تصوير الهدايا و«المنشن» لصاحبها.. تفاخر أم امتنان؟

alarab
تحقيقات 28 أبريل 2023 , 12:36ص
حنان الغربي

روضة القبيسي: أمر مسيء وخدش للخصوصية

أحمد باتو: جانب للدعاية وآخر للتوثيق

خليفة المحاسنة: إظهار للشكر والامتنان

تتباين الآراء بين مؤيد ومعارض لنشر صور الهدايا و»المنشن» لصاحبها، حيث اعتبرها البعض ظاهرة صحية تشيع الكرم والامتنان بين الناس، في حين رآها آخرون  تفاخرا وتكلفا.
ويؤكد البعض أن التباهي والتفاخر بالهدايا هو ظاهرة سلبية تؤثر على الأشخاص غير المقتدرين، معتبرين أن التباهي من خلال نشر صور عبر وسائل التواصل الاجتماعي تتسبّب في احباط البعض، وامتعاض الاخرين،في حين قال آخرون لـ «العرب» إن تصوير الهدايا قد يحمل أكثر من دلالة ايجابية.

ترى روضة القبيسي خبيرة تطوير ذات وتنمية اجتماعية أن  ذكر الهدايا على وسائل التواصل الاجتماعي فيه خدش للخصوصية العاطفية والخصوصية الإنسانية بين المرسل والمتلقي فالمرسل يحاول أن يظهر الهدايا التي أرسلها كنوع من التفاخر بأنه يملك وغيره لا يملك وذكر نعم في غير موضعه هو باب للنقم. وأوضحت القبيسي: إذا أنا أهديت من أحب بصورة خاصة فيها نوع من الامتنان والخصوصية ففعل المعروف فيه نوع من المحبة والمودة والامتنان لكن ظهورها على العلن بصورة فيها نوع من البهرجة الخداعة التي تظهرها من الخانة الجميلة والرائعة إلى خانة أخرى فيها نوع من الاستعلاء ونوع وأذية عين المتابع  وقد يكون شخصا قدرته المادية محدودة ممكن أن يكون من الأهل ويحبه أن يقدم هدية في يوم الأيام لكن ليست لديه المقدرة على تقديم هدية مجارية للهدية التي رآها عبر وسائل التواصل الاجتماعي فهي إذن تعمل على تفكيك العلاقات لانه أيضا المتلقي كذلك يشعر بالحرج لانه فيه نوع من التفاخر حيث يظهر كأنه يأخذ حسنة من المعطي الذي وكأنه يقول انظروا لي أنا أعطي وأنا أمن على الناس، وهنا تفقد الهدايا قيمتها وتخرج من خانتها التي تحمل معاني الشكر والامتنان والعرفان والألفة والمحبة والإحسان والإخلاص والوفاء ما بين الناس إلى أبواب ذميمة فيها فتن وفيها مفسدة وشعور الاخرين بالنقص، وتنمي في هذا الشخص المعطي الاستعلاء والتكبر، لذلك يفضل إذا لم تكن الهدية على مناسبة ما أن تكون الهدية معنوية يمكن مشاركتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لزرع محاسن الأخلاق بين افراد المجتمع لكن إذا كانت غير ذلك فيفضل عدم نشرها لأنها هي خاصة وهي تعزز من العلاقات الإنسانية بين افراد المجتمع وظهورها عبر وسائل التواصل الاجتماعي يخرجها من صيغتها السليمة الا صيغة أخرى ذميمة وهي تشعر المتابع بنوع من العوز، وأنه يمكن أن يتكبد الكثير من الخسائر ويغدق بالكثير من الأموال إذا ما أراد المجاراة، وقد يصبح الأمر تكليفا على النفس، وعبئا ماديا.
وختمت القبيسي كلامها بأن نشر الهدايا على وسائل التواصل الاجتماعي أمر مسيء فإذا لم يكن المنشور يحمل معلومة أو قيمة للناس وفيه صورة من التقدير والاحترام فالأحرى أن لا ينشر، وقد نجد من الصور المستحب نشرها تكريم الولد لوالديه، أو تكريم الابناء، وأن يحمل المنشور نوعا من التقدير والاحترام والامتنان والود وليس الاستعلاء سواء على المتلقي أو المتابع، أما البذخ والتبذير فهذا مضرة ومفسدة وقوله تعالى :  مَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ۖ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴿٥٣ النحل﴾ دليل على أن النعم كلها من الله ويجب الاحسان في صرفها وفي التعامل معها.

