مطاعم تقدم إفطارها «على الواقف».. وروائح الشواء تنبعث من الشوارع

alarab
تحقيقات 15 أغسطس 2011 , 12:00ص
الدوحة - أحمد الوحيدي
قبل الفطور بساعة تهدأ حركة المارة في الشارع، يرقب الصائمون بحذر الشمس وهي تحث خطاها إلى المغيب، وفي الشوارع الفرعية والتجارية التي تزدحم بالمحال الشعبية المختصة بتقديم الأطعمة، ينقل باعة مطاعمهم إلى الخارج، يغالبون عرقهم وحرارة شمس توشك على الغياب، ناشرين روائح أطعمتهم. تفوح على مساحة شارع طويل رائحة شواء الشاورما والكباب، وتنتقل «مناقل الشوي» إلى خارج المطاعم محتلة المساحات الأمامية لها وملاصقة للشوارع. يتوقف المارة لأخذ «ساندويتشات» سريعة لإفطار يوشك صوت مدفع الإفطار على الإيذان به، ومعها العصائر التقليدية المحضرة كالتمر الهندي وقمر الدين، والسوس والكركديه الباردة وغيرها من المشروبات التي لا تكتمل مائدة رمضانية من دونها. وتشكل المطاعم وبسطات الشراب محطات توقف سريعة للمارة باتجاه بيوتهم قبل الإفطار بقليل، هنا يأخذ فيصل العلي إحدى زجاجات العصير فيما ينتظر ساندويتشا من الكباب ساخنا يجهزه على عجل أحد عمال المطاعم. ويقول فيصل العلي أحد المارة إن انتقال المطاعم إلى الخارج واحد من الطقوس الرمضانية التي اعتدنا عليها، ولا يجد العلي بأسا في رائحة الشواء المنبعثة في الشارع قبل الإفطار، فهي لا تفسد الصوم. عصائر ومشروبات ويضيف أنه لا بأس من شم الروائح قبل الإفطار (عَرَضا) بفترة قصيرة فمن شأن ذلك بحسب العلي أن يحفز الشهية على الإفطار بشكل جيد، على أن أكثر ما يثير شهيته ويسيل لعابه هو منظر زجاجات العصير الكفيلة بإنهاء عطشه بعد يوم شديد الحرارة والرطوبة. يقف علي باسطور (تركيا) حاملا زجاجة عصير (تمر هندي) مناديا على المارة لتذوق عصيره الذي أنجزه للتو، ويقول باسطور: في هذا الوقت من رمضان كل عام نقوم بتحضير العصائر وبيعها للمواطنين والمقيمين، مضيفا أن عصائره تجد إقبالا عليها من المقيمين العرب فهذه العصائر معروفة لديهم ويتم تناولها على الإفطار والسحور. لا يتجاوز سعر العبوة (لتر) تقريبا أكثر من اثني عشر ريالا، وهي بحسب باسطور صحية ويراعي أثناء التحضير فيها الشروط الصحية اللازمة. تميل زجاجات باسطور وشقيقه إمري إلى الألوان الطبيعية للفواكه المحضرة منها العصير، وعن ذلك يقول إننا لا نضيف أي مواد ملونة أو إضافات للعصير لنجعله أقرب إلى العصير الطبيعي. على أن ذلك لا ينال رضا علي موسى (مصري) فاللون البني الفاتح للتمر هندي -خاصة باسطور- لا يشبه ما اعتاد تناوله وتحضيره موسى في مصر. وحسب موسى فإنه قد اعتاد على شرب التمر هندي بعد إضافة الكركديه إليه الذي يجعل لونه يميل إلى السواد قليلا. فول وسمبوسة وحسب باسطور فإن الجو هذا العام من أشد السنوات حرارة ورطوبة والتي تتزامن مع شهر رمضان المبارك، رغم ذلك يواجه باسطور الحرارة المرتفعة من الفحم الذي يتجمر داخل مناقل الشي لإنضاج الكباب والدجاج المسحب وغيره. بعد الإفطار يحتفظ الأخوان «إمري وباسطور» بمناقل الشي الخاصة بهم خارج المطعم، فالإقبال على المشاوي الخاصة واللذيذة بهم لا تتوقف عند ساعة ما قبل الإفطار فقط بل تمتد إلى ما بعد ذلك كوجبتي الغبقة والسحور والتي يحرص المواطنون والمقيمون على حد سواء على تناولهما، لما لهما من أهمية في إدامة قدرة الصائم على قضاء أكثر من اثني عشر ساعة صائما. وقبل الفطور تنشط روائح الفلافل والفول، وهي التي تقفل محالها طوال يوم الصوم، يقوم علي أحد عمال في مطعم لتجهيز الفلافل بعجن المادة الخاصة لصنع الفلافل، وقبل ساعة من دوي مدفع الإفطار يقوم بقلي كميات كبيرة من الفلافل لبيعها في الفترة الممتدة ما قبل الإفطار وحتى فترة السحور. وحسب عمال في المطعم فإن الفول لا يفقد بريقه في شهر رمضان فهو وجبة رئيسية على السحور لأهميته الغذائية، فهو بحسب عبدالله -أحد زبائن المطعم- قد اعتاد تناول الفول على السحور منذ زمن طويل، مشيراً إلى أنه ليس ثقيلا على المعدة كما يتوهم البعض. وينصح خبراء تغذية بتناول الفول على السحور لبقائه أطول فترة في المعدة وهو ما يبقي الصائمين قادرين على الصوم في نهار رمضان، وكذلك لما يثيره الفول من إحساس بالشبع لدى الصائم. لكل في رمضان طعامه، وفي الشوارع الخدمية تبقى «السمبوسة» محط إقبال الكثيرين من مقيمين ومواطنين على أن سكان شبه القارة الهندية «الهند، باكستان، بنغلادش» يفرد محمد سيد بسطته الصغيرة محاولا تلبية عشرات الطلبات لزبائن يناشدونه السرعة في الإنجاز وتقديم السمبوسة بمختلف أنواعها. ويحرص سلام خان على تناول السمبوسة من محمد سيد طازجة وساخنة جدا فهو بحسبه يريدها أن تبقى ساخنة حتى تناول فطوره، لا تختلف طقوس خان عن غيره من المقيمين المسلمين، بيد أنه يحرص في رمضانه على أن لا يكون وحيدا. يتشارك أصدقاء خان في تجهيز الفطور وتناوله معا، ولا ينسوا أيضا أن يقيموا صلاتهم جماعة، لا تختلف طقوس رمضان في الدوحة عنها في قرية خان إلا في تلك الألفة التي يوفرها اجتماعه مع أهله. وحسب خان فإن المطاعم الشعبية المتوفرة في كثير من ساحات وأحياء الدوحة، والبسطات الشعبية هي ملاذهم في رمضان المبارك فالأسعار رخيصة وفي متناول اليد، كما أن مآدب الإفطار المجانية التي توفرها الجمعيات الخيرية، تجعل من شهر رمضان المبارك شهر ألفة، ويسر لكثير من المقيمين المعوزين.