-د. مرات كوكوكفار: الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية للاستدامة في كأس العالم لم تناقش من قبل
-أديب القطي: استخدام مواد قابلة للتدوير في الإستاد يعكس أهمية «إرث» ما بعد المونديال
نشر تقييم الأثر البيئي في المجلة العالمية الشهيرة «Elsevier»، حيث عرض البحث تقييما شاملا وكاملاً لبداية العمر التشغيلي لإستاد رأس أبو عبود «974» حتى تفكيكه والذي يمثل أحد الملاعب الثمانية بدولة قطر المستضيفة لأول حدث رياضي ضخم من نوعه المتمثل في كأس العالم «فيفا» قطر 2022.
وأجرى الباحثون تحليل مراحل العمر التشغيلي لاستاد رأس أبو عبود منذ إنتاج المواد الخام ومرورا بمرحلة البناء ثم مرحلة العمليات وحتى نهاية عمره الافتراضي.
وحاز تغير المناخ العالمي والمخاوف البيئية على مدى العقد الماضي - اهتماما متزايدا خصيصا فيما يتعلق بتأثير كل منهما على المدن المستضيفة، والمقيمين والجماهير. ونتيجة لذلك وضعت دولة قطر معايير الإشراف البيئي نتيجة التزامها بتقديم حدث كأس العالم لكرة القدم عام 2022 وذلك من خلال تطبيق ممارسات إدارة المياه والنفايات ومعايير البناء المستدام وتنفيذ حلول لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
ويؤكد التزام قطر بخفض انبعاثات الكربون ما توصل إليه كوكوكفار وآخرون عام 2021 من أن الحد من العبء البيئي الناجم عن انبعاثات مشتقات الكربون الناتجة عن الألعاب الهوائية يفرض وضع خطط إستراتيجية ذات صلة بالاقتصاد الدائري والتشاركي والذي بدوره يمنح سبلا متعددة للتفكير بشأن التأثير البيئي والاقتصادي للحفاظ على استمرارية الألعاب الرياضية العالمية. وعلى الرغم من الجهود المبذولة، فإن بطولة كأس العالم لكرة القدم - والمنظمة من الاتحاد الدولي لكرة القدم - تمثل تحديا لأجل ترك إرث طويل الأمد والذي يتطلب إجراء تحليل نقدي للأعباء المحتملة ونقاط التأثير ليس على البيئة فحسب، بل أيضا على كل من البعد الاجتماعي والاقتصادي.
وأبرز فريق البحث أن مباشرة فعاليات كأس العالم من خلال تنفيذ إستراتيجيات قائمة على أسس الاقتصاد الدائري والتشاركي سيؤثر بشكل إيجابي على البيئة والأبعاد الاجتماعية والاقتصادية وذلك تعزيزا لأهداف التنمية المستدامة.
وتجدر الإشارة إلى إمكانية إعادة تشكيل الحدث من خلال تلك الممارسات لتحقيق منافع اقتصادية واجتماعية طويلة الأمد ليس للمدينة المستضيفة فحسب، بل والمدن الأخرى المحيطة بها وذلك قبل وبعد وأثناء فعاليات كأس العالم لكرة القدم 2022.
وذكر كوكوكفار أنه على الرغم من أن أهداف الاستدامة تمثل أهمية حيوية للأحداث الضخمة، فإن كلا من الأبعاد الاجتماعية - الاقتصادية للاستدامة لم تناقش بعد في أي دراسات سابقة تتعلق بكأس العالم للاتحاد الدولي لكرة القدم.
وأشار فريق البحث في مقاله المنشور بمجلة «Elsevier» إلى أن الابتكار في التصاميم النموذجية للملاعب يمكن أن يضع إرثا طويل الأمد وذلك من خلال إعادة الاستخدام وإعادة التدوير من المنظور الاجتماعي - الاقتصادي.
وأوضح الباحث أديب القطي من جامعة قطر أن العديد من المواد المستخدمة في تشييد إستاد رأس أبو عبود يمكن إعادة استخدامها بتطبيق مبادئ إدارة النفايات البيئية «E-Waste» ومبادئ الاقتصاد الدائري، وتشمل المبادرات العملية القابلة للتطبيق إلى إبراز أهمية إرث ما بعد حدث بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، أولا تحويل ملاعب كأس العالم إلى ملاعب تدريب للفرق الوطنية لاتحادات كرة القدم الآسيوية والأفريقية، ثانيا تفكيك البنية التحتية لإستاد رأس أبو عبود من أجل بدائل إعادة الاستخدام الممكنة.
وأثبت البحث أن مرحلة إنتاج المواد الخام تساهم بأعلى قدر في إجمالي الضرر الذي يلحق بصحة الإنسان من خلال معدل السنة الحياتية للإعاقة والذي وصلت قيمته إلى 8.207. ومن النتائج المثيرة للاهتمام الانخفاض الملحوظ في الأضرار التي تصيب صحة الإنسان التي نتجت عن إدارة نهاية العمر الافتراضي للمواد حيث قدرت بـ 5822.10 بمقياس «السنة الحياتية للإعاقة» والذي بدوره سيساعد المجتمعات البحثية في التفكير خارج النطاق المحدود أثناء محاولتهم التصدي للمسائل البيئية المهمة والمتعلقة بالكميات الضخمة للنفايات المتخلفة عن البناء سنويا.
وتظهر نتائج البحث إمكانية تقليل الآثار السلبية التي تلحق بصحة الإنسان من خلال تطبيق إستراتيجيات مختلفة مثل استخدام مواد بديلة منخفضة الطاقة وتطبيق التصنيع المسبق للمواد لتقليل الانبعاثات الناتجة عن البناء وإعادة تدوير المواد بعد انتهاء عمرها الافتراضي، وكذا يمكن استبدال الخرسانة بالإسمنت المخلوط والذي يحتوي على كمية هائلة من المواد الإسمنتية التكميلية، علاوة على توفير الطاقة الذي قد ينجم عن إعادة تدوير المولات والمعادن وإعادة استخدامهم.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن اعتماد التحول نحو تنفيذ أسس البناء المستدام للمباني والحفاظ على البيئة من خلال تطبيق نموذج دائري أو نهج لإعادة تدوير المواد الهالكة. كما يمكن معالجة مياه الصرف الصحي الناتجة عن الإستاد أثناء الحدث وإعادة استخدامها في محطات تبريد المناطق، ولأغراض الري المحتملة داخل المدينة كإستراتيجية إدارة نهاية العمر الافتراضي للمواد. ويضمن هذا الاستخدام المناسب للموارد الحالية لدعم حملة «صفر نفايات» للاتحاد الدولي لكرة القدم خلال الأحداث الضخمة.
أجرى خبراء الاستدامة في كلية الهندسة بجامعة قطر تقييما للآثار الإيجابية لبناء إستاد رأس أبوعبود «974» على أساس الاقتصاد الدائري التشاركي، مؤكدين أن ذلك سيعود بالنفع على البيئة والأبعاد الاجتماعية والاقتصادية مما يعزز أهداف التنمية المستدامة.
وشارك في التقييم فريق من كلية الهندسة جامعة قطر برئاسة الدكتور مرات كوكوكفار، بقسم الهندسة الميكانيكية والصناعية والدكتور نوري أونات، من مركز قطر للنقل والسلامة المرورية (QTTSC) والباحث أديب القطي، بالإضافة إلى فريق عمل متعدد التخصصات من جامعة كازان الفيدرالية في روسيا، وأقسام التنمية المستدامة من جامعة حمد بن خليفة ومؤسسة قطر.