ستكون المواجهة التي تجمع بين المنتخبين الفرنسي والمغربي في نصف نهائي كأس العالم على ملعب البيت في تمام العاشرة مساء أشبه بحوار بين هجوم شرس ودفاع صلب، وسط ضبابية كبيرة تحيط بالقدرة على التكهّن بهوية المنتصر الذي سيعبر إلى المشهد الأخير من المونديال. وسيكون دخول التاريخ من بابه الواسع مسعى مشتركاً للمنتخبين، ففي الوقت الذي يأمل فيه أشبال المدرب المغربي وليد الركراكي مواصلة مسيرة أذهلت العالم ببلوغ المباراة النهائية، فإن المدرب الفرنسي ديديه ديشامب يتطلع إلى أن يكون منتخب بلاده الأول في العصر الحديث الذي يحافظ على لقب بطل العالم في نسختين متتاليتين والثالث في التاريخ بعد كل من إيطاليا 1934 و1938 والبرازيل 1958 و 1962.
وتؤكد القراءة الفنية للتفاصيل التكتيكية قبل المواجهة، أن كل منتخب سيتمسك بالأسباب التي منحته التفوق والوصول إلى هذه المرحلة المتقدمة من المنافسة، حتى أضحى كل طرف على مرمى حجر من النهائي الكبير.
المنتخب الفرنسي اعتمد على نجاعة كبيرة وفاعلية واضحة في استثمار الفرص والتسجيل منذ انطلاقة مشواره في البطولة، عندما أمّن لنفسه مقعداً في ثمن النهائي بسرعة بعد فوزين متتاليين على أستراليا برباعية مقابل هدف وعلى الدنمارك بهدفين لهدف، فكان ضمان التأهل فرصة لاختبار عناصر بديلة سقطت أمام تونس بهدف دون رد.
واستعاد حامل اللقب البأس بسرعة في الدور ثمن النهائي بفوز صريح على بولندا بثلاثة أهداف لهدف، ثم تجاوز المنتخب الإنجليزي بهدفين لهدف في ملحمة ستبقى عالقة في أذهان الفرنسيين طويلاً بالذكاء الكبير الذي تعاملوا به مع منافس من عيار ثقيل. حوار الفرنسيين في مواجهة المغرب سيكون هجومياً بحتاً بعد مشوار ناجح كان عرّابه النجم كليان مبابي الذي لم يعد الأبرز في صفوف «الديوك» وحسب، بل في البطولة بشكل عام بالإمكانات المذهلة التي يملكها نجم باريس سان جيرمان، والتي تكرّسها الأرقام التي سجّلها حتى الآن، حيث يتصدّر قائمة الهدّافين برصيد 5 أهداف، كما أنه صنع هدفين آخرين حتى أصبح وراء سبعة أهداف من أصل 11 هدفاً سجّلها المنتخب الفرنسي في البطولة، فضلاً عن أنه صاحب أكبر عدد من محاولات التسجيل في المنتخب الفرنسي بـ 21 محاولة، وأكثر اللاعبين تسلماً للكرة بين الخطوط بـ 129 مرة.
غريزمان مصدر خطر
رغم اعتماد المنظومة الهجومية الفرنسية على مبابي بشكل كبير، فإن هذا الأخير لا يشكّل تلك المنظومة وحده، فهناك مجموعة مفاتيح مهمة تعينه وتساعد المنتخب على تحقيق الأهداف المرجوة، خصوصاً في الوصول إلى شباك المنافسين، ويأتي على رأس هؤلاء أنطوان غريزمان الذي وجد له ديديه ديشامب تمركزاً مختلفاً عن ذاك الذي كان عليه اللاعب في مونديال روسيا 2018، فبات صانعاً للألعاب أكثر منه مساهماً مباشراً في الهجوم، ولا أدل على ذلك من صناعة غريزمان لثلاثة أهداف، بات بها أكثر صانع للأهداف في تاريخ المنتخب الفرنسي بـ 26 تمريرة مساعدة، خلافاً إلى أرقام مميزة في النسخة الحالية للاعب الذي نفّذ 82 محاولة اختراق لدفاعات المنافسين منها 63 ناجحة.
حكيمي المتميز
أكثر اللاعبين تميزاً في المنظومة المغربية هو النجم أشرف حكيمي الذي يُجيد إغلاق الجهة اليمنى كظهير تقليدي بشكل مثالي فيحرم المنافسين من استثمار تلك الجهة هجومياً خصوصاً على مستوى منع الكرات العرضية بالضغط على أجنحة الخصوم، إلى جانب دور كبير يقوم به اللاعب في التحولات الهجومية والمُساهمة في الهجوم المُرتد كظهير عصري هذه المرة يستثمر المساحات خلف تقدم لاعبي المنافس من الجهة اليمنى، وتؤكد الأرقام تميز حكيمي، حيث يُعد صاحب العدد الأكبر من التمريرات الصحيحة بمجموع 228 تمريرة، وصاحب العدد الأكبر من الاختراقات بـ95 محاولة، منها 65 ناجحة.
الكفتان متساويتان
مُجمل الإحصائيات الرقمية للمنتخبين تؤكد التفوق الواضح لكليهما، ولكن كل طرف بما يتناسب مع أسلوبه وطريقة لعبه، فالمنتخب الفرنسي سجّل 11 هدفاً واستقبل 5 أهداف، ولم يخرج بشباك نظيفة في أي مباراة وتلك سلبية دفاعية. ومرّر لاعبو المنتخب الفرنسي 2782 تمريرة منها 2466 تمريرة ناجحة، ووصل عدد محاولات التسجيل إلى 77 محاولة منها 54 من داخل المنطقة، وكسب31 ركنية، وارتكب اللاعبون 39 مخالفة.
وحاول المنتخب الفرنسي اختراق دفاعات المنافسين 776 مرة، منها 537 محاولة ناجحة، وكان هناك 22 تحولاً هجومياً ناجحاً، فيما فقد المنتخب الكرة 348 مرة وطبّق الضغط الدفاعي 1249 مرة.
أما المنتخب المغربي فقد سجّل 5 أهداف في المباريات الخمس واستقبل هدفاً وحيداً وكان عكسياً، وحافظ على نظافة شباكه في أربع مباريات من أصل خمس.
ومرّر لاعبو المنتخب المغربي 1613 تمريرة، منها 1273 تمريرة ناجحة، ووصل عدد محاولات التسجيل إلى 41 محاولة، 21 منها من داخل المنطقة، وكسب 6 ركنيات و 72 ركلة حرة، وارتكب اللاعبون 75 مخالفة.