كشفت دراسة مشتركة أجراها معهد قطر للرعاية الصحية الدقيقة التابع لمؤسسة قطر، بالتعاون مع كلية العلوم الصحية والحيوية في جامعة حمد بن خليفة، عضو مؤسسة قطر، عن نتائج مهمة حول المسببات الجينية للأمراض التي تصيب القطريين.
وأكدت الدراسة أن 3,5٪ من القطريين الذين تضمنتهم بيانات تسلسل الجينوم الكامل يحملون عاملاً مسبباً للمرض يتطلب التدخل الطبي العلاجي. وتمثل هذه النتيجة اكتشافا طبيًا مُهمًا يحقق نقطة تحول في العلاجات الطبية الشخصية بالمنطقة.
جاءت النتائج ضمن دراسة نُشِرت في المجلة الأوروبية لعلم الوراثة البشرية بعنوان «تحليل 14,392 جينوم كامل يكشف أن 3,5٪ من القطريين يحملون متغيرات جينية تتطلب التدخل الطبي».
وشملت الدراسة تحليل بيانات الجينوم الكامل لأكثر من 14 ألف مواطن قطري، ليتم التوصل إلى النسبة المئوية المعلنة، مقارنةً بنسبة 3,2٪ التي توصلت إليها دراسة سابقة أجريت على بيانات مجموعة أصغر من القطريين بلغ عددهم 6045 قطريًا.
وكشفت الدراسة، وهي الثالثة ضمن سلسلة من الأبحاث الجينية، عن 248 متغيراً جينياً مختلفاً في 50 جيناً بشرياً.
وظهرت المتغيرات الأكثر شيوعاً في جينات ترتبط بأمراض القلب والأوعية الدموية، مثل ارتفاع الكوليسترول الوراثي واعتلال عضلة القلب، بالإضافة إلى أنواع مختلفة من السرطان، علماً أن متغير جين TTN، المرتبط بمرض اعتلال عضلة القلب المتوسع، يعتبر من المتغيرات الأكثر شيوعاً.
وأكدت الدكتورة آمال الفاتح، زميل ما بعد الدكتوراه والباحث الرئيسي في الدراسة البحثية من كلية العلوم الصحية والحيوية في جامعة حمد بن خليفة والمؤلف الرئيسي للدراسة أهمية هذه النتائج «في تعميق فهم الطفرات الجينية الضارة لدى القطريين، بما يساعد في تطوير علاجات طبية متخصصة عالية الجودة».
وقد ساهم الدكتور شادي سعد، رئيس قسم المعلوماتية الحيوية في معهد قطر للرعاية الصحية الدقيقة، بصفته مؤلفًا رئيسيًا مشاركًا للدراسة بجانب الدكتورة آمال الفاتح.
وأوضح الدكتور حمدي مبارك، رئيس البحوث والشراكات بمعهد قطر للرعاية الصحية الدقيقة والباحث الأول للدراسة، أن أهمية هذه النتائج لا تقتصر على فهم الاستعدادات الوراثية للإصابة بالأمراض في المجتمع القطري فحسب، بل تمهد الطريق لوضع استراتيجيات رعاية صحية شخصية تعتمد على التركيب الجيني لكل فرد في الدولة».
فنظرًا لارتفاع معدل زواج الأقارب في قطر، من الضروري تحديد المتغيرات الجينية المرتبطة بالأمراض بشكل يساعد في إعداد خيارات العلاج والاستراتيجيات الوقائية الفعالة.
وتستند هذه الدراسة إلى أبحاث سابقة سلطت الضوء على 60 متغيرًا جينيًا مسببًا للأمراض المرتبطة بالقلب، وارتفاع مستوى الكوليسترول، وأنواع السرطان الأكثر شيوعًا بين السكان المصابين بها في قطر، وهو ما يعيد التأكيد على أهمية علم الجينوم في تحسين الصحة العامة لسكان الدولة.
وقد أطلق معهد قطر للصحة الدقيقة ومؤسسة حمد الطبية مشروعًا جديدًا لإبلاغ المشاركين الراغبين في الاطلاع على نتائجهم الجينية، ولتعزيز الوقاية والكشف المبكر عن الأمراض المرتبطة بهذه الجينات، بما يمثل خطوة كبيرة نحو تطبيق مفهوم الطب الشخصي على المستوى الوطني.