يوري سنتيورين: قطر أثبتت وفاءها للعملاء وقدرتها على تجاوز التحديات
اقتصاد
20 مارس 2019 , 12:42م
الدوحة - قنا
أكد الدكتور يوري سنتيورين، الأمين العام لمنتدى الدول المصدرة للغاز، أن دولة قطر رسخت مكانتها كواحدة من أكبر منتجي ومصدري الغاز الطبيعي في العالم، في ضوء ما أثبتته من قدرة على تجاوز التحديات والوفاء للعملاء.
وذكر في حوار مع وكالة الأنباء القطرية "قنا" أن قطر استطاعت التكيف رغم التحديات التي واجهتها في الآونة الأخيرة، وتمكنت من تأمين إمدادات الغاز الطبيعي المسال لشركائها وعملائها في جميع أنحاء العالم، من خلال تزويد مناطق الاستهلاك البعيدة والأسواق التي لا تستطيع الوصول إلى مصادر الطاقة المستدامة والنظيفة بالغاز الطبيعي المسال، الذي يعد أنظف أنواع الوقود الأحفوري.
وتوقع الأمين العام لمنتدى الدول المصدرة للغاز أن تستمر دولة قطر في لعب دور رئيس في أسواق الغاز الطبيعي العالمية، وتحافظ على مكانتها كواحدة من أكبر الدول التي تملك احتياطات من الغاز الطبيعي في العالم، مدعومة بإمكانيات كبيرة لتطوير مصادرها من الغاز الطبيعي، وزيادة صادراتها من الغاز المسال.
وأضاف أن قرار دولة قطر الأخير بزيادة مستوى إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال من 77 مليون طن إلى 110 ملايين طن سنويا، سيساهم في تحسين موقعها كواحدة من أكبر المصدرين الرئيسيين للغاز الطبيعي المسال إلى الأسواق العالمية، وسيزيد من تحسين مكانتها كأكبر مورد موثوق للغاز الطبيعي المسال لبقية العالم.
وقال إن إعلان الدوحة زيادة إنتاجها من النفط يمكن أن يسهم في نمو الطلب على الغاز الطبيعي المسال من قارة آسيا وخاصة الصين، كما أن من شأنه تعزيز موقعَ المنتدى في التجارة العالمية للغاز الطبيعي المسال، وذلك باعتبار قطر عضوا فيه.
وأشاد بوفاء دولة قطر لعملائها في أصعب اللحظات، مبينا أن دعمها لليابان خلال فترة تراجع شرائها للغاز الطبيعي المسال عقب كارثة فوكوشيما دليل ساطع على ذلك الوفاء للعملاء.. لافتا إلى أن قطر استرجعت مكانتها كأكبر مصدر سنوي للغاز الطبيعي المسال.. وقد صدرت في يناير الماضي 6.9 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال، مدعومة بالعديد من العوامل من بينها الكميات الكبيرة المنتجة من حقل الشمال، والقدرة على التخزين، وتكلفة الإنتاج المنخفضة وغيرها.
وشدد على مواصلة المنتدى لدعم وتعزيز التعاون ضمن الدول الأعضاء، عبر حوار بين منتجي ومستهلكي الغاز، وتشجيع استخدام الغاز الطبيعي كوقود رئيسي نظراً لخصائصه الإيجابية الكثيرة للتنمية المستدامة.
ولفت إلى أن سوق الطاقة العالمي بات أكثر ديناميكية، بالرغم من تفاعل الاقتصاد والجغرافيا السياسية، الأمر الذي يجلب درجة أعلى من عدم القدرة على التنبؤ، والتي بدورها تثير تقلبات في مختلف السلع (بما في ذلك أسعار النفط).
