الخارجية المصرية من «العربي» لـ «العرابي».. وماذا بعد؟

alarab
حول العالم 21 يونيو 2011 , 12:00ص
القاهرة - العرب
لم يكن مستغربا أن تنظر إسرائيل بعين القلق إلى ترشيح محمد العرابي وزيرا للخارجية المصرية خلفا للدكتور نبيل العربي الذي سيتولى منصب الأمين العام للجامعة العربية، وكان أغضب الدولة العبرية بسبب انتقاداته لها وتصريحاته عن التقارب مع إيران. ويبدو أن العرابي سيسير على طريق أستاذه نبيل العربي، فقد أكد وزير الخارجية الجديد فور إعلان ترشيحه للمنصب على مواصلة «سياساتنا الخارجية للتعبير عن طموحات وآمال المصريين ما بعد ثورة 25 يناير». وأضاف: «سنعمل على استكمال المسيرة التي بدأها أستاذنا نبيل العربي». وكان العربي مديرا لمكتب عمرو موسى وزير الخارجية الأسبق، وكان يشغل منصب مساعد وزير الخارجية، وسفير مصر السابق لدى ألمانيا لـ8 سنوات متصلة، كما كان سفيرا لمصر في كل من الكويت ولندن وواشنطن، واستمر في العمل الدبلوماسي لأكثر من 35 سنة، وكان عضوا في مكتب د.بطرس غالي وزير الدولة للشؤون الخارجية الأسبق، ثم عضوا في مكتب د.عصمت عبدالمجيد وزير الخارجية الأسبق، وقد تمت إحالته للتقاعد يوم 26 يناير الماضي. وحينما سئل قبل نحو أكثر من شهر في حوار صحافي هذا السؤال: «النجاح الذي حققه الدكتور نبيل العربي وزير الخارجية في فترة قليلة كيف يمثل تحديا للوزير الذي سيخلفه عندما ينتقل الدكتور العربي كأمين عام للجامعة العربية؟»، كان رد العرابي: «الدكتور نبيل العربي هو أستاذنا ولا يوجد تلميذ يقيم أستاذه، والدكتور العربي قامة دبلوماسية كبيرة ليس في مصر فقط ولكن في العالم، وتولى مسؤولية الخارجية في أصعب فترة ممكن يتولى فيها وزير مسؤولية السياسة الخارجية لمصر، وجاء أيضا في وضع استراتيجي جديد في الشرق الأوسط، والدكتور نبيل تمكن بذكاء من توظيف هذا الوضع الاستراتيجي الجديد في خلق وضعية استراتيجية جديدة لمصر تخدم سياستها الخارجية، ووزير الخارجية كوظيفة لا يسعى إلى الشعبية ولكنه يحترم إرادة الشعب». واستكمل إجابته عن السؤال بالقول: «في اعتقادي إن الدكتور العربي لم يسع إلى الشعبية، ولكنه احترم إرادة الشعب، والثورة جعلت الشعب يتطلع إلى كل ما هو جديد، وهذا انعكس على أداء الخارجية المصرية؛ لأنها استطاعت أن تتجاوب مع قوة الدفع التي نتجت عن الثورة بشكل هائل وساعدها في ذلك أجهزة ومؤسسات أخرى في الدولة المعنية التي تعمل في منظومة السياسة الخارجية، وثورة مصر كانت بمثابة زلزال في المنطقة خلق واقعا استراتيجيا جديدا، وبخبرة الدكتور العربي ودرايته وحكمته استطاع أن يوظف هذا الزلزال في سياسة خارجية سليمة لمصر، وأعتقد أن من سيأتي بعده سيكون في نفس المسار». وبطبيعة الحال فقد سادت حالة من القلق الحاد بين الأوساط السياسية الإسرائيلية عقب الإعلان رسميا عن تولي العرابي وزارة الخارجية في مصر. ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية عن مصادر سياسية إسرائيلية قلقها من أن يذهب العرابي في طريق العربي المنتقد لإسرائيل على الدوام. وإذا كان القلق الإسرائيلي متوقعا، فإن تولي العرابي منصب وزير الخارجية لم يحظ داخليا بإجماع الخبراء والدبلوماسيين الذين ثمن بعضهم هذا الترشيح باعتبار أن العرابي واجهة دبلوماسية مشرفة، وأمامه تحديا خطيرا في قدرته على إصلاح الفساد الذي نال من الخارجية في عهد النظام البائد، فيما