتقر إليها.
مصلحة المستهلك
أما عبدالله محمد السويدي فيبدو أن لديه رأيا مخالفا لمن سبقه حيث يعتقد أن توصيل الغاز عبر الأنابيب لن يكون في صالح المستهلك ماديا ولن يكون في صالحه من حيث السلامة معتبرا أن مقابل هذه الخدمة سيرتفع سعر الغاز بشكل كبير وستكثر مخاطر اندلاع الحرائق في المنازل وحتى في الشوارع لارتفاع درجات الحرارة، الأمر الذي يجعل الوسائل الحالية أرخص سعرا وأكثر أمانا وأكمل يقول: لأنني شبه متأكد أن توصيل الغاز إلى البيوت عبر الأنابيب سيرفع من تكلفته على السكان ويعرض حياة الجميع للخطر: أفضل بقاء الأسطوانات لأنها أرخص ثمنا وأكثر أمنا.
السعر الحالي ليس عادلاً
وتساءل السويدي عن سبب ارتفاع الغاز حاليا ولماذا يكون سعره مقاربا لأسعاره في الدول القريبة التي لا تنتج الغاز، معتبرا سعر أسطوانة الغاز حاليا مقارنة مع وضعية الدولة -التي تعتبر من أكبر المنتجين للغاز في العالم- ليس عادلا وأكمل: إذا كان سعر أسطوانة الغاز الحالي بهذا الارتفاع، فكيف يكون سعره فيما لو تم توصيله عبر الأنابيب، أعتقد أن توصيله عبر الأنابيب سيضاعف الفاتورة على المستهلك الذي يكفيه ارتفاع أسعار كل المواد الاستهلاكية، هذا من ناحية الضرر المادي لأنابيب الغاز، أما من حيث ضرر تلك الأنابيب على سلامة الناس فيكفي أن نعلم أنه لو تم كسر في أحد أنابيب الغاز -كما يقع لأنابيب المياه والصرف الصحي– ووقع تسرب للغاز ورمى أحد المارة سيجارته فإن كارثة ستحصل لا محالة بسبب سرعة اشتعال الغاز وستقع إصابات لا قدر الله، فالحرائق التي نراها عبر شاشات التلفاز في بعض الدول وصعوبة إطفائها رغم الإمكانات الهائلة لدى وسائل الإطفاء في تلك الدول إنما يرجع إلى وجود أنابيب الغاز وقوة اشتعال النيران فيها، لهذه الأسباب أرى أن توصيل الغاز عبر الأنابيب لا يخدم مصلحة المستهلك وبالتالي نحن في غنى عنه ما دام الأوان قد فات ولم يعد له مكان في الشوارع التي صممت لأنابيب المياه والصرف الصحي فقط.
نماذج حية
هناك شركات قدمت نماذج حية على أرض الواقع فيما يتعلق بتوصيل الغاز إلى المجمعات السكنية التابعة لها عبر الأنابيب، مما يثبت قابلية توفير هذه الخدمة للسكان في كل مكان من الدولة، وأثبتت أيضا أن سعر الغاز الذي يدفعه المستأجر في الشهر هو نفس السعر الذي يدفعه لشراء الأسطوانات أو أقل، هذا ما أكده علي محمد الحسن الذي يؤيد توصيل الغاز عبر الأنابيب ويرى القيام بمثل تلك الخطوة ضرورة عصرية تقتضيها المدنية ونهضة الدولة العمرانية وأضاف: المشككون في قدرة الجهات المعنية على توفير الغاز عبر الأنابيب عليهم أن يعوا أن بعض الشركات العقارية الكبيرة في الدولة قامت بتوصيل الغاز عبر الأنابيب إلى مجمعاتها السكينة وأثبتت نجاحها في هذا المجال لأن هذه الشركة قد صممت هذه المساكن في مجمعاتها وفقا لمثل هذه الخدمة مقابل مبلغ زهيد يدفعه المستأجر كل شهر.
مشاهدة من الواقع
ونبه علي محمد إلى نجاح التجربة التي شاهدها في بعض المجمعات السكنية حيث توصيل الغاز عبر الأنابيب جد مريح للسكان ولا يحمل أية مخاطر حسب كلام علي الذي أردف يقول حول هذه التجربة: من المفيد جدا ذكر بعض التجارب التي قامت بها بعض شركات العقار فيما يتعلق بتوصيل الغاز عبر الأنابيب، فقد شاهدت كيف أن سكان أحد المجمعات السكنية الكبيرة قد استفادوا من خدمة توصيل الغاز عبر الأنابيب مقابل رسوم لا تتجاوز 30 ريالا في الشهر، وهذا المبلغ إذا لم يقل عن ما يدفعه المستهلك للأسطوانات فلن يزيد عليه، مع العلم أن سكان هذه المجمعات مرتاحون من طلب سيارات توصيل الغاز، أو الذهاب إلى المحلات لنفس الغرض لأن الغاز موجود وبشكل مستمر، وهذا ما جعلنا نطالب بتعميم هذه الخدمة حتى يستفيد جميع سكان الدولة منها، وعليه فإن التكلفة المادية لن تكون بالضرورة أكبر من تكلفة شراء الغاز عبر الأسطوانة، أما من حيث المخاطر التي يتخوف منها البعض فهذا يتوقف على طريقة بناء مثل هذه الشبكة، فإذا ما تم بناؤها وفق المعايير العالمية وأخذت كل الاحتياطات فلن تكون هناك مخاطر تذكر في حالة ما إذا أسند تنفيذ مثل هذا المشروع إلى شركات رائدة ومختصة في هذا المجال، ففي مثل هذه الحالة نستطيع أن نؤكد أن المخاطر ستبقى محدودة للغاية، لكن احتمالات المخاطر ترتفع إذا أسند المشروع إلى غير أهله كما يحصل من طرف شركات توصيل أنابيب المياه والصرف الصحي -أو بعضها حتى لا نعمم- فإن المخاطر لا شك ستكون عالية جدا، فالموضوع كله يتوقف من حيث المخاطر أو عدمها على الإرادة والتخطيط السليم والدقة في تنفيذ بناء شبكة أنابيب توصيل غاز عصرية وفق المعايير الدولية تراعي طبيعة مناخ البلد وحرارته المرتفعة في فصل الصيف وتضع وسائل الحماية اللازمة في مثل هذه الظروف، فهذا المشروع يغني سكان الدولة عن أن يظلوا أسرى للأسطوانات التي يجب أن تختفي من بلد مثل قطر يشهد نهضة عمرانية شامة.
الأسطوانات تسبب إزعاجاً
هذا ما وافق عليه سالم محمد العجمي وطالب بتعميم هذه الخدمة مؤكداً أنها ستحد من المواقف التي يتعرض لها البعض في المنازل يوميا مثل: نفاد الغاز من الأسطوانة بشكل مفاجئ مما يستدعي البحث عنه في أوقات قد لا تكون ملائمة وقد يذهب الشخص للبحث عن الغاز في أوقات لا تجد فيها محلا مفتوحا أو سيارة من سيارات الغاز التي تتوقف ابتداء من الساعة 1 ظهرا وحتى الساعة 4 عصرا، وهذا ما يسبب إزعاجا للبيوت، ويمكن تجنب الوقوع في مثل هذه المشاهد فيما لو تم توصيل الغاز عبر الأنابيب.