

عبدالرحمن البلوشي: مطلوب ضوابط جديدة تضمن تحقيق العدالة
د. محمد الكبيسي: ربط التقييم بالشهر الأخير يفتقد للموضوعية
دعا عدد من المواطنين وخبراء التنمية البشرية إلى ربط التقييم السنوي بمؤشرات أداء حقيقية لكل موظف مع ضرورة إرفاق ما يثبت أداء كل معيار من معايير التقييم السنوي ورقمنة المعايير.
وأكدوا لـ العرب أن ربط التقييم بالشهر الأخير من كل عام ينقص من موضوعية التقييم ونزاهته، لافتين إلى ضرورة رفع التوعية لدى الإدارات المعنية والاستناد على مبدأ «التقويم والتطوير» وليس «التقييم وتصيد الأخطاء»، وقالوا «إنها شهادة وأمانة لا تخضع للشخصنة والمحاباة والتجاوزات والأهواء الشخصية لما ينبني عليها من ترقيات وتدوير وظيفي وبرامج تدريبية وتكاليف كثيرة».
وشددوا على ضرورة اعتماد الحياد المهني المجرد في التقييم لضمان العدالة بعيداً عن مبدأ: «هذا اﻹﻧﺴﺎن ما دﺧﻞ ﻣﺰاﺟﻲ».
غياب العدالة
وقال عبدالرحمن البلوشي «إن العديد من الموظفين يشكون غياب العدالة في نظام التقييم السنوي من حيث إخضاع التقييم لدفتر الحضور والانصراف، أكثر من حجم الأداء والإنتاج.. مشيراً إلى ضرورة فصل التداخل بين الحضور اليومي والتقييم السنوي ووضع ضوابط جديدة لتقييم الموظفين تضمن تحقيق العدالة والمساواة بين الموظفين.. مثلما تضمن الحقوق وتقرر الالتزامات بما يتماشى مع أنظمة قانون العمل وقانون الموارد البشرية.
معسكر وظيفي
وأكد أن اعتماد بعض المديرين على «عدد ساعات الدوام» عند التقييم السنوي لا يحقق الإنصاف، وأن العديد من مسؤولي الأقسام والمديرين يحرصون على مبدأ تواجد الموظفين في إداراتهم في بداية الدوام الرسمي ونهايته، من دون النظر إلى كمية الأعمال المنجزة منهم خلال اليوم، حتى من خلال التفتيش والجولات الميدانية المفاجئة، يركزون في معظمهم على مدى حرص الموظف على الحضور والمغادرة في الأوقات المحددة، حتى أصبحت المؤسسة والإدارة عبارة عن معسكر وظيفي كبير، مع استئذان مشروط، يعود بعدها الموظف في وقت محدد لإثبات وجوده.
تحسين الأداء
وأوضح أن الغرض من تقييم الأداء هو معرفة نقاط الضعف لدى الموظفين، وكيفية تحسين أدائهم، أو كيفية تجاوز هذه النقاط لتطوير العمل بشكل أفضل، لكن العديد من المديرين يعتمدون مبدأ (الالتزام في الحضور والانصراف وساعات الدوام) أساسا في قياس الأداء، وهي طريقة كلاسيكية تجاوزتها المتغيرات، من حيث طريقة وبيئة العمل وسرعة التواصل حيث أصبح الاعتماد على الأداء الجماعي والإبداع والابتكار من الموظفين لصناعة منظومة أداء جماعي من أهم أسباب نجاح الشركات، وأصبح التقييم الفردي للموظفين من الأدوات والأنظمة التي تعيق نمو العمل أو نجاحه بشكل كبير، مشيرا إلى توقفت بعض الجهات وخصوصا الشركات الكبرى عن استخدام نظام التقييم السنوي لعدم جدواه.

التقييم ربع السنوي
وقال الدكتور محمد خليفة الكبيسي، خبير التنمية البشرية، إن التقييم السنوي بشكله الحالي أرى عليه بعض الملاحظات، أولها ربط التقييم بالشهر الأخير من كل عام، وهذا مما ينتقص من موضوعية التقييم، وأنا مع التقييم ربع السنوي.
وتابع: إن التقييم لن يكون حياديا حتى يتم ربطه بمؤشرات أداء حقيقية لكل موظف، مرتبطة بالخطة الإستراتيجية والتنفيذية لجهة عمل الموظف، بالإضافة إلى ضرورة إرفاق ما يثبت أداء كل معيار من معايير التقييم ورقمنة المعايير، وعلى سبيل المثال في معيار إبداع الموظف يقوم المسؤول بوضع نتيجة التقييم دون الاستناد إلى عدد الأفكار التي قدمها الموظف، هذا إذا قدم الموظف فكرة فلا بد من تحديد حد أدنى على الأقل لعدد الأفكار الإبداعية التي لابد أن يقدمها الموظف.
