عائلات تلوذ بالكورنيش طلباً للاسترخاء والصيد وجوب آفاق البحر برحلات سريعة

alarab
تحقيقات 14 يونيو 2011 , 12:00ص
الدوحة - أحمد الوحيدي
تخف حدة الحر قليلا، وتقل وطأة الرطوبة، فيفر محمد علي (مقيم) مصطحبا عائلته إلى الكورنيش، وتحديدا إلى حديقة الدفنة، للتخلص قليلا من أعباء العمل، وإخراج العائلة والأولاد من عزلة دامت أسبوعا، للتمتع بجمال البحر، وقضاء وقت ممتع نهاية الأسبوع. في الحديقة نفسها يذرع الصغير علي ورفاقه -على دراجاتهم الهوائية- الكورنيش ذهابا وإيابا وإلى أبعد نقطة يمكن أن تصل إليها دراجاتهم الصغيرة، يلهو الأطفال تحت عيون آبائهم، ويجدون في عطل نهاية الأسبوع فرصة لتجديد نشاطهم، والعودة إلى صفوفهم الدراسية بهمة ونشاط كبيرين. ويقول محمد إن الكورنيش والحدائق العامة بالقرب منه، تمثل ملاذا له ولعائلته نهايات الأسبوع، للهروب من ضجر الحياة اليومية، والتخفف من أعباء العمل. ويضيف أن التمتع بالبيئة البحرية وقضاء وقت ممتع مع العائلة، يمثل الحل الأمثل لقضاء ساعات مليئة بالبهجة خارج أسوار البيت، وهي النزهة الأقل تكلفة له إذا ما قيست بالذهاب إلى المولات الكبرى، فقضاء ساعات بين البيئة أقل كلفة من ساعات يمكن أن يرتاد فيها أحد المولات الكبرى، والتي يمكن أن تكلفه أموالا كثيرة. وتوفر الحدائق المقامة على الكورنيش فرصة مجانية كذلك للراغبين باصطحاب حواسيبهم وممارسة الاتصال عبر عوالم افتراضية على الإنترنت مجانا، وهنا عشرات من الشياب على اختلاف جنسياتهم يمضون ساعات في المحادثة مجانا مع عائلاتهم وأصدقائهم عبر الإنترنت في الهند والفلبين ودول عربية أخرى. وفيما تضج عائلات بأكملها في الفرح والتمتع باجتماعها على شاطئ الخليج يفترش رضا سعيد مكانا تحت إحدى الأشجار الضخمة يراقب مشهد العائلات الفرحة، فيما تعلو وجهه مسحة حزن؛ إذ لا يزال بانتظار الفرصة المناسبة للاجتماع مع عائلته هنا في الدوحة. لا يمل المهندس المدني الذي لم تمض على إقامته في الدوحة سوى شهرين، من مراقبة مشهد الأطفال السعداء على الكورنيش، بينما يقضي وقته متأملا ومستمتعا بحركة الناس على الكورنيش، ورغم وجود عدد كبير من جاليته المصرية هنا إلا أن سعيد لم يكون صداقات بعد خارج إطار عمله في شركته المختصة بإقامة البنية التحتية في الدوحة، وشق الشوارع، ومد خطوط الصرف الصحي. رحلات بحرية بالجوار يصطحب أبو محمد (اليمن) عائلته الصغيرة زوجته وابنته وابنه إلى رحلة بحرية في قارب علي رشيد (البنغال) إلى رحلة بحرية، وفيما تحجز العائلة الصغيرة مكانها في القارب، ينتظر علي رشيد زبائن آخرين لملء قاربه البحري الذي يتسع لأكثر من أربعين شخصا. يحدد رشيد سعره بعد مفاوضات سريعة مع الزبائن، فالكبار يدفعون عشرين ريالا لقاء الرحلة التي لا تستغرق أكثر من عشرين دقيقة في البحر، بينما تخفض التسعيرة إلى عشرة ريالات للأطفال، وحين يطمئن رشيد إلى أن رحلته مجزية، وأن قاربه لم يعد فيه شاغر لشخص آخر يطلق هدير ماكينة القارب، ويشرع شاقا طريقه في البحر. بيد أن القارب الصغير