ترويج وليس تفاخرا
يقول أحمد باتو وهو من رواد وسائل التواصل الاجتماعي أن نشر صور الهدايا على مواقع التواصل الاجتماعي مع وضع علامة أو اشارة إلى المهدي ليس دائما من باب التباهي فوسائل التواصل الاجتماعي أصبحت تعتبر منصات تجارية وتفتح أبواب رزق للجمهور، وأصحاب الهدايا في الغالب يبحثون عن الترويج أو الاعلان لبضاعتهم، وقد يكون نشرها أو التنويه لها من باب الدعاية في بعض الأحيان أو من باب الشكر في أحيان أخرى.
وعن نشر المقتنيات أو تصوير الأماكن التي يزورها يقول باتو إنه حريص في كل زياراته للمطاعم أو المعالم السياحية على تصوير الوجبات والقهوة والمناظر الجميلة، وتحميل الصور على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي، وأيضاً تصوير مقتنياته وعرضها، ولكن ليس بدافع التباهي، بل بهدف توثيق لحظاته المختلفة وزياراته المتعددة، فضلاً عن فرحته بمقتنياته التي اشتراها، ومشاركتها مع متابعيه خصوصا أنه يعتبرهم مثل أفراد عائلته وأيضاً من أجل الحصول على أكبر قدر من المتابعين وتعبيرات الإعجاب «اللايكات»، لأن تلك الصور تجذب المشاهدين بدرجة كبيرة، خصوصا أنه يعتبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي عملا إضافيا له من خلال الدعاية والاعلانات، والعمل الاعلامي.
وعن التباهي أو التفاخر قال باتو: أعتبر النشر لمجرد التباهي والتفاخر عادة سلبية تضر بصاحبها أكثر مما تضر بغيره، فوسائل التواصل الاجتماعي كثيرا ما تشكل احباطا للمتابعين الذين تخدعهم المظاهر من الفاشنستات ويقارنون حياتهم بالحياة غير الحقيقية التي يرونها على وسائل التواصل الاجتماعي، وهذه ظاهرة غير صحية، وعلى المتابعين أن يكون لديهم الحكمة للفصل بين حياة الواقع والمواقع.
وأشار باتو إلى أن رواد مواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن تكون لهم رسائل انسانية من خلال ما يقدمونه، وأضاف: من خلال تواجدي مع ذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن وتعاوني مع عدة وزارات أحرص أن تقدم منشوراتي رسائل انسانية، وتحث على عمل الخير وتسلط الضوء على جوانب مضيئة في مجتمعنا.

 تقدير لصاحب الهدية
على عكس ما سبق اعتبر خليفة المحاسنة وهو ناشط في وسائل التواصل الاجتماعي أن تصوير الهدايا في وسائل التواصل الاجتماعي قد يكون من باب الامتنان والتقدير لصاحب الهدية، وقال المحاسنة: تصوير الهدايا ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي أمر طبيعي، فلقد كنا قديما نشكر المهدي عن طريق مكالمة هاتفية أو رسالة، لكننا في هذا الزمن نشكره ونعبر عن امتناننا عن طريق صورة أو فيديو ينشر ، ويتم من خلاله التنويه لصاحب الهدية.
وتابع: أنا اعتبر أن الثناء والشكر والنشر يزيد من المحبة واستمرار المودة، وتشجيع الاخرين على التهادي، 
وبنشري للهدايا التي تصلني، وترويجي لها ولأصحابها فأنا هنا أبعث برسالتين الأولى  هي  كوني مقدرا للهدية التي وصلتني وامتناني لصاحبها، والرسالة الثانية أنني انسان محبوب، لدي أصدقاء يحبونني وأحبهم، وأقدرهم ويقدرونني ولا أرى أي ضرر في التنويه إلى المهدي وتصوير الهدايا بل أعتبر أن هذه الظاهرة جدا ايجابية وهي طريقة حديثة في التعبير عن الشكر، فنحن في زمن التكنولوجيا ومن يريد ايصال رسائله فعليه بالمواقع التي اجد أنها أصبحت أنجع وسيلة لايصال الرسائل وانتشارها. 

مختلفة الدلالات 
بدورها اعتبرت عائشة السليطي أن تصوير الهدايا ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي قد يحمل أكثر من دلالة وكل حسب شخصيته والرسالة التي يسعى إلى إيصالها.
وقالت عائشة: كان التباهي قديما في المناسبات ومن خلال الاحاديث المباشرة لكنه أصبح الان عبر وسائل التواصل الاجتماعي حيث أصبحت السيدات تنشر الهدية مع التنويه إلى صاحبتها أحيانا كنوع من الدعاية لصاحبة المشروع  أو الهدية ومرات كنوع من التباهي، وفي الحقيقة أكثر من ينشرن مع التنويه والمنشن إذا لم يكن من المعلنات فإن قصدهن هو الشكر والثناء والامتنان لصاحب الهدية.
واستطردت: لكن البعض وهن حسب رأيي فئة قليلة هدفهن التباهي، والتفاخر، وقد يكون في بعض الاحيان الهدايا بدون هدف، ولا مناسبة بل فقط لمجرد العرض والاستعراض، وهذا قد يكون مفسدة واحباط، خصوصا أن بعض المتابعين يحبون التقليد، وقد تكون تلك الهدايا غالية الثمن وتشكل عليهم عبئا ماديا.