نظم الملتقى القطري للمؤلفين جلسة نقدية ضمن فعاليات مبادرة ملتقى النقاد وما يقاربون، التي أطلقها الملتقى في إطار جهوده لتعزيز ثقافة النقد داخل المجتمع.
وأدار الجلسة عبر الاتصال المرئي الدكتور د. عبد الحق بلعابد أستاذ قضايا الأدب والمناهج النقدية والمقارنة بجامعة قطر، والمشرف على المبادرة، وتمت استضافة الدكتورة عائشة الدرمكية ناقدة وأكاديمية من سلطنة عمان، متخصصة في سيميائيات التواصل، وتحدثت تحت عنوان «المشروع السيميائي من رهان الحداثة إلى إعادة قراءة التراث».
وأوضح في البداية الدكتور عبدالحق بلعابد أهمية المبادرة في نشر ثقافة النقد بين الكتاب والأدباء، وتمكينهم من وضع خطة استراتيجية لقراءة النصوص وتحليلها في ضوء آليات النقد، وتغيير العادات في القراءة والكتابة، خاصة مع استمرار جائحة كورونا.
وثمّنت الدكتورة عائشة الدرمكي، في بداية حديثها، مبادرة الملتقى للاحتفاء بالنقد بأنها تثري الثقافة الأدبية ليس في قطر وإنما على المستوى العربي، مشيرة إلى أن تخصصها في السيميائيات يرجع إلى حبها للتراث، لأن مناهج السيميائيات مناهج اجتماعية ولدت في الحقل العام الاجتماعي، وهكذا التراث فهو يشمل عالم الأساطير، والحكايات، والمعتقدات، والسلوك، فكل له منطلقات فلسفية.
وقالت: «إن لكل شيء دلالة وأي نص له علامة ومنطق وفكر، ولا توجد علامة جزافاً، كما أن لتعبيرات الجسد دلالة كذلك، وهي العلامة المصاحبة للنص اللغوي، ويتضح هذا في الحديث النبوي حيث نجد الرواة وثقوا كثيراً من تعبيرات النبي صلى الله عليه وسلم وإشاراته، وهذا يحتاج منا إلى دراسة فكان التخصص في السيميائية».
وحول كتابها «السلطة الخرساء سيميائيات الأمكنة في السيرة الذاتية»، وكيف استطاعت استنطاق الأمكنة من خلال السيرة الذاتية، وما هي المرجعات التي استندت إليها، قالت إن فكرة الكتاب تنطلق من رؤية مختلفة تربط بين التخييل والواقع، في سيرتي الأديبين سيف الرحبي و حسن مدني، لأن الصورة المكانية الواردة في هاتين السيرتين تخيلية لأنها ليست واقعاً الآن، وقد مرت بمراحل ممارسة الواقع، وتخزين الصورة واستدعائها من الذاكرة، ثم وصفها كمشهد في نص مكتوب، فالأمكنة ذات تأثير بالغ على الكاتب، مشيرة إلى أن تسمية السلطة بالخرساء يرجع لأن الكاتب عندما خزن هذه الأماكن في ذاكرته لم يكن يعرف أنه سيعود إليها يوماً ما فظلت صامتة داخله. وتحدثت الدرمكي عن علاقة دراسة الموروث الشعبي والشفاهي خاصة بالسيمائية، طبقاً لكتابها «سيميائيات النص الشفاهي في عمان»، موضحة أن التراث الثقافي يرتكز على التواصل الشفاهي الذي أسفر عن الحفاظ على جزء مهم من الحضارات وضمان استمراريتها عبر عصور عديدة من جيل إلى آخر بفضل الذاكرة الجماعية.