وقال إنه يتعين على اللاعبين الكبار لعب دور بالغ الأهمية في مثل هذا الوضع، يستهدف تحقيق التوازن والاستقرار في السوق، حيث تتطلب مشاريع النفط والغاز رؤوس أموال كبيرة ومشاريع طويلة المدى، ما يستدعي خلق بيئة قابلة للتنبؤ ومنخفضة التقلبات من أجل تنفيذ وازدهار المشاريع في هذا القطاع ، الأمر الذي يتيح فرصة كبيرة أمام منتدى الدول المصدرة للغاز للعب دور أكثر حداثة في أسواق الغاز والغاز الطبيعي المسال.
ولفت إلى أن منتدى الدول المصدرة للغاز يوفر إطارًا لتبادل الخبرات والمعلومات بين الدول الأعضاء، وإطارا لبناء آلية للحوار بين منتجي ومستهلكي الغاز من أجل تحقيق استقرار آمن للعرض والطلب في أسواق الغاز العالمية، كما يعزز من حالة الغاز الطبيعي كخيار مهم للوقود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة وأهداف اتفاقية باريس للمناخ، مع احترام الحقوق السيادية للدول الأعضاء بالمنظمة بشأن استغلال مواردها من الغاز الطبيعي.
وأكد أنه انطلاقا من التزام منتدى الدول المصدرة للغاز باحترام الحقوق السيادية لبلدانه الأعضاء، فإنه لا نية له في الحد بشكل جماعي من إنتاج الغاز أو الغاز الطبيعي المسال لموازنة السوق أثناء أي فائض محتمل في العرض.
وفيما يتعلق بالتطورات في سوق النفط، قال الدكتور يوري سنتيورين، الأمين العام لمنتدى الدول المصدرة للغاز، إن "سوق الغاز ظل في الماضي قادرًا على تحقيق التوازن بنفسه وسيظل على مثل ذلك الحال في المستقبل".
وشدد على أهمية الدور الفعال الذي يلعبه المنتدى في سوق الغاز العالمي، حيث يمتلك حوالي 70 بالمائة من احتياطيات الغاز العالمية، ويلعب دورا مهيمنا فيها، إذ شكل إنتاج الدول الأعضاء في المنتدى نسبة 45 بالمائة من إجمالي الإنتاج العالمي من الغاز الطبيعي المسجل في عام 2018.
وأكد أن الدول الأعضاء في المنتدى لا تزال مصدراً مهماً لإمدادات الغاز الطبيعي اللازمة لتلبية التزاماتها التعاقدية ومتطلبات الغاز المحلية، فضلاً عن دخول أسواق وقطاعات جديدة، مشيرا إلى أن نمو الإنتاج الإجمالي للمنتدى يرجع إلى زيادة الإنتاج من روسيا وإيران ونيجيريا.
وأضاف أن زيادة الطلب على الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى تطوير حقول جديدة والبدء في مشاريع جديدة مثل التوسعة في حقل غاز "بارس" الجنوبي في إيران وحقل "زهر" في مصر، من بين العوامل الرئيسية التي ساهمت في زيادة الإنتاج في الدول الأعضاء في المنتدى.
وفي رده على سؤال حول إمكانية انضمام أعضاء جدد للمنتدى، أكد انفتاح المنتدى على أي بلد يصدر الغاز الطبيعي ويرغب بالانضمام إليه.. مثمنا انضمام جمهورية أنغولا لتكون سادس دولة إفريقية في المنتدى.. معربا عن تفاؤله بانضمام المزيد من الأعضاء بما يعزز مكانته على مستوى العالم.
وحول سبل مواجهة المنتدى لانخفاض الطلب في بعض مناطق العالم لصالح مصادر الطاقة غير النظيفة مثل الفحم، أشار إلى أن الطلب العالمي على الطاقة سجل نموا سنويا بنسبة 2 بالمائة، خلال الفترة ما بين عام 2000 و2017، حيث وصل إلى 14144 مليون طن.
وقال إن استهلاك الغاز الطبيعي سجل نموا خلال العامين الماضيين بنحو 3 الى 4 بالمائة، متوقعا أن يستمر هذا الاتجاه التصاعدي في المستقبل القريب، وهو ما سيكون مدفوعا بشكل أساسي بزيادة الاستهلاك في آسيا، وأمريكا الشمالية، وأوروبا والشرق الأوسط، ولا سيما إيران ومصر.
