خبراء يناقشون نشر الذكاء الاصطناعي لصالح حقوق الإنسان

alarab
محليات 28 مايو 2025 , 01:23ص
حامد سليمان

شهدت فعاليات المؤتمر جلسة بعنوان «نشر الذكاء الاصطناعي لصالح حقوق الإنسان»، ترأسها سعادة السيد محمد أوجار وزير العدل الأسبق بالمغرب، وكانت مقررة الجلسة السيدة ديفي سونالثا سيفابراكسام مستشارة – مفوضية الأمم المتحدة السامية بجنيف. سلطت الجلسة الضوء على كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز حقوق الإنسان وتسريع التقدم نحو أهداف التنمية المستدامة، وتناولت إمكانات الذكاء الاصطناعي في دعم إمكانية الوصول والمساواة والابتكار المسؤول من خلال تطبيقات عملية.

وفي مداخلتها بالجلسة سلطت سعادة السيدة ماري لولور، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالمدافعين عن حقوق الإنسان الضوء على أهمية تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وبشكل خاص المادة 19، التي تؤكد على حق الأشخاص ذوي الإعاقة في العيش المستقل والاندماج الكامل في المجتمع.
ولفتت لولور الانتباه إلى قضية تكتسب أهمية متزايدة، وهي المخاطر التي قد تشكلها تقنيات الذكاء الاصطناعي على حقوق الإنسان.
وقالت: «رغم الإمكانيات الكبيرة التي يحملها الذكاء الاصطناعي لتحسين حياة الناس، إلا أنه قد يتسبب أيضاً في تحديات كبيرة، لا سيما بالنسبة للفئات المهمشة، بما في ذلك الأشخاص ذوي الإعاقة. وتشمل هذه التحديات التحيز الخوارزمي، وانعدام الشفافية، واحتمال المساس بالخصوصية والاستقلالية».
وأكدت لولور على أهمية مواصلة التقدم التكنولوجي مع الالتزام التام بحماية حقوق الإنسان، وأن نضمن أن يكون الابتكار شاملاً وأخلاقياً ومتوافقاً مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وتحدث السيد كارستن دانييل شميت، أمين مجموعة العمل المعنية بالعدالة السيبرانية والذكاء الاصطناعي بمجلس أوروبا – استراليا، عن العدالة، بما في ذلك إدارة العدالة وتسييرها، وكيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون قيمة مضافة في هذا المجال.
وقال إنهم يدرسون إمكانية استعمال ذكاء الاصطناعي في المحاكم ومدى فعاليته في هذا المجال. وفيما يخص اختصاصي، في هذه الرحلة التي تسمح لنا باكتشاف هذه التكنولوجيا، هذه الفعالية مهمة بالنسبة لنا.
وفي مداخلته قال السيد لوزال أناندا فايديا رئيس وحدة الحلول الرقمية – مركز الابتكار والتحليلات – مكتب المفوض السامي لحقوق الإنساني بجنيف: «من بين أهم أهدافنا في الأمم المتحدة في هذا الإطار مكافحة الفساد وتسوية النزاعات المحلية، لما لهما من تأثير مباشر على استقرار المجتمعات وضمان العدالة والمساواة».
وأضاف: «أغتنم هذه الفرصة لأُعرب عن شكري كذلك للمفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة على دعمها المتواصل في تنظيم مثل هذه الفعاليات التي تساهم في ترسيخ مبادئ الكرامة الإنسانية وتعزيز التعاون الدولي في مجال حقوق الإنسان».

