عمليات التجميل.. هل انتقلت من الضرورة العلاجية إلى تقليد أعمى؟
تحقيقات
28 نوفمبر 2015 , 12:28ص
ولي الدين حسن
تثير عمليات التجميل جدلا واسعا بين فئات مختلفة من المجتمع، فرغم أنها تلقى هجوما شديدا من قبل علماء الدين وخبراء اجتماعيين إلا أنها باتت تستقطب الكثير من الرجال بعد أن استقطبت عددا كبيرا من النساء أيضا، وما زالت عمليات التجميل تثير جدلا كبيرا بين الذين يرونها ضرورة لعلاج عيوب ولادية وبين من يرونها تغييرا لخلق الله الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم، وما زالت النتائج التي تسفر عنها عمليات التجميل مثارا للانتقاد، حيث يرى كثيرون أن نسبة الفشل بها كبيرة، في حين يرى الأطباء أنها أصبحت أكثر نجاحا بفضل تطور العلم، وأن السبب في تراجع نسبة النجاح -إن حصل- يرجع إلى إهمال المتابعة بعد الجراحة مع الطبيب المعالج من قبل المريض، في حين يؤكد خبراء نفسيون أن عمليات التجميل قد تحسن مزاج بعض الأشخاص ولكنها تزيد حالة المرضى النفسيين سوءا، وقد لا يشعر كثير منهم بأي تحسن في صورته، ويعيش في أوهام القلق والشكوك، بينما تتحسن حياة الذين أجروها للضرورة العلاجية.
وقد حذر مواطنون وخبراء اجتماعيون من خطورة الإقبال الكبير الذي يتم الحديث عنه من سيدات وفتيات ,ورجال أيضا في الآونة الأخيرة على عمليات التجميل دون وجود الضرورة القصوى لذلك، فضلا عن ضعف التوجيهات التي من المفترض أن يقدمها الأطباء لإجراء تلك العمليات التي قد يكون من شأنها التسبب في العديد من الأضرار على المدى البعيد.
وقال مواطنون في حديثهم لـ «العرب» إن الانتشار الواسع لتلك العمليات في الفترات الأخيرة يرجع إلى ضعف الوعي لدى البعض منهم، وإلى التقليد الأعمى للعديد من الفنانين والمشاهير، وضعف دور وسائل الإعلام في توعية الفتيات والسيدات والرجال بمخاطر اللجوء إلى تلك العمليات في سن مبكر ودون الحاجة لها، مشيرين إلى خطورة استخدام حقن «البوتكس» دون الاحتياطات الطبية اللازمة في زيادة الهرمونات الخاصة بتكبير أو تصغير بعض أجزاء الجسم.
وأشاروا إلى أن هناك العديد من مواد مستحضرات التجميل منتهية الصلاحية ومقلدة منتشرة في بعض مراكز التجميل، ويتم استخدامها بأشكال مختلفة دون إشراف طبي، وتلقى رواجا بسبب ارتفاع أسعار المستحضرات الأصلية منها بشكل كبير، فمع ضعف التفتيش الدوري للجهات الرقابية على مراكز التجميل يتجه البعض منهم إلى استخدام تلك الأنواع المقلدة بغرض زيادة عملية جني الأرباح، مطالبين بزيادة عدد الجهات التفتيشية على مراكز التجميع وعلى المناطق التي فيها يتم استيراد وتداول تلك الأنواع منتهية الصلاحية أو المقلدة لخطورتها على الإنسان.
وأوضحوا أن إقبال سيدات ورجال على عمليات التجميل قد يكون ناجم عن رغبة في الوصول إلى أعلى مستوى من الجمال لإرضاء الأزواج، وللتباهي في الحفلات والمناسبات الاجتماعية خاصة مع الانفتاح الاجتماعي في السنوات الأخيرة، مؤكدين أن هناك العديد من الأضرار من أهمها الأضرار النفسية والصحية التي تنتج عادة نتيجة قرار غير مدروس أو اضطراب نفسي ووجداني أو رفض الشكل الجديد بسبب تعليق سلبي من الآخرين، ما يؤدي إلى أن بعض النساء قد يقدمن على العملية دون إعلام ذويهن، ما يترتب عليه بعض المشاكل فيما بعد وخصوصا إذا فشلت العملية ونتج عنها بعض المضاعفات.
