قطر تصون وتحمي حقوق العمالة الوافدة

alarab
تحقيقات 14 يناير 2016 , 01:45ص
حامد سليمان
أكد عدد من ممثلي الجمعيات والمؤسسات الحقوقية أن دولة قطر تقوم بدور رائد فيما يتعلق بحقوق الإنسان في العالم العربي، خاصةً مع قدرة الدولة على استضافة كبرى الأحداث والمؤتمرات، التي تهتم بهذا الشأن تحديداً، وحرصها على حل الأزمات القائمة في سوريا والعراق واليمن وليبيا، وعدم توانيها في التأكيد على حرصها التمسك بحقوق الإنسان في مختلف دول العالم. وأشادوا في تصريحات لـ»^»باحترام قطر لحقوق العمالة الوافدة وتوفير كل سبل الراحة اللازمة.. جاء ذلك على هامش أعمال المؤتمر الإقليمي حول «دور المفوضية السامية في تعزيز وحماية حقوق الإنسان بالمنطقة العربية»، والذي تستضيفه الدوحة.

في البداية قال أرنولد لويتهولد، مدير العمليات لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمركز جنيف للمراقبة الديمقراطية على القوات المسلحة: دور قطر بصورة عامة فيما يتعلق بحقوق الإنسان هام جداً، خاصةً أن هناك الكثير من التطلعات لدى مواطني الدول العربية، على اختلافها حسب كل دولة، وهناك اهتمام واسع للنهوض بحقوق الإنسان في المنطقة العربية بصورة عامة.

وأضاف: الإجراءات التي يمكن أن تأخذها مختلف الحكومات العربية تتنوع وتتشعب من دولة لأخرى، ولكنها يجب أن تكون على مستويات مختلفة، سواء من الناحية التشريعية أو التنظيمية أو الثقافية أو التعليمية، خاصة أن الوقت حان لوقف الممارسات السيئة في بعض الدول العربية والخاصة بحقوق الإنسان تحديداً.

وأشار إلى أن المفوضية السامية لديها مبادئ وإمكانات يمكن أن تقدمها من أجل النهوض بحقوق الإنسان، ولكن يجب ألا ننسَ أيضاً المنظمات الأخرى التي تحاول أن تقدم مساعدات للحكومات التي تعمل على السيطرة على الدولة من خلال القوة، كالجيش والأجهزة المخابراتية، وهي جمعيات تعمل من أجل وقف الممارسات السيئة، وهذا لا شك يحتاج إلى اتخاذ إجراءات قانونية ومن ثَمَّ تطبيقها من خلال ممارسات عملية واضحة.

ولفت إلى أن تونس من بين الدول التي اتخذت مبادرة جيدة جداً؛ حيث تم تدريب مجموعة من الأطباء المتخصصين في توثيق آثار التعذيب، لأن الدولة كانت حريصة على وقف هذه الانتهاكات، ليوصل كل مواطن يشتكي من ممارسات سيئة صوته، فمن الممكن الآن في تونس أن يتم توثيقها، وهو أمر جيد في تحقيق حقوق الإنسان، وهو مثال لما يمكن أن يقدم من بعض الدول العربية لمواطنيها، الذين يشكون من حدوث انتهاكات.

وأكد مدير العمليات لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمركز جنيف للمراقبة الديمقراطية على أن دولة قطر اتخذت خطوات من شأنها التأكيد على احترامها لحقوق العمالة على أرضها، وهذه الخطوات من شأنها أن تعمق ثقة السكان في الدولة، فأي دولة تتخذ إجراءات يمكن أن تحسن من حقوق الإنسان، تنعكس إجراءاتها على السكان بصورة مباشرة، وهو نوع من التشجيع لفهم التحديات التي تقابلها المنطقة العربية بصورة عامة.
دور رائد
ويقول مصطفى خياطي، من اللجنة الوطنية لترقية حقوق الإنسان في الجزائر: تلعب دولة قطر دورا رائدا فيما يخص حقوق الإنسان، خاصةً من الناحية التنظيمية، وربما المؤتمر الذي نشاهده خير دليل على هذا، فكل اللجان المتخصصة على مستوى العالم العربي متمثلة في هذا الحدث، إضافة إلى جامعة الدول العربية، وممثلين عن الجمعيات غير الحكومية، وممثلين للبرلمانات العربية، ووجود واسع للمنسقين الدوليين، الذين دعتهم قطر لهذا الحدث الهام.

وأكد أن هذا التوجه التنظيمي المتميز من دولة قطر هام جداً، فلا يوجد أي دولة عربية يمكنها أن تقوم بتنظيم مثل هذه الأحداث بهذه الطريقة المتميزة، ومع الحضور الواسع للكثير من المنظمات العربية والدولية.

