رجال الدين يحذرون ربات البيوت من الإسراف في رمضان
تحقيقات
24 يوليو 2011 , 12:00ص
الدوحة - هناء الرحيم
قبل بداية شهر رمضان المبارك تستعد ربات البيوت لإعداد مؤونة الشهر الكريم من اللحوم والدجاج والخضر والفواكه والحلويات بكميات كبيرة. وتتسابق السيدات على المجمعات التجارية والجمعيات التعاونية لتحصد أكبر وأوفر كمية ممكنة من العروض الترويجية على أصناف مختلفة من الأطعمة قبل شهر رمضان، لدرجة تترك انطباعا بأن ثمة مجاعة ممكن أن تحصل أو بأنه شهر يجب التفرغ فيه للأكل فقط لتعويض ساعات الصيام الطويلة، متناسين أنه شهر للعبادة والتقرب من الله تعالى والشعور بمعاناة الآخرين. ويلاحظ خلال هذا الشهر الكريم الإسراف المبالغ فيه لدرجة تتخطى فيه فاتورة رمضان الحدود الطبيعية، ليس فقط في شراء الأطعمة، بل إن الكثيرين يذهبون أبعد من ذلك إلى تغيير الأواني المنزلية والمواعين والستائر والشراشف. «العرب» استطلعت آراء المواطنات حول هذه الظاهرة وموقفهن منها.
تقول منى الكبيسي إن التحضير لشهر رمضان يبدأ قبل أسبوع من بدايته ويشمل كل أنواع الأطعمة والخضر والفاكهة واللحوم والحلويات، مشيرة إلى أنه رغم كون سيدة المنزل تتهافت على الجمعيات لتحضير مؤونتها قبل بداية الشهر الفضيل، فإنه ورغم ذلك تشعر بأنه لا يزال هناك شيء ينقصها وتقوم في كل يوم من أيام الشهر الفضيل بتبضع أمور إضافية. وتعترف منى بأن فاتورة شهر رمضان تتخطى كل الحدود من حيث شراء الأطعمة لا بل وتذهب أبعد من ذلك وتقر بأنها تصل حد الإسراف، وقد أصبح من عادات العائلات العربية تحضير أكثر من صنف عند الإفطار وبالتالي فإن هناك كثيرا من الأطعمة التي تذهب إلى النفايات. وتصف منى ذلك بالحرام والهدر، لافتة إلى أن العبرة من شهر الصوم الشعور بالفقراء ممن يشتهون الطعام في، حين أن هناك الكثير يلقونه في سلة المهملات. وتدعو إلى الحد من هذه الظاهرة والحفاظ على النعمة والشعور بالآخرين وحاجتهم.
إغراءات الجمعيات
أما هدى مسلم فتقول: إن المجمعات التجارية والجمعيات التعاونية تتواطأ بدورها لجذب المستهلكين إليها من خلال زيادة العروض الترويجية على أصناف مختلفة من المأكولات لدرجة يشعروننا بأن ثمة مجاعة ممكن أن تحصل أو أنه شهر الأكل وليس شهرا للصيام. وبالتالي يتهافت الناس للحصول على أكبر كميات من هذه العروض. وتؤكد هدى أن المصاريف التي تصرف في رمضان على الطعام والولائم كبيرة جدا وتتخطى مستوى أي شهر عادي. وتوافق رأي منى بأن هناك إسرافا كبيرا في الأطعمة خلال الشهر الفضيل لدرجة أن هناك كميات كبيرة جدا من الأطعمة تذهب إلى سلة المهملات؛ لأنها لا تجد من يأكلها فكثير من ربات البيوت تطبخ كميات زائدة فوق حاجة عائلاتها.
من جانبها، ترى أم محمد أن معظم السيدات يقضين معظم أوقاتهن في النهار في تحضير الطعام وجزءا كبيرا من الليل في إعداد الحلويات والمشروبات في حين أنهن يجب أن ينشغلن في طاعة الله عز وجل.
بدورها، ترى نعيمة أن كثيرا من السيدات وهي منهن طبعا يتهافتن على شراء ما لذ وطاب من الأطعمة لدرجة تصل إلى حد الإسراف والتبذير والمبالغة، والأغرب من كل ذلك أن معظم الأكل في رمضان يبقى كما هو والصائم لا يحبذ أكل الطعام عينه على مدى يومين؛ فكثير من هذه الأطعمة يكون مصيره النفايات، وتؤكد أن هذا التصرف حرام رغم اتباعه من قبل معظم الناس.
حفظ النعمة
تفسر فاطمة السويدي الإسراف في الطعام خلال شهر رمضان المبارك بـ «قلة الإيمان»، مشيدة بمبادرة «حفظ النعمة» بمؤسسة عيد الخيرية وتدعو الناس أن تقدم لهم الأكل الزائد فهم يتولون توزيعه على من هم بحاجة. وتنصح فاطمة الناس أن يقوموا بتوزيع الطعام الزائد إلى الفقراء في حيهم ففي كل حي لا بد أنه يوجد عمال ومن هم بحاجة فالأفضل توزيع الأكل عليهم بدلا من رميه في سلة المهملات على الأقل حتى يساهموا في زرع الابتسامة على من هم بحاجة. وتشير فاطمة إلى أن والدتها تقوم بإعطاء الأكل الزائد إلى البقالة في حيهم. وتشدد على ضرورة عدم اختصار الشهر الفضيل على الأكل بل هو شهر طاعة وعبادة ويجب استثماره في أمور إيمانية أهم من الطعام.
