نوهوا بأهمية استثمار اليوم في العبادة.. علماء لـ «العرب»: «عرفة» خير الأيام.. وثواب عظيم للصيام والدعاء

alarab
محليات 19 يوليو 2021 , 12:45ص
حامد سليمان

دعا عدد من الدعاة إلى ضرورة استثمار الأوقات في يوم عرفة، وأن يحرص كل مسلم على أن يقضي وقته في الأعمال التي حثت عليها الأحاديث النبوية، موضحين أن صيام يوم عرفة في مقدمة هذه الأعمال.
وأكدوا في تصريحات لـ «العرب» أهمية قضاء الأوقات في الدعاء والتكبير والتهليل والتحميد وذكر الله، وأن التكبير بعد الصلوات يبدأ من بعد صلاة فجر يوم عرفة، إلى عصر آخر يوم من أيام التشريق، أي اليوم الرابع من أيام عيد الأضحى.
وشددوا على ضرورة الخلوة بعد صلاة عصر يوم عرفة وحتى مغيب الشمس، وأن يقضي المسلم هذه الأوقات في الإكثار من الدعاء، وهو النهج الذي يَلزمه الحجاج  بعرفة، وألا يضيع المسلم وقته في المعايدات وأن يؤجل هذه الأمور لبعد مغيب شمس عرفة.

د. القره داغي: التكبير من أفضل الأعمال المستحبة

قال فضيلة الدكتور علي محيي الدين القره داغي، الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: إن عرفة هو من الأيام العشر التي أقسم الله سبحانه وتعالى بها في قوله سبحانه: والفجر وليال عشر والشفع والوتر. 
وأضاف: هو يوم يصح ويكتمل به الحج فـ «الحج عرفة»، وفي فضل عرفة، فسر الرسول - صلى الله عليه وسلم- قول الله عز وجل «وشاهد ومشهود» بأن الشاهد يوم الجمعة والمشهود بيوم عرفة، وورد في يوم عرفة أحاديث صحيحة، منها حديث مسلم بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم- سئل عن صيام يوم عرفة، فقال: يُكفر السنة الماضية والباقية. لذا فأفضل الأعمال المستحبة في يوم عرفة لغير الحاج هو الصيام.
وأردف د. القره داغي: ومن أفضل الأعمال في يوم عرفة الدعاء، لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم-، كما روى ذلك الترمذي وغيره بسندهم: خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. إذا من أفضل الأعمال هو الدعاء، والدعاء في هذا اليوم إن شاء الله، من الأوقات التي يُأمل فيها، والأدلة تدل على قبول هذا الدعاء.
وأكد أن التكبير من أفضل الأعمال في يوم عرفة، والتكبير بعد الصلوات، ويبدأ من بعد صلاة الفجر يوم عرفة، إلى عصر آخر يوم من أيام التشريق، أي اليوم الرابع من أيام عيد الأضحى.
وحث فضيلة الدكتور علي محيي الدين القره داغي على الإكثار من ذكر الله سبحانه وتعالى في يوم عرفة، حيث قال الله سبحانه وتعالى، لما تحدث عن قضية الحج، قال سبحانه: ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات. كذلك قال سبحانه وتعالى: وأذكروا الله في أيام معدودات. وقال ابن عباس: الأيام المعلومات هي العشر من ذي الحجة.
وحول فضل الأعمال الصالحة في العشر الأوائل من ذي الحج، تطرق د. القره داغي إلى الحديث الصحيح الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: «ما من أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى اللهِ من هذه الأيَّامِ العشرِ. قالوا: يا رسولَ اللهِ ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ إلَّا رجل خرج بنفسِه ومالِه فلم يرجِعْ من ذلك بشيءٍ».
ونوه بأن الصدقات من الأعمال الصالحة في هذه الأيام، إضافة إلى الاستعداد للأضحية، مشيراً إلى أهمية الصدقات في يوم عرفة، لأنه من أفضل الأيام على الإطلاق، فلا شك تكون الصدقات والخيرات والبركات فيها مضاعفة الأجر عند الله سبحانه وتعالى.
وقال د. القره داغي: من الأعمال الصالحة عند الله سبحانه وتعالى قراءة القرآن الكريم، وتدبر آياته والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى، إضافة إلى التهليل، بقول لا إله إلا الله، والتكبير بقول الله أكبر، والتحميد، كما ورد في الحديث الشريف: «ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد».

