أفغانستان.. غموض يكتنف البلاد بعد قرار أوباما
حول العالم
24 يونيو 2011 , 12:00ص
واشنطن – أ.ف.ب
يرى محللون أن قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما بالسحب الجزئي لقواته من أفغانستان، يخفف الضغط السياسي الذي يمارس عليه في الولايات المتحدة، إلا أنه لا يفلح في حل معضلة تحرير الولايات المتحدة من هذه الحرب الطويلة.
ولدى إعلانه الأربعاء عن سحب 33 ألف جندي تم إرسالهم كتعزيزات عسكرية إلى أفغانستان بحلول صيف 2012، قدم أوباما طرحا وسطيا بين صقور الحرب ورافضيها، إلا أنه ترك ظروف إنهاء الحرب وما قد تشمله من صفقة محتملة مع طالبان دون أفق واضح.
وتعكس خطة أوباما الرغبة العسكرية بإبقاء الجزء الأكبر من القوات الأميركية المنتشرة في أفغانستان في مكانها طيلة هذا العام، مع تقديم بداية لتقليص العديد استجابة لمطالب حزبه.
غير أن جانبي النقاش حول الحرب أصيبوا بخيبة أمل، متهمين أوباما إما بالتخلي عن المجهود الحربي أو بتعميق المستنقع. وفي حين لن يكون لسحب عشرة آلاف جندي هذا العام من تأثير بالغ على الوضع الميداني في الأشهر المقبلة، فإن انسحاب القوات الباقية التي أرسلت كتعزيزات والبالغ عددها 23 ألفا عام 2012، قد يحد من فعالية الخطط لإنهاء التمرد في شرق أفغانستان.
وكتبت دانيال بلاتيكا من معهد «أميركان إنتربرايز» اليميني في تعليق نشر قبل يوم من خطاب أوباما، أن عديد الجنود الذين سيتم سحبهم «يعني أن المحافظة على المكاسب التي تحققت في جنوب أفغانستان ستصبح أصعب، وأن العمليات المطلوبة في الشرق ستسير بشكل أبطأ».
أما كارولين وادهامز المحللة في «مركز التقدم الأميركي» للدراسات، فاعتبرت أن حجم الانسحاب يمثل «أعدادا ضئيلة جدا». وقالت «سيبقى لدينا 70 ألف جندي أميركي في أفغانستان عام 2013»، أي ضعف عدد الجنود المنتشرين عند استلام أوباما مهامه في البيت الأبيض مطلع العام 2009. وأضافت «لا يزال أمامنا عدد كبير جدا والتزام طويل الأمد في أفغانستان».
وبدا أيضاً أن تقليص الوجود الأميركي أقرب إلى نهاية للآلة الحربية المضادة للتمرد، وهي نظرية يروج لها ضباط كبار في الحرب ضد المقاتلين في العراق وأفغانستان. وسيطرت المقاربة التي تتطلب التزاما بعدد ضخم للقوات و «صبرا»، على العقلية العسكرية الأميركية على مدى عقد، ما خلف حصيلة بشرية ومالية ثقيلة.
وقال ستيفن بيدل الخبير في مجلس العلاقات الخارجية، إن استراتيجية محاربة التمرد «تستنزف موارد كثيرة وتتسم بالبطء».
وبرأي وادهامز، فإن الجدل السياسي حول عدد القوات صرف الانتباه عن مسألة أخرى أكثر حساسية شغلت كبار الضباط والمستشارين على مدى سنوات، وهي: ما هدف الحرب؟، وسألت: «ما الاستراتيجية وماذا نأمل أن ننجز؟».
وإبان عهد الرئيس السابق جورج بوش الابن، كان هدف الحرب الأميركية دفع طالبان إلى الاستسلام.
إلا أن أوباما ترك المجال مفتوحا أمام صفقة تفاوضية يمكن أن تسمح بدور سياسي لمقاتلي طالبان الذين أظهروا صمودا بعد الإطاحة بنظامهم مع الغزو الأميركي عام 2001. وقال بيدل إن البيت الأبيض اتهم بـ «الازدواجية» حيال ما يراه حدا أدنى من أهداف الحرب، ومن الممكن أن الإدارة قد توافق على «طموحات مخففة». وأضاف أنه إذا ما تم تخفيض عدد الجنود، فعندها يجب تقديم شيء».
واعترف المسؤولون الأميركيون رسميا في الأيام الماضية للمرة الأولى، بالتحضير لمحادثات أولية مع طالبان، وقال أوباما الأربعاء إنه رأى أملا بحصول تقدم في هذه الاتصالات.
لكن بعض الأصوات المحافظة تحذر من أن الوقت مبكر جدا لحصول أي تقدم على طاولة المفاوضات، وأن الانسحاب سيؤدي إلى أزمة كبيرة داهمة مع إمكانية عودة الحرب الأهلية والملاجئ الآمنة لطالبان. إلا أن بيدل يرى أن هذا السيناريو التشاؤمي مستبعد.
وعوضا عن ذلك، فإن بروز مأزق داخلي ترفض فيه حكومة كابل القيام بالإصلاحات اللازمة للانسحاب الأميركي المعلن عام 2015، قد يطرح مشكلة أكبر بحسب بيدل. ووفق هذا السيناريو -أضاف بيدل-: «نشير إلى وجود حالة من نفاد الصبر تدفع إلى أخذ مزيد من الاحتياط، ونمكن أنفسنا من القيام بإصلاحات كبيرة، وهنا تبقى الحكومة (الأفغانية) شبه عاجزة بعد خمس سنوات كما هي الآن».