إقالة المدربين بين الضرورة الفنية والمزاجية الإدارية

alarab
رياضة 18 يناير 2017 , 12:09ص
خالد مخلوف
رغم حمله على الأعناق وقذفه في الهواء فرحا بعد تحقيق بطولة كبرى أو الحصول على لقب هنا أو هناك إلا أنه وبنفس الحماسة يتم إقالته والإطاحة به، بل والبحث له عن أقرب طائرة للرحيل بعد سوء النتائج التي يتحمل وحده مسؤولياتها، فالخسارة دائما لها مسؤول واحد رغم أن الفوز له مائة مسؤول.
«العرب» حرصت على معرفة السبب في الإطاحة بمدربي كرة القدم والذي تكرر كثيرا خلال الفترة الأخيرة في العديد من الأندية بـ دوري نجوم قطر، وهو ما يعد استنزافا للموارد، وكذلك لسمعة الأندية القطرية خاصة إذا ارتبط الأمر بشكاوى هؤلاء للفيفا بسبب اختلاف وجهات النظر بين الجانبين أو ربما خطأ في تفسير بعض بنود العقود، وارتبط الموضوع كذلك بالعديد من الأسباب ومنها ما يتعلق بالأندية الجماهيرية التي تقع مجالس إداراتها تحت وطأة الضغط الجماهيري خاصة إذا تكرر الإخفاق، ومقارنة وضع هذه الأندية التاريخية مع أندية جديدة على الساحة تحقق نجاحات واحدا تلو الآخر مما يجعل الأمر بالنسبة للجماهير غير مقبول وبالتالي يجب البحث عن كبش فداء يكون دائما المدرب، فإلى أي مدى يؤثر ذلك على مسيرة الأندية، وتطور اللعبة خاصة أن قطر مقبلة على تحديات كبيرة في تنظيم التظاهرة الكروية الأكبر في العالم وهي مونديال 2022 والذي تضع عليه الدولة آمالا كبيرا.
من استطلعناهم يمثلون شرائح مختلفة في الوسط الكروي من اداريين ومدربين ولاعبين.. أجمعوا على ضرورة الاستقرار في الأجهزة الفنية قدر الإمكان حتى يتضح التأثير الإيجابي من خلال العمل الذي يحتاج إلى وقت لإظهار بصمات المدرب، وفيما يلي نسرد الآراء:

الشمري: الإقالة في بداية الموسم غير صحية
أكد مناحي الشمري رئيس نادي الشحانية أن عملية استمرار المدرب أو إقالته تعتمد على أدائه ونتائجه وإنجازاته مع الفريق، وهي تخضع أيضا لعدد من الاعتبارات التي تحكم هذه الخطوة أو تلك ومنها الشرط الجزائي في عقده ومدة العقد، وأشياء متعددة ترتبط بالحالة العامة للفريق وجماهيريته، مشددا على ضرورة الاتفاق مع المدرب قبل التعاقد معه على العديد من التفاصيل، ووضع كل المعلومات عن الفريق أمامه، ووضعه في المسابقة سواء التي انتهت أو المستمرة، وإمكانيات اللاعبين، وأن يتم الكشف أمامه عن كل المعلومات بدقة، ووضع النقاط على الحروف قبل التوقيع.

تقييم واقعي
وتابع مناحي الشمري: الشيء المهم أيضا هو معرفه طموحات المدرب، وماذا يمكنه تقديمه بعد معرفة كل المعلومات عن الفريق، ومتابعة عدد من مبارياته السابقة، وأيضا ما استعداد المدرب، وتستطيع إدارة النادي بعد ذلك محاسبته على ما تم مع الفريق، وتقوم بتقييم الوضع بشكل واقعي، وبشكل مستمر من مرحلة لأخرى حسب الخطة الموضوعة.
وتابع: في بداية الموسم لا تستطيع الحكم على المدرب بشكل كاف، ومن الممكن أن يتم موضوع التقييم بعد عدد من المباريات يتضح من خلالها مواقف معينة، مؤكدا أن عملية الإقالة في بداية الموسم غير صحية.

وعي جماهيري
وطالب الشمري بأخذ رأي ومشاورة كل أعضاء الإدارة قبل الإقدام على خطوة الإقالة ودراستها جيدا، مؤكدا على صعوبة الأمر في حالة استمرار إخفاقات الفريق، وإلى وعي جماهير الكرة بأخطاء المدربين سواء في التشكيل أو في التبديلات، وذلك رغم مسؤولية المدرب في الأساس عن هذا الأمر، ولكن الوعي الكروي تطور بشكل كبير لدى القاعدة الكبيرة من الجماهير، وهو ما يضع الفريق تحت ضغط مستمر في حالة عدم تحقيق طموحات جماهيره التي تنتظر الفوز دائما والإنجازات.

