خلال جلسة نقاشية.. سفيرنا في لندن: شراكة متجددة بين قطر والمملكة المتحدة في القطاعات الاقتصادية والثقافية

alarab
اقتصاد 29 أبريل 2025 , 01:22ص
سامح الصديق

العلاقة بين البلدين تمتد لأكثر من مائة عام منها 52 سنة من العلاقات الدبلوماسية الرسمية
منذ 2008 انتقلت العلاقات بين البلدين إلى مستوى جديد من التعاون الإستراتيجي الشامل
قطر دعمت أكثر من 600 ألف وظيفة بشكل مباشر وغير مباشر في المملكة المتحدة
الاستثمارات القطرية تغطي المملكة المتحدة بأكملها ولا تقتصر على لندن فقط
فكرة لإنشاء المركز الثقافي القطري في لندن لتعزيز التقارب الإنساني والثقافي بين البلدين

 

عُقدت في الدوحة أمس جلسة نقاشية تناولت الإسهام الاقتصادي للاستثمارات القطرية في المملكة المتحدة ودوره في تعزيز العلاقات الاقتصادية والثقافية بين البلدين، وذلك بحضور سعادة الشيخ عبد الله بن محمد آل ثاني سفير فوق العادة مفوض لدولة قطر لدى المملكة المتحدة وأيرلندا الشمالية، وسعادة السيد نيراف باتل، سفير المملكة المتحدة لدى الدولة بالإضافة إلى وسائل الإعلام المحلية والدولية.

وتناولت الجلسة التي تم تنظيمها على هامش فعاليات الحوار الاستراتيجي القطري البريطاني الثاني مناقشة التقرير الصادر عن مركز الأبحاث الاقتصادية وإدارة الأعمال «سيبر»، والذي يسلط الضوء على متانة العلاقات الثنائية بين دولة قطر والمملكة المتحدة، وعلى الإمكانات المستمرة لتعزيز التعاون الاقتصادي والنمو المشترك، وشمل تحليل الاستثمارات القطرية المباشرة خلال الفترة من 2008 إلى 2022، إضافة إلى التبادل التجاري والإنفاق الطلابي القطري في المملكة المتحدة حتى عام 2023، كذلك يمهد التقرير أيضًا الطريق لمستقبل أكثر عمقاً من الشراكات الاستثمارية والابتكارية بين البلدين.
كما جرى خلال الفعالية الإعلان عن التعاون بين معهد قطر لبحوث الحوسبة بجامعة حمد بن خليفة، وجامعة كوين ماري بلندن، في مجال البحوث المشتركة والذكاء الاصطناعي، وهو يمثل الحدود الجديدة للعلاقات بين قطر والمملكة المتحدة.
وتعكس هذه الأنشطة مجمل أبعاد العلاقات بين قطر والمملكة المتحدة، بدءاً من الاستثمار القوي، وصولاً إلى التعاون البحثي المتقدم.

إرادة مشتركة لتعزيز التعاون
وأكد سعادة السفير الشيخ عبد الله بن محمد آل ثاني خلال مشاركته في الجلسة أن العلاقات المتميزة بين البلدين تؤكد الإرادةَ المشتركة للارتقاء بشراكتهما الوطيدة وتعزيز تعاونهما المُتنامي في كافة المجالات مع التركيز على الجوانب الاقتصادية والتعاون في قطاع التكنولوجيا والتعليم، مشيرا إلى أن انعقاد الحوار الاستراتيجي القطري البريطاني الثاني بالدوحة شكل دفعة جديدة للشراكة بين البلدين والارتقاء بها على مختلف المستويات.
وقال سعادته «بطبيعة الحال، العلاقة بين قطر والمملكة المتحدة هي علاقة عميقة وتاريخية، تمتد إلى ما يقرب من مائة عام، منها 52 عاماً من العلاقات الدبلوماسية الرسمية، ومنذ عام 2008، رفعت دولة قطر مستوى هذه العلاقة إلى مرتبة أعلى، ومنذ ذلك الحين، نحن نتمتع بعلاقات متميزة ومثمرة بين البلدين. أما الزيارة الرسمية الأخيرة لحضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى التي تمت في ديسمبر، فقد كانت زيارة استثنائية بكل المقاييس والتي حظيت بردود أفعال إيجابية من مختلف أنحاء أوروبا؛ من برلين ومدريد وباريس، حيث تابعت وسائل الإعلام تغطيتها لهذه الزيارة بشكل واسع، بل إن الأصداء كانت مختلفة عمّا قد تتوقعه بعض الجهات الأخرى».
وتطرق سعادته إلى أن هذه الزيارة أسفرت عن العديد من المجالات التي يجب أن نركز عليها، والتي تشمل: الدفاع، الثقافة، الاستثمار بشكل عام، والتعليم الذي يحظى بأهمية خاصة، ومؤخراً وبفضل الحوار الاستراتيجي، تم إدراج التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي كجزء من التعاون المشترك.

