ارتباط وثيق بين قطاع الرعاية الصحية والتغيّر المناخي

alarab
محليات 28 نوفمبر 2021 , 12:25ص
الدوحة - العرب

يرتبط تغير المناخ والرعاية الصحية ارتباطًا وثيقًا، وتظهر الأبحاث أنه يمكننا تجنب ما يقدر بنحو 74 مليون حالة وفاة على مدار الثمانين عامًا القادمة من خلال تحسين سياسات المناخ. لا يمكن إنكار آثار تغير المناخ على قطاع الرعاية الصحية ككل، لكن تأثير هذا الأخير على مناخنا لا يقل أهمية - على الرغم من أننا لا نتحدث عنه كثيرًا. فمن خلال فهم تأثيرنا سواء كان سلبيًا أو إيجابيًا، ومن خلال مراجعة سياسات الرعاية الصحية لدينا وتحسينها باستمرار، يمكننا أن نلعب دورًا رئيسيًا في المساعدة في مكافحة أزمة المناخ العالمية. 
ويعتبر قطاع الرعاية الصحية - بما في ذلك المستشفيات وشركات صناعة الأدوية وسلاسل التوريد الطبية - مصدرًا مهمًا للملوثات القوية مثل الميثان، ومركبات الكربون الهيدروفلورية، وغازات التخدير في الغلاف الجوي. في الوقت نفسه، تتأثر صحة البشر، والحيوانات، وكوكب الأرض بشكل مباشر بارتفاع درجة الحرارة العالمية. وقد أثار تغير المناخ قضايا مثل انتشار الأمراض المنقولة بالمياه والحشرات مثل الملاريا وحمى الضنك، واضطراب المواطن البيئية للبشر والحيوانات، وذوبان الجليد، وازدياد تعرض الغابات لخطر الحرائق والآفات والأمراض، وكلها عوامل تتطلب الاهتمام والتحرك العاجلين. 
هناك عدد من الطرق التي يمكن للمرء أن ينظر فيها إلى العلاقة الوطيدة بين تغير المناخ والرعاية الصحية، وكيف يؤثر أحدهما سلبًا على الآخر. ونعرض فيما يلي ثلاثة منها: 
● نقص المياه: يعتمد ملايين الأشخاص حول العالم على التجمعات المائية الطبيعية فوق سطح الأرض مثل البحيرات والأنهار من أجل النظافة والاستخدام المنزلي، وري الأراضي. لكن هذه المسطحات المائية تجف بسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض. ماذا يعني هذا بالنسبة لنا؟ لن تؤدي ندرة المياه فقط إلى نقص الغذاء وسوء التغذية، ولكن عندما ترتبط بدرجات الحرارة المرتفعة، فإنها تزيد أيضًا من خطر الإصابة بالأمراض غير المعدية مثل الإجهاد (مخاطر القلب والأوعية الدموية)، وانخفاض توافر الأطعمة الطازجة (متلازمة التمثيل الغذائي)، وتلف الكلى، وفقًا لتقريرنا لعام 2020 حول حماية الصحة في المدن الجافة.
● الأمراض المعدية: يتسبب الاحتباس الحراري في خلق ظروفٍ مناخية قاسية مثل موجات الحرارة المتكررة، والفيضانات، والجفاف، والأعاصير والتي تتسبب في نهاية الأمر إلى هجرات جماعية قسرية. سيؤدي هذا بدوره إلى انتشار أسرع للأمراض المعدية، وإدخال مسببات أمراض جديدة في المناطق التي لا يتمتع فيها الناس بالفعل بالمناعة اللازمة لمواجهتها، مما يؤدي إلى ظهورٍ محتملٍ للأوبئة عابرة للقارات. وأثبتت جائحة كوفيد-19 أننا لا نملك البنية التحتية اللازمة أو القدرات الكافية داخل أنظمة الرعاية الصحية العالمية لتحمل الضغوط المباشرة أو غير المباشرة لوباء عالمي آخر، وهذا ما يعزز التوجه أكثر نحو الوقاية من الأسباب الكامنة وراءه.
● الرعاية الصحية باعتبارها ملوثًا هامًا: عند التفكير في الملوثات البيئية، تتجه أفكارنا المباشرة إلى صناعات الطيران أو الشحن أو إنتاج الكهرباء. ومع ذلك، يجب ألا ننسى أن الرعاية الصحية، باعتبارها قطاعًا ضخمًا ومهمًا اجتماعيًا واقتصاديًا، تساهم بشكل كبير في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. في الواقع، البصمة المناخية للرعاية الصحية تعادل 4.4% من صافي الانبعاثات العالمية. 
ويجب على الحكومات أن تتحرك الآن، ونقدّم بعض التوصيات حول كيفية القيام بذلك:
1.استثمر في الحلول المستدامة القائمة على الطبيعة. في المدن الجافة حول العالم حيث يكون تأثير نقص المياه ودرجات الحرارة المرتفعة أكثر حدة، يمكن لأشجار الشوارع، والغطاء النباتي، والمساحات الخضراء المروية، والتقنيات الخضراء (مثل المرشحات الحيوية، والأراضي الرطبة المشيدة) أن تساهم في تلطيف المناخ المحلي في المناطق الحضرية من خلال التظليل والتبخر. 
2.على منظمات الصحة في العالم، بما في ذلك الوزارات والمنظمات غير الحكومية الكبيرة، تعزيز تعاونها مع العلماء من مختلف التخصصات مثل علم المناخ، والبيئة، والعلوم الاجتماعية، وعلم الأحياء، والنمذجة، لتصميم وتحديد أولويات البحوث الموجهة نحو السياسات، بما في ذلك تعزيز وتقييم تكيف النظم الصحية. (تقرير ويش 2020 حول تغير المناخ والأمراض المعدية ). سيؤدي ذلك إلى تعزيز منظومة الرعاية الصحية وتجهيزها لتتبع تفشي الأمراض الجديدة والأوبئة في المستقبل والاستجابة لها.
3.تمكين الممرضات لتولي أدوار قيادية بحيث يشاركن بشكل مباشر في وضع سياسات رعاية صحية قادرة على التكيف مع المناخ. يسلط تقرير المجلة الطبية البريطانية لعام 2021 حول الدور المحوري للتمريض في العمل المناخي العالمي الضوء على الوضع المثالي وإمكانات الممرضات في بدء التغيير وحشد الدعم له. تشكل الممرضات 60 % من المهنيين الصحيين في جميع أنحاء العالم، وهن يعملن في قطاعات الصحة العامة والسريرية. 
ونظرًا لدوره المحوري المتمثل في تقديم المساعدة والشفاء، فإنه على قطاع الرعاية الصحية أن يتزعّم ويدفع عجلة المساعي الرامية لمكافحة تغير المناخ. كما أن علاج المتضررين من تغير المناخ هو بلا شك دور الرعاية الصحية الحيوي، فهناك بالتأكيد الكثير مما يمكن ا اتخاذه كإجراءات وقائية حتى لا نضطر إلى معالجة الضرر، ولكن نعمل بالأساس على منع حدوثه.