وأضاف خياطي: توثيق الممارسات السيئة أمر هام، ويمكن أن يتحقق من خلال إجراءات ردعية على مستوى الدولة أو الجهات التنفيذية، وكذلك إطلاق الزمام لعمل المؤسسات غير الحكومية، وهو أمر هام يكفل المصداقية والحيادية للتقارير المقدمة، إضافة إلى كل الفئات التي يمكن أن تدل على هذه الممارسات، ومن ثَمَّ تعطي إشارات واضحة حول الآليات التي يمكن أن تحارب هذه المساوئ.

وأردف: الكثير من المختصين في مجال حقوق الإنسان أكدوا على أن الجرائم التي تُرتكب في حق المدنيين لا تسقط مع مضي الوقت؛ فالمحاسبة مكفولة على الجرم ولو بعد عقود، ولكن يبقى التوثيق هو الإشكالية التي تواجه الكثيرين، لأن عدم التوثيق يهدد المحاسبة من جذورها؛ لذا فلا بد من وجود شبكات على مستوى العالم العربي لتقوم بمهمة التوثيق، ففي سوريا على سبيل المثال، الإمكانات المحلية مهلهلة، ولكن بإمكان الشبكات المختلفة ذات الصلات الوثيقة مع إخواننا السوريين أن يقوموا بتوثيق كل ما جرى، ليأتي اليوم الذي يحاسب فيه المجرم على جرمه، وأرجو ألا يضيع حق، وألا يُعفى مجرم من العقاب.

وأكد ممثل اللجنة الوطنية لترقية حقوق الإنسان في الجزائر على أن قطر تلعب دورا رائدا في قضايا العمالة، بحيث إنه كلما طُرح موضوع وكان شائكا على البساط، إلا وتمت معالجته، فمشكلة العمالة هي مشكلة عويصة بالنسبة لدول الخليج بصورة عامة، ولكن قطر يحسب لها الاستجابة الواضحة لأي تقرير حقوقي أو إعلامي؛ حيث تبادر بالتعاطي معه، لتثبت أنها مهتمة بشكل كبير بحقوق العمال على أرضها.

وأشاد خياطي بمنع عمل العمال في درجات الحرارة المرتفعة في فصل الصيف (فوق 45 درجة مئوية)، موضحاً أنه إجراء معمول به في دول أخرى، وقطر استجابت له رغم إمكانية تعطل أو تضرر مشروعاتها، ما يمكن أن يؤثر سلباً على الاقتصاد، فكانت استجابة مميزة حرصا على حقوق العمال. ونوه بأن الوقت سيثبت أكثر مدى اهتمام الدوحة بحقوق الإنسان، وهذا يتجلى من النوايا الطيبة التي تظهرها القيادة القطرية.

اهتمام واضح
وقال الدكتور غانم النجار، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت ورئيس الصندوق العربي لحقوق الإنسان: اهتمام دولة قطر بحقوق الإنسان واضح، ولكن لا شك أن موضوعات حقوق الإنسان بصورة عامة معقدة جداً، فهناك الكثير من الأوراق الجيدة والنوايا الطيبة، ولكن على أرض الواقع العالم العربي أمام مشكلة كبيرة.

وأضاف: لم يصل عدد اللاجئين في العالم كما هو عليه الوضع الآن، وكثير منهم ما يرجع سبب لجوئه إلى الحروب الدائرة في عدد من الدول، إضافة إلى الأطفال الذين حرموا من التعليم، فهي جزئية من الأهمية بمكان أيضاً، فلا بد أن نبدأ ونركز على هؤلاء الأطفال، حتى لا يتحولوا مستقبلاً إلى سبب في النزاعات، وألا يتحولوا إلى إرهابيين يهددون مجتمعاتهم إن لم يوفر لهم التعليم والفهم المناسب.

وتابع النجار: وعلينا أن نعمل على تطوير فهم الأمم المتحدة لقضايا حقوق الإنسان، فهناك الكثير من النقاط التي يمكن العمل عليها، ولكن النتائج تظل متروكة للمتابعة المستقبلية.

وأكد أن دول الخليج أمامها الكثير من الأمور التي يمكن العمل عليها من أجل النهوض بحقوق الإنسان بها أو في العالم العربي بصورة عامة، موضحاً أن تطوير التشريعات والممارسات، إضافة إلى فتح المجال أمام المشاركة السياسية، من الممكن أن تكون أكبر مما هي عليه في الوقت الحالي، ناهيك عن قضايا المرأة والطفل، وكذلك تطوير القدرات الذي يمثل إشكالية، كلها نقاط يمكن العمل عليها.

