مونديال قطر يقلب مفاهيم العالم الحديث

alarab
رياضة 22 نوفمبر 2022 , 12:45ص
مجدي زهران

  تقنيات جديدة وكرنفال إنساني غير مسبوق 
  تجربة سياحية وثقافية خلال كأس العالم 
  لوسيل واللؤلؤة.. سياحة الطعام وفخامة الإقامة 
بطولة تجاوزت كرة القدم لتكون حدثاً بمفهوم إنساني شامل
 

على مر تاريخ بطولة كأس العالم التي بدأت عام ١٩٣٠ لم تُنظم نسخة شمولية كالتي تنظمها قطر، والسبب أنها بطولة تجاوزت سياقات التنافس الكروي، لتكون حدثاً بمفهوم ثقافي، وتنموي، واجتماعي، وإنساني، وحضاري، يكتشف العالم من خلاله قطر والعرب، ومنطقة الشرق الأوسط التي افترى عليها الجميع.


تلك المفاهيم هي التي دفعت الدولة منذ اللحظة الأولى للعمل والإصرار على تنظيم بطولة كأس عالم بهذا الحجم والشكل.. بطولة ذات طابع تنموي شامل، يساعد في تطوير منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والدول الأقل حظاً، ويكشف الوجه الآخر لقدرات من أُطلق عليها دول العالم الثالث. الآن وقد افتُتحت البطولة، وأبهرت قطر العالم وشاهدت الدنيا رقصة العرضة والتقاء الحضارات وسهولة التواصل الإنساني ما جعل تصنيف منطقتنا ضمن العالم الثالث ليس دقيقاً خصوصاً بعد تحقيق دولة قطر وهي دولة إسلامية، خليجية، شرق أوسطية صغيرة، ما لم تستطع دول كبيرة تحقيقه على مستوى البنية التحتية والتطور التقني والإرث الأخلاقي والتنموي، ولذلك هي بطولة ذات أبعاد إنسانية وحضارية تقلب مفاهيم العالم الحديث، وموازين قواه، لتؤكد أن العرب قادرون على الإبداع والنهضة بالشعوب. 
دولة قطر نجحت في رفع سقف المعايير لتنظيم بطولة كأس العام، باستحداثها مفاهيم وتقنيات جديدة لم يشهدها العالم من قبل، وهذا ما سيجعل تنظيم البطولة القادمة على يد ثلاث دول مجتمعة هي «الولايات المتحدة الأمريكية - كندا - المكسيك» صعباً للغاية.
صباح ٢٥ أكتوبر الماضي، قال حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، في خطاب افتتاح دور الانعقاد العادي لمجلس الشورى 51: إن دولة قطر حالياً أشبه بورشة عمل في التحضير والتجهيز، وهذه الورشة التي أشار إليها سموه أبهرت الملايين في حفل الافتتاح، وأكدت أن العرب الذين اجتمعوا في خيمة استاد البيت قادرون على التميز والتألق وتوحيد العالم.

كرنفال إنساني 
هذه لحظات قليلة في أيام المجتمع الإنساني الذي يلقي بأحمال الظروف التي يعيشها خلف ظهره، ليعيش تجربة فريدة من الوحدة الإنسانية في قطر، التي تساوي بين الأعراق والثقافات، وتنشر روح المحبة فيما بينه، لتجتمع الجماهير حول حب كرة القدم، لأنها لعبة استثنائية لها سحرها الذي يمتد مداه إلى خارج المستطيل الأخضر.
إذن مونديال قطر عبارة عن رسالة وهو بمثابة كرنفال إنساني، تتآلف فيه الثقافات والأعراق التي حضرت من كل حدب وصوب، لتمد جسوراً من التواصل والمحبة فيما بينها. 