الأسرة والمجتمع
في البداية قالت الدكتورة أمينة الهيل أستاذة علم النفس بجامعة قطر: «إن اضطراب الشخصية نتيجة اهتمام الفتاة وخصوصا المراهقة بالشكل الخارجي في مرحلة الطفولة من الوالدين أو أحدهما أو تعرض الفتاة لانتقاد شديد بالنسبة لشكلها أو جسمها، ومنهن من ترى أنها من خلال عمليات التجميل تستطيع أن تجذب الانتباه لها، وكذلك لا ننسى تأثير الأصدقاء ووسائل الإعلام، مما يثير شغف التجميل لدى الصغيرات، وككلمة أخيرة لا بد من البحث عن السبب الحقيقي لرغبة الفتاة في إجراء عمليات التجميل، فقد يكون السبب الحقيقي نفسيا، فحينها تحتاج الفتاة للمساعدة من اختصاصي نفسي».
وأضافت د. الهيل أن التقليد للمشاهير وانعدام الثقة لدى بعض المراهقات سببان للجوئهن لعمليات التجميل، ولا ننس أيضا الرسائل المبعوثة من خلال وسائل الإعلام التي بدورها تثير هوس تقليد المشاهير.
وقالت د. الهيل إنه بالنظر إلى عدة عوامل منها العمر والتغيرات الطارئة على هرمونات المراهقة ومدى احتياج هذا العمر للدعم النفسي لتعزيز الثقة بالنفس، نجد التفسير المنطقي الذي أثار هذه الرغبة بداخل الفتاة، فيجب على الطبيب شرح أبعاد العملية للفتاة، وأنه قد يحدث تعاكس ما بين النتيجة والمتوقع، مشيرة إلى أن بعض الدوافع التي تدفع بالمراهقة للخضوع لعمليات التجميل منها اختصار المدة من خلال التدخل الجراحي والرغبة في الزواج وتحقيق الصورة التي تتمناها الفتاة بخيالها بسبب الاندماج الاجتماعي ما بين الواقع والخيال لما تمر به الفتاة بهذه المرحلة من تغيرات.
وأشارت د. الهيل أن الأسرة والإعلام والأصدقاء لهما دورا كبيرا في زيادة الثقة عند الفتيات والأم اللاعب الأكبر في تلك العملية حيث باحتضانها لابنتها وإزالة الخجل عندها منذ الصغر نتيجة عيب ما في تركيبة جسمها أو لون بشرتها وما شابه من الأشياء التي خلقنا الله بها يؤدي ذلك إلى زيادة الثقة في النفس عند الفتاة، ومن ثم تجد الفتاة أن التغيير يمكن أن يأتي باستخدام طرق أخرى غير العمليات مثل الرياضة لإنقاص الوزن أو الأشياء الطبيعية للبشرة، أما التشوهات الخلقية فهي تنصح باستشارة الطبيب المتخصص لتحديد أنسب الطرق للعلاج.
وحول أهمية عمليات التجميل، قالت د. الهيل إن عمليات التجميل أنواع؛ منها ما يكون لحاجة ضرورية كعيب خلقي مما يؤثر على نفسية الفتاة فيعوق من تواصلها الاجتماعي بشكل طبيعي، لتحتاج إلى تصحيح هذا العيب، ومن العمليات التجميلية ما يكون مجرد تقليد لبعض المشاهير دون حاجة ماسة فينتج عنه غالبا تشويه لا تجميل، كما أنها ليست بمجازفة بقدر ما هي حاجة نفسية، ويجب على أي فتاة قبل الخضوع لأي عملية تجميل الاستخارة أولا ثم استشارة أكثر من طبيب مختص كي تتخذ القرار المناسب دون ندم.
