مظاهر في حب الوطن.. هل تعكس روح الانتماء أم تنافس في البذخ؟

alarab
محليات 17 ديسمبر 2021 , 12:27ص
حنان غربي

يتنافس المواطنون والمقيمون على حد على سواء كل عام في إظهار اعتزازهم وفخرهم باليوم الوطني فيزينون سياراتهم بالأعلام وغيرها من المظاهر، مع بعض العبارات الجميلة الدالة على حب الوطن وقيادته الحكيمة، حيث جرت العادة أن تبدأ مظاهر الاحتفال قبل المناسبة، ليكون المسير صباح يوم 18 ديسمبر تتويجا لهذه الاحتفالات.
هذه السنة وقد دخلنا أجواء الاحتفال باليوم الوطني التي تقام فيها الاحتفالات تحت شعار «مرابع الأجداد أمانة»، والدوحة تتزين بأعلام الوطن العربي كلها في احتفالية كروية كبيرة تضم العرب كلهم، استعد الجميع للمناسبة كما هو الحال في كل عام، حيث تشهد هذه المناسبة تنظيم فعاليات محلية كثيفة ومتنوعة، وتزين الأعلام والصور بيوت القطريين، تعبيرا عن تجديد الولاء والعهد للوطن والقيادة، وتعم مظاهر الاحتفال كل الأحياء تعبيرا عن الانتماء للوطن الغالي، وتعلق إضاءات الزينة على الأبراج الشاهقة وعلى فنادق الدوحة من كافة التصنيفات التي اكتست بالأعلام هي الأخرى.
وتشمل مظاهر الاحتفال هذه كل المدن بدءا من الدوحة مرورا بالوكرة والخور والوكير وأم صلال ومسيعيد والشمال، ويتفنن المواطنون في تصميم أشكال الزينة، فتظهر البنايات كما لو أنها لوحات فنية وطنية يزينها الأدعم، كما يتم تزيين الكورنيش والأماكن العامة بأجمل أنواع الزهور لتبدو الدوحة تحفة ولوحة فنية جميلة، تعكس فخر القطريين بوطنهم.
ورغم الإيجابيات الكبيرة التي تحملها معاني هذا اليوم، من ترسيخ للوطنية وتجديد للعهد، وتعليم الأجيال القادمة حب الوطن وتاريخ الأجداد، إلا أنه هناك بعض السلبيات التي قد تشوه المعنى والمغزى من الاحتفالات بهذا اليوم، فالتبذير الكبير الذي يعرفه هذا اليوم قد يجعله أشبه منه بيوم للتفاخر من يوم لحب الوطن.

الداعية جاسم الجابر: أمر الله تعالى عباده بالاعتدال والقصد في كل أمورهم

عن الاسراف والتبذير في اليوم الوطني وغيره من المناسبات من الناحية الشرعية قال فضيلة الشيخ جاسم بن محمد الجابر: أمر الله تعالى عباده بالاعتدال والقصد في أمورهم كلها، فقال تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) وقال تعالى: وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً*إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً) فلما أمر الله بالإنفاق والأكل والشرب نهى عن الإسراف والتبذير، وأمر بأن يلزم الإنسان فيهما وسطا، كما قال في آية أخرى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً) يقول ابن عباس رضي الله عنهما: «كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك خصلتان سرف ومخيلة» رواه البخاري.
وأضاف فضيلته: والإسراف هو تجاوُز الحدِّ في كل فعل يفعله الإنسان، وإن كان ذلك في الإنفاق أَشْهَرَ، وهو يَتناوَل المالَ وغيرَه؛ قال تعالى مُحَذِّرًا عبادَه من الإسراف: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ فالواجب علينا جميعا عدم الإسراف في هذه المناسبة وغيرها حتى يحفظ الله لنا النعم ويبارك لنا فيها.

