ظاهرة تقسيم مكاتب المحاماة.. طعنة في «قلب المهنة»
تحقيقات
18 أكتوبر 2016 , 01:36ص
محمود مختار
انتقد مواطنون ما وصفوه تراجعاً بمهنة المحاماة مؤخراً، وأكدوا أنها أصبحت مهنة من ليس له مهنة، وأن بعض ممارسيها لا يراعون القانون، ويمارسون التدليس والتلاعب من أجل تحقيق مصالحهم على حساب المهنة التي تدافع عن القانون.
وأكدوا في حديثهم مع «العرب» أن محامين بعينهم هم المتسببون في ظاهرة تقسيم مكاتب المحاماة مما أثرت سلباً على الموكلين، وتسببت في خسارة العديد من الدعاوى القضائية، نتيجة تحيز لطرف دون غيره.
قال مواطنون إن المحامي الذي يقوم بهذه الممارسات يتعمد إهدار القانون من أجل جني الأرباح، وأكدوا أن غياب الرقابة وراء شيوع ظاهرة تقسيم مكاتب المحاماة التي باتت عقبة في طريق حقوق المتقاضين.
مهنة جليلة
من جهته قال المواطن جمال السويدي: إن المحاماة مهنة جليلة لها قدسيتها ورسالتها السامية، كما أنها مهنة حرة تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة، ومن عظمة المحاماة وشموخها أنك تجد متهماً قد يتخلى عنه الكثير ولا يقف بجواره إلا محاميه، لكنه أشار إلى أن هذه القدسية يحدق بها خطر جسيم بعد أن أصبحت المحاماة مهنة مَن لا مهنة له، واشتغل بها من لا يعلم عنها أكثر من أنها تعني الحديث بلسان الخصم أمام القاضي، وممن أحيلوا إلى التقاعد ويتصدون لإبداء المشورة الشرعية أو القانونية وكأنما متخصصون.
وأكد أن بعض مكاتب المحامين تخالف القانون بتقسيم المكاتب من الداخل، بحيث يكون المكتب به أكثر من محامٍ ويصبون في نفس المنبع، موضحاً: إنه أحياناً يحدث خلط بين القضايا ويكون الشاكي والمشتكي عليه في نفس المكتب، مما يخلق أجواء تؤدي إلى التلاعب في القضايا والتعامل معها بمنطق السلعة المتاحة لصالح مَن يدفع أكثر.
وتابع: «وقعت فريسة من قبل، حيث كانت لدي دعوى قضائية تتعلق بتأمين سيارة وذهبت لمكتب محامٍ واتضح في نهاية المطاف أن الشاكي والمشتكى عليه داخل المكتب، الأمر الذي سبب لديَّ حالة غضب شديدة لما شعرت به من تلاعب الدعوى، مما أدى إلى خسارتي القضية»، على حد قوله.
منح التراخيص
ولفت إلىضرورة التشدد في منح التراخيص لمكاتب للمحامين إلا بعد التأكد من استقلالية كل مكتب حتى تتحقق العدالة الناجزة، مطالباً العدل بتشكيل لجنة فورية لتفقد أوضاع مكاتب المحاماة، وإنهاء ظاهرة تقسيم المكاتب.
شكاوى بالجملة
بدوره قال المواطن عبدالله بلال: «من أهم واجبات المحامي أن يلتزم بسلوكه المهني والشخصي وأن يتحلى بمبادئ الشرف والأمانة والنزاهة، وأن يقوم بجميع الواجبات التي يفرضها عليه القانون وآداب المحاماة وتقاليدها، موضحاً أن الفترة الأخيرة شهدت شكاوى كثيرة من موكلين تجاه محاميهم لوجود تجاوزات قانونية تمثلت في عدة نقاط أهمها تقسيم مكاتب المحاماة التي أصبحت نقطة سوداء لدى الموكلين، موضحاً أن الجاني والمجني عليه أحياناً تكون دعواهم القضائية لدى مكتب واحد باسم صاحب المكتب، ومن يعمل معه من الباطن، وهو أمر مؤسف للغاية، ومخالف للأمانة ولأصول المهنة. وتابع: إن هذه المكاتب مخالفة للقانون، ولا يمكن أن تقوم بدورها لنصرة المظلوم، منوهاً بأن فقدان الثقة قد تحدث خلافات لا حصر لها، ما يستدعي ضرورة لتصدي لهذه الظاهرة قبل فوات الأوان، وأوضح بلال، أن الدولة شهدت العشر سنوات الأخيرة طفرة تنموية وتجارية ضخمة، وتلجأ إليها الشركات الكبرى في العالم لأنها تعرف مكانتنا الاقتصادية ومدى سرعة استجابة السوق التجاري لهم، وهو ما يعني أننا محط أنظار للجميع، ما يستوجب العمل بطريقة قانونية ومتميزة وناجحة تنافس العالمية وحتى يثق المستثمر في مكاتب المحامين بالدولة.
وطالب «بلال» بمعاقبة مكاتب المحاماة المخالفة، والقضاء على دخلاء المهنة حتى نكون قادرين على كسب ثقة الآخرين.
معاناة الملتزمين بأخلاق المهنة
في السياق ذاته، قال المحامي عبدالرحمن الجفيري: «هناك معاناة كبيرة من جانب المحامين المعنيين برفعة وعلو شأن القضاء الواقف (المحاماة)، وأعرب عن أسفه من ظهور (محاميي الشنطة) ودخلاء المهنة، والخبراء الذين تم شطبهم من عملهم ويلجؤون إلى محامين لا تعنيهم سمعتهم وهمهم جمع المال، ويقوم هؤلاء الخبراء بإدارة هذه المكاتب»، منوهاً بأن هذه الممارسات أدت إلى معاناة أصحاب القضايا الذين يلجؤون إلى المكاتب التي تدار على هذا النحو.
وأضاف: إن أروقة المحاكم تشهد كثافة في أعداد «محاميي الشنطة» ومكاتب المحاماة المقسمة وهو سلوك خاطئ، ويسمح بتضارب مصالح إذا وجد الشاكي والمشتكى عليه في مكتب واحد.
وقال «لا يجوز لمكاتب محاماة أن تسلك هذا المسلك غير القانوني، ويجب اتخاذ قرارات صارمة في معالجة هذه الأمور، وعلى المتضررين التقدم بشكوى والمطالبة بحقوقهم. وكشف «الجفيري» عن أن بعض العاملين بمكاتب المحامين من جنسيات عربية يقومون برفع دعاوى قضائية دون علم صاحب المكتب وأحياناً يسيئون لسمعة عملهم بدون علم الآخر، داعياً إلى توخي الحذر حتى تنهض المهنة وتخرج من كبوتها التي نالتها في الفترة الأخيرة.