دان آخرون اختياره من زاوية أنه أحد رموز النظام البائد، وشارك في تنفيذ سياسات الرئيس المخلوع حسني مبارك في الخارج، كونه سفيرا لمصر في ألمانيا. فمن جانبه أكد السفير إبراهيم يسري مدير إدارة القانون الدولي والمعاهدات الدولية بوزارة الخارجية سابقا ومساعد وزير الخارجية الأسبق، أن العرابي شخصية مشرفة نظرا لما يتميز به من الالتزام والكفاءة والجدية. وأوضح السفير يسري أن العرابي تميز خلال توليه منصب سفير مصر بألمانيا بالواجهة المشرفة للبلاد والهدوء، حيث لم يتسبب في إحداث مشكلات لأحد ولم يذكر إدانته بشيء، مؤكدا أن مهمته شاقة، وتحتاج منه جهدا بالغا في تحقيق طموحات الشعب المصري من خلال هذا المنصب، وأن يحقق من مواقفه وتصريحاته ريادة مصر في الخارج. وطلب من العرابي إصلاح التجريف والإفساد الذي تم عمدا للوزارة في عهد نظام مبارك، بهدف إحباط دور الخارجية في تمثيل مشرف لمصر كدولة رائدة وفي صدارة الدول، داعيا العرابي إلى حمل قضايا الأمة العربية على عاتقة، وأن يعبر في مواقفه وتصريحاته عن ذلك، وألا يغير من مواقف الخارجية بعد الثورة في التعامل مع إسرائيل وأعداء مصر. كما قال السفير الدكتور محمد رفاعة الطهطاوي مساعد وزير الخارجية الأسبق والسفير المصري الأسبق في ليبيا: «العرابي صديق عزيز تربطني به صداقة قديمة، ويتميز بالوطنية وحسن الخلق الرفيع، والحرص على تمثيل مصر تمثيلا مشرفا، كما أنه يتميز بالكفاءة، وهو رجل دبلوماسي رفيع المستوى». وطالب الطهطاوي، العرابي بأن يدرك حقيقة المرحلة، وأن يبذل أقصى ما يمكن لتحقيق المصلحة القومية والوطنية. في المقابل، دان السفير د.عبدالله الأشعل مساعد وزير الخارجية الأسبق اختيار العرابي لهذا المنصب قائلا: «اختيار العرابي للخارجية فقير، حيث إنه لا يصلح لقيادة وزارة الخارجية؛ لأنه كان مدير مكتب عمرو موسى وجزءا من نظام مبارك البائد، وهو يمثل مصر الضعيفة». وأضاف أن مصر في احتياج إلى وزير خارجية ينظف الوزارة من الفساد، وأن العرابي نتاج هذا الفساد بالخارجية. هذا الاختلاف على اختياره لا يمنع من طرح هذا السؤال: هل كان لعمل العرابي مديرا لمكتب عمرو موسى منذ سنوات دور في اختياره لوزارة الخارجية؟». وهنا يقول د.وحيد عبدالمجيد أستاذ الدراسات السياسية والاستراتيجية: «اختيار السفير محمد العرابي وزيرا للخارجية وهو كان مديرا لمكتب عمرو موسى مثل الوزير السابق نبيل العربي ليس دليلا على أن الخارجية المصرية تعتمد على تلك المدرسة بالتحديد؛ لأن الخارجية المصرية ليس بها الآن مدارس، ولكن في اعتقادي إن بها مجموعات، بمعنى أن الاختيار يكون عن طريق العلاقات الشخصية بين الناس أكثر من أي شيء آخر، بجانب بالتأكيد الخبرة التي يمتلكها الشخص المختار لهذا المنصب المهم». أما د.عماد جاد الخبير بمركز الدراسات السياسية بالأهرام فقال: «لو رجعنا لأيام الوزير أحمد ماهر سنجد أنه أيضا كان يعمل مديرا لمكتب عمرو موسي، ونفس الشيء بالنسبة لأحمد أبوالغيط ومحمد العرابي، وأرى أن من يعمل في هذا المركز يأخذ خبرة دولية كبيرة جدا من خلال عمله وعلاقاته، وغالبا الخارجية المصرية تفضل الاعتماد على هذه المدرسة للاستفادة ممن تولى هذا المنصب، ويبدو أن ذلك توجها من الدولة بشكل كبير، وبجانب ذلك أرى أن من يتولى منصب مدير مكتب وزير الخارجية يشهد له بالكفاءة وغالبا ما يكون لديه قدر كبير من الانضباط والخبرة».