«طالبان» تسيطر على كابول و30 ولاية أفغانية

alarab
حول العالم 16 أغسطس 2021 , 12:10ص
عواصم - وكالات

تشهد الأوضاع في أفغانستان تطورات متلاحقة ومخاوف مستمرة من تزايد أعمال العنف، خاصة بعد إعلان حركة طالبان السيطرة على القصر الرئاسي في العاصمة كابول.
وبالرغم من تصاعد الأحداث بشكل كبير خلال الساعات الأخيرة من يوم أمس الأحد، إلا أن الدوحة لا تزال هي الطريق إلى ضمان استقرار الأوضاع وتفادي المزيد من العنف.
وقال وزير الدفاع الأفغاني إن الرئيس أشرف غني، نقل جزءا من صلاحياته إلى وفد يتوقع أن يغادر للتفاوض مع طالبان في الدوحة.
ومن جانبه، وصف عبدالله عبدالله، أكبر مسؤول أفغاني معني بعملية السلام، أشرف غني بالرئيس السابق، وفي تصريح منفصل قال مسؤول كبير بالخارجية الأفغانية، إن الرئيس غني غادر أفغانستان، لكن لا يُعرف البلد الذي توجه إليه. وكان مسؤول كبير بالداخلية الأفغانية قال في وقت سابق: إن غني غادر إلى طاجيكستان. وذكرت وكالة رويترز للأنباء أنه من المتوقع أن يتوجه عبدالله عبدالله، إلى الدوحة للقاء ممثلين عن طالبان لبحث مسألة تسليم السلطة.
من جهته قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إن بلاده ستدعم جهود المفاوضات بين الحكومة الأفغانية وطالبان في العاصمة القطرية.
وأضاف في مقابلة مع «إن بي سي» (NBC) أن لدى الولايات المتحدة فريقا بالدوحة يعمل مع الأمم المتحدة وقطر ودول أخرى لدعم تلك الجهود، ومعرفة إمكانية التوصل إلى تسوية سلمية لنقل السلطة، مشيرا إلى أن هذا سيجنب الشعب الأفغاني إراقة المزيد من الدماء.
سقوط العاصمة 
ميدانياً أعلن المتحدث باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد، أن عناصر حركته بدأت بالسيطرة على العاصمة الأفغانية كابل ومبانيها الحكومية، إثر مغادرة القوات الأمنية للعاصمة.
وأوضح مجاهد في تغريدات على تويتر، أن الحركة ترغب في بسط سيطرتها على العاصمة كابل بشكل سلمي، وأنها لا تستخدم القوة لتحقيق هذا الهدف. وأكد أن عناصر الحركة سيتولون فرض الأمن في العاصمة لمنع وقوع أي حالات نهب وسرقة. وشدد على أن الحركة لن تسمح باقتحام منازل المدنيين.
كما أعلنت الحركة أمس، سيطرتها على عواصم ولايات لغمان وميدان وردك وباميان وخوست وكابيسا وننغرهار ودايكندي في البلاد.
وحسب رصد لوكالة الأناضول للأنباء، باتت 30 عاصمة (مركز) ولاية أفغانية من أصل 34 في قبضة «طالبان»، بعد سيطرتها أمس على عواصم 7 ولايات.
وقال المتحدث باسم «طالبان»، إن مقاتلي الحركة سيطروا خلال عمليات الفتح على مدن مهترلام مركز لغمان، وميدان شهر مركز ميدان وردك، وباميان مركز باميان، وخوست مركز ولاية خوست، ومحمود راقي مركز ولاية كابيسا، وجلال أباد مركز ننغرهار، ونيلي مركز ولاية دايكندي.
وأوضح أن الحركة سيطرت على مكاتب حكام الولايات ومقرات الشرطة والسجون وجميع المرافق الحكومية في مراكز الولايات. وقال اثنان من كبار قيادات حركة طالبان في كابول لرويترز أمس، في أعقاب مغادرة الرئيس أشرف غني للبلاد، إن الحركة سيطرت على قصر الرئاسة الأفغاني.

حكم  الحركة يواجه مأزق الاعتراف الدولي
الاعتراف الدولي بسيطرة حركة طالبان على الحكم في أفغانستان يعتبر حالياً من أهم العقبات التي تواجه قادة الحركة بعد سيطرتها على معظم الأراضي الأفغانية. ففي لندن أعرب وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، أمس الأحد عن شعوره بقلق بالغ إزاء مستقبل أفغانستان ودعا مسلحي حركة طالبان إلى ما وصفه بإنهاء العنف بعد دخولهم العاصمة كابول.
وكتب راب على تويتر «أشارك وزير الخارجية قرشي القلق العميق على مستقبل أفغانستان» في إشارة إلى وزير خارجية باكستان شاه محمود قرشي. وأضاف «نتفق على أنه يتعين على المجتمع الدولي أن يتخذ موقفا موحدا في دعوة طالبان لاحترام حقوق الإنسان».
وفي موسكو ذكرت وكالة الإعلام الروسية، أمس، نقلا عن وزارة الخارجية، أن روسيا لم تعترف بعد بمسلحي طالبان كسلطة قانونية جديدة بأفغانستان. أما في واشنطن فحذر القائم بالأعمال الأمريكي لدى أفغانستان، روس ويلسون، الخميس الماضي، من أن حركة «طالبان» ستواجه عزلة دولية في حال استمرت بارتكاب أعمال عنف.
وقال ويلسون، في تغريدة عبر تويتر، إن «تصريحات طالبان لا توافق أفعالها في ولايات بدخشان ( شمال شرق)، وغزنة (شرق)، وهلمند (جنوب)، وقندهار (جنوب)». وشدد أن «محاولات احتكار السلطة لن تؤدي إلا إلى العزلة الدولية». أما الاتحاد الأوروبي فحذر بدوره حركة طالبان، من أنها ستواجه عزلة دولية إذا استولت على السلطة بالعنف.
وذكر منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، في بيان له الأسبوع الماضي: «إذا تم الاستيلاء على السلطة بالقوة فإن (طالبان) ستواجه عدم الاعتراف والعزلة ونقص الدعم الدولي واحتمال استمرار النزاع، وعدم الاستقرار الذي طال أمده في أفغانستان».
أما حلف شمال الأطلسي فلم يعلن بشكل مباشر عن موقفه من سيطرة طالبان على الحكم في أفغانستان واكتفى مسؤول في الحلف، بالقول إن الحلف سيُبقي على وجوده الدبلوماسي في كابول، ويساعد في استمرار تشغيل مطار المدينة، مع دخول مقاتلي طالبان العاصمة الأفغانية.
وأضاف المسؤول في تصريحات لوكالة رويترز للأنباء «حلف شمال الأطلسي يُقيّم باستمرار التطورات في أفغانستان».
وتابع «أمن أفرادنا أمر بالغ الأهمية، ونحن نواصل التكيف حسب الضرورة. ندعم الجهود الأفغانية لإيجاد حل سياسي للصراع، وهو أمر بات أكثر إلحاحا من أي وقت مضى».