وكذلك معيار تطوير الموظف لذاته.. على ماذا يستند المسؤول في تقييم هذا المعيار؟ المفترض أن يكون هناك تحديد بعدد معين من الدورات الشخصية أو المؤتمرات مثلا.
وأشار إلى أن التقييم السنوي الحالي لا يراعي ظروف ذوي الاحتياجات الخاصة من العاملين، منوها بضرورة تصميم استمارات تقييم خاصة لهذه الفئة تراعي ظروفهم ومشاكلهم الصحية.
وأكد ضرورة توعية المديرين والمسؤولين مع كل تقييم على ضرورة التقييم الصحيح وأنها شهادة وأمانة لا يجوز التلاعب فيها لما ينبني عليها من ترقيات وتدوير وظيفي وبرامج تدريبية وتكاليف كثيرة.
طبيعة الوظائف
وقال راشد المري إن الإنتاج في العمل هو أساس تقييم الموظف في أداء عمله، ثم يأتي الالتزام في ساعات العمل في حال كان الموظف يعمل ضمن الحضور المكتبي.
أضاف أنه لا يمكن إطلاق أحكام عامة على جميع الوظائف والقطاعات ولكن يمكن تحديدها حسب طبيعة هذه الوظائف، مبينا أن بعض الوظائف يشكل الانضباط فيها جزءا من الإنتاجية، مثل الوظائف التي تتطلب مقابلة الجمهور أو تقديم الخدمات، بينما لا تتطلب وظائف أخرى عديدة مثل البرمجة أي انضباط في الحضور والانصراف بقدر ما تحتاج الاحترافية والإنتاجية العالية، مشيرا إلى أن الإنجاز هو المعيار الأكثر عدالة في قياس أداء الموظف ودرجة تقييمه السنوي.
تقييم شخصي
أظهرت العديد من الدراسات أن التقييم السنوي الذي يوضع من قبل المديرين للموظفين لا يتسم بالموضوعية دائماً، بحيث تدخل فيه الكثير من الأمور الشخصية، وهو ما يؤدي إلى أن الموظف يلجأ للعمل لإرضاء المدير ومصلحته الشخصية على حساب إرضاء العميل ومصلحة الشركة التي يعمل بها مما يساهم في خفض أداء الشركة.
كما أشارت الدراسات إلى أن التقييم دائما ما يختلف من مدير إلى آخر، ومن قطاع لقطاع داخل نفس الشركة ومن يحصل على تقييم منخفض من مدير معين يمكن أن يحصل على تقييم مرتفع من مدير آخر، وهو ما يخلق جوا من عدم الرضا بين الموظفين لقناعتهم بعدم موضوعية وعدالة هذا التقييم الذي يتسم – أحيانا - بالإجحاف.
التقييم السنوي والتنافس
وعادة ما يتم ربط تقييم الأداء مع الترقيات والعلاوات السنوية، عبر استخدام منحنى التوزيع الطبيعي (Normal distribution Curve) لتحديد المستحقين من الموظفين، وهي طريقة تختلف من إدارة لإدارة ومن مدير لمدير وبالتالي ممكن أن يحصل على الترقية أو العلاوة موظف أقل أداء من كثير من الموظفين في الشركة، بالإضافة إلى أن هذه الطريقة تقسّم وتسّلم بوجود موظفين نجوم وموظفين متوسطين وآخرين سيئي المستوى وهذا يخلق مناخا من التنافس الداخلي بين الموظفين ويؤثر سلبا على أداء العمل الجماعي.
وقال البروفيسور سامويل كولبيرت من جامعة يو سي إل أي في كتابه «تخلص من تقييم الأداء» إن التقييم السنوي للموظف مجرد وسيلة في يد الإدارة لتبرير ترقية وعلاوة أو عدم ترقية وعلاوة الموظف، كما يضيف أن الكثير من المديرين الذين لا يملكون القيادة والمهارة لإقناع الموظفين للعمل بطريقة معينة يلجأون إلى سلاح التقييم السنوي لإجبار الموظفين على قبول واتباع طريقتهم في العمل. وهذا يخلق ما يسمى الإدارة بالتخويف فتصبح طلبات المدير أوامر واجبة التنفيذ وإن كانت غير منطقية أو جاءت متأخرة أو كانت لا تخدم الإدارة أو المؤسسة وكذلك تصبح تعليقات المدير مقبولة وإن كانت جارحة أو لا تمت للحقيقة بشيء ولا يمكن قبولها خارج مكان العمل.