هيا النعيمي: حب الوطن ليس ثوباً نلبسه

هيا محمد النعيمي تؤكد أن المناسبة لا تقبل المزايدة، وهي مناسبة لتجديد الولاء والوفاء، وليست للمظاهر والمزايدات، فحب الوطن ليس فستانا ولا ثوبا نلبسه، ولا احتفالات ولا زينة، حب الوطن أكبر من يختصر في مظاهر، ويجب أن يظهر في تصرفاتنا وحياتنا وعملنا على رفعة الوطن وخدمته، وفي احترامنا لإنجازاته وتعزيزة، وقالت هيا: إنها شخصيا لا تهتم بالمظاهر ولا تسرف، وتبحث دوما عن البساطة لها ولأبنائها. 
إلى ذلك أضافت هيا: أتقدم بخالص التهاني والتبريكات لقطر وأميرها وشعبها بمناسبة اليوم الوطني المجيد للدولة، ونتمنى دوام الرفعة لبلدنا الغالي قطر.
وأشارت إلى أن المشاركة في اليوم الوطني واجب على كل مواطن في هذا الوطن المعطاء، وأضافت أن هذا اليوم مميز في حياة كل قطري، لافتة إلى أن الاحتفال باليوم الوطني ما هو إلا تعبير للوطن عن التكاتف والتعاون والوحدة والولاء والعزة، والوقوف على إنجازات قطر ومسيرتها الحافلة بالنجاح منذ تأسيسها.
 وأكدت هيا أن فعاليات كأس العرب التي تشهدها قطر تعتبر ملحمة أبهرت العالم، في التنظيم وفي حسن استقبال الأشقاء العرب، وروح اليوم الوطني تفرض علينا أن نكون عند حسن ظن هذا الوطن وقيادته.

نوف المري: التبذير يشوه هذه المناسبة السامية

نوف المري قالت: إن اليوم الوطني يوم مجيد نرفع فيه آيات المحبة والعرفان لقائد مسيرتنا ولأهل قطر عندما تعاضدوا وتكاتفوا فيما بينهم وأخلصوا الولاء والطاعة للوطن من أجل بناء دولة فتية قوية ومؤثرة.
وأكدت نوف أن مسألة التبذير والإسراف تضر وتشوه هذه المناسبة السامية في معانيها، ودعت إلى البحث في كيفية التخلص من هذه العادات التي نهانا عنها ديننا الحنيف.
وقالت: إن تلك السلوكيات ربما نراها لدى كثير من الناس في المناسبات تحديدا، مؤكدة على ضرورة الاعتدال في كل شيء حماية لأسرنا ومجتمعنا.
ونبذت نوف تصرفات البعض المتمثلة في الشراء دون الحاجة أو حتى شراء سلع تعتبر من الكماليات بأسعار باهظة لمجرد التفاخر، وقالت إنه سلوك مرفوض، حيث إن الإنسان باستطاعته أن يستعيض عن كل ذلك بسلع معتدلة الثمن وتؤدي نفس الغرض، موضحة أن الأبناء قد يكتسبون تلك الخصال من الأمهات والآباء.

د. حسن رشيد: الاحتفالات عند العرب وأهل الخليج ترتبط بالبذخ

الدكتور حسن رشيد تحدث عن هذه المناسبة الغالية على قلوب كل الشعب وقال: في البداية التهنئة موصولة إلى عموم الشعب القطري، أما عن مظاهر الاحتفالات فلا يمكن أن نحجر على الناس، ولا أن نحدد طريقة احتفالاتهم، فهم أحرار طالما لم يضروا ولم يخالفوا، ولا يمكننا أن نفرض نوعية الفرح على المجتمع، حيث ترتبط الاحتفالات عند العرب بصفة عامة والخليج بصفة خاصة بالبذخ والصرف، والإسراف، وأحيانا المبالغة في الأزياء، ورغم أن هذه المظاهر قد تكون سلبية لكن لا يمكن أن نحدد أو نفرض على المجتمع رؤية معينة، يمكننا أن نوعي وأن نوجه لكن لا يمكن أن نفرض وجهة نظرنا على المجتمع.
إلى ذلك أضاف الدكتور حسن أن هناك بعض المؤسسات التي تبالغ كذلك في مظاهر الفرح، وتحاول تلبيس الفرح.
أما عن استغلال اليوم الوطني لتعليم الأطفال الوطنية فقال الدكتور حسن: اليوم الوطني هو يوم لتجديد العهد والولاء للقيادة الحكيمة، فإحياء القيادة الرشيدة وكافة مؤسسات الدولة وجموع القطريين لهذه المناسبة دليل على تلاحم القطريين وتوحدهم، كما يعد فرصة ثمينة لغرس قيم المواطنة وتعزيز الانتماء للوطن في نفوس الأجيال الجديدة، رغم أنني أرى أنه من الصعوبة تقديم النصح في هذا الزمن بسبب المتغيرات، فبعض أبنائنا غرباء بيننا، فهم يتحدثون لغة غير لغتنا وذلك في حد ذاته تحدٍّ يواجه المجتمع الذي يجب أن يحافظ على هويته.  وتابع أن أهمية هذا اليوم تكمن في أنه يوم الوفاء للأجداد على ما قدموه من تضحيات في سبيل الوطن، ويوم الولاء للقيادة الرشيدة التي تقود نهضة قطر الحديثة. فهذا اليوم يحتل مكانة غالية في نفوس القطريين لأنه فرصة لتعريف الأجيال الجديدة بمعنى وقيمة الوطن، وأن نغرس في وجدانهم الانتماء وحب الوطن والتضحية من أجله بكل غال ونفيس.