السلطة والنفوذ وراء حروب الأفغان عبر التاريخ

شهدت أفغانستان عبر التاريخ حالة من عدم الاستقرار السياسي بسبب موقعها الجغرافي وطبيعة سكانها والتدخلات الخارجية التي كونت العديد من التيارات السياسية المتنازعة على الحكم، وظهر ذلك جليا خلال القرن الـ 19 عندما تنافست كل من روسيا وبريطانيا لفرض نفوذهما على الأراضي الأفغانية، ضمن الصراع للسيطرة على شبه الجزيرة الهندية وآسيا الوسطى.
واستمر الصراع بين البلدين حتى 1907 عندما أبرمت موسكو ولندن اتفاقية رسم الحدود المعروفة حالياً لأفغانستان، إلا أن الأراضي الأفغانية ظلت هدفا استراتيجيا للسياسة الروسية حتى تمكنت موسكو من إرسال جنود إلى أفغانستان عام 1979، وأعقب ذلك ظهور ما عرف بالحزب «الديمقراطي الشعبي الأفغاني» الموالي للاتحاد السوفيتي.
وعانت أفغانستان من انقلابيين وحرب أهلية دموية خلال تلك الفترة، وظهور حركة «المجاهدين» وهي حركة معارضة للشيوعيين الأفغان، وحصلت تلك الحركة على دعم مالي وعسكري من بعض الدول المجاورة لها ومن الولايات المتحدة.
واستمر الروس في الأراضي الأفغانية عشر سنوات ورحلوا عنها عام 1989، وبعد رحيلهم لم تستقر الأوضاع في أفغانستان بل اندلعت العديد من الحروب الأهلية.
وفي 24 أبريل 1992، تم توقيع اتفاق عرف باسم اتفاق بيشاور من قبل أحزاب الاتحاد الإسلامي لمجاهدي أفغانستان السبعة وحزب الوحدة الشيعي والحركة الإسلامية (محسني)، وتم الاتفاق على تشكيل حكومة مؤقتة لمدة شهرين وعلى رأسها صبغة الله مجددي، ثم يتبعه ولمدة 4 أشهر برهان الدين رباني، «وفقا لتقرير لشبكة الجزيرة الإخبارية»، إلا الحزب الإسلامي بقيادة قلب الدين حكمتيار، رفض الاتفاقية رغم توقيعه عليها، فهاجم كابل وانهارت الاتفاقية، وبقي رباني في رئاسة الدولة.
وفي 7 مارس 1993، عادت الأحزاب المتناحرة لتجتمع في إسلام آباد بباكستان بعد حرب ضروس ومعارك طاحنة في كابل، وتم توقيع اتفاقية عرفت باتفاقية إسلام آباد، شاركت فيها السعودية وباكستان. ونصت الاتفاقية وفقا لـ»الجزيرة» على أن لرباني رئاسة الدولة لمدة 18 شهرا، وقلب الدين حكمتيار يتولى رئاسة الوزراء، وأن يتم إيقاف إطلاق النار، لكن الاتفاقية لم تنفذ بسبب اندلاع القتال من جديد بين رباني وحكمتيار بسبب الاتهامات المتبادلة بين الحزب الإسلامي والجمعية.
وتعرض برهان الدين رباني في يناير 1994، لمحاولة انقلاب فاشلة بيد تحالف بين حكمتيار وعبدالرشيد دوستم وصبغة الله مجددي وحزب الوحدة الشيعي، وتم تجديد فترة حكم رباني لعام آخر في يوليو 1994.
 
ظهور طالبان 
ظهرت حركة طالبان في نوفمبر 1994، وخلال عامين سيطرت على معظم مناطق أفغانستان، ودخلت كابل عام 1996 وأعلنت نفسها الحاكمة للبلاد بإزاحة رباني وحكمتيار الذي وقع مع رباني اتفاقية عام 1996 أيضا تقضي بالعمل المشترك واقتسام السلطة. واستمرت سيطرة طالبان حتى بدأت القوات الأميركية بضرب قوات الحركة في السابع من أكتوبر 2001 بسبب هجمات 11 سبتمبر 2001 التي استهدفت برجي التجارة العالميين في نيويورك.