بينما نجحت بعض الأجهزة الحكومية والوزارات الخدمية في اختبار «التحوّل الرقمي» الذي تشهده البلاد، من خلال تمكين أفراد المجتمع من الاستفادة من خدماتها عبر الهواتف الذكية طوال الـ 24 ساعة، وخلال سبعة أيام في الأسبوع، وعلى مدار السنة، لا تزال وزارات ومؤسسات خدمية أخرى، لم تواكب وتيرة التطور المتسارع في المشهد الرقمي، مع وجود أخطاء ومشاكل في الخدمات الإلكترونية التي تقدمها.
وفي هذا السياق، دعا عدد من المختصين والمواطنين إلى توسعة الخدمات الإلكترونية للجهات الحكومية في سبيل تسهيل الإجراءات وتحقيق المرونة في سرعة انجاز المعملات، وتوفير الجهد والوقت الذي يتطلبه الجمهور بمختلف فئاته.
وأشاروا إلى وجود العديد من الجهات الحكومية «غير جاهزة» الكترونياً في ظل وجود العديد المعاملات الحكومية التي ما زال انجازها يتطلب «حضور شخصي» الى مقار هذه الجهات الحكومية المعنية لتخليصها، على رغم التطبيقات الرقمية المتاحة، بما في ذلك معاملات عقود البيع والشراء واستلام الملكيات، وتوثيق العقود، وتصديق الشهادات، وعمل التوكيلات، وعقود عمل خادمات المنازل وغيرها من المعاملات التي تتطلب حضور صاحب الطلب او المخول بالتوقيع.
وأكد مواطنون لـ «العرب» ان العديد من الجهات الحكومية في حاجة لتطوير أنظمتها الإلكترونية ومنصات تقديم خدماتها المختلفة لمواكبة أهداف الحكومة الإلكترونية الراهنة للتيسير على المواطنين والمقيمين في إنجاز معاملاتهم، في حين أشادوا بقيام بعض المؤسسات بإطلاق العديد من الخدمات الإلكترونية الجديدة التي تهم المواطنين والمقيمين على حد سواء والتي ساهمت في إلغاء فكرة الحضور الشخصي وما يعنيه ذلك من هدر للجهد والوقت.
د. إبراهيم بن صالح الخليفي: «الحضور الشخصي» لمقار الوزارات اهدار للوقت
قال الدكتور إبراهيم بن صالح الخليفي إن الحضور الشخصي الى مقار الوزارات والجهات الحكومية لتخليص المعاملات فيه هدر للوقت والجهد، داعيا الى تعميم الخدمات الرقمية على مختلف الجهات الحكومية الخدمية لإنجاز المعاملات وتقديم خدمات ميسرة للمواطنين والمقيمين والمستثمرين ورجال الأعمال، بعيداً عن مشهد الطوابير والانتظار.
ودعا إلى ضرورة التنسيق بين الوزارات والمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص لسرعة الانتهاء من تحويل جميع الخدمات التي تقدّم للجمهور إلى خدمات إلكترونية بالكامل، معربا عن امله في سرعة الانتهاء من تحويل جميع الخدمات التي تقدَّم للجمهور إلى خدمات إلكترونية.
وأعرب الدكتور الخليفي عن تقديره لجهود وزارتي العمل والداخلية في«التحوّل الرقمي» الذي تشهده البلاد، من خلال تمكين أفراد المجتمع من الاستفادة من خدماتها عبر الهواتف الذكية طوال الـ 24 ساعة، وخلال سبعة أيام في الأسبوع، وعلى مدار السنة، من خلال خدمات إلكترونية آمنة بعدة لغات، لافتا إلى أن الخدمات المقدمة تساهم في الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من المستخدمين في دولة قطر وتسهيل إنجاز المعاملات الحكومية، سواء المتعلقة بالأفراد أو الشركات، مع الحفاظ على الخصوصية والسرية التامة للمعلومات والبيانات.
سعيد العبسي مطور الأعمال: دمج قواعد البيانات يوفر تكاليف الصيانة الدورية
قال سعيد العبسي، خبير اقتصادي ومطور أعمال، إن الخدمات الإلكترونية تتفاوت من حيث الجودة والسهولة من جهة حكومية إلى أخرى، علما أن العديد من الوزارات تحاول تقديم خدماتها بشكل ميسر وسهل قدر الإمكان.
