غوتيريش: برنامج عمل الدوحة «شريان حياة» يوفر المساعدة
د. هند المفتاح: ندعم هذه البلدان لتحقيق تطلعاتها المشروعة في التنمية والتقدم
دولة قطر والأمم المتحدة.. تاريخ طويل من التعاون القائم على نجاحات الدبلوماسية القطرية، والثقة في قدرة الدوحة على تنظيم ورعاية الفعاليات والمؤتمرات الأممية الكبرى، أو استضافة مفاوضات ثنائية مباشرة أو متعددة الأطراف لدول إقليمية، أو تقديم مبادرات إنسانية وإغاثية في أوقات الأزمات والجوائح.
وتعد استضافة وتنظيم الدوحة لـ «مؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بالبلدان الأقل نموا» العام المقبل شهادة نجاح من الأمم المتحدة، ودليل على ثقة المجتمع الدولي في الدوحة كعاصمة ذات ثقل دبلوماسي مشهود.
ويأتي انعقاد المؤتمر في توقيت بالغ الدقة بعد أن هددت جائحة كورونا «كوفيد- 19» بعنف اقتصادات الدول الكبرى وأحدثت تحولا جذريا في السياسات المالية والتنموية للبلدان الأقل نموا على نحو مسّ بقاءها كدول قادرة على الوفاء بالتزامات مواطنيها عوضا عن التزاماتها الدولية.
وأكدت سعادة الدكتورة هند عبدالرحمن المفتاح المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة في جنيف، دعم دولة قطر الراسخ وتضامنها مع البلدان الأقل نموا، وحرصها على بذل كافة الجهود التي من شأنها دعم هذه البلدان لتحقيق تطلعاتها المشروعة في التنمية والتقدم.
وفي كلمة لها أمس الأول الجمعة في حدث جانبي نظمه الوفد الدائم لدولة قطر، بالتعاون مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان، للاحتفال بذكرى اعتماد برنامج عمل الدوحة للبلدان الأقل نموا، بعنوان «التحديات والفرص المتصلة بحقوق الإنسان» قالت سعادتها إنه انطلاقا من السياسة الخارجية لدولة قطر التي تولي أهمية كبيرة للشراكة مع المجتمع الدولي، فقد تشرفت قطر برئاسة مؤتمر الأمم المتحدة الخامس للدول الأقل نموا، الذي تستضيف الدوحة اجتماعات الجزء الثاني منه خلال الفترة من 5 إلى 9 مارس 2023.
وقالت إن دولة قطر تتطلع إلى أن يحظى برنامج عمل الدوحة للبلدان الأقل نموا بمتابعة وتنفيذ على نطاق واسع، وأن يكون بمثابة خارطة طريق لتحقيق تعهد عدم ترك أي شخص خلف الركب.
وجددت سعادة المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم في جنيف، التأكيد على «التزام دولة قطر الكامل بمواصلة تعاونها وتضامنها مع البلدان الأقل نموا.
وإذا كانت لجنة السياسات الإنمائية التابعة للأمم المتحدة تستخدم المعايير الثلاثة التالية لتحديد حالة البلدان الأقل نموا: الدخل الفردي، الأصول البشرية، والضعف الاقتصادي، فإن جائحة كورونا التي ضربت العالم نهاية عام 2019 واستمرت آثارها الاقتصادية والصحية حتى الآن بدرجات متفاوتة، أثرت في تلك المعايير الثلاثة بشكل كبير، ما استدعى التكتلات الإقليمية والدولية لإطلاق عشرات المبادرات كمحاولة للنجاة والتعافي من جديد، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة لمرحلة ما بعد الجائحة.
وتعد التنمية الاقتصادية المتسارعة في البلدان الأقل نموا في صميم الجهود المبذولة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. ولا يقتصر الأمر على تناول قضايا انتشار الفقر وسوء التغذية في هذه المجموعة من الدول، ولكن اختيار وتنفيذ سياسات فعالة للتغلب على هذه المشاكل هو التحدي الأكبر.
وقد أكدت دولة قطر في الكلمة التي ألقاها سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، خلال الجلسة الافتتاحية للجزء الأول من مؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بالبلدان الأقل نموا في نيويورك يوم 17 مارس الماضي، أن دولة قطر بادرت لاستضافة المؤتمر بتوجيه من حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى استنادا لسياستها القائمة على الشراكة مع المجتمع الدولي، وانسجاما مع التزامها وحرصها على دعم قضايا البلدان الأقل نموا وثقة من الدوحة بأن هذا المؤتمر سيساهم في تلبية احتياجات وأولويات هذه البلدان، ودعم مسيرتها نحو تحقيق التنمية فيها للسنوات العشر القادمة.
ويعد برنامج عمل الدوحة للبلدان الأقل نموا الذي اعتمدته الأمم المتحدة خطوة مهمة لنجاح الجزء الثاني من المؤتمر الذي سينعقد في الدوحة، وسيكون أول برنامج عمل يتصدى لمعالجة تداعيات وباء فيروس كورونا على أقل البلدان نموا ويعطيها الأولوية القصوى.
وسيكون بمثابة خارطة طريق وذلك لما ينطوي عليه من أدوات وتدابير مهمة لإحداث التغيير، وما يعكسه من التزام لكافة الشركاء لتوفير المزيد من الموارد، وتحقيق الإمكانات الكاملة التي تتيحها العلوم والتكنولوجيا والابتكار، وصولا إلى التنمية الشاملة، وأداة فعالة لترجمة مجمل الوعود والالتزامات طويلة الأجل إلى إجراءات عملية بتعاون جميع الشركاء.
شريان حياة
في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للجزء الأول من مؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بالبلدان الاقل نموا في نيويورك، وصف سعادة السيد أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة برنامج عمل الدوحة بأنه يمثل «شريان حياة» يوفر المساعدة لأقل البلدان نموا على المدى القصير، ويحقق أهـداف التنمية المستدامة، على المدى المتوسط، و«التطور والازدهار» على المدى الطويل، وقال: «إن آمال وأحلام وحياة وسبل عيش ثمن البشرية تبقى جزءا مبينا في صفحات برنامج عمل الدوحة».
وأكد أن البلدان النامية بحاجة إلى الاستثمار في القطاعات التي تحد من الفقر وتزيد من القدرة على الصمود، مثل خلق فرص العمل، والحماية الاجتماعية، والأمن الغذائي، والرعاية الصحية الشاملة، والتعليم الجيد، والاتصال الرقمي.
والأمل معقود على برنامج عمل الدوحة من خلال تحويله إلى إطار يضم التزامات من الدول الكبرى بحزمة إعفاءات من الديون ومساعدات مالية وتنموية للدول الأقل نموا لمواجهة مرحلة ما بعد كورونا والركود الاقتصادي الذي قد يشهده العالم مع استمرار العمليات العسكرية في أوكرانيا وتوقف سلاسل الإمداد وارتفاع الأسعار وشح المواد الخام.
وأشارت سعادة الدكتورة هند عبدالرحمن المفتاح المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة في جنيف إلى أن التعهد بـ «عدم ترك أي شخص خلف الركب» هو التعهد الجوهري الذي التزمت به الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عند اعتماد خطة التنمية المستدامة لعام 2030، ويعني هذا الالتزام اتخاذ جميع الإجراءات الممكنة للقضاء على الفقر، وإنهاء أوجه عدم المساواة، ومواجهة التمييز، واتخاذ التدابير اللازمة والوصول إلى من هم أبعد ما يكون عن الركب أولا، مؤكدة أن هذا الالتزام لا ينطبق فقط على الناس، ولكن أيضا على الدول.