صندوق النقد يوضح تأثير انخفاض أسعار النفط على دول "التعاون"

alarab
اقتصاد 26 أبريل 2016 , 05:23م
الدوحة - قنا
ثمن صندوق النقد الدولي " التدابير الطموحة " التي اتخذتها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لضبط الاوضاع المالية هذا العام في مواجهة التراجع الحاد في أسعار النفط .. داعياً في الوقت ذاته إلى تكثيف الجهود بغية تخفيض العجز على المدى المتوسط من أجل إعادة الاستمرارية للأوضاع المالية العامة، وضمان قدرة القطاع الخاص على خلق فرص عمل كافية للشباب بعد أن أصبحت قدرة القطاع العام محدودة.

جاء ذلك في التقرير الصادر أمس الاثنين عن صندوق النقد الدولي حول مستجدات آفاق الاقتصاد الإقليمي (منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان).

وقال التقرير إن انخفاض أسعار النفط واحتدام الصراعات تشكل عبئاً على النشاط الاقتصادي في المنطقة حيث تم تخفيض آفاق النمو بدرجة كبيرة في معظم الدول المصدرة للنفط منذ اكتوبر 2015، وأبدى في الوقت ذاته تفاؤلاً بإمكانية ارتفاع معدل النمو في الدول المصدرة للنفط من 2% عام 2015 إلى 3% هذا العام وذلك بسبب زيادة إنتاج نفط العراق ورفع العقوبات عن إيران .

وفيما يتعلق بدول مجلس التعاون شدد التقرير على ضرورة إجراء /اصلاحات هيكلية عميقة/ لتحسين الآفاق متوسطة الأجل وتيسير التنوع الاقتصادي وتوخي /منهج استباقي/ في معالجة هذه التحديات التي يفرضها ركود أسعار النفط.

اما بالنسبة للدول المستوردة فأشار التقرير الدولي إلى أن العام الجاري شهد تعافياً في النشاط الاقتصادي لتلك الدول ( مصر – الأردن – لبنان – موريتانيا – المغرب – السودان – تونس – باكستان – جيبوتي وأفغانستان) فقد زاد النمو من 3% في الفترة من 2011- 2014 إلى 3.75% عام 2015 ومن المتوقع أن يظل النمو حول هذه النسبة في العامين الحالي والمقبل.

وأرجع التقرير هذا التعافي إلى 3 أسباب هي : انخفاض أسعار النفط وتراجع الأعباء المالية المعوقة وتحسن الثقة بفضل التقدم في مسارات الإصلاحات الأخيرة.

وتشير توقعات صندوق النقد الدولي الواردة في ثنايا التقرير إلى أن الايرادات النفطية سوف تشهد ضعفاً خلال السنوات المقبلة مما سيقلل بشكل كبير من قدرة الحكومات على الإنفاق، فقد انخفضت عائدات الصادرات في البلدان المصدرة للنفط في المنطقة بمقدار 390 مليار دولار عام 2015 (17.5% من إجمالي الناتج المحلي). ورغم تعويض هذا الانخفاض جزئياً بسبب انخفاض أسعار السلع الأولية / غير النفطية / لكن المؤشرات تتجه نحو تسجيل عجز متوقع لدول مجلس التعاون والجزائر هذا العام بنسبة 8% تقريباً من إجمالي الناتج المحلي يصل إلى 12.75% نهاية العام ، في حين يصل العجز لدى بقية دول المنطقة المصدرة للنفط (العراق – ليبيا- اليمن ) لنحو 4.75% وسيبلغ 7.75% مع نهاية العام الجاري .

وبشأن الإجراءات (التصحيحية) في السياسة المالية للدول المصدرة للنفط، قال التقرير إن الجانب الأكبر من التصحيح تمثل في تخفيض الإنفاق أو السحب من الاحتياطات الوقائية أو الاقتراض، لافتاً إلى انه يتم النظر حالياً في إيجاد مصادر جديدة للإيرادات .

وأشار صندوق النقد الدولي في تقريره إلى أن اجراءات التصحيح المالي للدول المصدرة ستستدعي حتماً الاختيار بين بدائل صعبة منها : إعادة النظر في حجم ودور القطاع العام، وخفض الإنفاق العام الذي زاد خلال الطفرة النفطية، وفي حالة دول مجلس التعاون فإن فاتورة الإنفاق تزيد على فاتورة الأجور بمقدار الضعف مقارنة بالأسواق الصاعدة والدول النامية الأخرى الأمر الذي يتطلب تصميم نظم ضريبية ذات أوعية واسعة.

