أم مصطفى.. خلطة «إرادة وصبر» تمشي على الأرض
منوعات
26 ديسمبر 2014 , 05:35ص
يشهد التاريخ الإنساني للمرأة المصرية القديمة مشاركتها للرجل في بناء أول ثقافة إنسانية عرفها التاريخ وأثرت بشكل مباشر على تطور البشرية إلا أن مكانة هذه المرأة ودورها في بناء مجتمعها قد تأثر سلبيا بعد الاحتلال الأجنبي لمصر، كما أدى إلى تخلفها تبعا للتخلف الذي عانت منه البلاد إلا أن المرأة المصرية ما زالت محتفظة بصلابتها والست «أم مصطفى» هي مثال حي لتلك المرأة التي لا يهزمها شيء لإيمانها بالله وعزيمتها القوية.
وفي ساحة انتظار قصر العيني، هو المكان الذي اختارت أن تضع فيه «أم مصطفى» قواعد مختلفة لركن السيارات التي تتحرك بينها بخفة وسط زحام الجراج، سنها المتقدمة وساقها المبتورة وغيرها من المعوقات لم تقف أمامها للسيطرة على ساحة الانتظار فهي تستعين بـ «موتوسيكل المعاقين» الذي يسعفها على اللحاق بالسيارات قبل الخروج.
وتقول بفخر شديد «الست لما تتحط في ظروف صعبة لازم تبقى أقوى وأشد من 100 راجل»، حاولت أم مصطفى السيدة الستينية تلخيص مشوار حياتها مع مهنة صعبة كسايس جراج في هذه الجملة. «لقمة العيش مبتفرقش بين راجل وست لو الظروف حكمت»، تكمل «أم مصطفى الحكاية التي انتهت بها «سايس جراج».
وتقول: الظروف حكمت عليا بالانفصال عن زوجي وتحملي مسؤولية عائلة كاملة، قررت أنزل الشارع وأشتغل بعرق جبيني، وفعلا بعد مشوار طويل قدرت أخد الساحة دي.
وعن إعاقتها التي لم تمنعها عن مزاولة مهنة قد تصعب على غيرها من الرجال الأصحاء، تقول «حكم عليا ربنا بإعاقة بتر لقدمي من الدرجة الأولى، لكنها ما قدرتش تمنعني عن الشغل، لأن ربنا بيدي الصحة على قد المجهود، وقدرني واشتريت (موتوسيكل) أتحرك به وسط الجراج وأجمع الفلوس من الزبائن».
«أم مصطفى» السيدة التي تفك الخط بالكاد، لديها من الإصرار والرؤية الاقتصادية ما لا يملكه غيرها من أصحاب الشهادات، فالحياة بالنسبة إليها رحلة صعبة يجب أن تتحمل ضرائبها، والأنوثة من وجهة نظرها قوة، أما العمل فهو حياتها بالكامل والذي توصفه دائما «الشغل للجدعان».
ومن المسلم به أن حضارة مصر القديمة تعد من أقدم الحضارات الكبيرة المستقرة ذات القيم الراسخة وذلك منذ اكتمال الوحدة السياسية والاجتماعية الكبيرة للمجتمع المصري القديم في أواخر الألف الرابع قبل الميلاد، وكانت الأسرة المصرية القديمة تتفق آراؤها تماما مع آرائنا وعلى الجملة فقد أباح المجتمع المصري القديم نشاط المرأة فيما ناسبها من مجالات الحياة الخاصة والعامة وشؤونها المدنية والدينية وفيما ناسب قيمه هو وتقاليده ومعتقداته إلى جانب دورها الرئيسي في رعاية بيتها وزوجها وتربية صغارها.