اختتم مهرجان كتارا للرواية العربية، اليوم، دورته الحادية عشرة، والذي أثبت من خلال دوراته المتعاقبة أنه ليس مجرد حدث ثقافي عابر، بل هو جسر للتبادل المعرفي والإبداعي.
وتضمن المهرجان في دورته الحالية، والتي تعد دورة استثنائية بكل المقاييس، الإعلان عن عدد من المبادرات والمشاريع بمناسبة دخول جائزة كتارا للرواية العربية عقدها الثاني.
وفي مقدمة هذه المشاريع، تم إطلاق جائزة كتارا الدولية، وهي خاصة بالروايات المكتوبة باللغات: الإنجليزية، والفرنسية، والإسبانية، وذلك لإفساح المجال أمام الروائيين غير العرب للمشاركة، بهدف إحداث تقارب بين الثقافات. كما تم الإعلان عن مشروع تحويل الروايات غير المنشورة والروايات التاريخية غير المنشورة إلى أفلام باستخدام الذكاء الاصطناعي. إلى جانب ذلك، تم إطلاق مسابقة كتارا للرواية الشبابية، وهي مخصصة لطلاب الجامعات على امتداد الوطن العربي.
وشهد المهرجان في دورته الحادية عشرة فعاليات متنوعة تمثلت في أكثر من 15 ندوة وجلسة حوارية، بالإضافة إلى ورش تدريبية للكبار واليافعين. وشكل معرض كتارا للكتاب في نسخته الثالثة متنفسا لمحبي القراءة والاطلاع، حيث شهد المعرض تدشين إصدارات حديثة لدور نشر مشاركة. كما تم تقديم عروض لمسرح العرائس مقتبسة من روايات للفتيان، وشارك تشكيليون في رسم لوحات مستوحاة من أحداث أشهر الروايات السعودية، التي اختيرت هذا العام ضيف شرف للمهرجان في دورته الحادية عشرة.
وستستمر هذه المبادرة في الدورات القادمة للمهرجان، وتم ربطها بمشروع "الرواية تجمعنا"، الذي يقوم على مشاركة روائي قطري مع روائي من إحدى الدول العربية التي يتم اختيارها لتكون رواياتها ضيف شرف مهرجان كتارا للرواية العربية في ذلك العام، لإقامة توأمة بين روائي قطري وروائي عربي.
من جهة أخرى، أقيمت يوم أمس، ندوة بعنوان: "الرواية وصناعة الاقتصاد الثقافي"، تحدث فيها خالد عبدالرحيم السيد مدير إدارة الفعاليات والشؤون الثقافية في كتارا، والدكتورة حياة قطاط القرمازي، أستاذة جامعية تونسية، وأدار الندوة جمال العرضاوي، روائي وإعلامي.
وناقشت الندوة، كيف يمكن أن تساهم الرواية في صناعة الاقتصاد الثقافي، وقدم خالد السيد تعريفا شاملا للهندسة الثقافية وعلاقتها بالاقتصاد، موضحا أن مفهوم الهندسة الثقافية ظهر في فرنسا في سبعينيات القرن الماضي، وتطرق إلى معايير الهندسة الثقافية، ومن ثم تحدث عن عناصر نجاح المشروع الثقافي وهما الاستمرارية والاستدامة، مؤكدا على ضرورة أن يكون للحكومات دور في وضع المعايير لضمان نجاح المشاريع الثقافية اقتصاديا. كما تحدث عن عوامل نجاح رواية "شارع الأعشى" ابتداء من النص الروائي وصولا إلى العمل الدرامي.
وتناول السيد التحديات التي تواجه صناعة الاقتصاد الثقافي، وتتمثل في قصور القوانين التي تحمي الملكية الفكرية، وغياب السياسات الثقافية الداعمة للاقتصاد الأدبي، إلى جانب ظهور تقنيات حديثة مثل الذكاء الاصطناعي.
من جانبها، أكدت حياة القرمازي أن الأدب يحتل مركز الدائرة حسب التصنيف المعتمد للصناعات الثقافية والإبداعية، وأن الرواية، كفن أدبي، هي الصناعة الثقافية التي تطورت على أساسها وحولها جل الصناعات الثقافية والإبداعية الأخرى المحيطة بالمركز. وبالتالي فإن الرواية ليست فقط نصا أدبيا، بل منتج ثقافي يحمل قيما ورؤى وأفكارا يمكن تسويقها ونشرها.
وقالت إن عملية إدماج الرواية في الاقتصاد الثقافي تبدأ من مرحلة النشر والتوزيع، إذ تتحول النصوص الأدبية إلى كتب قابلة للبيع والتداول في الأسواق المحلية والعالمية عبر المكتبات ومعارض الكتاب، ثم تمتد هذه العملية إلى الترجمة والاقتباس السينمائي والدرامي، مما يفتح للرواية آفاقا جديدة في الصناعات الإبداعية.
وأشارت إلى أن الروايات الأكثر مبيعا تدر عوائد مالية ضخمة من خلال المبيعات، والترجمات، والطبعات الجديدة، والحقوق المشتقة.
وشهد اليوم الختامي للمهرجان إقامة ندوتين، الأولى حملت عنوان: "الحوار وبناء السلام في الرواية العربية.. نماذج واتجاهات" بالتعاون مع مركز الدوحة لحوار الأديان. والندوة الثانية بعنوان: "الملكية الفكرية والحماية القانونية". وشارك في الندوة الأولى كل من: الدكتور بدران بن لحسن مدير مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية، والدكتور مختار خواجة روائي وباحث، والدكتورة نبراس إبراهيم صحفية وباحثة. وأدار الندوة الدكتور سيكو مارفا توري باحث أول بمركز الدوحة الدولي لحوار الأديان.
فيما شارك في الندوة الثانية كل من الدكتور الشيخ تميم بن محمد آل ثاني، خبير قانوني في الديوان الأميري، والدكتور عبدالله مسفر الشهواني، أكاديمي وأستاذ القانون الجنائي، والأستاذ خالد محمد الحرمي، مستشار قانوني ومحام، وأدار الندوة محمد الشهواني، رئيس قسم الأدبيات الثقافية بكتارا.