استشارة المتخصصين
وفي السياق ذاته قال الدكتور أحمد عبدالله استشاري جراحات التجميل: «إن جراحة التجميل قد تكون ضرورية بشرط أن تكون بمعرفة طبيب متخصص، ولكن المشكلة أن هناك من أساء لتلك النوعيات من العمليات الجراحية من أناس ليسوا بمتخصصين، ودخلوا هذا المجال طمعا في أرباحه الكبيرة واستثمارا لحالة الهوس الكبيرة التي أصابت قطاعا لا بأس به من المواطنين ليس في قطر وحدها وإنما في جميع أنحاء العالم».
وأضاف د. عبدالله أن كثيرا من الناس لا يعرف أن هناك فرقا بين مراكز التجميل وجراحي التجميل، فليس كل من يعمل في تلك المراكز جراحي تجميل، وهذه المراكز أسلوب عملها أن تلبي للسيدة ما تريد وليس ما تحتاجه، ولذلك فإنهم يلعبون في مساحة لا يقبلها الجراحون.
ويؤكد د. عبدالله أنه ليست هناك ضوابط أخلاقية لعمليات التجميل سوى ضمير الجراح نفسه، فالبعض يعتبرها في إطار الحرية الشخصية، على اعتبار أن تغيير الشكل هو أمر خاص بصاحبه، ولكن هذا حق يراد به باطل فهذه العمليات هي في المقام الأول لتحقيق المزيد من الإثارة في جسم المرأة، فكما يلجأ الرجال لتركيب الأجهزة التعويضية أو أقراص الفياجرا لاكتساب المزيد من الفحولة، فالنساء يبحثن عن الجمال المثير وهذا النموذج غالبا ما تقدمه لنا السينما ونجماتها.
وعلى صعيد عمليات التجميل يقول د. عبدالله: «هناك قواعد علمية لإجراء مثل هذه الجراحة فمن المستحيل أن تتحول سيدة من كتلة كبيرة من الدهون إلى «مانيكان» في عملية واحدة، فضلا عن أن أكثر العمليات التجميلية انتشارا هي عمليات تجميل الأنف تليها شفط الدهون، وأقلها عمليات زرع الثدي، وفيما يخص العملية التكميلية فأكثرها التشوهات الخلقية والحروق».
ويؤكد د. عبدالله أن أي جراحة تجرى على الجسم البشري هي عمل طبي يقبل النجاح والفشل، وهو ما ينطبق على جراحة التجميل أيضا فهي الأخرى تقبل النجاح والفشل، ولذا فإن نجاح عملية معينة على يد جراح معين لا تعنى بالضرورة بأنها ستنجح مع مريض آخر، والعكس صحيح، ذلك أن لكل جسم بشرى خصوصياته وإن توحدت طريقة العمل الجراحي في جميع الأحوال، وقد تكون النتيجة مختلفة من شخص إلى آخر والاستجابة هذه تتأثر بالكثير من المواصفات الجسمية والعادات الصحية، لافتا إلى أن للمريض دورا مهما في نجاح العملية لاسيما في المرحلة التي تعقب إجراء الجراحة من حيث الالتزام بنوع وكمية الحركة المسموح بها بدقة بضرورة مصارحة الطبيب بأية تفاصيل أو متغيرات تطرأ على حالة الجسد.
ويرى د. عبدالله أن للمدارس والجامعات وأحاديث المجالس دورا كبيرا في تشكيل فكرة الشباب عن العمليات التجميلية فضلا عن الفضائيات التي تنال نصيب الأسد في ذلك متوقعة بدورها استمرار تزايد المترددين على مراكز عمليات التجميل، ويضيف أن المواطن البسيط لا يرى في العمليات التجميلية سوى ما هو متعارف عليه متغافلا وجود عمليات تجميل علاجية بالدرجة الأولى أكثر من كونها تحسين مظهر.