ومع ذلك ..فمن المتوقع ارتفاع معدل النمو الكلي في البلدان المصدرة للنفط في المنطقة الى 2.9% في عام 2016 يزيد إلى 3.1% عام 2017 مقارنة بـ1.9% في العام الماضي وذلك نتيجة النشاط الاقتصادي /غير النفطي/ في اليمن وليبيا والعراق وإيران.

والمتوقع حالياً أن يصل النمو / غير النفطي / في دول مجلس التعاون إلى 3.25% على مدى الأعوام الخمسة القادمة وهي نسبة أقل كثيراً مما تم تسجيله في الفترة من 2006-2015 وقدرها 7.75%.

ويشدد التقرير على أن التدابر المقررة لخفض العجز المالي قد تؤدي الى فرض أعباء أكبر من المتوقع على النمو في ضوء تشديد الأوضاع المالية، كما لا يمكن استبعاد حدوث هبوط آخر في أسعار النفط وخاصة في حال تباطأ النمو مجدداً في الصين بالإضافة الى الصراعات الإقليمية التي يمكن أن تطول أكثر من ذلك مما يعرقل النشاط الاقتصادي .

وبالانتقال إلى حالة الدول المستوردة للنفط بالمنطقة يشير التقرير إلى انه رغم الإصلاحات الاقتصادية التي بذلتها الدول المستوردة للحفاظ على استقرار اقتصادها لكن يبقى معدل البطالة مرتفعاً بنسبة 10% وخاصة بين الشباب ومن ثم يحظى دعم النمو الاقتصادي وجعله اكثر احتواء لكل شرائح السكان بأولوية عالية.

ولفت التقرير إلى أن جهود الدول المستوردة في مجال المالية العامة إلى جانب انخفاض اسعار النفط قد أدت الى خفض العجز وسيستمر هذا الانخفاض خلال العام الجاري ليصل الى 6.5% من إجمالي الناتج المحلي مقارنة بـ9.5% عام 2013.

وأرجع التقرير هذا التحسن إلى إصلاحات الدعم وخفض فاتورة دعم الطاقة كما في (مصر - السودان - تونس ) وتحسين الميزانيات العمومية للمؤسسات المملوكة للدولة وخاصة في مجال الكهرباء (الأردن - باكستان ) مما خفض من حجم اقتراضها من النظام المصرفي وتم توجيه المتوفر عن خفض دعم الطاقة إلى الإنفاق على البنية التحتية والصحة والتعليم فضلا عن المساعدة الاجتماعية للمستحقين (تونس - باكستان - المغرب - مصر ).

ودعا صندوق النقد الدولي الدول المستوردة الى تحقيق نمو اقتصادي أعلى وأكثر احتوائية بهدف خلق فرص عمل وتحسين مستويات المعيشة، حيث يمثل رفع كفاءة سوق العمل وتحقيق التوافق بين التعليم واحتياجات القطاع الخاص عاملان حيويان للحد من البطالة وزيادة إنتاجية العمالة .

وفي معرض تقييمه لتأثير الصراعات المسلحة على الوضع الاقتصادي للمنطقة أشار تقرير (مستجدات آفاق الاقتصاد الإقليمي - الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وافغانستان وباكستان ) إلى أن تكاليف الحرب في العراق وليبيا وسوريا واليمن لازالت مرتفعة وتسببت اعمال العنف في ندرة المواد الغذائية وغيرها من الضروريات وألحق الضرر بالبنية التحتية والمؤسسات وارتفعت معدلات التضخم وضعفت المدخرات وتدهورت المراكز المالية لهذه الدول .

كما عانت بلدان أخرى في المنطقة من تداعيات تلك الحروب ووضعت مهمة استضافة أعداد كبيرة من اللاجئين ضغطاً هائلا على الميزانيات الحكومية والبنية التحتية والخدمات العامة .

وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن الصراع في سوريا تسبب في خفض نمو اجمالي الناتج المحلي الحقيقي في لبنان بنحو 3 نقاط مئوية سنويا ودعا التقرير إلى توسيع نطاق الدعم المقدم للدول المضيفة وتنسيقه بشكل أفضل لإعادة بناء البينة التحتية وتعزيز صلابة اقتصادياتها.

م . م