ضمن «موسم الندوات».. الأغنية القطرية في ميزان التقييم

alarab
ثقافة وفنون 29 مارس 2022 , 12:11ص
علي عفيفي

تيسير عبدالله: الأغنية القطرية مرت بـ6 مراحل من التطور 
د. حسن رشيد: الأغنية في الخليج ترتبط بالبحر والصحراء
علي ميرزا: الأغنية يجب أن تكون حالة نفسية  أو اجتماعية 
مطر الكواري: الموسيقى فن قائم بذاته وقد لا ترتبط بالأغاني
 

عقدت أمس الإثنين ندوة «الشعر والأغاني.. مدى الاختلاف ولماذا تراجعت المستويات» في مدرج كلية القانون بجامعة قطر ضمن فعاليات «موسم الندوات»، الذي تنظمه وزارة الثقافة بالتعاون مع الجامعة ومعهد الدوحة للدراسات العليا.
وتحدث في الندوة كل من الشاعر والكاتب الدرامي تيسير عبدالله والفنان المسرحي علي ميرزا، والموسيقار مطر علي الكواري والكاتب الدكتور حسن رشيد.
ويهدف موسم الندوات إلى إثراء النقاش والحوار، حول العديد من القضايا الثقافية والفكرية والفنية عبر إقامة ثماني ندوات، بهدف نشر ثقافة التنوع ومنح نخب المجتمع من المفكرين والمثقفين والخريجين فرص تعزيز البيئة الفكرية.
مراحل التطور
تحدث الكاتب الدرامي تيسير عبدالله، عن مراحل تطور الأغنية القطرية ملخصا إياها في مرحلة الفرق الشعبية في فترة الخمسينيات ومرحلة حفلات الزواج والكشافة في فترة الستينيات، ومرحلة البعثات والدراسة في القاهرة والعودة في السبعينيات والثمانينيات، ومرحلة التسعينيات حتى بداية القرن الواحد والعشرين، والمرحلة الراهنة.
وتناول عبدالله كل مرحلة على حدة، قائلا إن مرحلة الفرق تميزت بالنصوص الفلكلورية غير معروفة المصدر، والتأثر ببعض مفردات الأفريقية والنصوص النبطية ونصوص الشعر العربي الفصيح من التراث العربي والصوفيين، ونصوص فنون البحر المستمدة من الأفارقة ومن الإرث الإسلامي.
وبخصوص مرحلة حفلات الزواج، أوضح أنها تميزت بحفلات فرقة الأضواء ولم تكن نصوصا قطرية وأغلب الأغاني تأتي من الخارج وبالذات التأثر بمصر تحديدا مثل أغاني عبدالحليم وشادية وعبدالوهاب إلى جانب التأثر بالأغاني العراقية خصوصا مع بداية الأسطوانات وتسجيلها في العراق.
أما مرحلة الابتعاث في القاهرة، اعتبرها عبدالله أنها مرحلة صنع الأغنية القطرية الحديثة مثل بداية كتابة النصوص القطرية في القاهرة للدكتور مرزوق بشير، وجاسم الباكر، وعبدالرحمن الكواري، وفي قطر أيضا لجاسم صفر، وخليفة جمعان، وعبدالله عبدالكريم مثل أغنية الله يا عمري قطر وجيتك يا قطر.
أيضا وفق عبدالله تميزت تلك المرحلة بتطور المفردات وزادت الأصوات ومعاني الشوق واللهفة والحنين للوطن والغربة بسبب السفر، إلا أنها تأثر قليلا باللهجة المصرية.
وتابع قائلا: إن «الأغنية القطرية تطورت في فترة الثمانينيات وبدأت تعاونات مع شعراء من الخليج مثل عيسى بن راشد، وبدر بو رسلي والأمراء السعوديين، وعلي الشرقاوي حيث أصبحت المفردات خليجية وليست ذات خصوصية قطرية».
وعن مرحلة التسعينيات والألفية، قال تيسير عبدالله إنها مرحلة حساسة وتضمنت أحداثا سياسية ذات منعطف تاريخي، وبالكلمات الحماسية وذات صبغة ولائية قوية جدا نظرا لحساسية المرحلة إلى جانب زيادة مفردات الرعود والشموخ والزلازل.
أما الفترة الراهنة، اعتبر عبدالله أنها انطلاقة وتنوعا بأصوات شعرية جديدة ومميزة، وشهدت تأثرا بالمناخ الخليجي للكلمة وفقدان الهوية أو الخصوصية القطرية وهذا ليس مقتصرا على الأغنية القطرية فقط، إلا أنه بعد المنعطف السياسي الكبير الذي مرّت به المنطقة سجلت حضورا مشرفا للكلمة في الأغنية القطرية بعيدة عن الشتم.