ولفت د. عبدالله إلى أن عمليات شفط الشحوم تعتبر من أكثر عمليات الجراحة التجميلية رواجا وانتشارا، وهي عملية جراحية فنية بحتة لنحت منطقة بارزة من الجسم أو تعطيه شكلا غير متناسق وبالتالي إعادة إعطاء شكل متناسق وجميل وليس لإنقاص وزن الجسم، حيث للأسف الشديد يعتقد البعض أنها لتخسيس الوزن.
وتجرى عملية شفط الشحوم في أي منطقة من الجسم سواء بطن أو أرداف أو تحت الرقبة أو اليدان، وهناك تقيد عالمي لشفط الدهون حتى لا تترافق العملية مع نسبة خطورة عالية: أن لا تتجاوز كمية الدهن 4: 6 كجم، وعادة النتائج النهائية للعمل الجراحي لا تظهر إلا بعد 3 أشهر.
الأعياد والمناسبات
وبدورها قالت نوف اليافعي: «هناك أسباب معقولة للعمليات، كالتخلص من عيوب خلقية أو لتحسين أثر إصابات حروق أو حوادث، أو الحصول على تناسق في مناطق الجسم» موضحا أن أكثر عمليات التجميل التي تخضع لها الصغيرات تتمثل في عمليات شفط الدهون من جانبي الفخذ وحقن الشفاه، مؤكدا أن هناك من الفتيات من تحضر معها صورة لإحدى المشاهير وتطلب منا أن تصبح شبيهة بها من خلال عمليات التجميل».
وأكدت اليافعي أن البلدية ترسل بين الحين والآخر مفتشة لتراقب الأسعار والتدقيق بالبطاقات الشخصية للموظفات وبنظافة الصالون، وتراقب إن كان هناك إهمال لأدوات التجميل وغير منظمة، أو تعمل لديها موظفة مريضة أو منتهية مدة إقامتها أو ليست لديها إقامة، أضف إلى ذلك وضع المركز لائحة بأسعار الخدمات التي يقدمها، مشيرة إلى أن صاحبة المركز التجميلي التي لا تتقيد بالشروط المطلوبة يتوجب عليها دفع غرامة مالية تتراوح ما بين مائتين وألفين ريال قطري وفق نوع المخالفة، وإن تكرر الإنذار ثلاث مرات فيكون مصير صالون التجميل الإغلاق.
وأوضحت اليافعي أن صالونات التجميل تشهد انتعاشة كبيرة تستمر طوال أيام السنة، بسبب اعتماد النساء على مراكز التجميل للاهتمام بمظهرهن، فارتفع بذلك عدد الصالونات والمراكز التجميلية لدرجة أننا لا نجد منطقة إلا وفيها مركز أو مركزان على الأقل، وتحول عمل مراكز وصالونات التجميل إلى تجارة رابحة أيضا تحقق مردودا ماليا عاليا وخياليا في فترة الأعياد مقابل الخدمات التجميلية التي تقدمها من مانيكور، وباديكور، ورسم الحواجب وتلوينها، وتزيين الوجه إضافة إلى تصفيف الشعر والعناية بالوجه والجسم وغيرها.
وعن الأيام التي تشهد إقبالا كبيرا وزحاما وانتعاشا أشارت اليافعي إلى أن الإقبال دائما في الأيام العادية أواخر الأسبوع الخميس والجمعة في الأسبوع وفترة الأعياد والمناسبات، ففي هذين اليومين في أغلب الأحيان تكون لدى الزبونات مناسبات شخصية وأفراح.
وعن معدل إيرادات الصالون في الشهر أوضحت اليافعي أنه في الأشهر التي لا يكون هناك أعياد كعيد رمضان المبارك أو الأضحى يكون المردود حوالي 20 ألف ريال، لافتة إلى أن هذا المبلغ هو الربح الصافي بعد دفع أجور الموظفات وإيجار الفيلا والتزامات مختلفة.