د. جعفر الطلحاوي: صيامه.. تكفير لذنوب عامين

تطرق الدكتور جعفر الطلحاوي، عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والهيئة العالمية لتدبر القرآن الكريم، إلى فضائل يوم عرفة. وقال: إن يوم عرفة خير أيام الدنيا، فعن جابر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: أفضل الأيام يوم عرفة، وقال صلى الله عليه وسلم: مَا مِنْ يَوْمٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ يَنْزِلُ اللَّهُ تَعَالَى إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِأَهْلِ الْأَرْضِ أَهْلَ السَّمَاءِ] رواهما بن حبان.
وأضاف: عن فضل حفظ الجوارح في يوم عرفة، جاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للفضل ابن عباس يوم عرفة (يا ابن أخي هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له). 
وتابع: أن عرفة يوم إكمال الدين، وقد قال صلى الله عليه وسلم: يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب وذكر لله. رواه الترمذي. وقد أقسم الله بيوم عرفة فقال تعالى (وشاهد ومشهود)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اليوم الموعود يوم القيامة، واليوم المشهود يوم عرفة، والشاهد يوم الجمعة] رواه الترمذي وحسنه.
ولفت إلى أن الله سبحانه وتعالى قال في القرآن الكريم: {وَالْفَجْرِ. وَلَيَالٍ عَشْرٍ. وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ. وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ}، وجاء عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ العَشرَ عَشرُ الأضحى، والوَتْر: يوم عرفة، والشَّفْع: يوم النحر. ورواه النسائي وأحمد والحاكم.
وحث الطلحاوي على صيام يوم عرفة، والذي يكفر الذنوب، موضحاً أنه جاء عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال: يكفر السنة الماضية والسنة القابلة] رواه مسلم.
ولفت إلى ضرورة الإكثار في يوم عرفة من كلمة التوحيد (لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير). فخير الدعاء يوم عرفة، لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خَيْرُ الدّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أنا والنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لا إله إلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كلِّ شَيْءٍ قَديرٌ ] رواه الترمذي وحسنه.
ونوه إلى قول الإمام النووي «رحمه الله» عن يوم عرفة: فهذا اليوم أفضل أيام السنة للدعاء، فينبغي أن يستفرغ الإنسان وسعه في الذكر والدعاء وقراءة القرآن، وأن يدعو بأنواع الأدعية ويأتي بأنواع الأذكار، ويدعو لنفسه ووالديه وأقاربه ومشايخه وأصحابه وأصدقائه وأحبابه وسائر من أحسن إليه وجميع المسلمين. وليحذر كل الحذر من التقصير في ذلك كله، فإن هذا اليوم لا يمكن تداركه. كتاب الأذكار للنووي (ص 333).
وقال د. الطلحاوي: عرفة اليوم الذي أخذ الله فيه الميثاق على ذرية آدم، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بنعمان -يعني عرفة- وأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنثرهم بين يديه كالذر ثم كلمهم قبلا، قال: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173)] رواه أحمد وصححه الألباني.
وأشار إلى أن عرفة يوم العتق من النار، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟] مضيفاً: وهو يوم المباهاة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة، فيقول: انظروا إلى عبادي أتوني شعثا غبرا] رواه أحمد وصححه الألباني.
وتابع: عرفة هو يوم تحقير الشيطان، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ما رُؤِيَ الشَّيطانُ يومًا؛ هوَ فيهِ أصغرُ ولا أدحرُ ولا أحقرُ ولا أغيظُ منهُ يومِ عرفةَ، وما ذاكَ إلَّا لما يرى من تنزُّلِ الرَّحمةِ وتجاوُزِ اللَّهِ تعالى عنِ الذُّنوبِ العظامِ] رواه مالك.

