الحياة اللندنية: الحرب على أشدها في مصر

alarab
حول العالم 19 يناير 2016 , 11:29ص
متابعات
نشرت صحيفة الحياة اللندنية، تقريرا تحت عنوان «تراشقات عنكبوتية وترافعات شارعية قبل ذكرى 25 يناير»، مشيرة إلى أن الحرب على أشدها، والتراشق بلغ أقصاه، والمعايرة نيران مشتعلة، والتنابز سهام مصوبة، والتحزب والتأطير والتصنيف والتهميش بغرض كسب الوقت واقتناص النصر وإعلان الفوز على الآخرين بضربة ثورية قاضية، أو هجمة إنكارية قاصمة، أو حتى باعتراف ثوري دون استعلاء مع تنويه نادم على استحياء.

وأشار التقرير إلى أن حياء البعض من كارهي ثورة يناير بأطيافهم كان حتى وقت قريب يمنعهم من المجاهرة بمشاعرهم المعادية وأحاسيسهم الرافضة لثورة لُقبت ذات يوم بـ «الأعظم في تاريخ العرب» و «الأطهر في مسيرة الأمم» و «الأنقى في سجلات الشعوب»، لكن البعض الآخر انتهز الأيام القليلة المؤدية للذكرى الخامسة لثورة يناير ليجاهر بخصومة فياضة وضغينة سيالة للثورة وما أدت إليه من أحوال يصفها أكثرهم تهذيباً بـ «التعيسة» ونتائج يصمها أكثرهم بـ «الكارثية» وتحولات يجدها جميعهم مأساوية.

لكن المآسي نسبية، والكوارث تبقى في عيون البعض كاشفة العوار فاضحة الفساد مفشية لمواضع الخراب، وما يتوقف عنده هذه الأيام فريق المصريين الحانق على الثورة الكاره حكايات الميدان وقصص النضال من أجل «العيش والحرية والعدالة الاجتماعية» جدير بالتفكير والتحليل والتفنيد. فبعد خمس سنوات من ثورة يناير التي ظن العالم أن جموع المصريين الحاشدة (باستثناء شلة مبارك الحاكمة) وملايين المواطنين الزاحفة صوب الميدان (ما عدا أولئك الذين توجسوا من مطالب التغيير وشعارات الإسقاط) يقف قطاع عريض من المصريين على جانب هاشتاق «أنا ما شاركتش في ثورة يناير» حتى لو لم يسمعوا عن شيء اسمه هاشتاج أصلاً.

وتابع التقرير: هاشتاج نفي المشاركة في ثورة يناير ظهر على «تويتر» رداً على هاشتاج دشنه المدافعون عن الثورة «أنا شاركت في ثورة يناير» في مناسبة ذكراها الخامسة. وحيث إن نسبة كبيرة من الرافضين للثورة والمنقلبين عليها والمتضررين منها، حتى لو أيدوها وشاركوا فيها في حينها، هي الشعب المتواجد في أثير الواقع حيث الشارع بهمومه ومشكلاته، فإن الحرب العنكبوتية الدائرة رحاها بين الهاشتاجين المتضادين تبقى حكراً على الشعب العنكبوتي.

الشعب العنكبوتي يغترف هذه الأيام من مخزون الذكريات. البعض يسترجع تدوينات وصوراً ومواقف «أيام ما كنا في الميدان» و «أنقى أيام» و «أطهر ثوار» و «الورد الذي فتح في جناين مصر»، بالإضافة إلى نوستالجيا الذكريات وقت كان الثائر الملتحي مجاوراً للثائرة السافرة، والثوار الشباب جنباً إلى جنب مع الغاضبين المسنين، وأطفال الشوارع متاخمين لأولاد الذوات، ناهيك بالبكاء على أطلال أحلام تغيير النظام، والقضاء على الفساد. البعض الآخر يسترجع تدوينات ومواقف – وإن كان أغلبها تم تداوله في الغرف العنكبوتية المغلقة حيث «إنبوكس» والـ «شير» للأصدقاء المقربين – يعكسان تشككات في النوايا الثورية، وتوقعات بمؤامرة كونية، وتخمينات بأن تكون الثورة المشتعلة في الميدان بفعل فاعل مشبوه، مشكوك في وطنيته، مسنود من الخارج، مدعوم مالياً، وحاصل على مميزات بغية هدم البلاد على رؤوس العباد باسم محاربة الفساد وتحت راية «عيش حرية عدالة اجتماعية» .

وأضاف: لكن هذه المرة عمليات استرجاع الذكريات تجرى رحاها على ملأ «فيس بوك» و «تويتر» حيث مجاهرة بالتشككات في أجواء شعبية مصرية باتت أكثر ميلاً للتشكيك وأعلى استعداداً للتخوين. عم أحمد (58 سنة) صاحب كشك حلويات يقول إنه لا يفهم في فيس بوك، لكنه يفهم في أن حسابات بسيطة قوامها أن الثورة المذكورة أقصت مبارك عن الحكم، وأفقدت ابنه وزوج ابنته عملهما في السياحة، وعرّضت تجارته مرات عدة للسرقة، وجعلته يقف موقف المدافع عن نفسه إبان حكم الجماعة حين داهمت مجموعة من المتشددين الكشك آمرين إياه بالتوقف فوراً عن بيع السجائر لأنها «حرام».

تحريم، وفي أقوال أخرى تجريم، معاداة الثورة حديث ثائر في دائرتين لا ثالث لهما. الأولى دوائر مجموعات الإسلام السياسي التي تبذل قصارى جهدها هذه الأيام لدفع شبابها وشباب غيرها للنزول أملاً في العودة. أسابيع من محاولات الدق على أوتار الثورة الحساسة وإثارة أوجاع الحكم الضائع والداعي إليها «التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب» تتراوح بين فاعليات «ثورة الكرامة» و «ثورة حتى النصر» و «الثورة تجمعنا» و «الثورة جامعة» و»الوفاء للثورة» تؤدي إلى المزيد من البكاء على اللبن المسكوب عنكبوتياً، وبعض من السخرية المصرية بفئتيها الرافضة للثورة من الأصل والرافضة لركوب الموجة الثورية من قبل جماعات الإسلام السياسي.

م.ن/م.ب