أخلاق العرب وسفراء المنطقة 
إن العالم عرف الآن ما هي ثقافة العرب، وبدورهم يؤمن سكان المنطقة العربية إيماناً كاملاً بامتلاكهم مخزوناً أخلاقياً سامياً، عنوانه النخوة وإكرام الضيف وسعة الصدر، وإن المجتمع القطري يحمل الآن لواء كل العرب ليكون سفيراً مفوضاً فوق العادة وممثلاً للشعوب العربية من حيث حضارتها وثقافتها.
والآن نلتمس في الشارع القطري كيف يعمل القطريون على إظهار هذا الإرث الممتد من الآف السنين حتى يومنا هذا في المنطقة العربية، إرث للسماحة وتقبل الآخر والحضارة والترحيب بالضيف، الشعب القطري «كباراً وصغاراً» من أوائل المستضيفين لزوار بطولة كأس العالم في قطر بكل حب ورحابة صدر. 
وقد قلنا إن هناك تحركات في الشارع القطري الآن حول هذا الخصوص، تبرهن عليه الآن وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة بإطلاقها حملة توعوية تحث المجتمع القطري على استغلال حدث بطولة كأس العالم كفرصة لإظهار أخلاق العرب وترسيخ صورة ذهنية جديدة عن سكان المنطقة العربية، وهي الرسالة التي تآلف الشعب القطري «مواطنين ومقيمين» حول هدفها، معلنين بكل وضوح، أن قطر تستضيف العالم بكل الاحترام والحب ونخوة العرب المعهودة في ميراثنا الأخلاقي. 

فعاليات لا تتوقف
ستشهد دولة قطر مجموعة لا نهائية من الأنشطة الثقافية والفنية التي سيحييها نجوم العالم في مجال الفن والترفيه، حيث أعلنت المؤسسة العامة للحي الثقافي «كتارا»، عن فعالياتها المصاحبة لكأس العالم FIFA قطر 2022، إذ ستنظم 51 فعالية رئيسية، تتفرع منها أكثر من 300 فعالية فرعية، بمشاركة 22 دولة، وذلك خلال الفترة من 18 نوفمبر إلى 18 ديسمبر المقبلين. كما سيشهد زوار قطر عروضاً ترفيهية في الشوارع واستعراضات تستمر على مدار اليوم ليلاً ونهاراً، وزخماً من الأنشطة التي من المتوقع أن يحضرها أكثر من مليون شخص. 

إحياء تاريخ كرة القدم 
ستتمكن جماهير وعشاق كرة القدم حول العالم من التعرف على تاريخ اللعبة من خلال معرض «عالم كرة القدم» في متحف قطر الأولمبي والرياضي 3-2-1 ببطولة ذاكرة لعبة كرة القدم منذ نشأتها، وحتى قيام كأس العالم 2022. ويأخذ المعرض المقام ضمن مبادرة «قطر تبدع» زواره في رحلة عبر تاريخ بدايات كرة القدم، ويبرز قدرتها على تقريب الناس على اختلاف أعمارهم وجنسياتهم وثقافاتهم، ودورها الثقافي والتنوي. ويضم المعرض مقتنيات توثق تاريخ كرة القدم في قطر ورحلة الفوز بتنظيم مونديال 2022.

اللؤلؤة ولوسيل مدن المستقبل 
سيُتاح لزوار قطر، وقد شاهدناهم بالفعل يجوبون لوسيل واللؤلؤة اللتين تُشكلان منارة للمستقبل ترسم وجه الاستثمار في منطقة ساحل الخليج العربي. 
وتزخر لوسيل بمجموعة من الفعاليات خلال كأس العالم، سيستمتع من خلالها الزوار بسياحة الطعام، وفخامة الإقامة المطلة على الخليج الغربي بدولة قطر. 
أما جزيرة اللؤلؤة فقد استعدت استعداداً كاملاً لاحتضان الزوار القادمين من مختلف أنحاء العالم، والتمتع بالإقامة داخلها. 
 
رحلة بين الصحراء والبحر
من مميزات الجغرافيا القطرية أنها تجمع متناقضين، هما البحر والصحراء، وهذه التجربة الفريدة سيجدها زوار كأس العالم في منطقة «سيلين» في منطقة مسيعيد، تلك التجربة ستمكن العالم من اختبار منظر الصحراء القاحلة في أحضان البحر الأزرق الصافي، وخلال كأس العالم سيكون هناك عشرات الأنشطة ومئات الرحلات المنطلقة ذهاباً وعودة من الدوحة إلى أطراف مدينة مسيعيد الهادئة والتي تضم شاطئ سيلين وخور العديد.