وأكد العبسي في هذا السياق ان تجربة وزارة الداخلية هي التجربة الأكثر نجاحا في تطبيق برامج التحول الرقمي وتسهيل الخدمات الإلكترونية التي يحتاجها الجمهور سواء المواطنون أو المقيمون، وخاصة تلك التي يتضمنها تطبيق مطراش2، منوها بضرورة أن يستفيد الجميع من هذه التجربة الناجحة والمتطورة بشكل مستمر.
ونوه بضرورة البدء في عملية دمج قواعد البيانات بين الوزارات والمؤسسات الحكومية التي ستوفر على البلاد ملايين الريالات المخصصة لعمليات الصيانة الدورية، ونقلها إلى قاعدة بيانات موحدة تخدمها نافذة موحدة لإتمام كافة الخدمات الحكومية، لافتا إلى أنَ وزارة الداخلية تعتبر النموذج الذي يجب أن يحتذى به لدى كافة المؤسسات سواء على مستوى توفير وإتمام المعاملات الإلكترونية إلى جانب الدمج بين مختلف الإدارات والانتهاء من المعاملة في وقت يسير دون انتظار أو اضطرار إلى الانتقال لمبنى الوزارة للانتهاء منها.
4 مستويات.. لخطط التطوير
تهدف الحكومة الإلكترونية إلى إتاحة جميع الخدمات التي تقدمها عبر شبكة الإنترنت أو من خلال الهاتف الجوال مع زيادة الوعي بين المستخدمين حول كيفية الوصول إلى هذه الخدمات وتشجيعهم على استخدام الإنترنت لإتمامها. وقد تطلب ذلك تطوير إجراءات جديدة لجعل الوصول لتلك الخدمات واستخدامها عبر الإنترنت أكثر سهولة وملاءمة للمستخدمين، بما في ذلك إعادة هندسة الإجراءات التي ترتكز عليها هذه الخدمات بحيث يستطيع المستخدمون إتمام معاملاتهم بشكل كامل على الإنترنت.
ويصنف نضج الخدمات الرقمية في قطر إلى 4 مستويات:
المستوى 1- إعلامية: توفير المعلومات عن الخدمة؛ بيانات ثابتة غير تفاعلية مثال خدمات تتيح طباعة النماذج أو الطلبات؛ وخدمات تسمح بالبحث عن المعلومات ومواقع مكاتب الجهات الحكومية.
المستوى 2- تفاعلية: الخدمات المقدمة أكثر تفاعلية من خدمات المستوى 1، حيث تتضمن التحقق من حالة طلبات معينة، تقديم استفسار أو شكوى حول خدمة معينة، ملء استمارات أو طلبات عبر الإنترنت وتقديمها إلكترونيًا، غير أن هذا النوع من الخدمات يحتاج تواجد المستخدم فعليًا لدى الجهة لإكمال الخدمة.
المستوى 3- إجرائية: وهي الخدمات التي تحتاج إلى التفاعل بين الحكومة والأفراد لإتمام المعاملة على الإنترنت. وتتضمن ملء الاستمارات على الإنترنت وتقديمها، وتقديم المستندات الممسوحة ضوئيًا، واستكمال العملية على الإنترنت دون الحاجة لزيارة الجهة الحكومية، وإرسال الوثائق إلى العميل عن طريق خدمة التوصيل / البريد عندما يتطلب إنجاز المعاملة التسليم الفعلي المباشر (مثل جواز السفر) - وتُعرف بخدمات تتم عبر الإنترنت.
المستوى 4- متكاملة: يهدف هذا المستوى إلى ربط الخدمات الإجرائية بين الجهات الحكومية المختلفة (بخلاف الدفع الإلكتروني). ومثال لهذه الخدمات الإشعار الواحد من العميل لتحديث بيانات العميل في عدة جهات وكذلك تقديم الخدمات بشكل استباقي على أساس المعرفة المسبقة بالعميل (إرسال رسالة من الجهة الحكومية إلى المواطن عند انتهاء البطاقة / الإقامة للتجديد).
علي بن عيسى الخليفي: تسهيلات ضرورية في خدمات المحاكم
أكد المحامي علي بن عيسى الخليفي، أهمية تدشين البوابة الإلكترونية للمحاكم القطرية بما يساهم في تسهيل اجراء المعاملات وتوفير الوقت والمجهود، مشيرا الى ان الخدمات التي يقدمها المجلس الأعلى للقضاء عبر بوابته الالكترونية تساهم في تعزيز الشراكة الفاعلة مع المحامين والخبراء وجمهور المتقاضين من خلال العديد من المزايا والخدمات بما فيها إتمام تسجيل الدعاوى والطلبات وتبادل المذكرات بسرعة وفاعلية أكثر.