عادة خرجت عن السيطرة
من جانبها، تعتبر أم حسن أن الإسراف في الطعام خلال شهر رمضان بات عادة خرجت عن سيطرة الناس لجهة أن تكون المائدة مليئة بأصناف متنوعة. وترى أم حسن أن الحرص على تنويع الوجبات والطعام في رمضان يؤدي إلى الإسراف، وبالتالي إلى رمي كثير من الأطعمة في سلة المهملات. وتربط أم حسن أسباب هذا الإسراف إلى تحسن مستوى المعيشة لدى الناس الذي من أحد مسبباته الرئيسية أن الكماليات تصبح ضروريات وبالتالي فإن الناس تنتظر المناسبات لتجدها فرصة لتغيير القديم بما هو جديد.
الإسراف عادة
أما فريدة محمد فتشير إلى أن الإسراف في شهر رمضان لم يعد قاصرا على الطعام فقط بل إن هناك كثيرا من العائلات التي تعمد إلى تغيير شراشف وبرادي المنزل والأواني والمواعين وهو أمر أصبح عادة في كل سنة. وترى فريدة أن الإسراف في الطعام والمظاهر الأخرى أصبح عادة في شهر رمضان ومن لا يفعل مثل غيره من الناس يعيبون عليه بالبخل أو بعدم القيام بواجب الضيافة كما يجب، علما أن تصرفه يكون ضمن حدود المعقول ولكن أغلب الناس أصبحت مصاريفها غير معقولة.
إلى ذلك، تتفق أم عبدالله مع فريدة وتعتبر أن الإسراف في رمضان لا يتوقف على الأطعمة فقط بل يتعداه إلى الملابس حتى أن هناك كثيرا من العائلات يعمدون إلى تغيير الديكور في المنزل وشراء مواعين وصحون وكؤوس وعبايات جديدة فكل سيدة قطرية تحرص على شراء أو تفصيل عباية جديدة خاصة لشهر رمضان وأيضا للأولاد. هذا بغض النظر عن ليلة الكرنكعوه التي تعد تكاليفها عالية جدا فتفصيل دراعة واحدة لطفلة لا يقل عن 1500 إلى 2000 ريال لتلبسها لمدة ساعتين في ليلة الكرنكعوه. وتنتقد أم عبدالله الأسواق التجارية التي باتت تستغل المناسبات لرفع الأسعار والناس مضطرة أن تواكب الموضة وتشتري بأغلى الأثمان.
كذلك تنتقد أمل النعيمي ظاهرة الإسراف في تجهيز الأطعمة في رمضان ولا تراها صحية ولا تنبع من إيمان، مشيرة إلى أن تنوع أصناف الطاولة الرمضانية يرجع إلى اختلاف أذواق الأسرة، الأمر الذي يؤدي إلى الإسراف في الطعام وبالتالي يرمى الفائض منه في سلة المهملات. وتشيد أمل بالجمعيات التي تتولى أمر استلام وتوزيع الطعام الفائض وتدعو الناس إلى الاتصال بهذه الجهات لتوصيل فائض الطعام إلى من هم بحاجة.
شهر للأكل لا للعبادة!
تعتقد مريم عبدالله أن إقبال الناس على الجمعيات التعاونية والمجمعات التجارية لشراء الأطعمة قبل شهر رمضان يوحي بأنه شهر يقتصر على الأكل وليس على العبادة، مشيرة إلى أن الجمعيات تقدم عروضا وإغراءات غير طبيعية تشجع الناس على الشراء والإقبال أكثر.
وتشير نورا محمد إلى أن عائلتها لم تتعود الإسراف في شهر رمضان ولكن هناك أناس يبالغون كثيرا في الشهر الفضيل الذي يجب فيه مساعدة الناس ومن هم بحاجة وليس رمي الطعام والإسراف في المصاريف فهناك من هم بحاجة إليها.
وتقول إنها لا تشتري سوى حاجتها لشهر رمضان وعلى حسب ما تريده، أما بعض الناس فيشترون كل شيء بالصناديق وكأن هناك مجاعة ستحدث، مشيرة إلى أن الإسراف أصبح في كل تفاصيل الحياة.
لا للإسراف
وفي هذا الإطار يقول فضيلة الشيخ أحمد البوعينين: إن ظاهرة الإسراف في الأكل خلال شهر رمضان المبارك عادة موجودة في كل المجتمعات العربية وليس بالمجتمع القطري فقط، لافتا إلى أن المجمعات التجارية تشجع الناس على هذه العادة السيئة من خلال العروض الترويجية والإغراءات التي تقدمها قبل وخلال الشهر الفضيل. ويشير البوعينين إلى أن ظاهرة الإنفاق في شهر رمضان المبارك تفوق الضعف عن الأيام العادية، لافتا إلى أن هناك كثيرا من الأكل الذي يرمى في سلة النفايات بسبب تحضير أطعمة تفوق الحاجة، وبالتالي فإن ما يرمى في القمامة أكثر مما يستخدم وهذا دليل على عدم شكر النعم، مشددا في الوقت عينه على ضرورة المحافظة على هذه النعم حتى تدوم.
ويتطرق البوعينين في حديثه إلى خدمة «حفظ النعمة» التي تقدمها مؤسسة عيد الخيرية في شهر رمضان المبارك وهي تساعد الناس الذين لديهم ولائم في توصيلها إلى من هم بحاجة إليها.
ويدعو فضيلة الشيخ إلى عدم الإسراف في طبخ الأكل خلال شهر رمضان، مشيراً إلى أن هناك موائد رمضانية تكفلت بها جمعيات خيرية ومحسنون في المساجد؛ حيث بإمكان الأهالي التواصل معهم في حال كان لديهم طعام زائد.