بعيدا عن الصخب والزحام الذي أحدثته جماهير كأس العالم قطر فيفا 2022 في شوارع سوق واقف منذ انطلاق البطولة، ينزوي عدد كبير من زوار الدولة إلى داخل مركز سوق واقف للفنون بحثاً عن السكون والإبداع للتأمل في الفن والثقافة القطرية وإلقاء نظرة عن قرب لأعمال فنية تعكس زوايا دقيقة عن المجتمع القطري.
ورصدت «العرب» الإقبال الكبير من ضيوف المونديال على مركز الفنون الذي يختطف أنظار المارة بأعماله الفنية المعروضة أمام مدخله وصوت الموسيقى الهادئ القادم من الداخل، حيث يجلس عازف العود مدندناً أغاني عربية قديمة تجذب مسامع الزائرين الذين يقفون أمامه في حالة من الطرب.
ويفتح مركز الفنون أبوابه من الساعة التاسعة صباحا حتى الساعة الحادية عشرة مساء، ليكون فرصة أمام زوار الدولة للتعرف على الفنون والثقافة القطرية والاحتكاك مباشرة معهم خلال تنفيذهم لأعمالهم الفنية.
وعبر عدد من ضيوف المونديال في تصريحات لـ «العرب»، عن إعجابهم الشديد بالطراز العربي المصمم به المبنى من الداخل والنقوشات الموجودة على الجدران والأسقف، مؤكدين أن الأعمال الفنية تعكس الحياة القطرية بامتياز وتتميز بألوانها الرائعة وتفاصيلها الدقيقة.
وقال المغربي ياسين مرجان المغربي القادم من العاصمة الرباط، إن مركز سوق واقف للفنون يتميز بالتنوع الفني والمعماري وبألوانه الزاهية الجاذبة لكل زوار السوق، مؤكدا أن أكثر ما خطف أنظاره التصميم المعماري للمركز الذي يشبه الطراز المغربي مثل الزليج (نقوش الحائط).
وأضاف مرجان الذي وصل الدوحة مع صديقه «سفيان» السبت الماضي أن المركز سيبرز الثقافة والفنون في الدول العربية أمام ضيوف المونديال، الأمر الذي يساعد في إظهار الهوية الفنية أمام الغرب، وأننا قادرون على صناعة أعمال إبداعية تضاهي الفن التشكيلي الغربي.
وتابع قائلاً «أيضا شد انتباهي اللوحات المرسومة لنجوم كرة القدم في الوقت الحالي بمدخل المركز، خاصة أنها رسمت بدقة عالية وألوانها مميزة»، مضيفا «شد انتباهي أيضا لوحة فنية رائعة للخيول العربية وهي تتجول في سوق واقف، خاصة أن الخيول جزء أصيل من ثقافتنا المغربية».

دقة التفاصيل
فيما عبرت الأمريكية مارني جيمس إعجابها الشديد بالتصميم الداخلي لمركز سوق واقف للفنون وتحديد النقوش الموجودة بالأسقف التي تعكس الفن العربي القديم.
وقالت مارني التي كانت برفقة زوجها إنه من الرائع مشاهدة بعض الفنانين يرسمون لوحاتهم مباشرة وأنها أبدت لفنانة ثناءها على أعمالها ودقة التفاصيل بها، مؤكدة سعادتها بدخول المركز للتعرف بشكل قريب على الأعمال التشكيلية التي تعكس الثقافة القطرية.
من جانبه، أكد البريطاني روبنسون هامان، أن الأجواء داخل المركز رائعة ومذهلة، مضيفا أنه «منذ الدخول من أبواب المركز ينتهي ضجيج الشارع وتستمع إلى الموسيقى العربية مع التمتع بالنظر إلى اللوحات الفنية ذات الألوان الرائعة، والأعمال المنحوتة».

تنوع فني
ووصف روبنسون -الذي وصل إلى الدوحة قبل يومين برفقة عائلته- المكان بأنه «مختلف عن أمكان أخرى زرتها»، مضيفا أن الطراز المصمم به الأبواب والجدران والأعمدة والأسقف والنجف الملون تعكس جمالا لفنون عربية متعددة في مكان واحد.
وأكد أن زوجته شد انتباهها الدقة والتركيز الذي كان يقوم به خطاط الحروف العربية أثناء عمله على إحدى اللوحات، مشيرا إلى أن زوجته تحب الفنون العربية واللغة العربية كثيرا نظرا لأصولها السورية.
أبدى المكسيكي إيميلو منشو سعادته بزيارة مركز سوق واقف للفنون الذي دفعه للتجول به تصميمه المعماري الرائع، بالإضافة إلى ورشة الأعمال الفنية المباشرة التي رأى خلالها رسم الفنانين للوحاتهم. 
وقال إيميلو -الذي كان برفقة أسرته- «أحب اقتناء اللوحات كذكرى من رحلاتي، خاصة أنها تكون خلال كأس العالم، وأحرص على شراء الأمور المتعلقة بتراث الدولة التي أسافر إليها» مشيرا إلى أن المثير للانتباه هو جمع الرياضة بالفن عبر رسومات عن نجوم كرة القدم وكأس العالم.

«دوحة الفن»
ويستضيف مركز الفنون حالياً معرضا فنيا بعنوان «دوحة الفن» الذي يعد بمثابة ترحيب بزوار قطر في فترة احتضان الدوحة لنهائيات كأس العالم فيفا قطر 2022، حيث يتناول الفنانون في المعرض التراث القطري من حيث الأزياء القديمة والألعاب الشعبية والمباني العتيقة والحرف اليدوية، فضلا عن الدوحة الحديثة والملاعب المونديالية الجديدة المدمجة باللباس القطري التراثي، بالإضافة إلى بورتريهات للاعبين من دول مشاركة في المونديال.
واستحضر الفنانون في أعمالهم البيئة القطرية من برّ وبحر وعمران، وتراث لا مادي، وقدموها للزوار في لوحات بألوان تسرّ الناظرين.
ويعد مركز سوق واقف للفنون أحد أهم المنافذ الثقافية في الدولة التي تعنى بقطاع الفن التشكيلي من حيث تنظيم المعارض وإقامة الورش والدورات التدريبية وإتاحة الفرصة للموهوبين والمبدعين والفنانين الشباب من حضور الورش والدورات والمشاركة في تنظيم المعارض التي ينظمها المركز بصفة دورية.
ويضم المركز عددا من القاعات الفنية لعرض الأعمال واللوحات، بالإضافة إلى أقسام الورش الفنية والتي تشمل الخط والنحت والخزف والرسم على الزجاج والأطفال والحرف اليدوية.