الفرق بين الشعر وكلمات الأغاني
في مداخلته ركز الأديب والفنان علي ميرزا على الفرق بين الشعر بشكل عام والشعر الغنائي بشكل خاص، موضحا أنه في الأساس لم يكن هناك شاعر غنائي، بينما الغناء كان شعرا يؤخذ من أفواه الشعراء ويلحن، والشعر له مكونات خاصة يمتاز بها، أما الأغنية فلها مقومات مختلفة وهذا ظهر حديثا في العصر الحديث، ولكن إذا رجعنا الى عصر أم كلثوم وعبدالحليم حافظ نجد أنهم اختاروا من الأغناني ومن القصائد لكن أجمل أغانيهم التي اختاروها كانت من القصائد ومع مرور الزمن فقد تغير الحال وتحول الشاعر من شاعر عام يكتب عن مناحي الحياة الاجتماعية والسياسية وغيرها الى كاتب مختص في قليل من الكلمات يعبر فيها عن حالة شخصية ثم يحول هذا الكلام الى غناء يغنيه فرد او أكثر ومنها بطبيعة الحال الأوبريت.
وقال ميرزا إن الشعر في حد ذاته بطبيعة الحال يختلف اختلافا كليا عن الأغنية، لأن الكلمات تجعله كيانا قائما بحد ذاته لا يحتاج إلى تلحين لكي يصل الى الناس بينما يكفي قراءته وفهمه ورؤية الشاعر حول هذه القضية التي يطرحها.
وأضاف ميرزا إن الأغنية يجب أن تكون حالة نفسية أو عاطفية أو اجتماعية وهي حالة تعبر عن حد معين من المشاعر، بينما القصيدة تحتوي أكبر حد من المشاعر وتستطيع أن تنطلق في عالم الإنسان إلى أوسع مدى، لدرجة أنه قد كتبت قصائد أكثر من ألف بيت في مناحي الحياة المختلفة وأقلها قد يكون 80 أو 100 بيت ولكن لا تستطيع أن تجعل من الأغنية كحال الشعر لأن الحالتين مختلفتان. وقال علي ميرزا نستطيع أن نحول القصيدة إلى أغنية ولكن لا نستطيع أن نحول الأغنية الى قصيدة، لأن الأغنية مرتبطة بالملحن ومدى تفاعله مع هذه الكلمة ومدة إحساسه ومشاعره التي يظهرها على شكل لحن تظهر به هذه القصيدة المغناة التي تحتوي على مشاعر محددة وظاهرة ولكن دنيا الشعر هي دنيا مختلفة ومعاناة الشاعر تختلف وهي أكبر وأشد من معاناة من كاتب الأغنية لأن الشاعر يبحث عن صور متعددة ومعان متعددة ومفردات مختلفة وصور جمالية ونفسية إنما كلمات شاعر الأغنية فقط هي تعتمد على إبداعات الملحن في إظهار هذه الأغنية إلى الوجود.
نشأة تاريخية
الدكتور حسن رشيد تحدث عن مقدمة تاريخية لنشأة الأغنية، عبر أهازيج، مرتبطة بطقوس ورقصات بدائية، سواء في أطر الابتهال لنزول المطر، أو إطار لجني الثمار، حتى أصبح الرقص والغناء جزءا أساسيا في حياة الشعوب، سواء كانت بدائية أو شعوبا متحضرة، حتى أن المسرح الإغريقي كان نتاجًا لتلك الأغاني والأهازيج.
وانطلق د. رشيد من خلال هذا الملمح التاريخي، إلى نشأة الأغنية في منطقة الخليج. ليؤكد ارتباطها بإطارين، هما: فنون البحر، فضلاً عن الصحراء، علاوة على ما تأثر به أبناء الخليج من فنون أخرى وافدة، في إطار من التأثير والتأثر، مثل فن الصوت وفن البستة، بالإضافة إلى العديد من الفنون الشعبية الأخرى مثل: الليوة والطنبورة، إلى أن كان لظهور الجرامافون والوسائط الحديثة تأثير في التشجيع على ظهور أكثر انتشاراً للأغنية.