وأشار أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت إلى أن مكافحة الإرهاب لا يمكن أن تكون بالاعتقالات والقضاء على أي صوت معارض، كما يحدث في بعض الدول العربية، التي يمثل الوضع بها نموذجا لما هو الوضع عليه في جوانتانامو، بل تحقيق العدالة في المجتمع فقط يمكن أن يقضي على الإرهاب.

ونوه بأن بعض القضايا كوضع العمالة تم التعامل معها بصورة غير دقيقة؛ حيث جاءت بعض التقارير الإعلامية على جانب واحد من الحقيقة، مشيراً إلى أن أي قضية لا بد العمل على التعامل معها بكل الصور، موضحاً أنها قضية مطروحة في كافة دول الخليج بصورة عامة، وترجع في بعضها إلى خلل واضح في التركيبة السكانية، ويمكن لدول الخليج أن تعمل جاهدة على تعديل بعض التشريعات التي من شأنها أن تحسن من حقوق الإنسان بصورة أفضل.

مبادرة جيدة
وقال الدكتور عثمان حجة، رئيس مركز حقوق الإنسان بجامعة الجنان بطرابلس في لبنان: المؤتمر يمثل مبادرة قيمة وتستحق التقدير من كافة أبناء المنطقة العربية بصورة عامة، وتمثل دفعة للأمام في مجال تعزيز وحماية حقوق الإنسان، وهذه المبادرات تسمح بتجميع وتساهم في توطيد العلاقات بالدول العربية والجامعة العربية أيضاً، وهي عامل أساسي في تمتين اللحمة الداخلية بين الشعوب العربية والقائمين على مقدرات البلاد، من أجل الدفع للأمام في اتجاه تعزيز وحماية حقوق الإنسان، وكذلك تطوير المنطقة العربية في ميدان التنمية التي تحتاج إلى السلم الأهلي، وهذا يجلي دور مبادرة قطر، التي تستحق مني شخصياً ومن كافة المشاركين التقدير والإعجاب، وبهذه المناسبة لا يسعني إلا تقديم الشكر لكافة المسؤولين في قطر، وعلى رأسهم حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى.

وأضاف: العالم العربي يجتاز في الوقت الحالي فترة من أصعب الفترات، والتي أشار إليها المفوض السامي لحقوق الإنسان في كلمته، ونرى تفاصيل هذه المرحلة الصعبة في سوريا والعراق واليمن وليبيا وغيرها من المناطق في العالم العربي، وهو وضع يستحق من المسؤولين العرب والحقوقيين التشاور من أجل إيجاد الحلول.

وأشار حجة إلى أن الحروب الأهلية هي بداية الانتهاكات في أي دولة، وهو الوضع القائم في دول عربية بعينها، وبدون نهوض الدول ومؤسساتها الناشطة لا يمكن حماية حقوق الإنسان، فأي تضعضع في مؤسسات الدولة أو سقوطها يعني أن الفرد يجد نفسه دون حماية من مؤسسات يُفترض بها أن تكون الحامي له، وهذا بداية لتعرضه للانتهاكات، مشدداً على أن ضعف الدولة وعدم قدرتها على حماية حقوق السكان مدخل أساسي لانتهاكها.

وأكد رئيس مركز حقوق الإنسان بجامعة الجنان بطرابلس على أن القادة عليهم الاجتماع في إطار الجامعة العربية أو خارج هذا الإطار، لمناقشة الوضع الحالي في المنطقة العربية، ولإيجاد حلول ووسائل للتفاهم حول المشكلات القائمة في العالم العربي بصورة عامة، كمشكلات قائمة في ليبيا واليمن وسوريا والعراق، من أجل وقف النزاعات، ووقف الانتهاكات التي تحققت بسبب حالة الفوضى في هذه الدول.

ولفت إلى أن قطر لديها القدرة على أن تقدم مبادرة متميزة تجتمع تحتها كافة الدول العربية لمناقشة قضايا العالم العربي والعمل على حلها بصورة عاجلة، فلا بد من وضع تصور عام للوضع في العالم العربي، ولا يمكن السكوت على الوضع في بلداننا، فأطفالنا وأبناؤنا يتعرضون لمشكلات يومية، ولا يمكن الاكتفاء بالإدانة والشجب فحسب، لا بد من الاجتماع والنظر في الوضع كما هو، خاصةً فيما يخص الحلول الممكنة، وألا تترك المشكلات على ما هي عليه أو تركها لتتفاقم بصورة مستمرة، وعلينا ألا نغفل عمليات القتل التي تخلف أيتاما وأرامل هم في أمسّ الحاجة للرعاية، فعلى العالم العربي كله أن يوقف مسلسل الانتهاكات.