واضاف: بالاطلاع على محتوى البوابة الالكترونية التي تم تدشينها مؤخراً تبين أن نظام الاستخدام يتمير بالسلاسة وسهولة الاستخدام وهو ما يظهر من خلال الانتقال السلس بين الخدمات الالكترونية ويحدونا الامل في أن يتم التطوير الالكتروني الى الافضل.
ويوفر موقع المحاكم القيام بالعديد من الإجراءات إلكترونيا دون الحاجة إلى القيام بزيارة خاصة لإنجاز تلك الإجراءات، وتشمل تلك الخدمات: خدمة إيداع مذكرة، تسجيل دعوى تجارية، تسجيل دعوى مدنية، تسجيل أمر أداء، تسجيل دعوى أسرة، تسجيل دعوى إيجارية، وتسجيل دعوى إدارية، طلب معارضة على حكم غيابي، طلب ربط مكتب محاماة بدعوى، تسجيل دعوى استئناف جنائي من الأطراف، الاطلاع على نسخة موثقة من الاحكام، تقديم أو تأجيل موعد جلسة، وطلب نسخ وثائق من ملف الدعوى، طلب نموذج عام وطلب طعن بالتزوير وغيرها من الخدمات.
عمار محمد مستشار الإعلام الرقمي: توظيف التكنولوجيا ضرورة خدمية للجمهور
أكد عمار محمد، مستشار الإعلام الرقمي ضرورة توظيف البنية الرقمية الحديثة المتاحة في توسيع الخدمات الالكترونية التي تقدمها الجهات الحكومية للجمهور.
وأشار في هذا السياق الى تدشين منصة «تسمو» التي توفر الاحتياجات الأساسية لتعزيز الثقافة الرقمية وتطوير التكنولوجيا الذكية عبر 5 قطاعات حيوية، تشمل النقل والخدمات اللوجستية والرعاية الصحية والبيئة والرياضة.
وأكد ان المنصة تمثل حلاً فريداً من نوعه لتعزيز الخدمات الرقمية وأنظمة المدن الذكية، وهي المحرك الرئيسي لتحويل قطر إلى دولة مستدامة تدعمها التكنولوجيا وفقاً لما جاء في رؤية قطر الوطنية 2030.. مشيدا بدور وزارة المواصلات وتكنولوجيا المعلومات في تبني ودعم الثورة التقنية من خلال رعاية البحوث والتطوير، لإحداث تغيير إيجابيّ على مستوى الاقتصاد والمجتمع في دولة قطر.
وأشار إلى أن بعض الوزارات مثل وزارة الصحة العامة والداخلية والبلدية قد اعتمدت على النظام الإلكتروني والخدمات الرقمية بشكل كبير، الأمر الذي يثبت نجاح التحول الرقمي ولكنه يحتاج إلى موازنات، وأن يكون هناك كادر بشري يديره، مع ضرورة التدريب المستمر للموظفين حتى نستمر في تقديم الخدمات بشكل دائم.
وأشار في هذا السياق إلى خطط وزارة المواصلات وتكنولوجيا المعلومات وبرامجها الهادفة إلى تعزيز استخدام الأنظمة الرقمية ليس فقط على مستوى الجهات الحكومية وانما على مستوى تعزيز الثقافة والمهارات الرقمية بين مختلف شرائح المجتمع، لتمكينهم من الإسهام في النهضة الاقتصادية والثقافية للدولة.
بوابة حكومي.. 1,500 خدمة رقمية متكاملة
تقدّم الوزارات والهيئات الحكومية وشبه الحكومية في دولة قطر ما يقرب من 2,300 خدمة، منها أكثر من 1,500 خدمة رقمية متكاملة، تشمل مختلف القطاعات الحيوية بهدف تيسير الإجراءات لمختلف فئات الجمهور وتسهيل وصولهم إلى الخدمات.
ويتمثل دور البوابة الرسمية لحكومة قطر الإلكترونية «حكومي» في توفير المعلومات والخدمات الحكومية على نحوٍ أكثر كفاءة وفاعلية، بهدف تسهيل وصول جميع المواطنين والمقيمين والزائرين وقطاع الأعمال إليها، فضلاً عن زيادة وعي الجمهور بالبرامج والفعاليات والأخبار والمبادرات الحكومية، بما يتماشى مع الأهداف التي تضمنتها استراتيجية الحكومة الإلكترونية لدولة قطر.