شبيب: عملية مزاجية لا تخضع لاعتبارات موضوعية
أكد خالد شبيب النائب السابق لرئيس النادي الأهلي أن تغيير المدربين بشكل فجائي أصبح عبارة عن عملية مزاجية في عدد من مجالس إدارات الأندية ما أدى إلى نوع من عدم الاستقرار في هذه الأندية، مشيرا إلى العديد من المواقف التي قادت لعملية التغيير بسبب رغبة أشخاص في تفضيل أنفسهم على آخرين من حيث فرض اختياراتهم لهذا المدرب أو ذاك من خلال عنتريات حتى يأخذ السبق وينسب إليه التعاقد مع مدرب بعينه.
وتابع شبيب: يجب أن يتواجد الشخص الحازم في الإدارة، ويكون لديه القرار بما يعزز من عمليات إنفاق الأموال غير المجدية والتي تستنزف موارد النادي والدولة والوزارة بسبب قرارات غير مدروسة.
آلية اختيار
وحول آلية الاختيارات من البداية قال شبيب: يجب أن يتم وضع ضوابط صارمة من البداية تحكم عملية الاختيار من خلال طموحات النادي وتطلعاته، فهل يريد المنافسة على اللقب، أم مجرد الوجود في دوري النجوم في أي ترتيب، أم مجرد عدم الهبوط إلى الدرجة الأدنى.
وعن عدم ملاءمة مستوى اللاعبين لطموحات المدرب قال: بالتأكيد هناك تساؤلات كثيرة تحكم هذا الأمر فلا يمكن أن يكون لديك لاعبون غير مؤهلين للمنافسة وتتطلع للتعاقد مع مدرب كبير أو لديه مواصفات عاليه، فلا بد أن يكون هناك توازن بين العنصرين وهذه مسؤولية الإدارة، وعند النية للتعاقد من المدربين ذوي الخبرات العالية والأسماء الرنانة في عالم التدريب، فبالتالي يجب أن يكون لاعبو الفريق على مستوى الأداء الفني لهؤلاء المدربين وذلك لتحقيق الهدف في النهاية.

نتائج سلبية
وفي حالة عدم تحقيق المدرب لطموحات جماهير الأندية الجماهيرية وإقالته ربما بعد عدة إخفاقات قال: النتائج السلبية ليست مبرر للإقالة، ولا بد من الصبر على المدرب طالما تمت عملية الاختيار من خلال أسس موضوعية، وهناك أمور واضحة للعيان منها «شغل المدرب» في المران، وفي المباريات أثناء فوزه أو تلقيه لأهداف أو في حالة تعادله وكلها مواقف يتعرض لها المدرب، ويتضح رد فعله خلالها.

رضوان الشيخ: التدقيق في الاختيار أحد أسس النجاح
قال رضوان الشيخ حسن المدرب بنادي لخويا إن إدارات الأندية هي المسؤول الأول عن فشل التعاقدات بالنسبة للمدربين لأنها هي المسؤولة عن تعيينهم فمن المفترض أن يقوموا بدراسة السيرة الذاتية للمدرب قبل توليه المنصب في هذا النادي أو ذاك، من حيث إنجازاته وعمله السابق حتى لا يمثل الأمر خسارة للأندية لاسيما بعد أن شاهدنا ارتفاع قيمة الشرط الجزائي بالنسبة للمدربين الأجانب وهو ما يؤثر على موقف النادي، ويمثل أعباء مالية كبيرة، هذا بخلاف الأزمات التي تطرأ بسبب البحث عن تعيين مدرب جديد.

انتقاء جيد
وعن ضعف المستوى الفني لعدد من اللاعبين في الفريق ومسؤوليته عن النتائج وبالتالي تغييرات المدربين أضاف: الجهاز الفني بالتأكيد يتحمل مسؤولية إعداد اللاعبين من بداية المعسكر الإعدادي للفريق، ومن المفترض أن يكون هناك دراسة كاملة ووافية للمدربين عن إمكانيات اللاعبين وأدائهم وتمتعهم بالمهارة، وهل سيفيدون الأندية أم لا، وبالتالي فإن مسؤولية الجهاز الفني أيضا هو الانتقاء الجيد للاعبين، وأهم شيء المراكز التي يحتاجها الفريق، ورأينا كثيرا جلب أندية للاعبين في مراكز لا يحتاجها الفريق وبالتالي حدوث مشاكل في المباريات، ويكون هؤلاء عبئا إضافيا ويتحمل مسؤولية ذلك المدرب مع إدارة الأندية.