الإيجابيات والسلبيات
وأكدت خديجة العمادي أن عمليات التجميل ليست فقط من أجل تحقيق الكمال، بل التأثر بمشاهدة التلفاز والإعلاميات والفنانات له الدور الأكبر لإثارة هوس عمليات التجميل، مشيرة إلى أن عمليات التجميل غير ضرورية وتقتصر على التشوهات الخلقية أو للمتزوجات في عصر المغريات، فيجب أن تظهر المرأة بكامل جمالها أمام زوجها، كما أن عمليات التجميل لدى الصغيرات تعود أحيانا إلى أسباب غير معقولة كحب التقليد بصديقتها، والتشبه بالمشاهير، وهروبا من انتقاد الآخرين، وعدم الثقة بالنفس ومنه من تحاول أن تغطي على مشاكل اجتماعية أو عاطفية من وجهة نظر الفتاة كالتجاعيد الواضحة حول العينين من كثرة البكاء أو غيرها من المشاكل.
وأضافت العمادي أن هناك نوعية أخرى من المخاطر باتت تعلن عن نفسها بقوة والتي تتمثل في مستحضرات التجميل المغشوشة التي تعج بها السوق نتيجة لفساد ذمم التجار، وهو الأمر الذي بات لافتا للنظر وواقعا مريرا لاسيما بعد أن شهد المجتمع أخيرا العديد من الحوادث التي ذهب ضحيتها أبرياء بعد استعمالهم لمستحضرات تجميل مصنعة من مواد محرمة دوليا لخطورتها على الصحة العامة مثل الرصاص والصبغات الكيميائية التي تسبب السرطان.
وتؤكد العمادي أن أغلب عمليات التجميل هي عبارة عن حقن بوتكس تأخذ في الوجه والشفاه للتضخيم وهو ما يؤثر على الجينات الوراثية وقد تؤدي إلى تشويه الأجنة فيما بعد وتختلف عند العديد من الحالات نظرا للأعراض الجانبية المختلفة من فرد إلى آخر، موضحة أن أكثر عمليات التجميل ليست ضرورية ويمكن أن يكون لها مردود سلبي فيما بعد من وجهة نظرها، نافية وجود نسبة فشل أو نجاح ولو بسيطة بعمليات طالما أنها تخرج من الضروريات وتكون بإشراف خبير وطبيب استشاري ولا تكون لمبررات الجمال.
وأضافت العمادي أن هناك أضرارا صحية قد تنتج في جميع الأعمار من أهمها الأضرار النفسية التي تنتج عادة نتيجة قرار غير مدروس أو اضطراب نفسي ووجداني أو رفض الشكل الجديد، أو بسبب تعليق سلبي من الغير، مشيرا إلى أن بعضهن تقدمن للعملية دون علم أهاليهن ما سبب بعض المشاكل بعد العملية، ولذا أنصح جميع الفتيات بل وأحذر أن تبني قرار الخضوع لعمليات التجميل بناء على العوامل النفسية والنواحي الجمالية، حيث إني أرفض إجراء أي عملية بدون اقتناعي بالمشكلة وأن النتيجة سوف تكون ممتازة، كما أني أرفض العملية إذا لمست عدم استقرار الشخصية وعدم استيعاب الفتاة لأبعاد العملية بالكامل.
وأشارت العمادي بأن دافع الفتيات لعمليات التجميل هو المجتمع القائم على المظاهر والتفكير السطحي، معتقدة أن اللجوء إلى مثل هذه العمليات ليس عدم رضا ورغبة بالكمال لكن الإعلام هو المتسبب الأول لهذه الظاهرة المتفاقمة، فنادرا ما نرى مذيعة أو فنانة لم تخضع لعملية تجميل، كما أنها ترى أن الماكياج هو أقوى عملية تجميل وخداع تستطيع التعامل معه دون ضرر ولا ضرار، مؤكدة على أن عمليات التجميل لا تقتصر على الفتيات فقط، بل قد تطال الرجال كذلك نتيجة الإعلام.