وأضاف أن منطقة آسيا والمحيط الهادي تمثل أكبر سوق للفحم الذي يعد الوقود الأكثر كثافة والملوث بالكربون، حيث استوعبت أسواقها نحو 2800 مليون طن في العام 2017، وأن نسبة 74 بالمائة من الطلب العالمي على الفحم كان من قبل الاقتصادات الآسيوية.. "وخلال الفترة المذكورة، ارتفع استهلاك الفحم في هذه المنطقة بنسبة 5.8 بالمائة سنويا".
وذكر أنه في الوقت الذي سيظل الفحم خيارًا مهما للبلدان الآسيوية في تلبية احتياجات الطاقة في المستقبل، من المتوقع أن تخفف الجهود المبذولة لدعم الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة من نمو الطلب على الفحم في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وستساهم التوجهات السياسية العالمية في الحد من التأثيرات البيئية الناتجة عن الانبعاثات المرتبطة بالفحم.
وتوقع الدكتور يوري سنتيورين، الأمين العام لمنتدى الدول المصدرة للغاز أن يظل الاستهلاك العالمي للفحم ثابتًا حتى عام 2040، في حين سيرتفع استهلاك الغاز الطبيعي بنسبة 1.7 بالمائة سنويا، وسيمكن ذلك الغاز من تجاوز الفحم كثاني أكبر مصدر للطاقة.
وتابع الأمين العام لمنتدى الدول المصدرة للغاز، "أن سياسات الطاقة، بما في ذلك تلك المستمدة من اتفاقية باريس للمناخ، هي المحدد الرئيس للاتجاه المستقبلي لمزيج الطاقة، والذي يعتقد أنه سيتوجه بشكل طبيعي للغاز الطبيعي، ومع ذلك، فقد شهد السوق بعض المفاجآت، حيث انخفض الطلب على الغاز في الاتحاد الأوروبي بشكل ملحوظ قبل بضع سنوات، عندما خسر قطاع توليد الطاقة أكثر من 50 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي لصالح مصادر الطاقة غير النظيفة".
ولفت إلى أنه على الرغم من انتهاج الصين سياسات حادة للتحول من الفحم إلى الغاز في الآونة الأخيرة بهدف معالجة قضايا تلوث الهواء في مدنها، إلى أنها خففت من تلك السياسات لتشجيع استخدام الفحم لأغراض التدفئة في فصل الشتاء، الأمر الذي يضيف مزيدا من عدم اليقين بشأن مزيج الطاقة في المستقبل القريب بالبلاد.. مشيرا إلى أن جهود الصين التي كانت تمثل حوالي 51 بالمائة من استهلاك الفحم العالمي، في زيادة استهلاكها من الغاز الطبيعي للحد من تلوث الهواء، يمكن أن تستمر على المدى الطويل.
ولفت الأمين العام لمنتدى الدول المصدرة للغاز إلى أن التوجه الصيني يمكن أن يتكرر في اقتصادات أخرى في آسيا، التي تعد أكبر مستهلك للفحم حول العالم، وذلك بفضل توافر الغاز الطبيعي بأسعار معقولة مع سهولة الوصول إليه.
وفيما يتعلق بالتحديات التي قد تواجه صناعة الغاز في المستقبل، أشار إلى وجود تحديات تتعلق بالطلب والعرض، وأخرى متعلقة بسياسات الطاقة والتحولات التكنولوجية وتقلب الأسعار والمنافسة.. مبينا أن الطلب على الغاز يتأثر بشكل ملحوظ بسياسات غير واضحة وغير مستقرة لا تعترف بكثير من الأحيان بأهمية الغاز في الانتقال إلى مستقبل نظيف ومستدام، "حيث نرى بعض البلدان في آسيا وأوروبا لا تزال تدعم الفحم بالرغم من الكربون المرتفع فيه، كما لا توجد سياسات واضحة حول الدور المستقبلي للطاقة النووية في بعض البلدان".