مسؤول أول
وعن عدم مسؤولية المدرب أحيانا عن عملية الاختيار وفرض لاعب بعينة عليه من قبل إدارة النادي قال رضوان الشيخ حسن: من المفترض أن يضطلع المدرب بمسؤولية الاختيار لأنه سيكون المسؤول الأول عن النتائج، وهو في الوقت نفسه الذي يعرف احتياجات فريقه بالنسبة لمراكز اللاعبين أكثر من أي شخص آخر، وهو الذي يقرر هذا الشيء، مشيرا إلى مسؤولية إدارة النادي أيضا في حالة قيامها هي بالاختيار، وإلى ضرورة استقرار الأجهزة الفنية لمدة طويلة لا تقتصر على عام واحد أو عامين فقط بل أكثر من ذلك حتى يظهر عمل المدرب، والمثال في ذلك نادي لخويا المستقر فنيا.

أكد أهمية الاستقرار.. ميرغني الزين: تغيير المدرب حق للإدارة
يرى ميرغني الزين لاعب فريق السيلية أن إدارات الأندية بالتأكيد تعمل على تصحيح الأمور وإعادتها إلى نصابها السليم عندما تقوم بإقالة أي مدرب، فهي التي ترى الخلل وتحاول تصحيحه من خلال تعديل وضع معين تحقيقا للوضع الأنسب بالنسبة للنادي، وهي من تقرر بقاء المدرب أو إقالته، ورغم ذلك يؤكد الزين أنه مع استقرار المدربين حتى تتضح بصماتهم على الفريق، وأن هذه البصمات لن تظهر في خلال شهر أو شهرين وإنما تتطلب مدة أطول، فعملية التقييم في حد ذاتها تحتاج إلى وقت ربما يمتد إلى موسم كامل.

نتائج إيجابية
وتابع الزين: من الممكن أن تتجه إدارة النادي إلى هذه الخطوة أي إقالة مدرب والاستعانة بآخر أو أحيانا أحد المساعدين، وتكون النتائج إيجابية بعد ذلك فسيتم وصف الخطوة بالصحيحة أو الموفقة، ومن الممكن أن يحدث العكس فتتدهور النتائج أكثر فستكون الخطوة في هذه الحالة غير صحيحة من وجهة نظر البعض، مؤكدا أن طبيعة العمل في كرة القدم تحتاج إلى استقرار وهو ما يؤدي إلى نتائج إيجابية.

مسؤولية مدرب
وعن قيام كل من إدارات الأندية والمدربين باختيار اللاعبين ومسؤولية ذلك عن النجاح أو الفشل قال: معظم مدربي العالم يتعاقدون مع فرق يستمر أكثر من %90 من لاعبيها بعد توليهم المسؤولية، وربما تكون مسؤولية المدرب فقط في تدعيم الفريق بعنصر أو اثنين في مراكز معينة، وبالتالي فإن قوام معظم الفريق موجود بالفعل رغم تغيير المدرب، أو الاستعانة بهذا أو ذاك.

وسام شامل: الاتفاق على الهدف عامل مهم للاستقرار
يرى وسام شامل المدرب بنادي الجيش أن المشكلة تبدأ من بداية التعاقد مع المدرب وهي عدم وضوح الهدف، حيث يجب الاتفاق بين المدرب وإدارة النادي من البداية على الهدف الذي يريده النادي من المدرب بالتحديد، مشيرا إلى وجود أهداف ثانوية يجب تحقيقها من أجل الوصول إلى الهدف الرئيسي، وإن حدث خلل في الأهداف الثانوية سيؤدي بلا شك إلى خلل في تحقيق الهدف الرئيسي.