آمنة المحمود: المبالغة في الإسراف تفسد كل جميل

اعتبرت آمنة المحمود رئيس قسم الإعداد والتصميم بمركز أمان أن مظاهر البذخ أصبحت تفسد كل جميل، وقالت آمنة: إن الاحتفالات باليوم الوطني أصبحت تطغى عليها المظاهر كثيرا، والترف والتبذير والرفاهية الزائدة من خلال تشجيع الأنشطة والفعاليات التي لا تُعَوّد النشء على تحمل مسؤولية وحسن إدارة موارده المعيشية، وبطبيعة الحال ونحن نقترب من مناسبة غالية على قلوبنا نحتاج إلى تعزيز السلوكيات الإيجابية في مجتمعنا. فمشاعر الوطنية الفياضة بحب الوطن الغالي والاعتزاز بالقيادة الحكيمة يجب أن تعزز بتعليم الأجيال القيم النبيلة، وتعريف الجيل الحالي بتاريخ بلدنا الغالي.
إلى ذلك أضافت آمنة قائلة: أرفع التهاني إلى الشعب القطري الأبي بهذه المناسبة الوطنية التي تجسد تكاتفه ووقوفه خلف قيادته يدا واحدة، وطبعا اليوم الوطني مناسبة يحتفل بها كل قطري رجلا كان أو امرأة، صغيرا كان أو كبيرا ومشاركتي مع أسرتي في الاحتفال هي طبعا الفرحة والشعور بالفخر ثم حضور كل الفعاليات التي تقام في هذه المناسبة من عروض فنية ومعارض تراثية وفعاليات العرضة، وطبعا فإنني أهتم بأن يلبس أولادي الزي العسكري الذي يعودهم على أنهم فداء للوطن وفي خدمته، أما بناتي فأحاول أن يظهرن بزي وطني تراثي، وأجهز لأطفال بعض الحلويات والأطباق التي يشاركون بها أصدقاءهم في المدرسة الاحتفالات لكن بدون مبالغة، عكس ما نراه من البعض الذين يقيمون الاحتفالات في الفنادق والقاعات الفخمة ويشترون الأزياء التي تكون أسعارها في بعض الأحيان مبالغا فيها.