الوعي والطفرة المعرفية
كشف استشاري الترميم والتجميل الدكتور سعيد الكلداري أن الرجال يشكلون ما نسبته %25 من راغبي عمليات التجميل في قطر هم من الرجال، وقال: «لقد أصبح الذكور ينافسون الإناث في عمليات التجميل كما يتضح من ارتفاع نسبة إقبالهم مقارنة بالأعوام الماضية». ويتابع: «خلال الأعوام الأخيرة زادت نسبة إقبال الذكور حتى أصبحوا يشكلون %25 من نسبة الإقبال على العمليات، وأكثر العمليات التي ينافسون بها الإناث هي تجميل الأنف، لتأتي بعدها كل ما يتعلق بالجسم كشفط الدهون وتحديدا منطقة الصدر، فقد يتحمل الرجل بروز بطنه لكن في الغالب لا يحبذ انتفاخ الصدر».
يؤكد الدكتور سعيد أنه في الآونة الأخيرة ومع طفرة الحاسوب والإنترنت زاد الوعي الثقافي بمفهوم التجميل محليا، من خلال اطلاع الناس على ما عند الآخرين لاسيما ما هو موجود في الدول المتقدمة من أحدث التقنيات ومدى إمكانية التعديل أو التغيير عبر عمليات التجميل، مما أدى ذلك إلى ارتفاع نسبة الإقبال واستفسار الناس عما هو متاح منها في عيادات التجميل في قطر.
وعن أكثر عمليات التجميل التي تقبل عليها الإناث، يفيد: «بحكم اختصاصي بترميم وتجميل الوجه فأكثر أنواع التجميل طلبا بالنسبة للإناث هي تجميل الأنف، فأجري سنويا حوالي 250 عملية أنف على الأقل، لتأتي بعدها عمليات تجميل الجفون وشد وتعديل الرقبة، وكل ما يتعلق بالوجه بشكل عام. ومؤخرا زاد الإقبال على عمليات شفط الدهون وتشكيل الجسم، وأتوقع ارتفاع في نسبة عمليات شفط الدهون عقب الأجهزة الحديثة التي تم جلبها للعيادة».
تجميل الأنف
ويتميز الدكتور سعيد الكلداري بعمليات ترميم وتجميل الأنف ويقول: «بحكم اختصاصي في ترميم وتجميل الوجه تحديدا تعد عمليات الأنف الأكثر شيوعا وطلبا بالنسبة لي، فأجري حوالي 250 عملية أنف سنويا، ويعتبر هذا الرقم هو الأعلى في المنطقة».
ويسجل للدكتور كلدراي ابتكاره طريقة جديدة تساعد على التقليل من آثار الكدمات والتورمات الناجمة عن عمليات تجميل وترميم الأنف، والتي يعاني منها بعد إجراء العملية، وفي هذا الصدد يضيف الكلداري: «نعم أعدت هذه الدراسة منذ سنوات حول التقنية الجديدة التي ابتكرتها للتقليل من الآثار الجانبية لعمليات ترميم وتجميل الأنف كالازرقاق والكدمات والتورمات التي تصيب غالبية المرضى بعد العملية، فأعدت النظر في كثير من الخطوات التي تتم أثناء العملية واستطعت من خلال الفهم الدقيق لعمليات الأنف تجنب جميع الأسباب التي تؤدي إلى بروز تلك الكدمات المصاحبة لهذه العملية باستمرار خصوصا حول العين والأنف، ومن خلال التجربة في الفترة السابقة أثبتت هذه الطريقة فاعليتها ونجاحها الملموس، وحوالي %95 من المرضى الذين طبقت عليهم الطريقة لم يعانوا من أي آثار للكدمات أكثر من 3 إلى 5 أيام فقط مما يعني هذا إمكانية الحصول على شكل طبيعي للأنف في فترة قياسية لا تتجاوز الثلاثة إلى ستة أشهر لا سنة كالسابق، فعدم وجود كدمات يعني عدم وجود تورم أو انتفاخ في الأنف».