استقرار فني
وأضاف: لا بد أن يكون هناك اتفاق في العقد نفسه على الأهداف بحيث لا يترك الوضع عشوائيا، ففي بعض المواقف تضطر إدارات الأندية إلى الإطاحة بالمدرب لعدم الوصول إلى الهدف، وهناك مواقف أخرى تقوم بذلك إرضاء لمجموعة لاعبين لأنه لا يستطيع تغييرهم بحسب وجهه نظره أو تطبيق فكره فيكون المدرب هو الضحية، مشددا على أهمية وضرورة الاستقرار الفني.
وتابع وسام: بعض الإدارات في الأندية بشكل عام قد تتفق مع المدرب على حد أدنى، ويكون الموسم مثلا إعدادا للعام الذي يليه والذي سيحقق فيه الفريق هدفا معينا، وهذا أمر واقعي بلا شك حيث تتطلب النتائج وقتا من المدرب للتأقلم مع الفريق ودراسته ومعرفة نقاط القوة والضعف فيه والتأقلم على طريق لعبه للوصول إلى الهدف.

استراتيجيات كبرى
وعن عدم تحقيق اللاعبين لطموحات النادي أو المدرب، وهل يعتبر ذلك عامل حسم قال: بالتأكيد لكن المدرب هو المسؤول الأول، ومن المفترض أن يوافق على التعاقدات، حتى يتحمل المسؤولية عن النتائج، وهناك بعض المدربين يكونون مسؤولين عن جزء من التعاقدات.
وعن مسؤولية تحقيق الاستراتيجيات الكبرى للنادي عن الإطاحة بالمدربين قال: هذا مرجعه إلى عرض المدرب لاستراتيجيته المستقبلية على إدارة النادي، فمن الممكن أن يعرض مثلا أنه سيكون ضمن الخمسة الأوائل في الدوري، أو ضمن المربع وبالتالي يكون الأمر محسوما على أساس أنه يتطور فيما بعد بالموسم الذي يليه إلى مستوى أفضل أو ترتيب متقدم وهكذا الأمر، لكن عدم وضوح الأمر بين الإدارة والمدرب أو الاستعجال يؤدي إلى الخلاف، وأحيانا يكون المدرب جيدا في بيئة معينة ولا يستطيع العمل في بيئة أخرى نظرا لطبيعتها، مطالبا بإعطاء ذوي الاختصاصات في الأندية الفرصة أو الصلاحية للانتقاء، بالنسبة مثلا للمدير الرياضي، ويكون الاتفاق بينه وبين المدرب على التعاقدات مع اللاعبين الجدد.

العبيدلي: المدرب كبش الفداء دائماً
أوضح عبدالعزيز العبيدلي المدير التنفيذي بنادي الوكرة أن هناك العديد من العوامل التي تؤثر على علاقة المدرب بالنادي ومنها النتائج وعملية التوافق بين الجانبين، بالإضافة إلى وجود عوامل تؤثر على أدائه ومنها مستوى لاعبي الفريق والذي أحيانا لا يخدم المدرب.

كبش فداء
وتابع: من الأمور التي تتسبب في حدوث مشاكل هي عدم إلمام المدرب بشكل كاف بمستويات اللاعبين في فريقه الذي تعاقد معه، وبالتالي يصطدم المدرب بواقع لم يكن في حساباته، ورغم مستواه وطموحه إلا أنه لا يستطيع تحقيق طموحات الإدارة التي لا تستطيع بالطبع التضحية بثلاثين لاعبا، ويكون الحل الأقرب هو الإطاحة بالمدرب في حالة ساءت النتائج، وهذا يحدث على مستوى أندية العالم وليس فقط في قطر، فالمدرب هو كبش الفداء.

عوائق فنية
وتابع العبيدلي: من بين العوائق التي يصطدم بها المدرب عند حضوره هو اختلاف الوضع عن الخارج، فالمدرب قد يمني نفسه بشيء معين قد لا يكون موجودا، فعلى سبيل المثال هناك عوائق في التدريبات على فترتين حيث إن بعض اللاعبين لا يزالون في دراستهم، أو موظفون في وزارات معينة، ولا يتفرغون بنسبة %100 لكرة القدم مما يسبب نوعا من المشاكل تؤثر بلا شك على الفريق.

قواعد مطلوبة
وعن الحل في ذلك قال: لا بد لإدارات الأندية ونحن من بينهم بالطبع أن تطلع المدرب على القاعدة الموجودة لديه قبل التعاقد، وعلى إمكانيات الفريق بشكل تام، وتعرف بشكل محدد هل سيمكنه التعامل والسير وفق هذه القاعدة أم لا، مطالبا بضرورة تواجد مدرب وطني ضمن الجهاز الفني للفريق للتفاهم مع المدرب، ويكون في الوقت نفسه مطلعا على كل الأمور الفنية، وحتى يكون أيضا حلقة وصل بين المدرب والإدارة، وسيكون هناك فائدة مهمة من ذلك أيضا وهو التفهم لنفسية اللاعبين.