ملحمة إنسانية للمسعفين بالأراضي الفلسطينية

alarab
حول العالم 27 أغسطس 2025 , 01:23ص
الدوحة - العرب

في قلب الدمار والركام، حيث يصرخ الجرحى وينادي الأطفال على أمهاتهم، كان المسعفون والعاملون الإنسانيون هم الخيط الأخير بين الموت والحياة.  يرتدون ستراتهم البيضاء ويحملون شعار الهلال الأحمر، لكنهم كانوا هدفا متكررا للقصف بدل أن يكونوا محميين بالقانون الدولي. 
ومنذ اندلاع العدوان الإسرائيلي في أكتوبر 2023 وحتى أمس، استشهد أكثر من ألف وأربعمئة من العاملين في الطواقم الطبية وفق بيانات وزارة الصحة الفلسطينية، فيما تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن العدد يتجاوز الألف وستين طبيبًا وممرضًا ومسعفًا. 
وفقد الدفاع المدني مئة وأحد عشر من عناصره، ليصل مجموع شهداء المجال الإنساني إلى نحو ألف وخمسمئة شهيد. 
ومن بين أكثر الحوادث مأساوية ما وقع في الثالث والعشرين من مارس 2025 عندما استهدفت قوات الاحتلال خمس سيارات إسعاف وسيارة إطفاء وعربة تابعة للأمم المتحدة في رفح، فاستشهد خمسة عشر عاملا إنسانيا دفعة واحدة بينهم ثمانية من الهلال الأحمر وخمسة من الدفاع المدني وموظف أممي، ودفن بعضهم في قبور جماعية بأيدٍ مقيدة وفق ما وثقته منظمات حقوقية. منظمة العفو الدولية وصفت الحادثة بأنها جريمة حرب تستوجب تحقيقًا دوليًا، فيما حذّرت الأمم المتحدة من أن استهداف المسعفين ينسف القواعد الأساسية للقانون الإنساني. وفي الوقت الذي تتكدس فيه أرقام الشهداء، تبقى قصص المسعفين الذين قضوا وهم يحملون المصابين، مثل يوسف زينو وأحمد المدهون وآخرين ممن استشهدوا أثناء إنقاذ الأطفال، شاهدة على أن في غزة لم يسلم حتى من جاء ليضمد الجراح. هكذا تحوّل شعار «الإنسانية» من وعد بالحياة إلى شاهد على دماء ضحاياها، وبقيت غزة تودّع مسعفيها كما ودّعت صحفييها، في مشهد يختزل أقسى صور الحرب على البشر والحقيقة والرحمة معًا.