 روضة القبيسي: حب الوطن لا تحدده المظاهر

روضة القبيسي خبيرة التنمية البشرية نوهت بأن هذا اليوم يحتل مكانة كبرى في وجدان القطريين لأنه يوم تجديد الولاء والوفاء، فأهمية هذا اليوم الوطني تكمن في أحياء ذكرى كفاح الأسلاف بقيادة المؤسس الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني “طيب الله ثراه” في حماية الوطن، وصد العدوان، والتمهيد لبناء الدولة التي تمضي حالياً بخطى واثقة على طريق الرقي والتقدم والازدهار، فهذه المناسبة الوطنية بمثابة فرصة لترسيخ قيم المواطنة، وترسيخ لمعنى وقيمة الوطن حتى يعرف كل مواطن دوره في دفع مسيرة العمل والبناء ووضع قطر في المكانة اللائقة بين الأمم، فضلاً عن إطلاع الأجيال الجديدة على تاريخ أجدادهم.
وأشارت القبيسي الى أن الاحتفال باليوم الوطني هو مناسبة للتعبير عن الفرحة بالإنجازات التي حققتها دولة قطر تحت القيادة الرشيدة، وكافة المؤسسين وقادة مسيرة الدولة منذ القدم.
وأكدت روضة أن هذه المناسبة تساهم في تعزيز قيم الولاء للوطن من خلال ضرورة العمل على توثيق التاريخ والتراث الذي هو بمثابة الذاكرة الجماعية لأمتنا، وكذلك ضرورة الاستفادة من تكنولوجيا العصر في العمل على حفظه وإتاحته للأجيال المتعاقبة لمزج الماضي بالحاضر والأصالة بالمعاصرة، لنستمد منه حافزا ودافعا لتحقيق أهدافنا وآمالنا.
وأضافت القبيسي أن الاحتفال باليوم الوطني وما تشهده من مظاهر بذخ وتبذير وإسراف هي من المظاهر غير المحببة التي تستنزف المواطنين وميزانية الدولة، ولذلك يجب أن نركز على جانبين، أولهما الجانب التوعوي، والذي نركز فيه على توعية المواطنين بضرورة عقلنة المصاريف والابتعاد عن الإسراف، خصوصا أن الحكومة استطاعت أن تنظم فعاليات مهمة ومفيدة وتشمل الصعيد الاقتصاد السياحي الثقافي والاجتماعي والرياضي، خصوصا هذا العام مع تواجد فعاليات كأس العرب، ومجانية الدخول، وإنه لمن المهم جدا أن يكون المواطنون مدركين للثقافة المالية، وإدارة الميزانية بصورة مميزة، وعلى المواطنين أن يدركوا أنه ليست الملابس التي تحدد الوطنية والولاء ولا محبة المواطن لبلاده، وأن البساطة يمكن أن تصنع الفرق، وهو يوم يمكن أن نعلم أبناءنا كيفية الإبداع، من خلال كتابة قصة أو رسم لوحة أو التعبير بأي شكل يعبرون من خلاله عن حبهم للوطن، دون إسراف ولا تفريط، فاليوم الوطني هو يوم يجب أن يحقق الهدف منه، وهو أن يساهم في استحضار إنجازات مهمة في كافة الميادين، وكذلك التغلب على كافة التحديات ونجاح الدولة في التعامل مع الأزمات وتجديد الولاء والعهد، وتعليم الأبناء مبادئ الوطنية، وهي مناسبة أيضا لتعميق الانتماء للوطن، وكما تعبر عن الاعتزاز بالوطن تعبر أيضا عن الفخر بتاريخنا المجيد.

الفنان عيسى الريامي: مظاهر الهدر تسيء للمجتمع

 الفنان الشاب عيسى الريامي قال: نحن ننتظر هذا اليوم لنتقدم فيه بالتهنئة الخالصة الصادقة إلى كل أهل قطر، ومشاركتي في الاحتفال باليوم الوطني تمتد طوال أيام الاحتفال، أزور كتارا أو غيرها من الأماكن التي تقام فيها الاحتفالات الوطنية للتأكيد على أن الشباب القطري يجدد العهد والولاء لقيادتنا الحكيمة والحب والانتماء لدولتنا العظيمة، ونتعرف على الفعاليات التي تقام ومغزى كل فعالية، ونتعرف على الإنجازات التي تتحقق من خلال مشاركة الوزارات والمؤسسات، أيضا سوف نحضر العروض الفولكلورية والمعارض الفنية.
 واعتبر عيسى الريامي أن مظاهر البذخ تضر أكثر مما تنفع، فهي تسيء للمجتمع وتظهره مجتمع مظاهر ونفاق اجتماعي، حقيقة نحن مجتمع مرفه، ونعيش في مدينة هي أقرب إلى المدينة الفاضلة، فكل ما نتمناه موجود، ومتوافر، وعليه فيجب علينا ألا نجحد هذه النعم، بل يجب أن نرد الجميل للوطن كل يوم من خلال العمل والولاء. واعتبر الريامي أن الشباب القطري لم يوضع في تحديات كبيرة ليثبت قدراته، فهو الشباب الذي يجد الوظيفة المرموقة والراتب العالي بكل سهولة وعليه أن يشكر النعم بالعمل والجد، وأن تكون مناسبة اليوم الوطني يوما لتعليم الأطفال الوطنية، وتربية النشء على حب الوطن، وهي فرصة لزيارة الفعاليات التي تعكس البيئة تراثية البحرية التي تختصر تفاصيل الفريج القديم المجاور للشاطئ، حيث تظهر صورة الألفة التي تجمع بين أهل الفريج، وتحوي بيت المطوع، والمقهى الشعبي، ومحلات العطارة والقلاف بهدف إحياء التراث البحري القطري والحفاظ عليه تحقيقا لرؤية اليوم الوطني في الاعتزاز بالهوية الوطنية القطرية، ونعرف الأطفال بتراثنا من خلالها.