يضم في مشهد المتنزهين عائلة عالمية صغيرة على متنه، فالمتنزهون بنغال، وهنود، وفلبينيون، وعرب من دول شتى أيضا، تجمع العائلات عشرون دقيقة من التمتع بصفاء البحر، لا يحتاج أطفال العوائل الصغيرة ولا الكبار إلى وسائل اتصال لغوية، يكفي أن يبتسم أحدهم ويرد آخر بابتسامة، ليدرك المتحاورون أنهم متفقون على جمال مشهد هنا أو مشهد هناك. في الرحلة البحرية يشرح أبو محمد لأطفاله الصغار قليلا عن البحر، وما يخبئه من مشاهد ساحرة وأحياء بحرية بداخله، وإذ يمضي قارب رشيد في البحر تبدو أبراج الدوحة المطلة على الكورنيش أبعد قليلا وأصغر كثيرا مما تبدو على اليابسة. في المساء في المساء تبدأ الرطوبة بإرسال أولى إشاراتها، يبدأ رشيد محمد بتحسس العرق الذي يبدأ بغزو جسمه، عندها يدرك أن الرحلة نهاية الأسبوع خاصته قد شارفت على نهايتها، وحسبه فإنه لا أحد هنا بمقدوره الاستمرار في مكافحة الرطوبة والحر الذي بدأ يشتد في وطأته. على أنه في ساحة القوارب والتي تتسع أيضا لمواقف سيارات بالقرب من قهوة الصيادين اليتيمة على الكورنيش يلوذ شياب بسياراتهم تاركين لهدير المكيف القيام بما يلزم لتلطيف الجو داخل المركبة، وفي الأثناء ينشغلون بمتعهم في تأمل البحر عبر زجاج سياراتهم. وإذا كانت رحلة رشيد قد انتهت على الكورنيش بعودته قافلا إلى بيته، فإن أسامة محمد (الأردن) تبدأ سهرته في قهوة الصيادين اليتيمة، على الكورنيش (حالول)، وبينما يبدأ المساء بالهبوط على الدوحة يتفقد طاولته الخشبية العتيقة قبالة البحر طالبا شيشته ومنتظرا أصدقاءه للعبة ورق لا تنتهي إلا مع خيوط الفجر الأولى. ومع إطلالة الفجر تبدأ حياة أخرى على ضفاف البحر، متنفس الحياة في الدوحة، وملاذ كثير من المتمتعين على الكورنيش المبلط بجوار البحر. يبدأ عمل مارك لاقات (فلبيني) الساعة العاشرة في إحدى الشركات، لكنه يبدأ التمهيد لحياة نهار بالنسبة له في الرابعة والنصف، حيث الشمس تتململ لبعث «جحيمها» اليومي على البحر والمدينة معا، يقطع مارك أكثر من خمسة كيلومترات يوميا على الكورنيش في رحلة رياضته الصباحية، ما بين المشي كثيرا والركض قليلا. ويقول لاغات إنه لم يقطع عادته الصباحية هذه منذ وطئت قدماه الدوحة، فهو قد اعتاد الرياضة الصباحية حتى في إقامته بمدينة مانيلا في الفلبين. صيادون على كورنيش ضيق يتجاور رونالد (فلبيني) ومجيب رحمان (هندي) ويمد كلاهما صنارته الطويلة في الماء، ينظر رونالد إلى مجيب بعين «الحسد» فسلته تكاد تمتلئ بسمك صغير بينها هامورة لا بأس بوزنها، فيما سلته فارغة إلا من سمكة هامور صغيرة ضلت طريقها عن صنارة مجيب، لا يعول رونالد كثيرا على صيده، إلا أنه بجانب المتعة المتحصلة من الصيد يرغب بالعودة إلى البيت بحصيلة تؤمن له غداء جيدا، فهو آسيوي اعتاد أكل السمك كما يقول. الماء واحد، يقول مجيب، لكن الرزق مقسم على عباد الله، معلقا على غنيمته وعلى قلة «حظ رونالد»، لكن الأيام ليست كلها واحدة، بحسبه، فهناك أيام يكون الصيد فيها وفيرا، وأيام يكتفي من الغنيمة بالإياب.