مشاركون: «التقنيات المتطورة» تعيد تشكيل المجتمعات وتمس جميع المجالات

تناولت الجلسة الثانية من المؤتمر «قوة الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان: المخاطر والفرص»، حيث أشار المشاركون إلى أن الذكاء الاصطناعي يتيح فرصا ومخاطر كبيرة لحقوق الإنسان، فبينما يُعزز الذكاء الاصطناعي الوصول إلى العدالة، ويكشف انتهاكات حقوق الإنسان، ويكافح خطاب الكراهية على الإنترنت، فإنه يثير أيضًا مخاوف بشأن الخصوصية وحرية التعبير والتمييز، وأن المراقبة وجمع البيانات المعتمدين على الذكاء الاصطناعي يهددان حق الأفراد في الخصوصية.
ترأس الجلسة، السيد محمد النسور، رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالمفوضية السامية لحقوق الإنسان، وشارك بها سعادة السيدة أشويني ك. ب. المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأشكال المعاصرة للعنصرية، وسعادة السيدة ريم السالم، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد المرأة والفتيات، والسيد ماثيو ديفيد هيرفي، الخبير في مجال الذكاء الاصطناعي والملكية الفكرية، رئيس قسم الشؤون القانونية والسياسات في Human Native – المملكة المتحدة، والسيد عبد الباسط بن حسن، رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان – تونس، والسيدة أزين تاجديني، مسؤولة حقوق الإنسان بمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان - جنيف. وأشار المشاركون في الجلسة إلى أهمية المؤتمر في الوقت الحالي، نظرًا للتطور السريع الذي نشهده في مجال الذكاء الاصطناعي، والتأثير الواضح لهذا التطور على جميع القطاعات، موضحين أن الكثير من التقارير رُفعت إلى الأمم المتحدة تتعلق بالذكاء الاصطناعي والعنصرية، حيث تناولت مجالات مثل التعليم، والصحة، وتنفيذ القوانين.
وتطرقوا لتأثير تقنيات الذكاء الاصطناعي على حياتنا، معتبرين أنه يعيد تشكيل المجتمعات، وأن تأثيره على حقوق الإنسان بات ملفتًا ويمس جميع المجالات، من بينها العدالة، والديمقراطية، وأن هناك انتهاكا وتهميشا لهذه الحقوق عند استخدام خدمات الذكاء الاصطناعي، ما يعزز الحاجة إلى تحمل المسؤولية والمساءلة.
وأكدوا على أهمية الإسراع في مواءمة استخدامات الذكاء الاصطناعي مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وأن الحيادية الظاهرة في استخدام التكنولوجيا ليست حقيقية، حتى لدى مصنّعي التكنولوجيا أنفسهم، فالتكنولوجيا تعكس مبادئ ومعتقدات الأشخاص الذين يطورونها ويصممونها، وهذه إشكالية جوهرية تنبع من هيكل غير عادل بين المجتمعات. وأشاروا إلى أن مخاطر الذكاء الاصطناعي متعددة الأوجه، فالخوارزميات تعتمد على البيانات في اتخاذ القرارات وتنفيذها في العديد من القطاعات، ولكن في بعض الأحيان لا يتم أخذ المجتمعات المهمشة في الاعتبار عند اتخاذ هذه القرارات.
ونوهوا إلى أن التحيزات الخوارزمية تعزز التمييز المنهجي في عمليات صنع القرار، وأن انتشار المحتوى المولد بواسطة الذكاء الاصطناعي يشكل تحديا لحقوق الملكية الفكرية، ومكافحة المعلومات المضللة.  وأوضحوا أن الفجوة الرقمية تهدد بتفاقم أوجه عدم المساواة، مما يحرم المجتمعات المهمشة من الوصول إلى التطورات التي يقدمها الذكاء الاصطناعي.
وأكدوا على أن تحقيق الاستفادة القصوى من إمكانات الذكاء الاصطناعي في مجال حقوق الإنسان يتطلب ضرورة وضع مبادئ توجيهية أخلاقية، وضمان الشفافية، وتعزيز تطوير شامل للذكاء الاصطناعي لا يغفل أحدا.

دعوات لتطوير أنظمة تعلم متقدمة وإستراتيجيات استعداد وطنية

حذر خبراء وحقوقيون دوليون من خطورة الطلب غير المسبوق على أنظمة الذكاء الاصطناعي، نظراً لتسارع قدراته واتساع تأثيراته على مختلف القطاعات. 

جاء ذلك خلال جلسة نقاشية بعنوان «الذكاء الاصطناعي: المفهوم والقدرات والقيم الحاكمة»، على هامش أعمال المنتدى الدولي للذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان المنعقد في الدوحة، بمشاركة كل من: سعادة الدكتور ستيفن رينبو، رئيس المفوضية العليا لحقوق الإنسان في نيوزيلندا، وسعادة الدكتورة آنا برايان نوغريرس، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالحق في الخصوصية، وسعادة البروفيسورة ألينا دوهان، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأثر السلبي للتدابير القسرية الانفرادية على التمتع بحقوق الإنسان، والسيدة ياسمين همدر، أخصائية الذكاء الاصطناعي في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والسيد داني وازن، رئيس الفريق الرقمي الإقليمي في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. واستعرض المشاركون في الجلسة، تطور أنظمة الذكاء الاصطناعي ومستقبلها المحتمل، ومزاياه الإبداعية، وكذلك التحديات التي يفرضها على الفرد والمجتمع.
وبينوا أن موضوع المؤتمر يؤكد أن الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة عنه، أصبحت تعيد تشكيل المجتمعات بمختلف جوانب الحياة، وبأساليب تتجاوز وتيرتها الأنظمة التقليدية القائمة على حقوق الإنسان.
وأوضحوا أن تقنيات الذكاء الاصطناعي أصبحت عنصرًا أساسيًا في تفاصيل حياتنا اليومية، بدءًا من الهواتف الذكية والمساعدات الصوتية، إلى تطبيقات الواقع المعزز والتحليلات التنبئية، بصورة تعكس تغلغل هذه التقنيات في مختلف القطاعات. ونوه المشاركون بالجلسة النقاشية بأن في الوقت الذي تقدم فيه تقنيات الذكاء الاصطناعي فرصاً واعدة بشتى المجالات، إلا أنها تطرح تساؤلات أخلاقية وتشريعية ملحة، خاصة فيما يتعلق بالخصوصية والسلامة وحقوق الإنسان. وأشاروا إلى أن نجاح أي دولة في بناء نظام متكامل للذكاء الاصطناعي، لا يعتمد على الاستثمار في التقنيات فحسب، وإنما ينبغي أن يشمل ذلك مجالات أساسية أخرى، مثل؛ بناء قواعد بيانات قوية، وتطوير أنظمة تعلم آلي متقدمة، وإدارة فعّالة للبيانات والمعرفة، إلى جانب توفير بنية تحتية حاسوبية عالية الأداء.
ودعا المشاركون إلى أهمية العمل على تحقيق التوازن بين الابتكار والرقابة، وذلك من خلال اعتماد حوكمة ذكية تبدأ بفهم مشهد الذكاء الاصطناعي، ووضع استراتيجيات استعداد وطنية، وصياغة سياسات وتشريعات دقيقة، إلى جانب ضمان الأمن والسلامة، وتعزيز الأخلاقيات والشفافية، وحماية الخصوصية، مع تحفيز الابتكار ودعم المنافسة العادلة.