التطور في العلاقات
وأوضح سعادة الشيخ عبد الله بن محمد آل ثاني أن التطور في العلاقات الثنائية بين البلدين من عام 2008 حتى 2022، ساهم في العديد من القطاعات ولم يقتصر تأثيره فقط على قطاع التعليم، بل شمل تقريبًا جميع القطاعات، بما في ذلك الدفاع والتجارة العادية، وهي تجارة ضخمة تقترب قيمتها من مليار جنيه إسترليني، وهو رقم ضخم لدولة مثل قطر. ولكنه يبدو صغيرًا إذا ما قورن بالإمكانات الكامنة التي لا تزال متاحة للاستثمار.
وحول توزيع الاستثمارات القطرية في المملكة المتحدة قال سعادته إنها ليست مركزة فقط في لندن، بل منتشرة في جميع أنحاء البلاد، وهناك اتجاه واضح نحو الاستثمار في مناطق أخرى بالمملكة المتحدة. ومن المتوقع أن يضيف جهاز قطر للاستثمار وشركاته استثمارات جديدة بقيمة 500 مليون جنيه إسترليني. كما سيتم خلق حوالي 7,000 وظيفة جديدة، 80% منها ستكون في منطقة الميدلاندز (وسط إنجلترا)، وهذا يوضح أن الاستثمارات القطرية تغطي المملكة المتحدة بأكملها، ولا تقتصر على لندن فقط. وأضاف: «أعتقد أن التقرير سلط الضوء بشكل ممتاز على هذه المساهمات، حيث أظهرت النتائج أن الاستثمارات موزعة عبر مختلف المناطق والقطاعات داخل المملكة المتحدة كما دعمت قطر أكثر من 600 ألف وظيفة بشكل مباشر وغير مباشر».

الطلاب القطريون
وبالنسبة للطلاب القطريين الذين يدرسون في المملكة المتحدة أوضح سعادة السفير أن عددهم يبلغ حاليًا نحو 3400 طالب منتشرين من إدنبرة في الشمال إلى الجنوب الإنجليزي بجامعات إكسفورد وكامبريدج وغيرها بمختلف التخصصات. وقد ساهم الطلاب القطريون خلال السنوات الثلاث الماضية بنحو 1.1 مليار دولار في الاقتصاد البريطاني، مما يعكس جانبًا مهمًا من التنويع والاستثمار في التعليم.

تنوع الاستثمارات
كما أشار إلى أن محفظة دولة قطر المتنوعة في المملكة المتحدة تشمل مشاريع عقارية واسعة النطاق مثل فندق تشانسري روزوود في ماي فير المقرر افتتاحه هذا العام 2025 والذي سيكون أيقونة في عالم الضيافة، وأعتقد أنه سيصبح الوجهة المفضلة للزوار، خاصةً مع ما سيقدمه من خدمات الطعام والشراب الراقية لعملائه.
ولفت سعادة الشيخ عبد الله بن محمد آل ثاني خلال تصريحات صحفية إلى أنه يجري العمل حاليا على فكرة مشروع إنشاء المركز الثقافي القطري في لندن على غرار البيت الثقافي العربي في برلين وذلك بهدف تعزيز التقارب الإنساني والثقافي بين البلدين خاصة وأن بريطانيا تتميز بالتنوع نظرا لتعدد الجنسيات والأصول التي تعيش بها كما أنه سيكون فرصة للتعريف بالعادات والتقاليد القطرية ومضامين التراث القطري العريق.

علاقات ممتدة
من جانبه قال سعادة السيد نيراف باتل، سفير المملكة المتحدة أن العلاقة مع قطر ممتدة لعقود من الزمن ومتواصلة من خلال التعليم، التجارة، الزيارات المتبادلة، والشراكات الثقافية. فاليوم لدينا أساس قوي يجب أن نبني عليه في جميع القطاعات بما في ذلك الذكاء الاصطناعي.
وحول تعزيز الروابط السياحية بين البلدين قال باتل «هناك تدفقات سياحية كبيرة من الخليج إلى المملكة المتحدة، وشركة الخطوط الجوية القطرية زادت رحلاتها إلى مانشستر وتخطط لزياداتها إلى ويلز. ما نحتاجه هو الاستمرار في دعم هذا النظام البيئي عبر تشجيع الروابط الأكاديمية والتجارية والشخصية».

تعزيز الشراكات
وعن توجهات بلاده بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي «البريكست» أشار إلى أن المملكة المتحدة تعيد ترتيب أولوياتها الاستثمارية وهناك توجه واضح لتعزيز الشراكات الثنائية وعلى رأسها دولة قطر فهي شريك رئيسي لنا. كما يجري العمل حاليًا على إطلاق استراتيجية صناعية جديدة تركز على ثمانية قطاعات رئيسية تشمل الإبداع، الطاقة النظيفة، الذكاء الاصطناعي، والدفاع.
وأكد سفير المملكة المتحدة أن هناك تعاونا بين قطر والمملكة المتحدة في مشاريع الطاقة النظيفة من خلال إمدادات الغاز الحيوية عبر محطة «ساوث هوك». وخلال الزيارة الرسمية في ديسمبر، تم الإعلان عن استثمار قطري بمليار جنيه إسترليني لدعم شراكات الطاقة النظيفة وتطوير تقنيات جديدة ستعزز مكانة البلدين في قيادة التحول العالمي نحو الطاقة المستدامة وقال: «قطر كانت عنصرًا أساسيًا في دعم أمن الطاقة البريطاني، وستكون شريكًا محوريًا في التحول نحو الطاقة النظيفة».
كما أوضح أن هناك فرصا ضخمة لبناء شراكات حقيقية ومتنامية بين البلدين في مختلف القطاعات ومنها دعم مشاريع الذكاء الاصطناعي لذلك، عملنا مع جامعة حمد بن خليفة وجامعة كوين ماري لرسم خريطة طريق للتعاون المشترك في الابتكار والتكنولوجيا.