ترميم الأذن الخارجية
إلى جانب عمليات الأنف تبرز عمليات ترميم الأذن الخارجية، وكان الدكتور كلداري أول استشاري عربي شارك فريقا طبيا رفيع المستوى في إجراء أول عملية زراعة أذن في أوروبا عام 2005، فضلا عن ترؤسه لأول عملية ناجحة أجراها فريق طبي محلي في مستشفى الرميلة لزراعة أذن خارجية متكاملة بواسطة غضروف القفص الصدري إثر تعرض المريض لحادث سير عام 2007، وفي هذا الصدد يشرح الكلداري: «تحوي مدينة السويد التي تخصصت فيها على المركز الاسكندنافي في جراحة الأذن الخارجية، حتى إننا كنا نجري عمليات لمن ليس لديهم أذن من خلال أخذ غضاريف القفص الصدري، وهي تعتبر من العمليات النادرة، وعدد الجراحين الذين يختصون في هذا المجال حول العالم لا يتعدون الــ17 أو الــ20 جراحا لا أكثر، فلله الحمد أنا فخور لكوني واحدا منهم، لذلك تم اختياري للمشاركة في أول عملية زراعة أذن في أوروبا مع مجموعة من الأطباء، فقمنا بزراعة غضروف بعد تشكيله في ذراع مرض ثم تم نقله مع أوعيته بعد ثلاثة أشهر إلى منطقة الرأس عن طريق جراحة مجهرية، ويعتبر مستشفى الرميلة في قطر الوحيد الذي يجري هذا النوع من العمليات على مستوى الشرق الأوسط، وقد نجحنا في عملها بطاقم محلي تام».
عوامل مؤثرة
وعن أبرز العوامل التي تؤثر سلبا على نجاح عمليات التجميل قال إن حرارة الصيف وكثرة التعرض للشمس يؤثران بشكل كبير على نجاح عمليات التجميل، وأضاف أن التعرض للحرارة بعد إجراء عملية التجميل يؤدي إلى التهاب الجروح، وبالتالي لا ينصح بالتعرض لأشعة الشمس في مرحلة الالتئام، تفاديا لحدوث سواد في اللون نتيجة تحفيز صبغة الملانين في الخلايا، لافتا إلى ضرورة تفادي مرضى عمليات التقشير والليزر لأي نوع من الأشعة بما فيها إشعاع (لمبات النيون الزرقاء) التي يصدر عنها أشعة غير بنفسجية، وأضاف أنه يمكن وضع لاصق لحماية منطقة العملية من أشعة الشمس، أو استعمال المراهم الواقية بدرجات عالية فوق الـ50 درجة.
وأخيرا يشير الدكتور الكلداري إلى أن أشهر عمليات التجميل شيوعا وانتشارا عند النساء هي شفط الدهون يليها تكبير الثدي ثم تصغير الأنف وإصلاح عيوبه ثم شد الوجه، أما عمليات التجميل غير الجراحية فأشهرها حقن البوتكس لإزالة تجاعيد الوجه ثم حقن الكولاجين المصنع لزيادة استدارة الوجه وتكبير الشفاه، وتتمثل فكرة عملية شفط الدهون في إزالة الزائد من الدهون التي لا تتغير بتغير معدلات الغذاء أو الرياضة، وذلك عن طريق شفطها من فتحة صغيرة حوالي سنتيمتر واحد عادة ما تكون بين ثنايا الجلد، ويمكن شفط كمية قد تصل إلى 8 لترات من الدهون في العملية الواحدة، ولكن في هذه الحالة قد يلجأ الطبيب إلى إزالة الزيادة المترهلة من الجلد بقصها وإجراء شد للجلد خاصة في منطقة البطن وذلك تجنبا لتهدل الجلد بعد شفط الكمية الكبيرة، وتستغرق العملية التي تجري تحت مخدر عام من ساعة إلى ساعتين.