وتتيح بوابة حكومي لمستخدميها الفرصة للحصول على المعلومات والخدمات إلكترونيًا وبشكل أكثر سهولة وسرعة، حيث توفر البوابة الكثير من الخدمات الإلكترونية المهمة، كما يمكن الحصول على نماذج طلبات الخدمات والوثائق الرسمية والمعلومات العامة من خلال بوابة حكومي.
وقد ساهم تطور أداء الحكومة الإلكترونية في دولة قطر، بمساعدة بوابة حكومي، في تحقيق إنجازات متميزة؛ فوفقًا للتقرير العالمي لتكنولوجيا المعلومات الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، تحتل قطر المركز الرابع عالميًا فيما يتصل بالاستخدام الحكومي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
استراتيجية رقمية
وتهدف الحكومة الرقمية إلى توفير حياة أفضل للمجتمع؛ حيث إن استخدام التكنولوجيا على مستوى العالم يسعى إلى تقديم حلول أبسط وأسرع. وتقدم التكنولوجيا للجهات الحكومية فرصًا جديدة للتواصل مع الجمهور وعالم الأعمال لتلبية احتياجاتهم، فضلاً عن توفير الأدوات التي يحتاجها موظفو الحكومة لتقديم خدمة متميزة ذات مستوى عالمي تتسم بالفعالية والابتكار.
وتعمل استراتيجية الحكومة الرقمية لدولة قطر على تطويع التكنولوجيا لتحقيق القيمة الحقيقية للحكومة الرقمية وتلبية احتياجات كافة العملاء.
الشركات والمؤسسات الخاصة: ستستطيع تسجيل ومزاولة الأعمال والأنشطة التجارية بشكل أسرع وأسهل تماشيًا مع الرؤية الوطنية لتنويع الاقتصاد والتي تهدف إلى خلق بيئة صحية للاستثمار وتذليل أي عقبات تحول دون مزاولة الأعمال حتى يتسنى للاقتصاد الوطني مواصلة النمو والتطور.
الجهات الحكومية: ستتمكن الجهات الحكومية من تقديم خدمات أفضل وأكثر فعالية وبالتالي ستوفر وقت وجهد المستخدمين. كما أن استراتيجية الحكومة الرقمية ستعمل على خلق قدر أكبر من الشفافية.
وتعود استراتيجية الحكومة الرقمية بالفائدة على كافة شرائح المجتمع بحيث تشمل المستخدمين والجهات الحكومية والدولة بشكل عام وذلك بالاستناد إلى التجارب الدولية والمتطلبات الوطنية.
الجهات الحكومية: تنظم الحكومة الرقمية مجموعة واسعة النطاق من العمليات الإدارية؛ إذ يمكن للحكومة عن طريق أتمتة العمليات المعقدة زيادة الإنتاجية وتوجيه الموارد والكوادر إلى الأولويات الأكثر أهمية. ويمكن أن تساعد الحكومة الرقمية في تحسين الكفاءة التشغيلية للحكومة عبر كافة الجهات الحكومية. وذلك من خلال الاستفادة بالمنصات والبيانات والموارد المشتركة.
الدولة بشكل عام: على المستوى العام، تعزز الحكومة الرقمية المزايا والمكاسب التي تعود على الدولة بالكامل. وسوف يساعد تحسين الخدمات في دولة قطر على النهوض بمستوى معيشة المواطنين والوافدين على السواء، كما أن تسريع وتيرة الخدمات المقدمة إلى الشركات وتزويد الشركات بقواعد البيانات المفتوحة القيّمة من شأنه دفع عملية التنمية الاقتصادية الوطنية. ومن المعلوم أيضًا أن نجاح الحكومة الرقمية سوف يعزز من سمعة ومكانة دولة قطر على مستوى العالم.
وتدعم الحكومة الرقمية شفافية الأداء الحكومي من خلال إتاحة القدرة على متابعة سرعة وجودة التنفيذ. ويمكن تعزيز هذه الشفافية من خلال إتاحة الوصول إلى البيانات المفتوحة التي تتعلق على سبيل المثال بنتائج الرعاية الصحية. وختامًا، تسمح القنوات الإلكترونية للمواطنين بزيادة شفافية وانفتاح مشاركة شرائح المجتمع في إعداد السياسات.