وبين أن هذا الأمر من شأنه أن يسهم في التنافس المتحيز بين الغاز والفحم والطاقة المتجددة ومصادر الطاقة الأخرى، الأمر الذي يؤثر على نمو الطلب على الغاز.
واستعرض جملة من التحديات الأخرى من بينها نقص واردات الطاقة، ومسألة التخزين والبنية التحتية للنقل، بالإضافة إلى الحاجة إلى استثمارات أجنبية مباشرة في البلدان النامية، لاسيما البلدان منخفضة الدخل لزيادة الطلب على الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى تفضيل مشتري الغاز لعقود قصيرة الأجل والتي يمكن أن تؤثر على تمويل مشاريع الغاز الطبيعي والغاز المسال، وبالتالي الحد من الاستثمار في هذا القطاع.
وتوقع أن تتمكن الدول الأعضاء في المنتدى من التغلب على جميع تلك التحديات وتعزز موقفها في أسواق الطاقة العالمية،كما سيتمكن معهد بحوث الغاز التابع للمنتدى من الاستفادة من الابتكار وتحسين كفاءة التكاليف والتقدم التكنولوجي للتغلب على هذه التحديات والمحافظة على موقع المنتدى كأكبر مورد للغاز الطبيعي على مستوى العالم.
وذكر أن ظهور مصادر جديدة للطاقة (الغاز غير التقليدي) ساهم في زيادة إمدادات الغاز العالمية وأثار ضغطًا هبوطيًا على الأسعار، إلا أنه لم يؤد إلى وجود فائض في سوق الغاز، كما أن معظم إمدادات الغاز غير التقليدية الجديدة يتم تداولها في شكل غاز طبيعي مسال.
وأضاف الأمين العام لمنتدى الدول المصدرة للغاز أنه على الرغم من انخفاض الأسعار، وخاصة في عام 2016، فقد تمكنت شحنات الغاز الطبيعي المسال من إيجاد مكانة لها حيث تمكنت السوق من موازنة نفسها واستيعاب الإمدادات الجديدة فيها.
وتوقع أن تشهد الأسعار العالمية للغاز الطبيعي المسال اتجاهاً هبوطيًا ، فيما توقع أن يوازن السوق نفسه وسط انخفاض الأسعار المدعوم بالنمو المستمر في الطلب على الغاز في آسيا، وخاصة الصين والهند ومستوردي الغاز الطبيعي المسال الناشئين من بنغلادش وباكستان.
وحول آثار تنافس بعض الدول الأعضاء في السوق الأوروبية على فاعلية المنتدى، نفى الأمين العام لمنتدى الدول المصدرة للغاز، وجود أي منافسة بين أعضائه في أي سوق عالمية، بل تكامل ينعكس على التعاون بين الدول الأعضاء الذي يمد القارة الأوروبية بخطوط أنابيب الغاز والغاز الطبيعي المسال، وهي القارة التي تعد شريكا استراتيجيا للمنتدى، الذي يمدها بأكثر من 90 بالمائة من وارداتها من الغاز الطبيعي المسال.
وتوقع أن يستمر نمو الطلب على الغاز في السوق الأوروبية، خلال السنوات المقبلة، في حين أن إنتاج الغاز المحلي في أوروبا يتناقص بسبب انخفاض مستوى الإنتاج من حقول "جرونينجن" و "بحر الشمال"، فيما تقوم بعض الحكومات الأوروبية بتنفيذ سياسات للتخلص التدريجي من محطات الطاقة النووية والفحم مثل ألمانيا وفرنسا وإسبانيا، "ونتيجة لذلك سيزداد اعتمادهم على الغاز المستورد من خارج المنطقة وستكون هناك مساحة كافية للغاز الطبيعي في هذه المنطقة" .