د. عايش القحطاني: الأجور مضاعفة.. فلا تضيعوا أوقاته

أكد فضيلة الداعية الدكتور عايش القحطاني أن الصيام في يوم عرفة من أفضل الأعمال التي يقوم بها المسلم، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم لما سُئل عنه: أحْتَسِبُ على اللهِ أنْ يُكَفِّرَ السنَةَ التي قَبلَهُ، والسنَةَ التي بَعدَهُ.
وقال: بعد صلاة الفجر إن جلس المسلم حتى الشروق يذكر الله كُتِب له ثواب حج وعمرة، قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ) رواه الترمذي.
وأضاف: الأجور مضاعفة في يوم عرفة، فيتأسى المسلم بالحجاج الواقفين بعرفة من بعد العصر حتى المغرب، فيجلس في مجلس أو خلوته أو غيره من الأمور، وأن يكثر المسلم من الدعاء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خيرُ الدُعاءِ يوم عرفةَ وخير ما قلت أنا والنَبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كلِ شيءٍ قدير». فعلى المسلم أن يكررها كثيراً.
وتابع: على المسلم أن يكثر من التسبيح والتكبير والتهليل، ويدعو لنفسه بما شاء، وأن يقرأ القرآن، وأن يستغل يوم عرفة بقدر ما يستطيع، لأن الأجور في يوم عرفة عظيمة ولا تعوض.
وأكد أن الشخص الذي يرغب في معايدة الأقارب يمكن أن يقوم بذلك في ليلة العيد، بعد غروب شمس يوم عرفة، ولا يضيع وقته في يوم عرفة لكونه يفضل كل الأوقات وكل الأيام، وقد قال أهل العلم إنه أفضل أيام الدنيا، وأقوال أخرى بأنه اليوم الأعظم هو يوم النحر، والبعض قال بأن أعظم يوم للحاج هو يوم عرفة، ولغير الحاج هو يوم النحر، والبعض أكد على عظمة اليومين.
ونصح د. القحطاني بأن يخلو المسلم بنفسه من عصر يوم عرفة، وألا يضيع وقته، فإن كان عنده صدقة أو أي عمل خير يقوم به في الصباح، ولكن في الوقت من بعد العصر وحتى مغيب شمس يوم عرفة يتأسى بمن يقفون في عرفة.
وأضاف: لعل الله سبحانه وتعالى ينظر إلينا كما ينظر إلى الحجاج، فالله سبحانه وتعالى ينزل نزولا يليق بجلاله وعظمته عشية عرفة ويباهي بأهل الموقف - أهل السماء، وقال: يا ملائكتي، انظروا إلى عبادي أتوني شُعْثًا غُبْرًا، من كل فج عميق، أشهدكم أني قد غفرت لهم.
وتابع: يقول ابن رجب: يا من دامت خسارته، قد أقبلت أيام التجارة الرابحة، أي أيام العشر من ذي الحجة. من لا يربح في هذه الأوقات فمتى يربح، وأبو حامد الغزالي يقول: إن الله إذا أحب عبداً استعمله في الأوقات الفاضلة بفواضل الأعمال في هذه الأيام، وإذا مقته استعمله في الأوقات الفاضلة بسيئ الأعمال، ليكون أوجع في عقابه وأشد لمقته وحرمانه بركة الوقت وانتهاكه حرمة هذا الوقت. فهي مصيبة على من يأتي بما حرم الله في هذا الوقت، فيعظم ذنبه، ومن يحبه الله يهيئه للأعمال الصالحة في هذا الوقت، فهي من نفحات لمن اجتهد في هذه الأوقات.
وقال د. عايش القحطاني: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أَهَلَّ مُهِلٌّ قطُّ إلَّا بُشِّرَ، ولا كَبَّرَ مُكَبِّرٌ قطُّ إلَّا بُشِّرَ، قيل: بالجنةِ؟ قال: نَعَمْ. فشرح الحديث أن يُبشر عند موته وعند خروجه من قبره في يوم القيامة بالجنة، وقال صلى الله عليه وسلم: ما مِن أيَّامٍ أعظَمُ عِندَ اللهِ ولا أحَبُّ إليه مِن العَمَلِ فيهنَّ مِن هذه الأيَّامِ العَشرِ، فأكثِروا فيهنَّ مِن التَّهليلِ والتَّكبيرِ والتَّحميدِ.