وعرج على الأسماء الأولى التي ظهرت في عالم الغناء القطري، وهم: إسماعيل محمد (إسماعيل القطري)، إسماعيل العبيدان، كاظم الأنصاري، لافتًا إلى فقد مثل هذه الأعمال إلا ما ندر. وانتقل د. رشيد بعد ذلك إلى الحديث عما وصفه بجيل الأسطوانات والراديو، وكان من أبرز أسماء هذا الجيل: سالم وإبراهيم فرج، خيري إدريس، مال الله البدر، عبدالكريم فرج وابنه فرج عبدالكريم. لافتًا إلى أن قطر سبق أن شهدت إقامة العديد من شركات الأسطوانات، ما كان له تأثير في دعم الفنانين، مثل محمد الساعي، ومحمود الجيدة، وغيرهما.
وفي سياق حديثه عن الرعيل الأول، ذكر أسماء مشاهير من أمثال مبارك وسليم آل نحاس، مبارك بن سعيد، سعد بن عواد، عيسى الفضالة، وغيرهم، ليظهر جيل آخر من ذات الرعيل، عند ظهور الإذاعة، ومنهم سالم تركي، إبراهيم علي، محمد رشيد، علي عبدالستار، مرزوق السليطي، مرزوق العبدالله، عبدالرحمن الماس، وحامد نعمة، وغيرهم.
ولفت إلى أن شعراء قطر ساهموا في تغذية المرحلة بعدد وافر من الأغاني، إذ غنى محمد الساعي»الدودحية»، وغنى فرج «نورة»، كما ساهم عدد من فناني الخليج في أداء بعض الأعمال الغنائية، مؤكداً أن الإذاعة كان لها دور كبير في البدايات الأولى للأغنية، بظهر فرقة موسيقية متكاملة، وكذلك ظهور ملحنين، ومنهم: عبدالعزيز ناصر، حسن علي، ولحق بالركب مطر علي الكواري، وعبدالله المناعي، ومن الشعراء: خليفة جمعان، جاسم صفر، مرزوق بشير، وغيرهم.
كما لفت د. رشيد إلى غياب العديد من الأسماء ممن كان لها تأثير في الغناء، مثل جسم شاهين، عبدالله سطان، وغيرهما، كما غابت أصوات أخرى لأسباب مجهولة مثل محمد رشيد، عبدالرحمن الماس، وغيرهما.
وعدد مراحل الأغنية، وهى المرحلة الأولى، الخاصة بالأسطوانات، ودور الشركات الخاصة في ظهر الكاسيت، ثم الإنتاج الخاص،، والتعاون مع الشركات الكبيرة.
وأعرب عن أمله أن تقوم الجهات الرسمية بتكليف عدد من رواد الأغنية من أمثال خليفة جمعان، فيصل التميمي، محمد المرزوقي، غازي حسين، محمد المعضادي، بوضع دراسة علمية جادة عن الرعيل الأول من المطربين وشعراء الأغنية. كما اقترح إقامة مهرجانات موسمية، لدعم الموهوبين عبر مسابقات في إطار من وسائل وأجهزة الإعلام.
الإذاعة ودعم الأغنية
أما الموسيقار مطر علي الكواري فتحدث عن اهتمام مؤسسات الدولة بالأغنية وخاصة إذاعة قطر خلال الثمانينيات والتسعينيات، وأثر ذلك في تطوير ودعم الأغنية القطرية، حيث فتحت الإذاعة للموسيقيين والشعراء بابا لتطوير الأغنية القطرية، ومن هنا كان دور الشعراء والملحنين والمطربين القطريين الذي استطاعوا أن يقدموا إسهاما مهما في هذه الفترة التي كانت فيها جهود واضحة للموسيقار عبدالعزيز ناصر والملحن حسن علي، وآخرين كذلك وكان التفكير في إيجاد نمط جديد للتطوير، من خلال البحث عن كلمات جديدة وألحان مختلفة وإيقاع جديد ليكون لنا وجود وسط هذه الكوكبة، مشيرا إلى التفكير في إدخال الشعر النبطي إلى الأغنية القطرية الذي كان نادرا في المشاركة في الأغاني، ومن هنا ظهرت مجموعة كبير من شعراء النبط الذين تحولت أشعارهم إلى أغانٍ، وتم إدخال الألوان السريعة في الإيقاع اللحني.
وأضاف الكواري إن الموسيقى فن قائم بذاته ومهمة للإنسان، و قد لا ترتبط بالأغاني ولها أنواع كثيرة ويمكن التعبير من خلالها عن الكثير من المشاعر والأحاسيس، لافتا إلى أن الشعوب العربية اهتمامها في المقام الأول بالكلمة، داعيا إلى ضرورة الاهتمام بنشر وتعزيز ثقافة الموسيقى من خلال التعريف بها في المقررات الدراسية، فضلا عن البرامج الثقافية والإعلامية.